كمبالا: سلاميديا
شهدت سماء عدد من الدول من بينها السودان ليلة أمس سبعة سبتمبر 2025م، ظاهرة الخسوف الكلي للقمر، الذي اكتسى باللون النحاسي (ما بين الأحمر و البرتقالي). واحتجب القمر في ظل الأرض ليرسم لوحة سماوية أعادت السودانيين الى بعض الطقوس المرتبطة بتراثهم الغني، ومعتقداتهم المتوارثة في التعامل مع مثل هذه الظواهر الكونية.
ووصفت الجمعية السودانية لعلوم الفلك والفضاء- في بيان- ظاهرة الخسوف التي حدثت للقمر ليلة أمس بأنها ظاهرة نادرة تعرف بـالقمر الدموي، حيث يتحول لون القمر إلى الأحمر أو البرتقالي. وهي ظاهرة تعرف كذلك بـ “قمر الدم”، ويسببها تشتت ضوء الشمس في غلاف الأرض وسقوط الأشعة الحمراء على سطح القمر.
أنواع وفوائد الخسوف
يقول علماء الفلك إن هناك ثلاثة أنواع من خسوف القمر، وهي الخسوف الكلي الذي يسمى بـ القمر الدموي، عندما يقع القمر بأكمله في منطقة ظل الأرض فيصطبغ باللون الأحمر الغامق. الخسوف الجزئي حين يقع جزء فقط من القمر في منطقة ظل الأرض. وخسوف شبه الظل، حين يمر القمر عبر منطقة شبه ظل الأرض ويحدث تعتيم طفيف في سطحه. لظاهرة الخسوف عدة فوائد أبرزها: أنها تساعد في تحديد أوقات الشهور الهجرية، ويتيح غياب ضوء القمر فرصة للعلماء لدراسة وتصوير الأجرام السماوية الأخرى بشكل أوضح. علاوة على أن الظاهرة تمكن من مراقبة التغيرات المناخية التي تحدث على سطح الأرض.
طقوس مصاحبة
لم يكن الخسوف بالنسبة للسودانيين مجرد حدث فلكي للمشاهدة، بل مناسبة لاستحضار التراث السوداني العريق لنسج الحكايات وممارسة العادات والطقوس المرتبطة في ذاكرتهم بظاهرتي الخسوف والكسوف، والتي تختلف من منطقة لأخرى، وفقاً للتباين الثقافي الكبير الذي تزخر به البلاد. وفي ظل الظروف التي فرضتها الحرب على السودانيين تأتي هذه الظاهرة لتعيد للمواطنين مقولة “الخسوف بيجي بفرحة” وهي مقولة شعبية كانت تردد في السابق بالتزامن من ظاهرة الخسوف للتخفيف من رهبة الظاهرة قديماً، وكنوع من التفاؤل بأن ما يأتي بعدها يكون خيراً، لكنها في ليلة أمس قالها السودانيون لأجل تحويل لحظة الخسوف الى مصدر تفاؤل افتقدوه بسبب هذه الحرب.
في بعض القرى يقرع السكان الطبول (الطبلة أو النقارة) ويضربون على الأواني المعدنية بعد وضعها في وعاء أكبر به كميات من الماء، ويطلقون الاصوات والزغاريد أثناء الخسوف. تأتي هذه الطقوس والاعتقاد السائد أن الأصوات المرتفعة تؤدي إلى إخافة “الشيء” الذي إلتهم القمر أو الذي يحاول أن يأكله (كحيوان أسطوري أو جنّي)، ومساعدة القمر على الخلاص والدفاع عنه، وطرد الأرواح الشريرة التي تخرج في مثل هذا الظلام الغريب. وبالتزامن مع تلك الطقوس يؤدي البعض، خاصة كبار السن، “صلاة الخسوف” (وهي سنة مؤكدة في الإسلام) أو يلجئون إلى الدعاء وقراءة القرآن، اعتقاداً بأن الخسوف هو آية من آيات الله وتذكير بقدرته.