مستخلص
أجرت سلاميديا استطلاعاً للرأي شمل 56 مشاركاً، بهدف تحليل آراء الجمهور السوداني حول بيان الآلية الرباعية المتعلق بالسلام والأمن في السودان. وتضمن الاستطلاع تقييماً لثقة المشاركين في قدرة الآلية والقوى المدنية السودانية على تحقيق الاستقرار، وكذلك استكشاف وجهات نظر المستجيبين حول مستقبل الحركة الإسلامية خلال أي مرحلة انتقالية متوقعة.
استندت الدراسة على منهجية وصفية تحليلية، تم فيها استخدام بيانات كمية من إحصاءات الاستبيان وبيانات نوعية من تحليل النصوص المفتوحة لآراء المستجيبين
تباينت ردود الأفعال تجاه بيان الآلية الرباعية إلى ثلاثة اتجاهات رئيسية: الأول هو التأييد المشروط، حيث يعتبر البيان فرصة ضرورية لإنهاء الحرب، لكن يشترط لتحقيق ذلك وجود خطوات عملية ملموسة. الثاني هو الرفض القاطع، الذي يستند إلى مبدأين رئيسيين هما التدخل في السيادة الوطنية والتحيز لطرف دون آخر. أما الثالث فهو التحفظ، الذي يتبنى موقفاً حذراً نتيجة تاريخ فشل المبادرات السابقة وأزمة الثقة في نزاهة الأطراف المعنية. فيما يتعلق بالثقة بالآلية، أظهرت الإجابات على سؤال ما إذا كانت تحركاتها ستؤدي إلى سلام، حيث أيد 50% من المشاركين بينما عارض 50%، مما يعكس وجود أزمة ثقة عميقة في فعالية الجهود الدولية.
أظهرت النتائج وجود انقسام حول استبعاد الحركة الإسلامية؛ فالمؤيدون للاستبعاد يعتبرونه شرطاً أساسياً لتحقيق السلام وبناء دولة مدنية، ويحمّلون الحركة الإسلامية مسؤولية الأزمات الراهنة. من جهة أخرى، عارض بعض المستجيبين الاستبعاد كوسيلة سياسية، وينبهون إلى احتمالية أنه يؤدي إلى تفاقم التوتر والانقسام، لجهة أن الحركة تمثل جزءاً مهماً من المشهد السياسي. بينما يتبنى المتحفظون وجهة نظر تفيد بأن الإبعاد وحده ليس كافياً، بل يجب أن يقترن بآليات للعدالة الانتقالية وتفكيك التمكين، مع التشديد على أن القرار يجب أن يستند إلى إرادة الشعب السوداني. في خلاصة الأمر، هناك اتفاق واضح على ضرورة تفكيك التمكين ومحاسبة المتورطين في الفساد وجرائم الحرب.
بالنظر إلى نتائج الاستطلاع، هنالك أغلبية واضحة تؤمن بقدرة القوى المدنية على المساهمة في تحقيق السلام؛ حيث أعرب 64.3% عن ثقتهم بإمكانيات هذه القوى، مما يدل على إيمان قوي بأهمية القيادة الوطنية. بينما عارض 35.7% رأي الأغلبية، مما يشير إلى وجود عدم ثقة في قدرة القوى المدنية الحالية على التوحد أو تحقيق تأثير ملحوظ. فالرأي العام منقسم بين التفاؤل الحذر والرفض القاطع؛ لكن الرغبة في إنهاء الحرب تظل الدافع الأساسي لأي موقف إيجابي. ولضمان قبول وفاعلية جهود السلام، ينبغي التركيز على الحيادية، وضم فاعلين سودانيين موثوقين، بالإضافة إلى الانتقال السريع من التصريحات إلى التنفيذ الفعلي.
مقدمة:
يمر السودان بفترة حساسة من تاريخه الحديث، إذ تتأرجح أوضاعه ما بين الصراعات المسلحة المحاولات المضنية في سبيل إنجاح التحول الديمقراطي. ونتج عن ذلك الوضع المعقد، دعوات من عدة دول للوساطة و تقديم الحلول؛ كان آخرها بيان الرباعية. اتسم الرأي العام السوداني بالتنوع والتعقيد تجاه الجهود الدولية والإقليمية الرامية الى وضع حد للحرب، وخاصة التحرك الأخير للآلية الرباعية، التي تهدف إلى إنهاء الصراع في البلاد وتحقيق السلام والأمن.
و لغرض تحليل مواقف الجمهور السوداني تجاه بيان الآلية الرباعية المتعلق باستعادة السلام والأمن، أطلق مركز سلاميديا استطلاعاً للرأي العام شارك فيه 56 مستجيباً. يهدف الاستبيان أيضاً، إلى قياس مدى الثقة في قدرة الآلية الرباعية على تحقيق السلام في السودان، بالإضافة إلى مناقشة الجدل حول دور ومستقبل الحركة الإسلامية في أي مرحلة انتقالية قادمة. ويشمل ذلك أيضاً تقييم قدرة القوى المدنية على المساهمة الفعالة في إحلال السلام.
المنهجية
استندت الدراسة إلى منهجية وصفية تحليلية، تم فيها استخدام بيانات كمية من إحصاءات الاستبيان وبيانات نوعية من تحليل النصوص المفتوحة لآراء المستجيبين. يتضمن تقرير هذه الدراسة تحليلاً لنتائج استبيان جوجل (Google) الذي شمل آراء 56 مستجيباً، بشأن بيان الآلية الرباعية وجهود السلام في السودان؛ بما يعكس تعقيد الرأي العام السوداني بشكل واضح. تم جمع البيانات من خلال استبيان إلكتروني مُعد عبر منصة جوجل (Google Forms)، كما تم تحليل الخصائص السكانية للمشاركين لتوفير سياق لفهم تنوع الآراء. وقد تم تصنيف الردود المفتوحة حول الرأي في بيان الآلية الرباعية إلى ثلاثة اتجاهات رئيسية: التأييد، الرفض، والتشكيك. اعتمد التقرير على دمج نتائج التحليل الكمي والكيفي لاستخراج أهم النتائج وتحديد نقاط التوافق والانقسام في الرأي العام.
النتائج:

تشير البيانات المتعلقة بإعمار المشاركين في الاستبيان، والذين بلغ عددهم 56، إلى أن الفئة العمرية من 36 إلى 50 عامًا هي الأكثر تمثيلاً، مما يعكس مشاركة قوية من الأشخاص في مرحلة منتصف العمر. وجاء توزيع المستجيبين حسب الفئات العمرية على النحو التالي: الفئة العمرية (36-50) تمثل 51.8% من الإجمالي بواقع 29 مستجيبًا، في حين تمثل الفئة العمرية (50+) 30.4% بواقع 17 مستجيبًا، أما الفئة العمرية (18-35) فتشكل 17.9% بواقع 10 مستجيبين. هذا التوزيع يبرز أن الآراء والتحليلات الواردة في التقرير تعكس بشكل أساسي وجهات نظر الأفراد الأكثر خبرة ونضجًا، أي الذين أعمارهم 36 عامًا فما فوق مع ضعف مشاركة الفئات العمرية الأقل (18- 35) ما يشير إلى احتمالية عزوف الشباب عن المشاركة في قضايا السلام.

يتبين من الجدول أعلاه أن مدينة الخرطوم سجلت أعلى نسبة مشاركة (35.7%)، أي ما يعادل 20 مستجيبًا؛ في حين سجلت ولايات دارفور (شمال، جنوب وشرق ) مجموع 13 مستجيبًا بنسبة 23.2%؛ مع وجود مشاركين من خارج السودان، حيث بلغ عددهم خمسة مستجيباً من دولتي أوغندا وقطر، بالإضافة إلى بعض الدول الأخرى غير المحددة.
الوظيفة/المهنة/الحرفة

يظهر الرسم البياني لبيانات المهن تنوعًا ملحوظًا، حيث لا توجد مهنة واحدة تسيطر على العينة، مما يدل على مشاركة عدة قطاعات مهنية من المجتمع السوداني. وكان نصيب المهن من حيث التمثيل ليحصل (المحامون، الصحفيون المستقلون والمهندسون) على خمس استجابات – (8.9%) لكل، تليها المهن ذات التمثيل المتوسط، مثل (المحاسبون أربع استجابات – 7.1%، الصحفيون ثلاث استجابات – 5.4%، الطلاب ثلاث استجابات – 5.4%، مدراء تنفيذيون لجماعات ثقافية ثلاث استجابات – 5.4%)، ومعلمون بالمعاش ثلاث استجابات – 5.4%؛ كما أن هناك مهنًا ذات تمثيل منخفض، سجلت استجابة واحدة فقط 1.8% لكل منها. يبرز التنوع الواسع للمشاركين من بين هذه المهن، على سبيل المثال لا الحصر، أستاذ جامعي، باحث، وأعمال حرة (عدة فئات)، أن الآراء التي تم تناولها في التقرير تنبع من خلفيات أكاديمية، اقتصادية واجتماعية مختلفة، مما يعزز شمولية النتائج وقدرتها على تمثيل قطاعات واسعة من الرأي العام.
النوع

تشير البيانات المتعلقة بالنوع الاجتماعي إلى تفاوت ملحوظ في نسبة المشاركين في الاستبيان، حيث كان للرجال الغلبة بشكل واضح. فقد أظهرت النتائج أن نسبة 78.6% من المستجيبين هم رجال (44 مستجيبًا)، بينما بلغت نسبة النساء 21.4% (12 مستجيبة). تُظهر هذه الأرقام أن الرجال يشكلون غالبية المستجيبين، حيث يمثلون ما يقرب من أربعة أخماس العينة، في حين أن النساء لا يتجاوزن خُمس العينة. وهذا التوزيع يدل على أن الآراء المعروضة في التقرير تعكس بشكل أساسي وجهات نظر الرجال المشاركين في هذا الاستبيان.
ما رأيك في بيان الآلية الرباعية حول استعادة السلام والأمن في السودان الذي صدر الأسبوع الماضي؟
تُظهر ردود الأفعال تجاه بيان الآلية الرباعية انقسامًا واضحًا وثنائية متناقضة في وجهات نظر الجمهور السوداني. ويمكن تقسيم الآراء إلى مؤيدين، رافضين ومشككين.
التأييد المشروط (البحث عن مخرج للأزمة) تشكل هذه المجموعة الفئة التي تعتبر بيان الآلية الرباعية فرصة إيجابية وضرورية لإنهاء المعاناة، لكنها تشترط نجاح الجهود بوجود إجراءات ملموسة على الأرض. يكمن الدافع الرئيسي للتأييد وراء الرغبة القوية في إنهاء الحرب “يُعتبر البيان خطوة مهمة نحو وقف الحرب وإيقاف معاناة السودانيين، و أؤيده بشدة وأتمنى استعادة السلام في بلدي”. يرى بعض الأشخاص أن البيان عالج جوهر الأزمة، وتناول القضايا الأساسية التي تم تجاهلها خلال جولات المفاوضات، مما يجعله إيجابياً، ويعيد الأمور إلى نصابها. من جهة أخرى، يؤكد المؤيدون على أن القيمة الحقيقية للبيان تكمن في كيفية تطبيقه؛ لذا، يجب أن تتبعه خطوات عملية حقيقية، تصحبها جدية جميع الأطراف لإحلال السلام وضرورة أن ينعكس ذلك فعلاً على الأرض.
الرفض القاطع (التحفظ على السيادة والحياد) تمثل هذه المجموعة وجهة نظر رافضة تمامًا للبيان، حيث يرتكز الرفض على مبدأين هما، التدخل في السيادة الوطنية أو انحياز الآلية بدعمها طرف على حساب الآخر، معتبرة إياه متأثراً بموقف دولة الإمارات. ووصف بعض الرافضين البيان بعبارات مثل “يُساهم في استمرار الحرب، يدعم التمرد، متعسفاً ضد الحكومة، ويقدم دعمًا للمليشيات المتمردة“. بينما وصفه آخرون “بلا فائدة، شكلياً، مسرحية هزلية لا تقدم شيئًا ذو قيمة، وفاشلاً في تحقيق أي نتائج“.
الاتجاه الثالث: التشكيك المشروط (أزمة الثقة في النوايا)
تعتبر هذه الفئة أن البيان معقول من حيث المبدأ، لكنها تتبنى موقفاً حذراً بسبب تاريخ فشل المبادرات السابقة والتشكيك بشأن نزاهة الأطراف المعنية؛ وربما أن بعض دول الآلية الرباعية تدعم أطراف الحرب لوجستياً مما يشير إلى افتقار الحياد. ويكمن الحذر أيضاً في تهميش المكون الوطني،لجهة أن الحل لن يأتي من الخارج دون وجود فاعلين سودانيين “عدم وجود عنصر سوداني في أي مجموعة تتناول قضايا السودان لن يؤدي إلى سلام، بل سيعزز مصالح هذه الأطراف على حساب مصالح السودان”. كما أن البيان غير كافٍ، ويحتاج إلى تضمين قضايا أعمق ويتعّين عليه معالجة بعض النقاط الهامة التي تم تجاهلها، مثل المحاسبة وجبر الضرر وإبعاد القوات العسكرية عن الاقتصاد.
بناءً على تحليل هذه الاستجابات، يمكن استخلاص النتائج الرئيسية التالية:
ينقسم الرأي العام بين التفاؤل الحذر حيال فرص إحلال السلام والرفض القاطع لاعتبارات التدخل في السيادة وافتقار الحيادية؛ إذ تتفق الأغلبية أن البيان “لا يحمل قيمة حقيقية ما لم يؤثر في الواقع الفعلي”.
وبالرغم من التحفظات والشكوك، تبقى الرغبة في إنهاء الحرب هي الدافع الرئيسي لأي موقف إيجابي. وقد ابدى المستجيبون استعدادهم لدعم أي جهد – حتى وإن كان ناقصاً – شريطة أن يساهم في تحقيق وقف النزاع وتخفيف معاناة المدنيين.
للحصول على قبول شعبي لبيان الآلية الرباعية وضمان فاعليته، ينبغي التركيز على إنشاء آليات قوية وشفافة تضمن الحيادية، بالإضافة إلى إشراك فاعلين سودانيين موثوقين؛ كما يجب الانتقال بسرعة من التصريحات إلى التنفيذ بالضغط على الأطراف المتنازعة.

الإجابات على السؤال (هل تعتقد أن التحركات الأخيرة للآلية الرباعية ستؤدي إلى سلام في السودان؟) تظهر تباينًا واضحًا وتوازنًا مثاليًا في الآراء بين المستجيبين، حيث كانت النتيجة 28 (50%) مؤيدين و28 (50%) معارضين. يعكس هذا التوزيع المتساوي أزمة ثقة عميقة ورؤية غير مؤكدة بشأن فاعلية الآلية الرباعية والجهود الدولية لحل الأزمة في السودان.
تمثل فئة المؤيدين موقف المتشبثين بأي أمل أو جهود دولية لإنهاء المعاناة الإنسانية، مدفوعين برغبتهم في إنهاء الحرب. أما فئة المعارضين، فهي تعكس الشك أو الرفض، وتعبر عن موقف يعتمد على رفض التدخل الخارجي باعتباره انتهاكًا للسيادة، وأزمة ثقة في نوايا وحيادية بعض الأطراف، بالإضافة إلى الإيمان بأن الحل يجب أن يتضمن مشاركة فاعلين سودانيين موثوقين. لذا تشير الإجابات إلى أن الرأي العام في السودان مقسم على نحو متساو بشأن مستقبل ونجاح هذه التحركات الإقليمية والدولية.
هل تعتقد أن إبعاد الحركة الإسلامية وواجهاتها من أي مرحلة انتقالية قادمة سيساهم في إحلال السلام؟
تكشف نتائج تحليل آراء المستجيبين في استطلاع الرأي بشأن استبعاد الحركة الإسلامية من المرحلة الانتقالية عن وجود انقسام و تباين ملحوظ في آراء المجتمع السوداني. ويمكن تصنيف هذه الآراء إلى ثلاثة محاور رئيسية تعكس المواقف تجاه طرق تحقيق السلام والاستقرار في السودان.
الإقصاء كضرورة لتحقيق السلام: هذا الاتجاه يرى أن إبعاد الحركة الإسلامية هو شرط لا غنى عنه لإحلال السلام وبناء دولة مدنية ديمقراطية، باستناده إلى تحميل الحركة المسؤولية الكاملة عن الأزمات الحالية؛ بوصفها أساس مشكلة السودان “هي من أشعلت الحرب، تسببت في الدمار والخراب، وهي غير مأمونة على ملف السلام”.
لذا يعتقد المؤيدون أن أمر الإبعاد، يعد أمراً ضرورياً وهاماً لتحقيق السلام، حيث يُعتبر ضماناً لبناء السلام والتحول الديمقراطي المدني. ويطالب مؤيدو هذا الرأي بضرورة الإبعاد السياسي للحركة وتفكيكها وتصنيفها كجهة إرهابية، بالإضافة إلى معاقبة أعضائها. يُعتبرون الإبعاد تطهيراً للمشهدين السياسي والعسكري، وليس مجرد قرار سياسي.
عدم الإقصاء: هذا الاتجاه يعارض بشدة استخدام الإقصاء كوسيلة سياسية، ويشير إلى أن تهميش أي مجموعة كبيرة سيساهم في زيادة الانقسام والتوتر وعدم الاستقرار. ويرى الرافضين لمبدأ الشمولية، أن الإقصاء يمثل ظلمًا سياسيًا وتقييدًا للحريات، ويؤكدون أن استبعاد أي تيار فكري سوداني من الساحة السياسية لن يسهم في استقرار السلام. وتحذر مجموعة أخرى من أن الإقصاء قد يؤدي إلى كارثة جديدة، ولن يسهم في تحقيق السلام، بل سيزيد من معاناة السودانيين. وتظن هذه الفئة أن الحركة الإسلامية تشكل جزءًا أساسيًا من المشهد السياسي ولها تأثيرها الكبير، وبالتالي فإن تجاهلها قد يزيد التوتر والانقسام. ويستند هذا الرفض إلى مبدأ الواقعية السياسية والخشية من العودة إلى نظام استبدادي جديد قائم على الإقصاء.
المتحفظون: تعترف المجموعة المتحفظة بخطورة الحركة الإسلامية، لكنها تعتبر مقترح الإبعاد سلاحًا ذي حدين، حيث تقترح شروطًا لضمان نجاح عملية السلام. يعتقد بعض المستجيبين أن الإقصاء يمكن أن يُستخدم كوسيلة للضغط على الحركة الإسلامية لتقليل دعمها للحرب، لكنهم يحذرون من أن ذلك قد يؤدي إلى تمسكها بالحرب بشكل أكبر. المتحفظون يرون أن الإبعاد وحده ليس كافيًا، بل قد يزيد الانقسام. لذا، من الضروري أن يترافق ذلك مع آليات للعدالة الانتقالية ومحاسبة واضحة، بالإضافة إلى ضرورة إبعاد القوات المسلحة عن الاقتصاد. وترى المجموعة ضرورة أن يكون القرار قائمًا على الإرادة السودانية، مع مراعاة التوازنات السياسية الداخلية؛ على أن يتم ذلك عبر حوار مباشر للوصول إلى حلول. إذ لا يقتصر الحل على الإقصاء فقط، بل من خلال إطار شامل يهدف إلى تفكيك تمكين الحركة الإسلامية، ويعزز العدالة الانتقالية والحلول السلمية.
تُلخص النتائج المستخلصة من آراء المستجيبين حول إبعاد الحركة الإسلامية فيما يلي:
- رغم وجود آراء معارضة قوية، إلا أن الأسباب التي تدعم الإبعاد السياسي، مثل تحميل مسؤولية قيام الحرب وعرقلة الانتقال المدني، تعد الأكثر شيوعًا ووضوحًا، مما يدل على أن معظم المستجيبين يفتقرون إلى الثقة في قدرة أو رغبة الحركة الإسلامية في أن تكون شريكًا فعّالًا في عملية السلام. هناك توافق واضح، حتى بين المتشككين، حول ضرورة تفكيك التمكين ومحاسبة المتورطين في جرائم الحرب والفساد. بمعنى آخر، يرى الجمهور أن القضية ليست مجرد مسألة مشاركة سياسية، بل تتعلق بالعدالة والأمن الوطني. ويشكك عدد كبير من المستجيبين من أن الإقصاء دون وجود خطة شاملة قد يكون غير واقعي وغير قابل للتنفيذ، وقد يدفع الحركة الإسلامية إلى التمسك بالصراع المسلح سواء على نحو خفي أو علني، مما يمثل تهديدًا للسلام بدلاً من تحقيقه.
- يؤكد المعارضون والمتحفظون على أن قرار إبعاد أو إشراك أي مكون سياسي يجب أن يكون قرارًا سودانيًا بالكامل، ينطلق من توافق وطني، أو من خلال انتخابات نزيهة، وليس بناءً على ضغوط خارجية أو رغبة طرف وحيد.
بشكل عام، يتجه الرأي العام بقوة نحو ضرورة إنهاء دور الحركة الإسلامية في الحياة السياسية والعسكرية للدولة. ومع ذلك، يوجد اختلاف في كيفية تحقيق ذلك؛ حيث يطالب البعض بالإقصاء الفوري كخيار ضروري، بينما يدعو آخرون إلى اتباع نهج شامل يركز على العدالة وتفكيك التمكين لتفادي وقوع صراعات جديدة.
هل تعتقد أن القوى المدنية قادرة على لعب دور في إحلال السلام في السودان؟

تبين الإجابات على هذا السؤال أن هناك أغلبية واضحة من المستجيبين تثق في قدرة القوى المدنية على تحقيق السلام في السودان. حيث أظهرت النتائج أن 64.3% من الأشخاص يؤمنون بذلك، بينما عارض 35.7%. تعكس هذه النسب الإيمان العميق بأهمية القيادة الوطنية، وأن أي حل دائم يحتاج إلى مشاركة سودانية تشمل الفاعلين الرئيسيين مثل القوى المدنية. كما يُظهر هذا الاتجاه توافقاً ضمنياً على أن الحلول لن تأتي من الخارج بدون وجود فاعلين سودانيين. من جهة أخرى، تشير فئة الرافضة 35.7% إلى عدم الثقة في قدرة القوى المدنية الحالية على التوحد أو التأثير بشكل كافٍ لتحقيق السلام في الظروف الحالية. ويعكس هذا الموقف المخاوف من أن أي آلية خارجية لا تشمل الفاعلين الوطنيين الرئيسيين قد تفشل. نلاحظ بالرغم من وجود عدد من المشككين، فإن الرأي العام يميل بوضوح إلى الاعتقاد بأن القوى المدنية لا يمكن الاستغناء عنها في أي معادلة ناجحة لتحقيق السلام في السودان.