نيويورك: سلاميديا

حذرت هيئة الأمم المتحدة للمرأة من أن هناك أدلة متزايدة على أن الاغتصاب يستخدم عمدا وبشكل منهجي في السودان، مشددة على أن النساء والفتيات لسن مجرد إحصائيات، بل هن مقياس إنسانيتنا المشتركة

وقد نشرت هيئة الأمم المتحدة للمرأة تقريرا اليوم الثلاثاء يركز على الأبعاد الجنسانية لانعدام الأمن الغذائي في السودان. وفي حديثها للصحفيين في جنيف عقب نشر التقرير، قالت آنا موتافاتي، المديرة الإقليمية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في شرق وجنوب أفريقيا إنه في كل يوم يتأخر فيه العالم عن اتخاذ إجراء بشأن السودان، تلد امرأة أخرى تحت وطأة القصف، أو تدفن طفلها جوعا، أو تختفي دون عدالة.

وقالت إن النساء أبلغن عن معاناتهن من الجوع والنزوح والاغتصاب والقصف في الفاشر، حيث وضعت النساء الحوامل أطفالهن في الشوارع بعد نهب وتدمير آخر مستشفيات الولادة المتبقية.

وكانت قوات الدعم السريع قد استولت على عاصمة ولاية شمال دارفور بعد أكثر من 500 يوم من الحصار في أواخر أكتوبر 2025م، وسط تقارير عن فظائع واسعة النطاق، بما في ذلك الإعدامات بإجراءات موجزة والعنف الجنسي.

وقالت السيدة موتافاتي إن آلاف النساء والفتيات فررن من المدينة بسبب تدهور الأوضاع إلى مناطق أخرى في شمال دارفور، بما في ذلك طويلة، التي تبعد حوالي 70 كيلومترا، وكورما ومليط، حيث يُعدّ الوجود الإنساني ضئيلا للغاية. وأضافت “ما تخبرنا به النساء هو أنه خلال رحلتهن المروعة، كانت كل خطوة يخطينها لجلب الماء، أو جمع الحطب، أو الوقوف في طابور الطعام تحمل مخاطر عالية للعنف الجنسي”.

وحذرت السيدة موتافاتي من أن أجساد النساء أصبحت مسرحا للجريمة في السودان، مؤكدة على أنه لم تعد هناك أي أماكن آمنة يمكن للنساء فيها الحصول على الحماية أو الرعاية النفسية والاجتماعية الأساسية.

أمهات يجعن ليشبع أطفالهن

وقالت المسؤولة الأممية إن الكرامة الأساسية انهارت أيضا، موضحة أن عبوة الفوط الصحية الواحدة في شمال دارفور تُكلف حوالي 27 دولارا، بينما تبلغ في المتوسط قيمة المساعدة النقدية الإنسانية أقل بقليل من 150 دولارا شهريا لأسرة مكونة من ستة أفراد.

وتحدثت السيدة موتافاتي عن قرارات مستحيلة تتخذها الأسر المجبرة على الاختيار بين الغذاء والدواء والكرامة، مؤكدة أن الاحتياجات الأساسية للنساء والفتيات تقع في أسفل تلك القائمة.

وقالت “قد لا تتناول معظم النساء والفتيات الطعام على الإطلاق في السودان. غالبا ما تتجنب النساء وجبات الطعام ليتمكن أطفالهن من تناول الطعام، بينما تحصل المراهقات في كثير من الأحيان على أقل حصة، مما يقوض تغذيتهن وصحتهن على المدى الطويل.

وحذرت السيدة موتافاتي من أن الجوع الذي تعاني منه النساء له تأثير مضاعف، حيث يبلغ العاملون في مجال الصحة عن تزايد حالات سوء التغذية الحاد الوخيم لدى الرضّع، والذي غالبا ما يرتبط بانخفاض قدرة أمهاتهم الجائعات على الرضاعة الطبيعية.

ودعت إلى إنهاء العنف، وتوسيع نطاق وصول المساعدات الإنسانية، وزيادة الدعم لمطابخ الحساء التي تقودها النساء وغيرها من مقدمي المساعدات. يذكر أن تحليل للأمن الغذائي في أوائل الشهر الجاري أكد وجود المجاعة في الفاشر وكادقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان.

كارثة وشيكة ونزوح متزايد

من جانبها، حذرت المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة إيمي بوب من أن انعدام الأمن الشديد والانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان في الفاشر قد أدت إلى موجة نزوح هائلة وفاقمت الأزمة الإنسانية.

وفي بيان صدر اليوم الثلاثاء، قالت المسؤولة الأممية إن فرق المنظمة تستجيب للاحتياجات حيث يمكن، لكن انعدام الأمن ونفاد الإمدادات يعني أننا لا نصل إلا إلى جزء ضئيل من المحتاجين.

وأضافت أنه بدون وصول آمن وتمويل عاجل، تُواجه العمليات الإنسانية خطر التوقف التام في اللحظة التي تكون فيها المجتمعات في أمس الحاجة إلى الدعم.

وخلال الأسبوعين الماضيين، أدى القصف العنيف والهجمات البرية في الفاشر ومحيطها إلى نزوح ما يقرب من 90 ألف شخص، بينما لا يزال عشرات الآلاف من المدنيين محاصرين داخل المدينة. وفي الفترة ما بين 26 أكتوبر و9 نوفمبر، فرّ ما يُقدر بـ 38,990 شخصا من القتال في شمال كردفان.

ورغم تزايد الاحتياجات، أصبحت العمليات الإنسانية الآن على شفا الانهيار، حيث أفادت المنظمة الدولية للهجرة بأن المستودعات شبه فارغة، وأن قوافل المساعدات تواجه انعدام الأمن بشكل كبير، وأن القيود المفروضة على الوصول لا تزال تحول دون إيصال المساعدات الكافية.

وحثت المنظمة الجهات المانحة والشركاء والمجتمع الدولي على التحرك فورا لمنع المزيد من الخسائر في الأرواح وضمان حصول المجتمعات الضعيفة على المساعدات بأمان. وقالت إن الجهود الوطنية والدولية المنسقة تُعد أمرا بالغ الأهمية لتقديم المساعدات المنقذة للحياة، واستعادة الكرامة، وحماية المدنيين العالقين في الأزمة المتصاعدة.

فليتشر يزور السودان

تجدر الإشارة إلى أن وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، توم فليتشر، وصل اليوم الثلاثاء إلى مدينة بورتسودان، حيث التقى بالسلطات السودانية والشركاء الإنسانيين والسلك الدبلوماسي. وقال نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة، فرحان حق، في المؤتمر الصحفي اليومي بنيويورك إن السيد فليتشر يواصل الدعوة إلى وضع حد للفظائع في السودان ودعم جهود السلام، ويعمل على ضمان حصول الفرق الإنسانية على الوصول والتمويل اللازمين لتقديم المساعدات المنقذة للحياة. وشدد السيد حق على ضرورة حماية المدنيين، ومنح عمال الإغاثة إمكانية الوصول الآمن والمستدام لتقديم المساعدة عبر خطوط المواجهة.