الخرطوم:حسين سعد

إذا كانت عملية الانتقال إلى الحكم الديمقراطي تحدث نتيجة عوامل عديدة، داخلية وخارجية، يتفاوت تأثيرها من حالة إلى أخرى، فإن طبيعة الفاعلين السياسيين وميزان القوة النسبي بينهم هو الذى يحدد في الغالب طريقة أو أسلوب الانتقال، ومع التسليم بصعوبة تصنيف طرق الانتقال إلى الحكم الديمقراطي نظراً لتعددها وتداخلها، فإنه من واقع خبرات وتجارب الدول التي شهدت انتقالا ديمقراطيا خلصت بعض الأدبيات إلى بلورة أربعة طرق رئيسة للانتقال تختلف مسمياتها من باحث إلى آخر، وهي: الانتقال من أعلى، أي الذى تقوده النخبة الحاكمة أو الجناح الإصلاحي فيها، والانتقال من أسفل، وهو الذى تقوده قوى المعارضة عقب انهيار النظام الحاكم أو الإطاحته به من خلال انتفاضة أو ثورة شعبية، والانتقال من خلال التفاوض والمساومة بين الحكم وقوى المعارضة، والانتقال الناجم عن تدخل عسكري خارجي. 

الانتقال من أعلى:
هو انتقال تقوده، وتهندسه القيادة السياسية أو الجناح الإصلاحي في النخبة الحاكمة أي أنه انتقال يتم من داخل النظام القائم، وعادة ما تبدأ عملية الانتقال عندما تتوفر عوامل وأسباب موضوعية تؤثر سلبا على شرعية السلطة، وتخلق لدى النخبة الحاكمة قناعة مفادها أن كلفة الانفتاح والتحول الديمقراطي أقل من كلفة الاستمرار في الممارسات التسلطية،وفي بعض الحالات كان للجناح الإصلاحي داخل النخبة الحاكمة دور كبير في عملية الانتقال،ومع الأخذ بعين الاعتبار حقيقة وجود تباينات بين تجارب الدول التي شهدت انتقالا ديمقراطيا من أعلى، فإنه يمكن القول: إن عملية الانتقال طبقا لهذا المسلك غالبا ما تتم بإحداث تحول تدريجي للنظام السياسي عبر مراحل متعددة ومتداخلة، تبدأ بالتحرك على طريق الانفتاح السياسي، ويكون ذلك مقدمة للانتقال الديمقراطي، وقد تأتي بعد ذلك مرحلة أخرى تتمثل في ترسيخ الديمقراطية، وبصفة عامة ، فإنه في ظل حالات الانتقال الديمقراطي من أعلى غالبا ما يكون ميزان القوى لصالح النخبة الحاكمة، فيما تتسم قوى المعارضة بالضعف، ومن ثم محدودية القدرة على التأثير في إدارة عملية الانتقال، ومن بين الدول التي شهدت انتقالا ديمقراطيا من أعلى: إسبانيا والبرازيل.

الانتقال من أسفل:
يأخذ هذا النمط للانتقال شكلين رئيسيين:

 (1) الانتقال نتيجة لتكثيف الضغوط على النظام الحاكم من خلال التظاهرات والاحتجاجات الشعبية التي تقودها وتشارك فيها قوى المعارضة الديمقراطية، بحيث تجبر النظام في نهاية المطاف على تقديم تنازلات تفتح الطريق للانتقال الديمقراطي على غرار ما حدث في كل من الفلبين وكوريا الجنوبية والمكسيك.

(2) الانتقال الذى تقوده قوى المعارضة على أثر انهيار النظام غير الديمقراطي أو إطاحته بواسطة انتفاضة أو ثورة شعبية ففي أعقاب ذلك تبدأ مرحلة تأسيس نظام ديمقراطي جديد يحل محله.

وبصفة عامة، يعكس هذا النمط من الانتقال حدوث خلل كبير في ميزان القوى بين الحكم وقوى المعارضة لصالح الأخيرة، وبخاصة في حالة انهيار شرعية السلطة، وتصدع النخبة الحاكمة، وتخلى الجيش عن مساندة النظام التسلطي، ووجود تأييد شعبي واسع للمعارضة، وعادة ما تتوافق قوى وأحزاب المعارضة على خطوات وإجراءات لتأسيس نظام ديمقراطي على أنقاض النظام التسلطي، وقد حدث الانتقال وفقا لهذا النمط في بلدان عديدة من بينها: البرتغال واليونان والأرجنتين ورومانيا.

الانتقال من خلال التفاوض:
هذا النوع من الانتقال يحدث على أرضية اتفاق أو تعاقد يتم التوصل إليه عبر المفاوضات والمساومات بين النخبة الحاكمة وقوى المعارضة، وغالبا ما يأتى ذلك كمحصلة لوجود نوع من التوازن النسبي في ميزان القوى بين الطرفين، فالنخبة الحاكمة تصل إلى قناعة مفادها أنها غير قادرة على الاستمرار في السياسات المغلقة والممارسات القمعية بسبب الضغوط الداخلية والخارجية، وأن كلفة الانفتاح السياسي والانتقال إلى صيغة ما لنظام ديمقراطي ضمن اتفاق مع المعارضة يضمن بعض مصالحها -أي النخبة الحاكمة- هي أقل من كلفة الاستمرار في السياسات غير الديمقراطية،وعلى الطرف المقابل، تبدو قوى المعارضة غير قادرة على إطاحة النظام، وبالتالي تجد أنه لا بديل أمامها غير التفاوض والمساومة مع النخبة الحاكمة من أجل الانتقال إلى الديمقراطية،ويُلاحظ أن المفاوضات والمساومات بين الجانبين جرت في كثير من الحالات على خلفية تظاهرات واحتجاجات شعبية حركتها قوى المعارضة، وممارسات قمعية من جانب السلطة، وقد حدث هذا النمط من الانتقال في بلدان عديدة منها: بولندا وجنوب أفريقيا والسلفادور ونيكاراجوا،وبصفة عامة فقد أكدت خبرات وتجارب الانتقال الديمقراطي على أن طريقة الانتقال تؤثر على نوعية أو طبيعة النظام الديمقراطي الوليد، وعلى فرص واحتمالات استمراره وترسخه في مرحلة ما بعد الانتقال، حيث أن الانتقال السلس والسلمي الذى يتم بمبادرة من النخبة الحاكمة، أو من خلال التفاوض بين الحكم والمعارضة، أو عقب إطاحة النظام بواسطة انتفاضة أو ثورة شعبية سلمية غالبا ما يكون مصحوبا بدرجة أعلى من الديمقراطية، وفرص أفضل لاستمرار وترسخ النظام الديمقراطي الناشئ. وبالمقابل، فإن الانتقال العنيف يكون في الغالب مقرونا بدرجات أدنى من الديمقراطية، وفرص أقل لاستمرارية النظام الديمقراطي واستقراره، بل إنه تزداد في مثل هذه الحالة احتمالات الارتداد إلى شكل من أشكال التسلطية، أو وقوع البلاد في صراع داخلي أو حرب أهلية،أما الانتقال الناجم عن التدخل العسكري الخارجي فقد نجح في حالات قليلة، وفشل في حالات أخرى كثيرة، وقد كان لكل من النجاح والفشل ظروف ومعطيات خاصة.

ترسيخ الديمقراطية:

يقول خبراء بالرغم من أن هناك حوالى مائة دولة شهدت انتقالا ديمقراطيا على مستوى العالم خلال الموجة الثالثة، إلا أنه بعد مضى ما يقارب الأربعة عقود على انطلاق هذه الموجة فإن كثيرا من الدول التي شملتها لم يشهد قيام نظم ديمقراطية مستقرة وراسخة، بل شهد ظهور أشكال من النظم السياسية الهجين التي لاهي نظم ديمقراطية كاملة، ولاهى نظم غير ديمقراطية خالصة، بل تجمع بدرجات متفاوتة وأشكال مختلفة بين بعض عناصر الديمقراطية وبعض عناصر النظم غير الديمقراطية على نحو ما سبق ذكره، وهذا يعنى أن مرحلة ما بعد الانتقال الديمقراطي يمكن أن تكون مفتوحة على عدة مسارات، لكل منها شروطه ومعطياته أولها، التحرك على طريق ترسيخ النظام الديمقراطي وثانيها، تبلور صيغة نظام سياسي هجين أومختلط يكون قادرا على الاستمرار، وثالثها، العودة إلى شكل من أشكال النظم غير الديمقراطية أو دخول البلاد في مرحلة من الصراع الداخلي ويشير مفهوم ترسيخ الديمقراطية في أوسع معانيه إلى عملية تطوير وتعزيز النظام الديمقراطي حتى يتحول إلى نظام مؤسسي مستقر، يكون قادرا على الاستمرار، ويجسد بشكل حقيقي وفعال قيم الديمقراطية وعناصرها وآلياتها، وبلغة أخرى، فإن الترسيخ يتضمن معانى تعميق الديمقراطية واستكمالها ومأسستها على النحو الذى يجعل من الصعب انهيار النظام الديمقراطي أو الانقلاب عليه، وثمة عدة عوامل ومؤشرات تدل على رسوخ الديمقراطية، بعضها يتمثل في العناصر المؤسسية والتنظيمية ذات الصلة باستقرار أسس وقواعد اللعبة الديمقراطية بما في ذلك تكرار الانتخابات والقبول بنتائجها، ورسوخ المؤسسات السياسية الديمقراطية مع استمرار قدرتها على التكيف مع مستجدات البيئة المحيطة بها، وبعضها الآخر يتصل بإستراتيجيات وممارسات الفاعلين السياسيين الرئيسيين من حيث التزامهم النهائي والأصيل بأسس وقواعد الممارسة الديمقراطية حتى في فترات الأزمات الاقتصادية والسياسية، وهو ما يعني أن أيا من هؤلاء الفاعلين لا يفكر في الانقلاب على الديمقراطية أو العمل خارج أطرها وقواعدها،وهناك مؤشرات وعوامل أخرى تتعلق بالقيم والاتجاهات السياسية للمواطنين، بحيث تكون الغالبية العظمى منهم على قناعة بأن الإجراءات الديمقراطية هي الطريق الوحيد للتغيير السياسي والوصول إلى السلطة، وبذلك تتجذر شرعية النظام الديمقراطي في الوعي الجمعي للمواطنين، ناهيك عن وجود درجة مقبولة من التطور الاقتصادي والاجتماعي على النحو الذى يخلق بيئة ملائمة لاستمرار النظام الديمقراطي وترسخه، وبالطبع فإن فاعلية النظام الديمقراطي تلعب دورا في خلق هذه البيئة، كما أن رسوخ المؤسسات والممارسات ذات الصلة بتحقيق حكم القانون، والشفافية، والمساءلة، واحترام الحقوق السياسية والحريات المدنية للمواطنين هو دليل آخر على رسوخ الديمقراطية،

عوامل عديدة:

نجاح عملية ترسيخ النظام الديمقراطي يرتبط بعوامل عديدة منها: طبيعة المؤسسات السياسية، ومدى فاعليتها في أداء وظائفها، وكفاءة السياسات الاقتصادية الاجتماعية، ومدى القدرة على نشر وإشاعة ثقافة الديمقراطية على مستوى المجتمع، وفاعلية منظمات المجتمع المدني، واستقرار الدولة وروسخ شرعيتها لدى مختلف الفئات والجماعات التي تعيش على أراضيها، واستمرار التزام الفاعلين السياسيين بقواعد الديمقراطية حتى يتحول ذلك إلى تقليد ثابت يصعب تجاوزه مع مرور الوقت، فضلا عن وجود عوامل خارجية، إقليمية ودولية، مواتية تسهم في ترسيخ الديمقراطية ، وقد انتقد البعض مفهوم ترسيخ الديمقراطية من عدة جوانب منها: أنه يجعل النظم الديمقراطية الليبرالية بمثابة المنتج النهائي للديمقراطية والذى يجسد معنى رسوخ الديمقراطية، وهذا غير صحيح لأنه حتى في الديمقراطيات الغربية المستقرة هناك بعض أوجه القصور التي تتفاوت في طبيعتها ومدى تأثيرها من دولة إلى أخرى، كما تعرف هذه الدول بدرجات متفاوتة وأشكال مختلفة وجود فجوات بين النظم والقواعد الديمقراطية من ناحية والممارسات العملية من ناحية أخرى، ومن الانتقادات الأخرى للمفهوم أنه يقوم على تصنيف النظم الديمقراطية إلى ديمقراطيات كاملة راسخة وأخرى غير كاملة أو مشوهة، وهذا غير صحيح، حيث لا يوجد نظام ديمقراطي وصل إلى درجة الكمال أو إلى الصيغة المثالية أو النموذجية للديمقراطية حتى وإن بدا مستقرا وراسخا، ولذلك فإن عملية تطوير النظام الديمقراطي يجب أن تكون عملية مستمرة حتى يقترب أكثر وأكثر من النموذج المثالي للديمقراطية الذى يجسد القيم والمثل العليا للديمقراطية، وتتطابق فيه النظرية مع التطبيق، وعلى خلفية الانتقادات التي وُجهت إلى مفهوم ترسيخ الديمقراطية فقد طرح البعض مفاهيم أخرى للوقوف على درجات ومستويات التطور الديمقراطي، ومن هذه المفاهيم مفهوم نوعية الديمقراطية، وهو مفهوم مرن ومتعدد الأبعاد، حيث يشير إلى ضرورة الاستمرار في تحسين نوعية الديمقراطية حتى بالنسبة للديمقراطيات المستمرة منذ فترات طويلة، والتي باتت راسخة، وبالتالي فهو ليس بديلا لمفهوم ترسيخ الديمقراطية، ولكنه يساعد من وجهة نظر القائلين به على فهم أفضل وديناميكي لتطور النظام الديمقراطي والمقارنة بين حالات التقدم والتراجع، لا سيما في ظل مؤشرات تم تطويرها لقياس نوعية الديمقراطية، وهناك من طرح مفهوم الديمقراطية الجيدة، وهو يشير إلى النظام الديمقراطي الذى يحقق الحرية والمساواة لجميع المواطنين من خلال مؤسسات وآليات شرعية، ومستقرة تؤدي وظائفها بفاعلية وكفاءة، وبلغة أخرى فإنه استنادا إلى مفهوم الديمقراطية الجيدة يمكن تقييم النظام الديمقراطي من حيث الإجراءات والمحتوى والنتائج، وذلك بالاعتماد على مؤشرات عديدة منها: حكم القانون، والمساءلة، واستجابة الحكومة المنتخبة لطلبات المواطنين، وكفالة الحقوق السياسية والحريات المدنية للجميع، والحد من التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية.

تراجع:

كشف تقرير الحرية العالمي الذي نشرته منظمة (فريدوم هاوس)في فبراير الماضي ان الحرية في العالم سجلت انخفاضا عاليا في الحقوق السياسية والحريات المدنية لمدة (13) سنة متتالية من العام 2005م الي العام 2018م ،وأعتبرت المنظمة في تقريرها السنوي ان هذه المؤشرات مثيرة للقلق،خاصة مع إنخفاض متوسط المعدل العالمي كل عام،كما اكد التقرير تراجع حرية الصحافة هذا العام في أربع من أصل ست مناطق  في العالم ،وأصبحت الانتهاكات الفاضحة، مثل سجن الصحافيين، أكثر انتشاراً، والأمر الأكثر خطورةً هو انخفاض التعبير الشخصي، إذ قامت الحكومات بقمع النقاش النقدي بين المواطنين، خاصة عبر الإنترنت. وبحسب المنظمة، يتم تعزيز الهجوم ضد حرية التعبير بشكل جديد وأكثر فعالية عبر الاستبداد الرقمي. وفي سياق ذي صلة قال تصنيف جديد أصدره موقع ( يو- اس-نيوز-اند-ويرلد ريبورت )لأفضل الدول في العالم لعام 2019. التصنيف مبني على الانفتاح الثقافي والتنوع، وبيئة الاعمال وجودة الحياة وغيرها من المعايير. وأوضحت النتائج إن سويسرا هي أفضل دول العالم، تليها اليابان ثم كندا، أما الولايات المتحدة فقد احتلت المرتبة الثامنة عالميا،والإمارات العربية المتحدة هي الأولى عربيا بترتيب 23 عالميا، ضمن القائمة التي شملت 80 دولة،واعتمد نصنيف الدول على معايير ريادة الأعمال (17.87 بالمئة)، جودة الحياة (16.77 بالمئة)، المواطنة (15.88 بالمئة)، محركات السوق (14.36 بالمئة)، التأثير الثقافي (12.96 بالمئة)، الانفتاح الاقتصادي (11.08 بالمئة)، الطاقة (7.95 بالمئة)، المغامرة (2 بالمئة)، التراث 1.13 بالمئة، أما بخصوص النظم السياسية الهجين، فهي تنتشر عادة في الدول التي يصنفها بيت الحرية في تقريره السنوي عن الحرية في العالم على أنها دول حرة جزئيا مقارنة بمجموعتي الدول الحرة والدول غير الحرة، وذلك استنادا إلى مقياس يوضح مدى توفر الحقوق المدنية والحريات السياسية للمواطنين، وطبقا لتقرير عام 2012 فقد بلغ عدد الدول الحرة (87) دولة من إجمالي (194) دولة شملها التقرير، فيما بلغ عدد الدول الحرة جزئياً (60) دولة، وعدد الدول غير الحرة (47) دولة، وهو ما يعنى أن حوالى 55% من دول العالم تقع ضمن فئتي الدول غير الحرة والحرة جزئياً،ونظرا لتعدد أشكال النظم السياسية الهجين التي برزت في مرحلة ما بعد الانتقال الديمقراطي في العديد من بلدان آسيا وأميركا اللاتينية وشرق أوربا وأفريقيا خلال الموجة الثالثة للتحول الديمقراطي، فقد اعتبرها البعض تقع في منطقة سياسية (رمادية أو ضبابية) بين الديمقراطية الكاملة من ناحية، والنظم غير الديمقراطية الخالصة بالمعنى الكلاسيكي من ناحية أخرى. وفى جميع الحالات، فقد بات من الواضح الآن أن النظم السياسية الهجين لا تمثل بالضرورة مرحلة للانتقال إلى الديمقراطية الكاملة، بل أصبحت تمثل أشكالا وأنماطا من النظم السياسية القائمة، التي استطاعت الحفاظ على قدر من الاستمرارية والتكيف مع بيئتها. ومن هنا، فإن عملية دراستها وتصنيفها أصبحت مطروحة كقضية رئيسة على أجندة البحث في مجال السياسة المقارنة،وقد طُرحت مفاهيم عديدة لتصنيف النظم السياسية الهجين انطلاقا من مفهومي الديمقراطية والتسلطية كمفهومين مرجعيين. ومن هذه المفاهيم على سبيل المثال: الديمقراطية الانتخابية، والديمقراطية المشوهة أو غير المكتملة ومن أشكالها: الديمقراطية الإقصائية، والديمقراطية الخاضعة للسيطرة، والتسلطية التنافسية بجانب مفاهيم أخري مثل التسلطية الانتخابية وشبه التسلطية.

خاتمة:

  • أن عملية الانتقال إلى نظام حكم ديمقراطي، وترسيخه على النحو الذى يضمن إستمراريته واستقراره هي في الأغلب الأعم عملية معقدة، وتستغرق فترة زمنية طويلة نسبيا. ولذلك فإن مجرد الانتقال من نظام حكم غير ديمقراطي لا تعنى بالضرورة قيام نظام ديمقراطي راسخ ومستقر، حيث أن ذلك له شروط ومتطلبات عديدة لابد من توفيرها وإنضاجها،كما أنه لا توجد طريقة واحدة للانتقال إلى الديمقراطية، حيث أن خبرات وتجارب الانتقال الديمقراطي على الصعيد العالمي جرت من خلال طرق عديدة، كان لكل منها ظروف وسمات خاصة،وغالبا ما يؤثر أسلوب الانتقال على نوعية النظام الديمقراطي الوليد وحدود قدرته على الاستمرار،وتمثل  الانتخابات الحرة والنزيهة أحد الآليات الرئيسة للنظام الديمقراطي، إلا أنها لا تكفى بمفردها لقيام ديمقراطية حقيقية، فالأخيرة تستوجب توفر أسس وعناصر عديدة منها: التعددية السياسية، والتداول السلمى للسلطة، والفصل بين السلطات مع تحقيق التوازن فيما بينها استنادا إلى مرجعية دستورية واضحة ومستقرة، وقدرة الحكومة المنتخبة على ممارسة السلطة والحكم، وسيادة حكم القانون، وفاعلية مؤسسات وإجراءات الشفافية والمساءلة، ووجود مجتمع مدنى فاعل ومستقل، وكفالة الحقوق السياسية والحريات المدنية لجميع المواطنين على قاعدة المواطنة المتساوية، وتعدد مصادر المعلومات مع حرية الوصول إليها،معلوم أن صيغ وأشكال النظم الديمقراطية متعددة، وتختلف من دولة إلى أخرى سواء من الناحية المؤسسية أو الإجرائية، وفى هذا الإطار، فإنه يمكن لكل دولة في مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية أن تطور صيغا مؤسسية، وإجرائية لنظام ديمقراطي يجسد القيم العليا للديمقراطية من ناحية، ويتوافق مع ظروفها وخصوصياتها الاجتماعية، والحضارية والثقافية من ناحية أخرى،ويقول الخبراء أنه لا توجد، وصفة سحرية جاهزة لنجاح عملية الانتقال الديمقراطي، لكن هناك العديد من الدروس التي يمكن تعلمها من تجارب الانتقال الناجحة على الصعيد العالمي، حيث تمثلت أهم شروط ومقومات النجاح في: الحفاظ على الوحدة الوطنية وترسيخها مما يحول دون حدوث انقسامات وصراعات داخلية خلال مرحلة الانتقال، وحسن تصميم المرحلة الانتقالية وإداراتها من خلال التوافق بين الفاعلين السياسيين الرئيسيين على خارطة طريق واضحة لتأسيس نظام ديمقراطي، بما يعنيه ذلك من التوافق على صيغة النظام السياسي المستهدف، ومراحل الانتقال، والترتيبات المؤسسية والإجرائية الأكثر ملاءمة لظروف وخصوصيات الدولة والمجتمع، ومن الشروط أيضا: إصلاح أجهزة الدولة ومؤسساتها على النحو الذى يعزز من قدرتها على القيام بوظائفها ، وتقديم السلع والخدمات العامة للمواطنين، وتحقيق العدالة الانتقالية، فضلا عن تدعيم دور المجتمع المدني، وتعزيز الطلب المجتمعي على الديمقراطية ونشر ثقافتها في المجتمع، فلا ديمقراطية بدون ديمقراطيين، وإعادة صياغة العلاقات المدنية-العسكرية بما يتفق وأسس النظام الديمقراطي، على أن يتم ذلك بشكل تدريجي ومن خلال التفاوض، وإجراءات بناء الثقة بين المدنيين والعسكريين(يتبع)