د، أحمد بابكر
يعيش السودانيون هذه الأيام عبق ذكرى بداية انتفاضتهم الجسورة والتي كتبت صفحات مشرقة شكلت إضافة استثنائية في سجل الثورات على مستوى التاريخ الإنساني.
توقع الثوار ان تدار هذه الثورة بذات الاستثنائية والعظمة، ولكنها كأي تجربة إنسانية تحدث بها أخطاء لتنضجها وتصححها بالممارسة.
لذلك سوف اتحدث بشكل عام عن أهمية ضبط التصريحات والتي يجب أن تتوافق مع مقتضيات الوظيفة التي يشغلها الوزير او عضو المجلس السيادي، لتضيف بعداً إيجابياً لمسيرة الثورة:
اولا: يجب أن يعلم جميع اعضاء السلطة الانتقالية (المجلس السيادي ومجلس الوزراء) انهم الآن وبحكم الموقع مسؤولين عن كل الشعب السوداني سواء كانوا مؤيدين أومعارضين.
تانيا: يجب أن تكون تصريحات المسئولين محكومة بمهامهم التي نصت عليها الوثيقة الدستورية وأن لا تعبر عن رؤاهم ومعتقداتهم الخاصة… فهذه سلطة دولة وليست مؤتمر لنشطاء سياسيين.
ثالثا: عليهم التركيز على انجاز المهام الملقاة على عاتقهم وعدم الغرق في التصريحات.. (كترة الكلام بتجيب اللوم).
رابعا: يجب عليهم فهم طبيعة المرحلة وحساسيتها وان لاينجروا لتصريحات مستفزة لا تشكل أولوية في عملية التغيير الآن.
سوف اسرد بعض المواقف التي كان على هؤلاء المسؤولين التحلي فيها باليقظة والحكمة:
سوف نتحدث اولاً عن مجلس السيادة:
١. المكون العسكري في المجلس السيادي لديه ميل مستمر لإظهار ان لهم الدور الأكبر واليد العليا وأنهم من يقرر في كثير من القضايا متجاوزين بذلك وصفهم الدستوري.
نلاحظ مثلا الخطأ الكبير الذي ارتكب في بعض بنود مؤتمر جوبا مع الجبهة الثورية، حيث تم التوقيع على اتفاق تضمن تأجيل قيام المجلس التشريعي وتعيين الولاة، بالإضافة لأنهما شكلا خرقاً دستورياً؛ فإن عدم تنفيذ هذين البندين أضر كثيراً بصعود الثورة.
تانياً: تصريحات البرهان لقناة الجزيرة حيث أجاب بطريقة تظهره وكأنه من بيده الحل والعقد في قضايا خلافية سواء كان موضوع تسليم المخلوع للجنائية او الموقف من تواجد الجنود السودانيين باليمن.
رغم ان الإجابة المناسبة والمنطقية هي توضيح أن هذه المواضيع قيد التشاور مع الحكومة لما يحيط بها من تعقيدات داخلية وإقليمية ودولية.
بالنسبة للمكون المدني في المجلس السيادي؛ فإن تصريحات بعض أعضائه تشكل كارثة حقيقية، فمن واجبهم عكس الوجه الحقيقي لما يريده الثوار من المجلس السيادي، من رصانة وتحلي بالمسئولية، لكن مواقف بعضهم أقرب لمواقف الناشطين من مواقف أعضاء مجلس السيادة..
مثلا عضو مجلس السيادة الأستاذ التعايشي الذي مازال يتعامل بعقلية الكادر الطلابي..
فالمعروف ان بعض مهام أعضاء مجلس السيادة يشمل رعاية اللقاءات والقوافل والمشاريع وووالخ… ، لكن ان يشارك التعايشي في مؤتمر الكنابي والذي تم فيه طرح ان سكان الكنابي يتعرضون للتهميش والاقصاء الاجتماعي والعنصرية والاستغلال الاقتصادي من قبل مواطني الجزيرة، وبرعاية التعايشي لمثل هذا الخطاب يكون قد انحاز إلى جزء من مجتمع الجزيرة ضد الجزء الآخر، مع انه يجب أن يمثلهم جميعا…
لاحرج على الأخوة في مؤتمر الكنابي ان يقولوا مايشاؤون ولكن على اي مسؤول أن لايتورط ويساند طرف ضد الآخر.
كذلك تصريحات بعض المسؤولين المدنيين عن العلمانية وعن الإسلام السياسي وشكل الدولة وخلافه ، رغم أن هذه القضايا ليست من اختصاص السلطة الانتقالية، بل هي قضايا حسمها من مهام بالموتمر الدستوري….
هذه الحكومة ليست منحازة لايديولوجيا ضد أخرى بل لديها مهام معينة عليها القيام بها.
خاتمة:
بخصوص إزالة التمكين وتصفية ركائز الإنقاذ، هذا الأمر مقصود به سلطة الإنقاذ وليس فكر الاسلاميين، فقضية الفكر يتم التعامل معها ضمن سياقات أخرى لاعلاقة لها بسلطة الدولة