بقلم: محمود الشين
بعد أكثر من عقد من الزمان ، يعود إمام الأنصار الصادق المهدي إلي زيارة جنوب دارفور ، وهي زيارة سبقها هجوم كبير علي الرجل في الأسافير ، كونها محاولة للاستقطاب السياسي علي خطي دعوات الإمام المتكررة لقيام إنتخابات مبكرة في ظل سريان الفترة الانتقالية الحالية.
التأريخ يقول إن دارفور واحدة من أهم مناطق الولاء التقليدي لحزب الأمة ، فقد فاز إبان إنتخابات العام (1986م) ب(34) دائرة من جملة (39) دائرة علي مستوي الإقليم.
وفي حالة جنوب دارفور ، يزهو الأمة بانتصار باهر علي مرشحي الجبهة الإسلامية القومية آنذاك ، وذلك في أهم دائرتين هما (57) نيالا شمال ، و(58) نيالا جنوب. ففي الأولى فاز مرشح الأمة مالك الزبير سام علي مرشح الجبهة الدكتور علي الحاج محمد ، وفي الثانية فاز مرشح الأمة د. إسماعيل أبكر أحمد علي مرشح الجبهة داؤد يحي بولاد.
واليوم لم تعد الليلة كما البارحة – يعود الإمام وهو متنازع الولاءات والشراكات وإن كان حزبه ضمن قوي الحرية والتغيير الحاكمة بالتضامن مع المكون العسكري بعد سقوط نظام المؤتمر الوطني ، ومرجعيته التنظيم الإسلامي (الجبهة الإسلامية).
المهدي قلبه مع الفترة الانتقالية ، وباله في التحضير لما بعد تلك المرحلة ، وكأنه يريد أن يحدث المفاجأة على طريقة إنتخابات الديمقراطية الثالثة. لأول مرة منذ عقود تجوب شوارع نيالا سيارات فارهة عليها أعلام حزب الأمة تبشر بزيارة إمام الأنصار الذين عرفوا بالتقشف علي الأقل في نيالا.
الحزب هناك يعيش حالة من الإنقسام التي طالت واستطالت ، وأدت إلي تجميد عضوية قيمة من رموز مدينة نيالا مثل القيادي الصادق ميرغني زاكي الدين ، عائلة محمد يعقوب زريبة ، حامد سعد وغيرهم.. هؤلاء الذين لا يزالوا علي أنصاريتهم – يتمسكون (بشرعنة) مؤسسات الحزب وإرساء دعائم الديمقراطية.
وتنشط في الترتيب لزيارة الإمام مجموعة شرعية بقيادة الأستاذ محمد عبدالسلام ، وهي مدعومة من نائب رئيس الحزب الفريق صديق أحمد إسماعيل إبن الولاية. ومن بعد مسألة ترميم أجنحة الأمة المتطايرة ، يبرز تحد آخر ، خارج توقعات قياس الرأي ، وهي الأجيال الجديدة التي نشأت في مخيمات النازحين بالداخل واللاجئين بدول الجوار الإقليمي.. هذه الفئة الشبابية التي تمثل ما لا يقل عن 60% من جملة سكان الإقليم (8) مليون نسمة – ستكون بحلول العام المقبل في سن ال(18)عاماً ، (الناخبون الجدد) هم جيل لم تقف الي جانبه القوي السياسية في زمن المحن والتحديات ، وعاش على دعم وسند وحماية المنظمات الإقليمية والدولية.. والتحدي هنا ليس للامام وحزبه فحسب وإنما كيف نسترد ولاء وانتماء هؤلاء لوطننا الكبير.
إذا ما نجحت زيارة الإمام الصادق لجنوب دارفور في ظل هذه التعقيدات ، سيكون لها ما بعدها ، وإن فشلت ستكون هي بداية أفول الزهو المباح في تلك الولاية المهمة ، شديدة الخصوصية – فهل ستكون نيالا آخر الرهانات؟!