الخرطوم _ سلاميديا
إنقضت مهلة الستة أشهر التي حددتها السلطة الإنتقالية في السودان لإنهاء الحرب، ما تزال عملية السلام تراوح مكانها، ولم يشأ إحداث إختراق في المفاوضات الجارية في العاصمة جوبا، وفق مراقبين.
ورغم التعثر في جوبا، الا أن الشارع السوداني، يراقب مفاوضات السلام بنهم وتفاؤل كبيرين بطي صفحات الحرب الأهلية الضارية التي تشهدها البلاد منذ عشرات السنين، وتسببت في مقتل وتشريد الملايين.
وأرجع خبراء سياسيين، فشل الأطراف السودانية في التوصل لاتفاق سلام خلال المدة المحددة، الى مدى تعقد القضايا محل التفاوضات وعدم تكافؤها، بجانب ربطها باكمال هياكل السلطة الانتقالية والتحول الديمقراطي.
وحددت حكومة الفترة الانتقالبة مدة الستة أشهر الأولى من عمرها، لتحقيق السلام العادل والشامل وإنهاء الحرب بمخاطبة جذور المشكلة السودانية ومعالجة آثارها، وذلك اعتبارا من التوقيع على الوثيقة الديستورية في السابع عشر من اغسطس الماضي.
ويري المحلل السياسي عبده مختار ان ملف السلام يجب أن يترك مفتوحا ولا يمكن تحديد فترة زمنية معينة لتحقيقه.ونصح مختار خلال حديثه “لسلاميديا” أنه من الافضل أن يكون هناك مساران للحكومة الانتقالية احدهما للبحث في قضايا السلام والاخر لأستكمال هياكل السلطة”.
وابرمت الحكومة السودانية والجبهة الثورية المسلحة في سبتمبر الماضي، اتفاق اعلان مبادئ يقضي بتأجيل تشكيل المجلس التشريعي وارجأ تعيين الولاة المدنيين الى حين تحقيق السلام. وتابع عبده مختار “تأخر عملية السلام إنعكس سلبا على المواطن وخاصة في الولايات وساعد في زيادة الازمات التي يعاني منها السودان، نتجة لعدم تعيين الولاة المدنيين”.
وأرجع بطء مفاوضات السلام ما وصفه بخطأ ممنهج ارتكبته الحكومة الانتقالية بعدم ترتيبها للأولويات، فيما يلي عملية السلام.وبدأت محادثات السلام في سبتمبر الماضي بين الحكومة السودانية وتحالف الجبهة الثورية من جهة، والحركة الشعبية قطاع الشمال قيادة عبدالعزيز الحلو من ناحية أخرى.
وتوصلت المفاوضات مع الجبهة الثورية إلى اتفاق إعلان مبادئ ووقف العدائيات، وحدث الشيء ذاته مع الحركة الشعبية قيادة عبدالعزيز الحلو.
وانقسم تحالف الجبهة الثورية إلى عدة مسارات للتفاوض مع الحكومة بشكل منفرد حول قضايا المناطق المنحدرة منها هذه الفصائل، وتشمل مسار دارفور، ومسار الشرق، ومسار الشمال ومسار الوسط ومسار النيل الأزرق وجنوب كردفان.
وتعتبر الموضوعات التي يتفاوض عليها في جوبا حاليا من القضايا الشائكة والمعقدة وتفتقد لعدم التكافؤ ، وهذا ما اكده المحلل السياسي والقيادي بحركة تحرير السودان، جناح مناوي، مصطفي الجميل. وقال الجميل في تصريحاته ل”سلاميديا ” القضايا التي يتفاوض عليها في جوبا الان ليست متكافئة ولن تفضي الى سلام عاجل وحتى اذا حدث سلام سيكون هشا”.
ودعا الى ضرورة الاستفادة من التجارب السابقة ومناقشة المشكلات بعمق والتمهل للفصل فيها.وتابع الجميل “اوزان القوى السياسية غير متكافئة ولكي توضع في ميزان واحد تتطلب جهدا كبيرا من الاطراف المتفاوضة وصبر وعزيمة ورغبة حقيقية في احداث السلام”.
ودعا جميع الأطراف المتفاوضة للتنازل عن متطلباتها التي تعيق سير المحادثات لضمان دخول الجميع في العملية دون اقصاء وعدم تحقيق السلام الجزئي، كما فعلت حكومة النظام البائد والذي بدوره اعاد انتاج الازمة”.وأعرب الجميل عن تفائلة بتحقيق السلام وشدد على التحلي بالصبر وبذل الجهود للوصول لسلام عادل يرضي جميع الاطراف.
ويتطلع السودانيون الى توقيع اتفاق سلام شامل ينهي عقودا من الحروب الداخلية، ويشكل ذلك أحد المطالب الرئيسية لثورة ديسمبر التي أسقطت اطول فتىة حكم دكتاتوري مر على البلاد بقيادة المعزول عمر البشير.
إلى جانب أنه مطلب شعبي، فإن الدوائر السياسية تنتظر التوصل إلى سلام من أجل استكمال هياكل السلطة الانتقالية، بتشكيل المجلس التشريعي وتعيين حكام مدنيين للولايات، واللذين تم إرجاؤهما بموجب اتفاق مع الحركات المسلحة.
وحتى تم توقيع اتفاق سلام اطاري مع الحركة الشعبية جناح مالك عقار، وتقدم نسبي في مسار دارفور، بينما تم توقيع سلام نهائي مع مسارات الشرق، الشمال ، والوسط، وهي اوزان سياسية متواضعة وفق مراقبيين.
وفي المقابل، لم يشأ احداث اي تقدم مع الحركة الشعبية قيادة عبدالعزيز الحلو، بإستثناء اتفاق اعلان المبادئ، نسبة لتمسك الاخير بموقفه التفاوضي والذي يقضي بعلمانية الدولة او تقرير المصير لمنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، الشي الذي رفضته السلطة الانتقالية.