النيل الابيض _ سلاميديا
إلى وقت قريب، كانت عمليات التهريب المختلفة في السودان حكرا على الرجال، لكن تغلبات الحياة دفعت بعض الكنداكات لإقتحام هذا المجال بقوة في مغامرات مشهودة على الشريط الحدودي بين دولتي السودان، وجنوب السودان.
ومنذ أشهر نشطت مجموعات نسوية سودانية في تهريب السلع والبضائع والمؤن الغذائية والاثاثات والملبوسات والوقود إلى دولة جنوب السودان، وفق مصادر واسعة الاطلاع بمكافحة التهريب.
وبحسب ذات المصادر، تنشط هؤلاء النسوة في مناطق حدودية متاخمة لولاية النيل الأبيض، بينها جودة والكيلو 4 والجبلين، وتعتبر هذه المناطق ملاذا آمنا لعدد من المهربات والمهربين نسبة لقربها من دولة جنوب السودان وبيئتها الملائمة لمثل هذه العمليات.
وتتكون الشبكة النسوية من عدد كبير من النساء انقسمن الى مجموعات اصغر تتكون من عشرة الى خمسة عشر امرأة يتحركن بطريقة منظمة ومرتب لها بعد الاتفاق فيما بينهن.
ويرى مهتمون أن عمليات التهريب على الحدود بين السودان وجنوب السودان نشطت بعد اغلاق الحدود ووقف التجارة الحدودية وهو ما شجع هذه الشبكات على توسعت نشاطها المربح.
وانفصل جنوب السودان عن السودان في العام 2011م بموجب استفتاء شعبي أقرته إتفاقية نيفاشا للسلام الشامل بين حكومة المخلوع عمر البشير والحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة الراحل جون قرن، والتي انهت اطول حرب أهلية في افريقيا. واعقب الانفصال توتر في العلاقات الثنائية بين الخرطوم وجوبا الشي الذي ادى لاغلاق الحدود.
وتقول “ازاهر” وهي احد المهربات، ورفض ذكر اسمها كاملا إنها أم لسبعة أطفال وان الضائقة الاقتصادية التي حدثت فب البلاد هي السبب الأساسي لتورطها في مثل هذه الاعمال”.
وتضيف اذاهر خلال حديثها “لسلاميديا” “مجموعتنا تتكون من خمسة عشر تاجرة نتواصل عن طريق الهاتف لتحديد مواعد رحلات الذهاب والاياب ومناطق التلاقي”.
وتبعد مناطق انشطة التهريب كيلومترات معدودة عن مناطق السكن والقرى وعادة تضم فرقان وكيلوهات تسكن بها بعض القبائل بحسب ازاهر.
وتروي ازاهر مغامراتهن في تهريب البضائع متباهية بحزاقتها في الافلات من نقاط التفتيش والتي لم تعد مخيفة بالنسبة لهن الآن”.
وقالت “نشتري البضائع من ربك او الجبلين حسب طلبات المشترين التي اخطرونا بها مسبقا، ونقوم بترحيلها لمنطقة كيلو اربعة، وكنا سابقا نقوم بالمبيت في احدى القرى لكن بعد ان عقدنا اتفاقا مع صاحب عربة لترحيلنا اصبحنا نذهب ونعود في نفس اليوم”.
فيما تحكي رفيقتها المطلقة والأم لخمسة اطفال والتي فضلت حجب اسمها، جزاء من تراجيديا المغامرات النسوية على الحدود، مؤكدة عدم وجود رقابة في الشارع انهن ولا يتعرضن لاي عمليات تفتيش او ضرائب او رسوم جمركية او حتى رشاوى الا لعمليات تهريب الجاز والبنزين”.
وتقول المتحدثة في تصريحاتها ل “سلاميديا” “توجد منا نساء متفرغات لتهريب الجاز والبنزين ويتحصلن عليه من المركبات التي تنتظر في صفوف البنزين، والذي يتم تفريقه في “جالونات”.
وتضيف “هؤلاء النسوة يتحصلن على ربح عالي جدا مقارنة بتجار الاثاثات والملابس الرسميين”.
كما اشارات الى وجود معابر اخرى غير جودة تسمى المعابر الغربية والتي تكون فيها عمليات التهريب اسهل ولا يتفاضل فيها البائع والمشتري على سعر محدد بل يدفع المشتري ما يطلبة البائع مهما كانت قيمته”.
وتروي البائعات مغامراتهن بنوع من الاحتفاء لكونهن يعتبرن ما يقومن به انجاز كبير مكنهن شراء الذهب والاثاثات وتوفير حياة كريمة لطفالهن وضمان تعليم بعد فشل الازواج في تحقيق ما كن يتطلعن له”.
وتتفائل المهربة “تهاني” بموسم رابح في رمضان المقبل لوجود عدد كبير من الجنوبين الذين ينون الاستعداد لصوم رمضان والاعياد المصاحبة له.
وقالت تهاني التي فضلت عدم ذكر اسمها كاملا خلال حديثها ل”سلاميديا” “الارباح ستزيد خلال الاشهر القادمة وسيزيد الطلب على بعض السلع البلدية والمجففة والتي نتقاضي عليها اسعار كبيرة مقارنة بالسلع التي تتوفر في السوق”.
ويرى مراقبون أن عمليات التهريب بكافة انواعها تهلك اقتصاد السودان، وأن ما فرضته الميزانية برفع الدعم عن بعض السلع والوقود كان صائب للغاية.
الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الناير وصى بتفعيل الرقابة على الحدود وفرض امن الدولة على الحدود ووقف التهريب بكافة انواعة بغض النظر عن الحالة الاجتماعية للمهرب، مشيرا الى ان الوقود والسلع التي تهرب هي سلع مدعومة من الحكومة السودانية.
وشدد الناير خلال حديث لسلاميديا، على ضرورة توفير فرص عمل لهؤلاء النسوة اضافة الى توفير ورش للتدريب وأستيعابهن في المصانع والاشغال اليدوية وتوفير فرص اكبر لهن في التمويل الاصغر.