تقرير: علاءالدين بابكر
استدعت منظمة الردوم الخيرية، ذاكرة التاريخ المنسية في سلة المهملات بكل آلامها ومرارتها وأحيت ذكري خراب ” كفيا كنجي” التابعة لولاية جنوب دارفور بعد مرور “88” عام علي تخريبها وحرقها بواسطة الانجليز في العام “1930”
والتي أُسندت مهمة حرقها للخواجة “بورنك” ودواعي حرق المنطقة كما سردها المهندس صالح مصطفي في الندوة التي نظمتها منظمة الردوم بمنبر طيبة برس ، تحت عنوان “خراب كفيا كنجي” جريمة انسانية لن تسقط بالتقادم” مبيناً ان معرفة الانجليز بقيمة المنطقة وماتزخر به من موارد طبيعية و اقتصادية ضخمة وفي مقدمتها الذهب والنحاس والارض البكر والخصبة والمناخ الاستوائي والثروة الغابية ، هي التي دفعت المستعمر لعزل المنطقة من السودان الشمالي تماشياً مع سياسة المناطق المقفولة، وحاولت إلحاقها بالجنوب قسراً لان سكانها من غير العرب ويحملون الثقافة العربية الاسلامية و “كفيا كنجي” لوحدها بها “45” تقابة قران، ويضيف صالح هذا الامر نبه الانجليز الي خطورة الامر وبوعيهم التخريبي المبكر اعتقدو ان “كفيا كنجي” ممكن ان تكون منبر اشعاع ديني لنشر الثقافة العربية الاسلامية في منطقة افريقيا الوسطي وجنوب السودان مما يؤدي الي افشال مخطط سياسية المناطق المقفولة لان سكانها من ذات القبائل المشتركة بين الشمال والجنوب فضلاً عن ان المنطقة تمثل مركز تجاري كبير يربط بين القادمين من افريقيا الوسطي وجنوب السودان وشماله.
وللتصدي لهذا المد الاسلامي العربي فتح الانجليز عدد من الكنائس بالمنطقة وقاوم السكان المحلين عملية فتح الكنائس وتمسكوا بالثقافة العربية الاسلامية ،و لم يتركوا خيار امام الانجليز سوي تخريبها وتدميرها بالكامل والانتهاء من خطر امتدادتها الي الجنوب ، لذلك قاموا بحرق كل المساكن والمزارع والماشية ومدخرات الاهالي من المؤن، وقتل علي إثرها اكثر من الفين نسمة من الاطفال والنساء والشيوخ وحدثت حركة نزوح واسعة من المنطقة ،تأسست علي انقاضها منطقة الردوم الحالية بعد الهجرة القسرية من كفيا كنجي.
وبالرجوع الي الموقع الجغرافي للمنطقة نجدها تقع في الجزء الجنوبي الغربي من ولاية جتوب دارفور وتقدر مساحتها الكلية حوالي 12.500كلم2 وتتبع ادارياً لمحلية الردوم وتحدها من الغرب دولة افريقيا الوسطي ومن الجنوب ولاية غرب بحر الغزال الجنوب سودانية.
وتتميز المنطقة بالمناخ الاستوائي والامطار الغزيرة في الفترة مابين مايو واكتوبر بالاضافة الي طقس معتدل معظم العام وتخللها غابات ووديان وحشائش مطروحة علي أرض واسعة وخصبة .
ومن ناحيته قال الاستاذ جمعة حسين عبدالله ان كفيا كنجي منطقة ذات حضارة ضاربة الجزور في اعماق التاريخ لكنه تأسف الي ان المنطقة لم تجد حظها من التدوين والتوثيق واهتمامات الباحثين وعلماء التاريخ إلا في نطاق ضيق واشار جمعة الي محاولات بعض الرحالة إلا ان الظروف الطبيعية حالت دون الوصول الي المنطقة واكتفوا بأخذ المعلومات من عن طريق سلاطين الفاشر ومعاونيهم وان المعلومات التي تصلهم عن طريق المناولة غير دقيقة ومن هولاء الرحالة التونسي في كتابه تشحيذ الاذهان ، واضاف جمعة يتألف سكان المنطقة من مختلف الكيانات الاجتماعية والثقافية كعادة مناطق ومدن السودان الاخري ويقدر عدد سكانها 27.000 نسمة.
وقطع جمعة ان السبب الاساسي لتخريب كفيا كنجا هي الثقافة العربية الاسلامية التي يحملها اهل المنطقة وتتنافض كلياً مع السياسة البريطانية التي تسعي لخلق جدار عازل بين الشمال العربي والجنوب الافريقي ، بجانب اذدهار المنطقة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ورفض الاهالي لاقامة كنيسة في بالمنطقة هذه الاسباب وغيرها عجلت بخراب كفيا كنجي.
ومن ناحيته قال الاستاذ ابراهيم عبدالقادر مدير منظمة الردوم الخيرية ان خراب كفيا كنجي جريمة مكتملة الاركان ولا تسقط بالتقادم ومن حق أي فرد من ابناء المنطقة رفع دعوي قضائية ضد الحكومة البريطانية للمطالبة بالتعويض في الارواح التي زحقت والممتلكات التي اتلفت.
وتعد محاولة منظمة الردوم لاحياء ذكري خراب منطقة كفيا كنجي بمثابة إلقاء حجر في بركة ساكنة لتنبيه السودانين بفداحة جريمة أرتكبها المستعمر واهمل ذكرها التاريخ الوطني لكن مازالت المنطقة محافظة علي بريقها واهميتها لوجود حفرة النحاس في باطنها ومحاولات الجيران لضمها إليهم.