الخرطوم:سلام ميديا
امنية ربما لم تكن الاخيرة ولكنها يبدو انها كانت الاقرب للقلب وهي الاستقرار مع بنتها “نفيسة”.فقد اسر الينا احد المقربين جدا اليها بانها اولت اهتمام غير عادي لملف السلام والحركات المسلحة وسعت سعيا حثيثا لرفع اسم السودان من الدول الراعية للارهاب مما جعلها تسعى لتحسين صورة السودان خارجيا . ويقول محدثي “اذكر انها قالت لي انا بعد اعمل دي حامشي ارتاح واقعد مع بتي”. المستشارة نجوي قدح الدم عندما قالت عبارتها تلك لم تكن تدري بان هذا اخر شهر صيام سوف تقضيه وسط اهلها ومحبيها خاصة وانه اول شهر تصومه بالسودان منذ عام١٩٩٢م.فقد كان لرمضان هذا العام نكهة مختلفة بالنسبة لها .فالرحيل المفاجيء حال دونها ودون تحقيق تلك الامنية وذلك بعد أن هزمها فيروس كورونا وهي التي عرفت بين كل المقربين لها بانها لا تعرف الخسارة لتنتقل روحها الي بارئها باحدي مشافي الخرطوم لترحل نجوي مخلفة عدد من الملفات الهامة دون أن تطوي صفحاتها.
من هي نجوي:
والدها عباس قدح الدم كبير اسرة قدح الدم بالعباسية وامام جامع الاسرة العريقة.والدتها نفيسة سالم وخالتها مربية الاجيال عبر برنامج”جنة الاطفال”.
تحمل نجوي الجنسية الالمانية جنسية زوجها عالم الطاقة الشمسية والمرجع فيها علي مستوي العالم احمد نورمان ولديها بنت إسمتها علي والدتها “نفيسة”.
اقرب صديقاتها فهن نجلاء الرفاعي ود/مريم الصادق.
تعتبر الفقيدة نجوي قدح الدم مثال للنجاح يحسب للمراة السودانية فقد تقلدت ارفع المناصب الدستورية كأمراة سودانية خارج بلادها الا وهي كبير مستشاري الرئيس اليوغندي يوري مسيفيني منذ عام 2016م كما وعملت بالامم المتحدة بمقرها الرئيسي بفينا قرابة 12 عام وقدمت من خلالها مساعدات لعدد من الدول منها الاردن وفلسطين ويوغندا والسودان وغيرها.بجانب التحاقها بوكالة ناسا كأعتى مؤسسة فضائية في اوائل عملها وعينت سفيرة في ادارة الرئيس المخلوع عمر البشير ولمع اسمها حينما سجل الرئيس اليوغندي يوري موسفيني زيارة مفاجأة الي الخرطوم اسهمت في اعادة العلاقات السودانية اليوغندية بعد جفوة طويلة ولعبت الدور الاساسي لتلك الزيارة حيث لعبت دوراً في الوساطة بين الخرطوم وكمبالا . والمرأة ذات الجذور الأمدرمانية تملك مفاتيح قصر موسفيني في كمبالا وتحظي بتقدير واحترام في عددٍ من الدول.كما انها تعمل مستشارا للسياسة والعلاقات الخارجية لرئيس مجلس السيادة الحالي.
وادارات ملفات في غاية التعقيد منها انجاح السلام بجنوب السودان وملف اسرى الحرب بيوغندا واولت اهتمام غير عادي لملف السلام والحركات المسلحة وسعت سعيا حثيثا لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب مما جعلها تسعى لتحسين صورة السودان خارجيا.
مراحلها التعليمية:
تلقت تعليمها الابتدائي بمدرستي التمرين والشاطئ بكلية المعلمات العريقة، مدرسة الشاطئ الثانوية العامة النموذجية، ثم مدرسة ام درمان الثانوية العليا للبنات واختارت المساق العلمي رياضيات ليتم قبولها بجامعة الخرطوم بكلية الهندسة قسم الهندسة الميكانيكية وتخرجت بتفوق فتم تعيينها مساعدة تدريس بكلية الهندسة بالجامعة ثم اختيرت من قسم الهندسة الميكانيكية لبعثة لعمل ماجستير في الطاقة الشمسية بألمانيا.
إمرأة غير إعتيادية
يقول عنها ابن شقيقتها والمقرب منها د/ احمد محمد صالح ل(سلام ميديا). انها امرأة غير عادية عملت في صمت ورحلت في صمت .فقد ملكت قلوب الجميع ببسمتها الساحرة التي كسرت كل نظريات الميكانيكا وكل قواعد الدبلوماسية و أرست تنمية إيجابية مستدامة في قلوب كل من عرفها حقا.وكانت تعتبر كل شخص اقرب اليها.
ويمضي احمد قائلا أن نجوي كانت مثال للشخص الحبوب علي الرغم من إختلاف علاقاتها من اقصى اليمين الي اقصى اليسار وكانت الرمانة للجميع.و يقسم احمد بانه لم يري هكذا قبول لشخص في الدنيا، “كاريزما تجذبك حتى ولو مختلف معها”.ويقول : يبدو ان تلك البساطة والتواضع وذلك البساط الاحمدي للجميع هو السبب، مثال للتفاني والاخلاص في العمل .ويشير الي انه كان يلقبها ب(امرأة ال3 ابوشن التي تخطط وتنفذ وتشرف).
ويسترجع بزاكرته قليلا ليقول : اذكر انها سافرت بين السودان ويوغندا في غضون اربعة ايام اربع مرات ، مشيرا الي شغفها في ان تحمل اسم والدها المرحوم عباس قدح الدم ويضيف لم تعلم ان المرحوم الان في غاية الرضا لما قدمته، ويواصل بان نجوي لم تذق طعم للراحة في دنيتها فقد سخرت نفسها لخدمة الناس، ولم تعلم الخسارة في حياتها البتة ومكافحة لابعد درجة.و يواصل فرغم مرضها الاخير فقد كنت على يقين انها ستتجاوزه من خلال ما مرت به في حياتها من مشقة وامراض اصعب من هذه الكرونا الا انه كذبني .
سوانية الاصل
ويزكر احمد برها باهلها وعشيرتها واصدقائها ويقول سبحان الله رغم تشرق الفقيدة و تغربها واحتكاكها بعدد من الثقافات فقد كانت سودانوية الاصل في اي زمان. وكانت ذات خلق واخلاق ودين وذاكره لله سبحانه وتعالى عند كل كبيرة وصغيرة وكثيرة الارتباط والاهتمام بمسجد الشيخ احمد محمد قدح الدم كما واقامت واشرفت على بناء خلوة المرحوم والدها عباس قدح الدم نسال الله ان تكتمل ويتمم ما كانت تصبو اليه .
جمعت بين الدارين
ويشهد احمد بانها من مداومي قراءة سورة الكهف عند الجمعة.و يقول اذكر في ذات مرة اني كنت اقودها لاجتماع طارئ في يوم جمعة وقد تأخرنا فطلبت مني التوقف على جانب الطريق لتقرأ سورة الكهف قبل زوال الشمس قلت ليها “يا نجوى استهدي بالله فضل ربع ساعة على الاجتماع واحنا بعيدين”. فقالت “والله ما بخش كان ما قريتها” .ويقول انا اشهد انها معطأة كما انني كنت مرسالها دائما وابدا لاقاسمها الاجر عملت لدنياها كانها تعيش ابدا وعملت لاخرتها كأنها تموت غدا.و يضيف قبل حلول رمضان هذا العام قامت بتوزيع”اكياس الصائم”بعربتها وتكفلت ببعض الاسر ودراسة ابنائهم.
وعن بداية إصابتها بالمرض يقول منذ اليوم الثاني عشر من رمضان اصيبت بالتهاب في البول وارتفاع في السكري وتم علاجها .وكانت تعاني من الآم في الصدر فتم عمل صورة اشعة لها . ويقول ثم اجراء فحص الكرونا ومن ثم تدهورت حالتها.
اما اقرب صديقاتها فهن نجلاء الرفاعي ود/مريم الصادق.
ويشير احمد لمقدرة نجوي لادارة ملفات في غاية التعقيد منها انجاح السلام بجنوب السودان وملف اسرى الحرب بيوغندا واوليت اهتمام غير عادي لملف السلام والحركات المسلحة وسعت سعيا حثيثا لرفع اسم السودان من الدول الراعية للارهاب مما جعلها تسعى لتحسين صورة السودان خارجيا اذكر انها قالت لي “انا بعد اعمل دي حامشي ارتاح واقعد مع بتي” ويقول سبحان الله امر الله كان اسرع ولاننسى عملها الكبير في النهوض باستثمار دولة يوغندا ولا شك ان يوغندا وموسفيني اشد حزنا على نجوى مما قدمته لهم.
ويقول أن الفقيدة كانت بارة باهلها وعشيرتها واصدقائها فكانت بمثابة العون لهم واي شخص يعلمها يقرأ الان انا على يقين انها ساعدته يوما ما حتى اخر ايامها كان خيرا ونحتسب انها حسن خاتمة باذن الله ونسال الله ان يكون هذا شفيعا لها امام الله.
إنسانية متجردة
وبحسب ماسطره جعفر بانقا من مجموعة السائحون حول بداية العلاقة الابوية مابين قدح الدم والرئيس اليوغندي يوري موسفني ومنها شخصيا من خلال عضويتها وفعاليتها في إحدي المنظمات الغربية التي تعمل وسط معسكرات النازحين بشمال يوغندا بهمة الشباب الوثاب وروح الدين الإسلامي (الصدق والإخلاص والتجرد) ما جعلها محبوبة وسط النازحين وموثوقة لدي المنظمة ومرصودة لدي المخابرات اليوغندية وعلامة تعجب كبيرة لدي الرئيس اليوغندي يوري موسفني في ظل الحرب والتوتر بين السودان ويوغندا ..
وأشار بانقا بان موسفيني توصل الي قناعة أنها لا تمثل إلا منظمتها الغربية ولا تعمل إلا لوجه الله والإنسانية وليس لديها أي ارتباط سياسي أو أمني بالسودان .الامر الذي جعله يتخذها إبنة ومستشارة له وقيمة علي جميع معسكرات النازحين و وجه كل وزاراته وإداراته بدعمها بلا حدود. وهي بدورها لم تخيب ظنه خاصة حين تولت ملف الإيدز الذي فتك بيوغندا حيث إستطاعت بعلاقاتها بالمنظمات العالمية الخروج بيوغندا معافاة من ذلك الداء اللعين في بضع سنين ..
زاكرة التاريخ
ويضيف بان نجوى سيحفظ لها التاريخ مهما قيل في حقها سلبا أو إيجابا أنها في زمن المتاجرة بالوطن وبيعه في سوق النخاسة العالمي من قبل شذاذ الآفاق وأدعياء النضال الكذوب وصناع المآسي الإنسانية وكلاب الصهيونية وعملاء المخابرات العالمية عبر التقارير المضروبة والفديوهات المفبركة .. أنها كانت مهمومة بتحسين صورة السودان في المحافل الدولية والإقليمية خاصة مع يوغندا حتي نجحت في المصالحة التاريخية بين الرئيسين البشير وموسفني بعد سنوات من العداوة والبغضاء .فضلا علي انها جاءت بالرئيس موسفني للخرطوم مصالحا ومتبرأ من محكمة الجنايات وداعيا الأفارقة لإدانتها والخروج منها بعد أن كان أشد الناس عداوة للرئيس البشير وأكثرهم مطالبة بتسليمه للمحكمة الجنائية .
ويضيف لقد كانت بالحق زيارة لها ما بعدها والتي ردها الرئيس البشير بأحسن منها ليوغندا رغم التوجس الكبير وخوف أكثر الناس أن يكون رد الزيارة شركا للإيقاع بالرئيس البشير وتسليمه للمحكمة الجنائية ..
وطنية متجردة
ويترحم بانقا علي نجوي قدح الدم زاكرا حبها لوطنها ومساعيها الحثيثة مع كثير من الدول والمؤسسات العالمية للدفاع عنه وتجسير علاقاته مع الآخرين سواء إختلف البعض معها أو إتفق إلا أنها كانت وطنية غير ملتزمة بحزب مع حشمة في المظهر وقوة في الحجة وصدقا في التوجه لخدمة بلدها ..
خادمة بلادها
فيما قال عنها علي منصور في عموده الحصة وطن أن نجوي قدمت نفسها لحكومة بلادها السودان (كخادمة) ووسيط وامرأة محسنة لا تنتظر مقابلاً مالياً.و أشار الي قيامها بأدوار غامضة طيلة مسيرتها لاسيما في السنوات الأخيرة اخرها مشاركتها في هندسة اللقاء الذي جرى مطلع فبراير الماضي بين رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مدينة عنتبي الأوغندية وكانت كذلك ضمن من حضر اللقاء والوحيدة التي ظهرت صورها وهي تصافح نتنياهو لكنها نفت بان لها دور في لقاء برهان نتنياهو واختتم علي عموده بان نجوي رحلت لتدفن معها اسرار مهمة.
ولم يغفل علي في عموده من التطرق لتاريخ اسرتها الذي يرجع الي محمد قدح الدم شيخ قبيلة الفلاته بالفاشر عام (١٩١٧) و قصة عودة الامير احمد قدح الدم ناظر قبيلة الفلاته عقب منع كتشنر الصلاة في مسجد الخليفة الى مكان المسجد المسمي باسمه بحي العباسية العريق في ام درمان العاصمة الوطنية السودانية وهو عائد من معركة كرري وسيفه مضرجاً بدماء الأعداء فزغردت له نساء أمدرمان وأطلقوا عليه لقب قدح الدم بعد ان كان اسمه احمد قدح العشا .فاسس مسجده الذي يعتبر أول مسجد في مدينة أم درمان صُلِّيت فيه الجمعة عقب معركة كرري وسقوط أمدرمان.
الإختراق الاصعب
ووصفها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بالشجاعة والتفرد وبعد النظر والتقدير الصحيح لمصلحة بلادها، وقال إنها أوشكت على إحداث الاختراق الأصعب بالوصول الى تطبيع كامل للعلاقات بين الخرطوم وتل أبيب، وفق “سودان تربيون”.
وأجرى نتنياهو اتصالا هاتفيا بزوج الراحلة البروفيسور الألماني أحمد نورمان ناقلا اليه التعازي قائلا إن الراحلة بمساعيها وحركتها المكوكية في العالم من أجل وطنها السودان كانت على وشك “إحداث اختراقات كبيرة في كثير من الملفات المهمة وعلى رأسها الملف الأصعب وهو تطبيع العلاقات بين السودان وإسرائيل”.
وقال نتنياهو في مكالمته بحسب نورمان أنه لم يجد امرأة او رجل في العالم العربي يمتلك الشجاعة والجدية اللتان تمتعت بهما الراحلة قدح الدم ووصفها بالتفرد وبعد النظر والمعرفة العميقة لمصلحة بلادها وكيفية خدمتها عبر المساعدة في تطبيع علاقاتها مع إسرائيل لأنها رأت في ذلك الخير والنماء معربا عن حزنه العميق لفقدها في هذا التوقيت.