الخرطوم :سلام ميديا

عقدت قيادة قطر السودان لحزب البعث العربي الاشتراكي اجتماعها الدوري، منتصف الأسبوع الجاري، حيث حيا في مستهله، ذكرى شهداء ٣ يونيو، وترحم على أرواحهم، متمنياً عودة المفقودين إلى ذويهم. وأكد الاجتماع على حتمية القصاص وتحقيق العدالة لضحايا المجزرة، التزاماً بمبادئ الثورة وأهدافها، والتي تشكل العدالة أحد أركانها الثلاثة.
استمع الاجتماع إلى تقرير حول لقاء وفد الحزب برئيس الوزراء، والذي قدم فيه الوفد رؤية حزب البعث العربي الاشتراكي لمعالجة جملة من القضايا التي تواجهها الحكومة راهناً. وتناول الاجتماع بالنقاش المحاور المدرجة على اجندته، وكما يلي:

١/ أمن الاجتماع، في محور العلاقات الخارجية، على ضرورة أن تنطلق العلاقات الخارجية من رؤية استراتيجية شاملة، توازن تعبيراتها بين المصالح والقيم العليا لشعب السودان، ومواقفه الواضحة من التحديات التي تواجه السودان، والأمن القومي والاقليمي، سيما انعكاسات التدخل الإيراني والتركي في كلٍ من اليمن وليبيا، والمعبرة عن الطموحات التوسعية، والتي بحكم تجربتيهما، التاريخية والآنية، لن تتوقف في الإطار الجغرافي الحالي، بقدر ما يشكل التدخل الماثل منطلقاً توسعياً، يهدد أمن السودان واستقراره. وأكد الاجتماع على أهمية تعيين موقف السودان وبوضوح في مواجهة مخطط إيران الجاري في اليمن وغطائه الحوثي الذي يسعى للعودة باليمن إلى نظام الحكم المستبد المستمد من التفويض والحق الإلهي، الذي تجاوزته البشرية، وتجاوز آثار التعبئة التي خلفها الموقف من النظام السابق، وموقفه الانتهازي، في قضية مبدئية كما وصفه بيان للحزب في حينها. وحذر الاجتماع، كذلك، من خطورة تشظي اليمن، إثر تصدع تحالف إعادة الشرعية، وأكد على ضرورة استعادة الوحدة الوطنية، عبر الحوار الوطني المتعدد الأطراف. ونوه الاجتماع، إلى أهمية الوقوف في صف الموقف الوطني الليبي في مواجهة التغلغل التركي، الذي توسع بعد السيطرة على أراضي في العراق وسوريا إلى ليبيا، ودون إسقاط مسعى إقامة قواعد على شواطئ البحر الأحمر، وذلك بتجاوز المفهوم السلبي للحياد، وانتظار النتائج المحتملة حتى تقع. فما يجري في اليمن وفي ليبيا خطوات متقدمة للتأثير في مجريات حاضر ومستقبل السودان.

واستفاض الاجتماع بالاستعراض والتحليل لما يجري على الحدود السودانية الاثيوبية، وخلص إلى عدم عزله من نظرة دول الجوار والدول الأخرى لأوضاع السودان المثقلة بتركة وتخريب النظام السابق، وفي ظل حكم انتقالي، واعتبارها ظرفاً مؤاتياً لتحريك طموحاتها وأجندتها القديمة، وبالتعقيدات المحيطة بسد النهضة، وبالتوجهات الاثيوبية التاريخية تجاه الأراضي الغربية الخصبة حتى تخوم نهر عطبرة، والتي وظفت توجهات النظام السابق، في الانتقال من استخدام مساحات واسعة من الأراضي السودانية للزراعة إلى توجه استيطاني معزز بالمنشآت المدنية والعسكرية. هذا، وقد دعت قيادة القطر إلى التعامل بجدية وحزم مع الوضع، والسعي الجاد من أجل إبجاد حل يؤمن الأمن والاستقرار والتبادل على قاعدة المصالح المشتركة، والإقرار بسيادة السودان على أراضيه بالطرق الدبلوماسية الثنائية، وعبر منظمة الوحدة الأفريقية والأمم المتحدة.

٢/ وفي محور السلام، وقف الاجتماع على تطورات الحوار من أجل السلام، وأكد على ضرورة إعادة تقييم كافة الجهود التي بُذلت، للإنطلاق وفق رؤية وخطة، للوصول إلى تفاهمات مع كافة فصائل العمل المسلح، لوقف نهائي للحرب، والدخول في خطوات بناء السلام كمهمة وطنية بمشاركة كافة فصائل العمل الوطني وأصحاب الشأن المتأثرين بالنتائج المباشرة وغير المباشرة للحرب، وبتجاوز حالة تشتيت الجهود بمسمى المسارات، وإعادة تقييم الاتفاقات التي أُبرمت، والإسراع في استكمال هياكل الحكم الانتقالي سيما الولاة، المؤسسة التشريعية، والمفوضيات، بعد أن اتضح جلياً مخاطر الفراغ الناجم من تغييبها ومدى استفادة قوى الثورة المضادة منه وزيادة المعاناة وافتعال الأزمات.

٣/ توقع الاجتماع، على الصعيد الاقتصادي العالمي، اقتصاد جديد ما بعد جائحة كورونا، والذي ستكون تأثيراته العظمى على الاقتصاديات الكبرى، ببروز اتجاه نمط الاقتصاد المختلط (القطاع العام والقطاع الخاص) الذي طبّقته تجربة الحكم الوطني في العراق مطلع السبعينات، وقطعت الصين لاحقاً شوطاً واسعاً فيه. وتراجع مفهوم (حيادية الدولة)، مع اتباع سياسات توسعية بآثار تضخمية. وهو ما يلقي بتأثيرات متفاوتة على اقتصاديات بلدان العالم الثالث ومنها السودان.
وعلى ضوء ذلك وجه الاجتماع اللجنة الاقتصادية برصد هذه التطورات، وتقديم رؤى وسياسات بديلة تساهم في تعميق الوعي وتشكيل رأي عام وطني واسع، داعم لتبنيها من قبل السلطة الانتقالية بتأهيل المشاريع الوطنية ومؤسسات القطاع العام، وتكوين شركات مساهمة عامة في قطاعات التعدين والمحاصيل الزراعية والبستانية والثروة الحيوانية، والبدء في مشاريع إضافة سلسلة القيمة المضافة على المنتجات، بهدف الاكتفاء الذاتي وإحلال الواردات وتعظيم موارد النقد الأجنبي، لمجابهة حدة الفقر، وخفض مناسيب البطالة والتضخم، وتقوية القوة الشرائية للجنيه، والإسراع في إنشاء البورصات ومكافحة التهريب.

كما أمن الاجتماع على بذل الجهود وتبني المواقف الواضحة، لتعزيز وتطوير العلاقات التاريخية الاقتصادية بكل من مصر والإمارات والسعودية والحصول على بقية الدعم الذي أُعلن عنه. ودعا الاجتماع إلى التحضير المبكر لإنجاح الموسم الزراعي الصيفي وتجهيزات مواجهة الخريف والسيول. وأشاد الاجتماع بخطوة الحكومة، بزيادة الأجور، باعتبارها، مطلباً تصدر مطالب تجمع المهنيين، قبل الثورة، وأكد أهمية إحاطة هذا الإنجاز باجراءات إضافية، لحمايته،، بالسيطرة على الغلاء، وخفض التضخم، ودعم السلع الأساسية الأحدى عشر، وتشجيع قيام التعاونيات الاستهلاكية، وتأهيل المشاريع العامة. وحذر من أن يكون قرار زيادة الأجور، مقدمة لتعويم العملة أو رفع الدعم من الوقود، وغير ذلك من مفردات صندوق النقد والبنك الدوليين.

٤/ واستعرض الاجتماع التطورات الجارية في قوى الحرية والتغيير، والتوجهات الانقسامية في تجمع المهنيين، حيث أشار الاجتماع إلى ما يترتب على أي سلوك أو توجه، يصدر من أي فصيل أو مكون، حين يغلب تقديره الخاص، أو موقفه أو برنامجه الخاص، على الموقف العام وبرنامج الحد الأدنى. وتوصل الاجتماع إلى أن ذلك يؤدي إلى إضعاف من يتبنى ذلك أولاً، وإضعاف قوى الحرية والتغيير ثانياً، والنتيجة، بحسبانه إما غرق أو قفز فوق المرحلة، وتنكر لأهم مطلوبات المرحلة الانتقالية، التي تتطلب الحرص على وحدة قوى الحرية والتغيير وبذل الجهد الجماعي التفاعلي، داخل أطرها، لتأهيلها لتكون بمستوى واجبات المرحلة الوطنية، وأن تكون بالفعل (الحزب القائد) للفترة الانتقالية.
واعتبر الاجتماع ما جرى في تجمع المهنيين خطوة للوراء لا تخدم المرحلة ومهامها، وتصرف التجمع عن مهمته في بناء أطر نقابية ومهنية معبرة عن إرادة قواعدها، وبتمثيل نقابي ديمقراطي، بعيداً عن التجيير السياسي والصراع الايدلوجي، فلكل حزبه، والنقابة للجميع، إضافة إلى كونها خطوة باتجاه الانقسام والتكتل، وقفز فوق الأولويات بما فيها عقد المؤتمر التداولي، ومحاولة جر لجان المقاومة إلى مستنقع الانقسامات. ومجمل ذلك لا يتسق وطبيعة التجمع ومهام المرحلة. هذا وقد أكد الاجتماع على الدور المناط بحزب البعث العربي الاشتراكي، ومختلف تنظيماته، ببذل أقصى الجهود للتغلب على هذه التحديات، وبما يحافظ على فعالية ووحدة قوى الحرية والتغيير، وتجمع المهنيين ولجان المقاومة وتحصينها من أمراض وتوجهات الانقسام والأختراق.
كما حيا الاجتماع العاملين في القطاعين العام والخاص، والشباب والطلاب، وأكد على اهمية توسيع أطر تنظيماتها والحفاظ على وحدتها النضالية السلمية، وانبثاق اتحاداتها الطلابية على دستور التمثيل النسبي، وأن تناضل القيادات النقابية مع قواعدها، من أجل اجازة قانون النقابات، وبما يؤمن تشكيل نقابات معبرة عن سيرتها التي ظلت، وفي أحلك الظروف متمسكة بوحدتها وديمقراطيتها واستقلاليتها.

٥/ واستعرض الاجتماع عدد من التقارير، ووجه بانتظام اجتماع المستويات القيادية، وبالتقيد الصارم بقواعد التأمين الصحي.

المهندس عادل خلف الله
الناطق الرسمي لحزب البعث العربي الاشتراكي
٤/٦/٢٠٢٠