ضل الحراز

بقلم/ علي منصور حسب الله

حينما رفع اصحاب الصدليات في نيالا سعر الكمامة رفض الاقباط ان يفعلوا ذلك لانهم اثروا بان لا يتاجروا بمعاناة الناس كأنما اصحاب الصيدليات من المسلمين يعملون علي تشويه صورة الفقير والتشديد على إبراز ذله وهوانه وشدة حاجته فالتجارة بدموع الناس مؤسف لذلك نقول بان طائفة الاقباط عمل جليل وكتبت بمداد الانسانية عمل لن ينساه التاريخ ونيالا خلدت اسماء ليها ايقاع ووقع خاص من هذه الطائفة فمن لا يتذكر جورج كيعكاتي ومماكوس منغريوس والبير راغب الاخير دخل كل بيت من خلال مشروعاته الخيرية وفي مقدمتها المدرسة التي تحمل اسمه كانت نيالا بهية واجمل ما في مجتمعها سمات التسامح الديني والتعايش بين مكوناتها لدرجة ان المسيحي كامل دلالة كان من انشط اعضاء لجنة تشييد مسجد نيالا العتيق نعم لا تستغرب لجنة بناء مسجد فدرسة البير راغب امين التي شيدها البير من انجح المؤسسات التعليمية في نيالا والبير هذا واحد من ابناء نيالا البرره وعنوان للتفاعل بين المسيجيين والمسلمين التي هي سمة بارزة من سمات نيالا لذلك حينما تم اختطاف القس قبريال أنطوني قسيس كنيسة مريم العذراء الأرثوذكسية بمدينة نيالا تحركت نيالا كمجتمع المسلم يتقدم المسيحي حتي تم اعادة القس قبريال انطوي فهذا نتاج التسامح الديني وما قدمته طائفة الاقباط والمسيحيين علي السواء مما ساهم في ان يعيش في نيالا عشرات من طائفة الأقباط فيها منذ أكثر من (٧٠) عاما فانتشر الاقباط في مدينتهم ينطلقون منها ويذهبون إلى أماكن نائية وقري قريبة مثل قريضة كما فعل البير راغب وهناك يعملون ويتوادون ويتحابون وينشرون ثقافة المحبة والسلام في الأرض الطيبة من المعروف أن المسيحية جاءت من مصر إلى دارفور حيث حملها رهبان كنيسة الإسكندرية مروراً بدرب الأربعين ومنهم الأقباط ويذكر المؤرخون بأن الكنيسة اليعقوبية هي التي نشرت المسيحية في دارفور عبر التجار الأقباط الذين تركوا بصمات محبتهم للوطن في كل موقع اقتصاديا أقاموا أكبر معاصر الزيوت وتذكر نيالا حاضرة جنوب دارفور أسماءً لامعة ونجوماً مضيئة في سماء وطنهم ومدينتهم نيالا وعلى سبيل المثال كان الخواجة ماموكس منقريوس من اوائل المسيحيين السوريين الذين وفدوا الى نيالا ويقال ان له اصول يونانية كذلك زوجته وكان له بار مشهور في نيالا جوار قهوة دقوش القهوة الاشهر على مستوى المدينة فلم يتعرض ماماكوس الى اي مضايقات رغم تدين اهل دارفور المعروف الى ان توقفت البارات بعد تطبيق قوانين الشريعة الاسلامية في عهد نميري وكذلك جوزيف ووالده جورج كيعكاتي وجوزيف هذا انشا انجح شركة طيران خاصة في السودان الى ان اغتيل في ظروف غامضة في ايطاليا مطلع التسعينات القرن الماضي وله شقيق من ام سودانية لا زال يقيم في السودان واسمه يوسف ومن الاقباط الذين اصبحوا جزءا من تاريخنا ومن مجتمعنا سمير كيرلس وابن عمه ايميل و اديب علم الذي يعتبر من اشهر اصحاب مصانع الزيوت في السودان كما يعتبر البير راغب امين من اكبر الراسماليين على مستوى السودان وهو رجل عصامي صنع نفسه من الصفر فقد كان والده يملك حديقة غناء على ضفاف وادي برلي ومن الاقباط ايضا نعيم رياض وكانت له زوجة تسمى جوزفين وكانا من الاقباط الشرقيين الاقباط اقاموا أول مصنع لإنتاج الزيوت في عام (١٩٥٠) وكان شراكة بين يعقوب روماني، وأديب علم مكسيموس، وعيدو أمين
ويعتبر الاقباط اول من اقام التبادل التجاري بين نيالا وأفريقيا الوسطى وأسس معاصر للزيوت التي قامت على يد كثيرين منهم ماهر يوساب، هارفي يوساب، صليب صبحي وبعض الأقباط تاجروا ونجحوا في تصدير المحاصيل مثل ثروت جرجس، وزغلول كيرلس وأسعد يعقوب روماني، أما عياد حكيم جرجس فقد صار وكيلاً لمصانع أيوب للحديد والبوهيات، وعند أقباط نيالا كنيسة قبطية، خاصة بهم يخدمها الأب غبريال أنطوني ويشرف على إدارتها البير راغب صاحب المشاريع والذي أقام في نيالا مشاريع لم يقمها أحد قبله، فلقد شيَّد معصرة للزيوت، ومسلخاً كبيراً لتصدير اللحوم وأضاف البير راغب إلى مشاريعه الاقتصادية مشاريع روحية مثل بناء المدارس، وحفر الآبار وتوزيع الماء مجاناً على المواطنين وسبق البير راغب امين الحقوقية رجاء نيقولا عيسى عبد المسيح التي صارت العضو الحادي عشر المستقل في مجلس السيادة في اطار تمثيل الاقباط مما اعتبره الكثيرون أول مرة في تاريخ السودان يدخل المسيحيون الأقباط إلى مجلس سيادي لكن كموقع سيادي سبقها البير حينما تم تعينه مستشارا للوالي للشؤون الاقتصادية بولاية جنوب دارفور ونيالا استقبلت أقباط من أم درمان ومن الأبيض كما استقبلت حبيب يوسف من شندي وفي نيالا ازدهرت أعمال طلعت بخيب إيلياس وأيلياس نجيب وغيرهم وجميعهم لهم دور في نهضة نيالا فهذه الطائفة ساهمت بفعالية في بناء وتطور نيالا ولهم ايادي بيضاء علي اهلها خاصة البير فهو صاحب مبادرات في العمل الخيري اعمال لا تعتمد على تحقيق اي مردود مادي او ربحي بل يعتمد على تقديم مجموعة من الخدمات والمساعدات الانسانية للافراد والمحتاجين لهذه الخدمات اياً كان نوعها مادية او عينية او طبية وظل البير راغب هدفه من العمل الخيري هو تحقيق الخير والمساعدة ونشر ثقافة التكافل والتضامن الاجتماعي بين الافراد ووتعزيز دور القيم الدينية والاخلاقية فظل يساهم في نشر ثقافة التعاون بين الافراد لتحقيق مجتمع الكفاية وتأمين الاحتياجات الاساسية
البير له تأثير ايجابي ونفسي على الافراد وعلى الاسرة وعلى المجتمع لانه حافظ على اهم الاعمال الخيرية والتي يحث الدين عليها فمبادرات البير الخيرية لإنشاء مدارس جديدة وصيانة القديم كأنها تقول لن ننتظر الحكومة طالما نستطيع فعل ذلك يكفي ان مدرسة البير راغب الثانوية ظلت رقم كبير في مسيرة التعليم في الولاية