عمدان النور
حزب الأمة واللعب الاحترافي
محمد يوسف ابراهيم
Aboomam@yahoo.com
تعيين الولاة المدنيين كان ولازال مطلب اساسي لمكونات ثورة ديسمبر المجيدة وذلك اكمالا للمؤسسات المدنية المنشودة ، الجميع كان ينتظر ما تتمخض عنه اجراءات التعيين التي اخذت وقتا طويلا بسبب الخلافات وسط اجسام الحرية والتغيير الخرطوم والحرية والتغيير الجبهة الثورية ، حيث هددت الاخيرة بنسف المفاوضات حالما اصرت الخرطوم علي المضي قدما في اعلان الولاة المدنيين دون الجلوس معها ومشورتها ، مما حدا بكل الاطراف للجلوس معا للتوصل الي حلول مرضية تفضي الي تعيين الولاة وفعلا توافق الجميع المكون العسكري والخرطوم والجبهة الثورية علي ضرورة تكليف الولاة المدنيين المؤقتين الي حين التوصل الي اتفاق سلام دائم يتم التوقيع عليه في منبر جوبا ، لان جماهير الثورة ظلت تطالب باستكمال المؤسسات المدنية ، سيما وان الفترة الانتقالية تحتاج الي ترتيبات محددة وهذا لا يتأتي الا بوجود مؤسسات مدنية ، الغريب في الامر هو ان اجسام الثورة او تلك التي تكون الحرية والتغيير فاقدة للانسجام والتناغم والكل يتربص بالاخر ويتحين الفرص لتسديد ضربة قد تكون قاتلة للطرف الاخر ، ويبدو هذا واضحا مابين حزب الامة وبعض القوي السياسية الاخري ، خاصة بعد اعلان الاول تجميد نشاطه داخل المنظومة او حاضنة حكومة الثورة الانتقالية بحجة عدم الرضي بالممارسات التي تتم من وراء ظهره ، وكان لقرار التجميد الاثر السلبي البالغ وسط قوي الحرية والتغيير ، وكاد ان يشق صف الحلفاء المتشاكسون ، وبالرغم من الرجاءات الكثيرة لحزب الامة للبقاء كأحد اضلع الحرية والتغيير الا انه ظل مصرا علي موقفه ، وقد وصلت رسالته بصورة واضحة للحلفاء، لم ينتهي الامر هكذا ، انما ظلت الاطراف تبحث عن السانحة التي يمكن ان ترد فيها الضربة للسيد الامام وحزبه ، فكانت فرصة تعيين الولاة ، وما صاحب ذلك من تدابير دقيقة جدا وبذكاء خارق ، اراد بها المهندسون اعادة الرسالة لحزب الامة ولكن بطريقة مختلفة هذه المرة ، واقرأ فحوي الرسالة كالاتي ، اولا محاولة اظهار حزب الامة علي صورة التاجر الطماع الذي يحاول مكاوشة كل شئ وذلك باعطاءه عدد 6 من الولاة البالغ عددهم 18 واليا اي مايقارب النصف ، ولايمكن لحزب واحد ينال هذا القدر من حصص الولاة اذا ما كان الامر في الاصل فيه محاصصة ، وبالتأكيد هذا يتنافي مع ما تم الاتفاق عليه جملة وتفصيلا مع الجبهة الثورية ، وذلك بعدم اتباع المحاصصة في تعيين الولاة وان لا يكونوا حزبيين حزبية صارخة وان يتم مشاورة اهل الولايات في اختيارهم كذلك ان يكونوا ممن يشهد لهم بالكفاءة والنزاهة ، كذلك حوت الرسالة علي اشعال النيران واستعارها علي جسد حزب الامة ، وذلك باستنفار الشارع اوخروجه طواعية للتعبير عن رفضه للولاة المعينين ، خاصة ولاية غرب دارفور التي تشهد تطورات امنية خطيرة ، ربما ازدات وتيرتها اذا ماتم تعيين الوالي الجديد وربما خرجت بيانات او كتابات من هنا وهناك تعبر عن رفض تعيين الوالي الجديد ، واذا ماتم ذلك لربما ادي الي انقسام داخل الحزب بولاية غرب دارفور حسب المراقبون ، وهذه الفرضية مستعارة من اخر زيارة للسيد الامام للولاية وما صاحبها من اعمال شخب وتعبير عنيف عن رفض الزيارة ، كما وان هنالك انقسام في الاصل حادث وماثل وسط حزب الامة مابين المرشحين لمنصب الوالي الاستاذ محمد الدومة والامير تاج الدين بحرالدين ، علي اية حال هذه هي وضعية حزب الامة التي اراد بعض مكونات الحرية والتغيير استغلالها للرد عليه بعنف شديد ، اضافة الي تعبير الشارع ولا ادري ما ان كان التعبير تلقائي ام بفعل فاعل ، حزب الامة الذي يعتبر من اللاعبين المحترفين في مضمار السياسة السودانية ظل عصيا علي محاولات خصومه للنيل منه ، لانه يتمتع بتاريخ طويل في الممارسة السياسية ويدرك الاعيبها ويعرف كيف يتعامل معها ، وفعلا تمكن حزب الامام من افشال مخطط ربما ادير باحترافية عالية جدا لايقاعه في الفخ لكنه نجح تماما بعد اقل من 24 ساحة حيث درس الحزب مخرجات اعلان تعيين الولاة بصورة متأنية وربطها بتاريخه السياسي وبالتالي فاجأ الجميع باعلانه عن سحب مرشحيه بحجة عدم مشاورته في اختيارهم وفي ظني هذا قرار صائب جدا وموفق لان عدد الولاة لحزب واحد في ظل حكومة انتقالية يعتبر كبير جدا كذلك الحزب لا يضمن نجاح ممثليه في ظل هذا الوضع المعقد والانتقال العسير الذي يواجه البلد ، كما وان الشارع ربما اتهم حزب الامة بمحاولة سرقة جهود الاخرين واستأساده عليهم ، سحب مرشحي الحزب لربما اربك المشهد كلية فهل سيقبل ممثليه بالانسحاب ام ان البعض سيؤدي القسم ويستمر وللحزب سابقة في ذلك لان احد ممثليه كان مرشحا في احدي الانتخابات التي خاضها حزب الأمة لكنه اخيرا قرر سحب المرشحين الا ان احدهم رفض الانسحاب وواصل السباق الانتخابي وقيل انه قد تذيل القائمة وهو الان من ضمن ممثلي الحزب في احدي الولايات ، عليه الان لاندري كيف هو المخرج وهذا ما سنراه في خلال الساعات القادمة
وللحديث بقية