العيد الوطني للملكة المغربية لمحة تاريخية

محمد موسى ابراهيم

mohamedmosa.imam@gmail.com

(1)

في سنة 1934م ، الذكرى السابعة لجلوس محمد بن يوسف على العرش ٬ أصبح الاحتفال بعيد العرش يكتسي صبغة رسمية , إذ صدر قرار وزاري أصدره محمد المقري بتاريخ 26 أكتوبر 1934 بعد أن أشّر عليه المقيم العام الفرنسي هنري بونسوت. وكان هذا القرار الوزاري٬ المؤرخ بـ31 أكتوبر 1934، نشر بالجريدة الرسمية يوم 2 نوفمبر 1934، مؤلفا من عدة بنود أهمها أن يقوم باشا كل مدينة من المدن المغربية بتنظيم الأفراح والحفلات الموسيقية٬ وتزيين المدن٬ وتوزيع الألبسة والأطعمة على نزلاء الجمعيات الخيرية٬ وأن يكون يوم عيد العرش هو يوم 18 نوفمبر من كل سنة٬ ويكون يوم عطلة بشرط ألا تلقى فيه الخطب السامية.

وفي عيد العرش يوم 18 نوفمبر 1952 ألقى محمد بن يوسف خطابا ساميا بالقصر الملكي بالرباط٬ يعتبره الوطنيون شرارة اندلاع “ثورة الملك والشعب“.

ولما عاد محمد الخامس من منفاه هو وأسرته سنة 1955، أصبح يوم عيد العرش واحدا من الأعياد الثلاثة: عيد العودة وهو يوم 16 نوفمبر، وعيد الانبعاث وهو يوم 17 نوفمبر، وعيد العرش وهو يوم 18 نوفمبر.

(2)

تعيش المملكة المغربية هذه الايام على وقع احتفالات الشعب المغربي بالذكرى الواحدة والعشرين لعيد العرش المجيد في الثلاثين من يوليو 2020 . وهي مناسبة وطنية لها رمزيتها وقيمتها ومكانتها في قلوب المغاربة شكلت عبر السنوات عروة وثقى بين العرش والشعب . وتتأسس عليها قوة الوطن ولحمة المواطنة وتزكي في النفوس مشاعر المحبة والوفاء وأحاسيس التضحية في سبيل المغرب والدفاع عن قضاياه.

وقد تميزت فترة حكم الملك محمد السادس بمبادرات استباقية وتشاركية , حيث ان التوجه الذي اتخذته المملكة توجه نحو الحداثة وتعزيز دولة القانون وذلك بموازاة مع الاصلاحات السياسية والمؤسساتية كما ان الدولة المغربية عملت على نهج سبيل يكرس الابتعاد عن الفكر الوحيد نحو التعبير الحر ومناقشة مختلف المواضيع , مثل حقوق الانسان وعقوبة الاعدام . كما قاد العاهل المغربي خلال عقد ونصف عدة مبادرات للاصلاح في مختلف القطاعات مما جعل المغرب جديرا بالاحترام وذا صوت مسموع على الصعيد الدولي.

وكما جرت العادة يوجه الملك محمد السادس بمناسبة عيد التربع على عؤش اسلافه الميامين من ملوك الدوحة العلوية الشريفة خطابا الى الشعب المغربي يرسم فيه الخطوط العريضة للسياسات العامة للبلاد , بالاضافة الى عرض حصيلة مركزة لأبرز الانجازات المحققة في غضون السنة الماضية في أهم القطاعات.

وقد حلّت ازمة كوفيد-19 ففتحت أعين العالم على اختلاف طرق الإدارة في أوقات الأزمات، وأظهرت عجز كثير من الحكومات أمام فيروس كورونا وتداعياته التي لا يمكن التنبؤ بها، إلا أن أداء المغرب قد أثار الإعجاب داخليا وخارجيا، إلى حد اعتباره نموذجا يحتذى وذلك بشهادة منظمة الصحة الدولية .

وفي سبيل محاصرة هذا الوباء أعلن الملك محمد السادس إنشاء صندوق لجمع مليار يورو، وقد جمع في غضون أيام قليلة ثلاثة مليارات يورو، ساهمت فيها المؤسسات العامة والشركات الكبرى وكبار موظفي الخدمة المدنية والشخصيات العامة والمواطنين بالمملكة المغربية . وقد استفاد المغرب من الوقت، حيث حل مشكلة المعدات، فتضاعف عدد أسرة الإنعاش في وقت قياسي بتمويل من صندوق كوفيد-19، كما مكّن الإنتاج الوطني للأقنعة والملابس الواقية والأجهزة من اكتفاء البلد ذاتيا، مما جنبه الدخول في التنافس العالمي الشديد للحصول على هذه المنتجات الغالية والنادرة.

وفي أوج النقص العالمي للأقنعة، كانت شركات النسيج المغربية المدعومة من وزارة الصناعة قادرة على تصنيع خمسة ملايين قناع في اليوم، تفي بالمعايير الدولية، كما قام آخرون بتصميم أجهزة تنفس، مما سمح بأسعار منخفضة أقل من 200 يورو لكل جهاز.

 (3)

وبصورة موازية ونزولا للتوجيهات السامية لجلالة الملك محمد السادس كانت الخطط الاقتصادية تسير على قدم وساق , حيث تمثلت في الاستمرار في اعتماد السياحة كمحرك التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالمغرب , و من جهة اخرى موازية يحتفظ المغرب بمكانته في الصفوف الاولى من بين عشرين أبرز قبلة سياحية في العالم فارضا نفسه كمرجع للمنطقة المتوسطية فيما يتصل بالتنمية المستدامة “بفضل نموذج تنمية سياحية مسؤول ومحترم للبيئة يعتبر التنمية المستدامة جوهر الاستراتيجية .

وقد حقق المغرب في هذا العام 2020م عدة قفزات ايجابية مشهود له على الصعيد الدولي منها :

  • إنشاء 000 160 سرير جديد و 000 40 سرير من اقامات عقارية للانعاش السياحي “RIPT”.
  • مضاعفة عدد السياح الوافدين بمضاعفة نصيبنا خصوصا في الأسواق الرئيسية الأوروبية وجلب مليون سائح من الأسواق النامية.
  • مضاعفة عدد الرحلات الداخلية ثلاث مرات
  • تشغيل حوالي مليون مغربي في قطاع السياحة خلال العشرية.
  • توفير 1000 مليار درهم كمجموع مدخول الانشطة السياحية في غضون العشرية.
  • مساهمة السياحة في الناتج الداخلي الخام بزيادة نقطتين

 

وفي ذات السياق تم تطوير ثمان مناطق سياحية مختلفة ومتكاملة تلعب فيها رؤية القيادة الرشيدة للعام 2020 دورا رئيسا في مسلسل الجهوية التي انخرط فيها المغرب. وقد سمحت السياسة الجديدة لتهيئة المناطق للجهات من الاستفادة من جميع مؤهلاتها , سواء من ناحية كونها مواقع طبيعية، او ما تحمله من زخيرة في الإرث الثقافي .