الخرطوم _ وفاق التجاني
ينتظر قطاع الملاحة في السودان الانصاف من قوى الثورة اذ انه كان من أكبر القطاعات التي تدر على خزينة الدولة عملات صعبة، لكن يد النظام البائد التي طالت كل شيء لم يسلم منها هذا القطاع حيث بلغت الخسائر فيه مليارات الدولارات، بمقدورها اخراج السودان من أزمته الاقتصادية الخانقة.
وتواردت أنباء عن إستعادة شركة الخطوط البحرية السودانية “سودان لاين” بإعتبارها الناقل الوطني وعماد التنمية في السودان، وقال الفريق ركن المهندس ابراهيم جابر إن الخطوط البحرية تعتبر شركة عملاقة، ولها عائد وارباح للبلاد، لافتا إلى إنهيارها بسبب تدخل جهاز الامن السابق في إدارتها، الامر الذي دفع بخروج كوادرها خارج البلاد.
وأشار الى أن إستعادة الخطوط البحرية السودانية هي من المبادرات الوطنية التي أسهمت فيها ثورة ديسمبر المجيدة.
وتضم المواني البحرية في السودان بورتسوان، سواكن (ميناء عثمان دقنة) أوسيف بالإضافة إلى مينائي كوستي وسلوم الجاف، لكن على عكس ما كان متوقع فقد عمل النظام البائد على بيع وتشريد العاملين في هذا القطاع.
وكانت هيئة الموانئ البحرية السودانية تحظى بأهمية كبرى على ساحل البحر الأحمر، حيث يبلغ طول ساحل السودان قبل تقسيمه أكثر من 800 كيلو متر، وتمتلك الهيئة موانئ متخصصة في مجالات البضائع العامة، الحاويات، الحبوب، السوائل وفي نقل الماشية.
وكانت تقوم الموانئ بعمليات تصدير واستيراد ضخمة ويأتي على رأسها ميناء بورسودان وما يضمه من موانئ، أكبرها الميناء الجنوبى المتخصص فى استقبال الحاويات، والميناء «الأخضر» لإستقبال البواخر المحملة بالبضائع، وميناء «سواكن» المتخصص فى خدمة الركاب والبضائع المتوجهة غالبا إلى جدة فى المملكة العربية السعودية.
وقال الباقر بابكر رئيس قسم التأمين سابقا بشركة الخطوط البحرية السودانية، خلال تصريحاته “للسلاميديا” إن الشركة السودانية كانت تملك اكثر من 15 باخرة دخل كل واحده منهن 30 مليون دولار في الرحلة الواحدة، ويروي بابكر تفاصيل تهشيم النظام السابق لهذا القطاع قائلا” كان العائد المادي كبير للغاية، لكن الانقاذ منذ تمسكها بالحكم عملت على تهشيم وبيع البواخر حتى أن السودان لا يملك ولا باخرة ولا تملك الدولة اسطول قومي،، يساعدها في النكبات والكوارث”.
ويضيف:” عندما حدثت حرب الخليج استطاع السودان اجلاء رعاياه عن طريق هذه البواخر حاملين بها المغتربين بكافة ممتلكاتهم حتى سياراتهم وكذلك عندما حدثت حرب اليمن”.
ويتابع:” كانت البواخر بعدد 15 باخرة وبحلول التسعينات اصبحت 10 بواخر وبحلول 2017 اصبح السودان لا يملك ولا باخرة، وقد قامت الانقاذ ببيع البواخر لشركات خارج السودان، وكان السودان يسافر بخط يسمي خط شمال اروبا والذي يمر بالعديد من الدول، منها جدة والبحر الابيض المتوسط مرورا بالمغرب وليبا ثم يصل شمال اروبا، وتستمر الرحلة لمدة شهرين، لتحقق ارباح 30 مليون دولار لكل رحلة فيما كان يتم تأجير البواخر وتخرج من خط شمال اروبا لتسافر الى اميريكا”.
ويشير إلى ان الحكومة السودانية، لم تستطع الحفاظ على هذا القطاع ولم تستطع تكوين اسطول قومي.
ويتابع” شركة الملاحة البحرية لا تمتلك الان الا عدد قليل من المباني يحتوي موظفين، والتي كانت سيتم بيعها إن لم تقوم ثورة ديسمبر المجيدة”.
فيما يرى محمد جبرائيل حاج محمد
استاذ كلية الاقتصاد بجامعة الخرطوم والسودان العالمية، أن إعادة الخطوط البحرية السودانية إلى منظومة النقل الوطنية في السودان يعتبر إنجارا تاريخيا، سيما وأن البلاد تواجه صعوبات جمة في بنياتها الأساسية ولا بد أن إعادة الحياة إلى هيئة الموانئ البحرية يقلل الضغط على الوسائل الأخرى مما يحقق الكثير من المكاسب على المستويين المتوسط والطويل، وبما أن النقل النهري قد عرف تاريخيا بتكلفته الزهيدة فإن ذلك سوف ينعكس إيجابا على تخفيض تكلفة النقل، الشئ الذي يقود الى زيادة تنافسية الصادرات السودانية من جانب وكذا خفض تكلفة الواردات من ناحية أخرى”.
ويضيف:” هناك الكثير من الموارد المهدرة في السودان ومن ضمنها مورد الأنهار و المياة بصورة عامة، لذلك نعتقد أن ما تم يعتبر خطوة في الاتجاه الصحيح من أجل إنعاش ما يسمى بالاقتصاد المائي أو الاقتصاد الأزرق، ومن المعلوم أن كثير من دول العالم قد وجدت ضالتها في هذا النوع من الاقتصاديات واستطاعت أن تحقق عبره الكثير من المكاسب، تماما كما تفعل اليوم العديد من دول الخليج”.
ويتابع:”إعادة دور النقل البحري سوف يكون له آثار إيجابية على مجمل النشاطات الاقتصادية فى السودان. حيث أن النقل البحرى سوف يؤدي إلى انتعاش التجارة وبالتالي انخفاض أسعار السلع وخصوصا المستوردة مما يسهم في تحجيم اثر التضخم المستورد. من ناحية أخرى يساعد النقل النهري في إنعاش قطاع السياحة وهو الآخر قطاع مهم ومهمل، سيما وأن البلاد لديها إمكانيات سياحية هائلة”.
وقال إن ما تم إنجازه في هذا الشأن يعتبر بلا شك خطوة موفقة، إلا أن قطاع النقل البحري في السودان يحتاج إلى مزيد من الدعم وذلك بفتح الباب على مصراعية لرؤوس الأموال الوطنية للإستثمار فيه، وذلك عبر امتلاك اساطيل النقل البحرية للبضائع والركاب. فضلا عن السفن المتخصصة في نقل النفط. هذا إلى جانب إعمال البحث العلمي والإبتكار لرفع جودة العمل في هيئة الموانى البحرية.