الخرطوم_ وفاق التجاني
يواجه ملف السلام السوداني معضلة جديدة، تتمثل في إستحقاقات السلام، والتي يتوجب على حكومة الخرطوم دفعها وفق اتفاق جوبا المبرم مع الجبهة الثورية.
ويلزم اتفاق جوبا المقرر توقيعه بشكل نهائي في الثالث من اكتوبر القادم، الحكومة دفع ما 750 مليون دولار سنويا ولمدة 10 سنوات لصالح دارفور، لتسهم في جبر الضرر، بجانب تعويض أهالي الدم والنازحين، فضلا عن رعاية مشاريع السلام.
وفي ذات الوقت تلوٌح خزينة الدولة بالعجز الكامل نسبة لفراغها من الاموال والعملة الاجنبية، سيما أن البلاد تعاني انهيار اقتصادي واضح.
وتتطلع الحكومة السودانية توقيع إتفاقية سلام في الثالث من اكتوبر المقبل، بينما تتساءل الدوائر السياسية عن كيفية دفع إستحقاقات السلام وتبعاته.
وتوقع عدد من الخبراء الإقتصاديين والمحللين السياسين، أن يساهم المانحين والراعيين للعملية السلمية، في دفع هذه الاستحقاقات، فيما لم يراهن البعض الاخر عليها نسبة لتنصل المجتمع الدولي من الالتزام بأي مبالغ مالية.
ويقول الخبير الاقتصادي محمد جبرائيل إن التحدي الأكبر الذي يواجه الحكومة الان هو تمويل استحقاقات السلام، سيما وأن الاتفاقية تضمن تعهدات مالية لمعالجة قضايا تتعلق بالتعويضات، إعادة الإعمار، التنمية الاقتصادية.
ويضيف:” صحيح أن هناك وعودا من اطراف دولية لمساعدة السودان على تنفيذ ما جاء في بنود اتفاقية السلام ولكن للأسف المجتمع الدولي قد اثبت مرارا وتكرارا عدم جديته فى الإيفاء بإلتزاماته تجاه السودان”.
ويتابع :” تعيش البلاد أزمة اقتصادية طاحنة تركت بصمتها في جميع تفاصيل حياة المواطن السودانى. فى ظل هذه التعقيدات يبقى هناك ثمة ضوء فى آخر النفق ويتمثل فى إرادة الشعب السوداني لتحقيق السلام خصوصا في المناطق المتأثرة بالحرب والتي تجاوزت أطماع النخب السياسية، وأستطيع ان أجزم بأن اخوتنا في الجبهة الثورية لن يفكروا في العودة إلى مربع الحرب، ولا نعتقد أنهم يغفلون حقيقة أن الدولة قد ورثت خزانة خاوية ومشاكل لا حصر لها”.
اوصي جبرائيل الحكومة بالتحلي بالمصداقية وعدم ممارسة التضليل، أن تتحلى بالشجاعة و تسعى لحشد مواردها الداخلية بالشكل الذي يضمن الإيفاء بالقدر الأعظم من هذه الالتزامات.
ويمضي:” على الحكومة ان تساعد إخوتنا في الجبهة الثورية على تحقيق أفضل استغلال ممكن للموارد المتوفرة في مناطق الحرب وهى قطعا مناطق ثرية بالثورات، مع ضمان انسياب إيرادات هذه المناطق لتنفيذ مشروعات التنمية بها”
واردف:”الإخوة في الجبهة الثورية يلزمهم أن يثبتوا أنهم أصحاب قضية قومية وأنهم ليسو مجموعات تسعى لمصلحة أفرادها والمناطق التي انطلقت منها. الجبهة الثورية لديها رؤية قومية لبناء سودان جديد يقوم على أعتماد المواطنة كمرجع اساسي لتقسيم الحقوق والواجبات و هذا الوقت هو الأنسب لكي تنفذ الجبهة الثورية برنامجها الوطني الطموح وان تساعد في منع انزلاق السودان إلى الفوضى”.
من جانبه ترى جماعة أن هذه الاستحاقات غير مشروعة اذ أن الحكومة حكومة ثورة، ولا دخل لها بما فعلته الانقاذ، ولابد لاهالي الدم من التنازل عن هذه التكاليف المالية والإكتفاء بالقليل من التعويضات.
وهذا ما ذهب اليه المحلل السياسي الفاتح محجوب، والذي يقول خلال تصريحاته”للسلاميديا” ويقول “مؤتمر المانحين سيكون تحت إشراف السعودية التي تبرعت رسميا برعاية مؤتمر لدعم السلام في السودان”.ّ
ويضيف:”لذلك تعول الحكونة على التزام المجتمع الدولي لتمويل عملية السلام في السودان، والذين لن تضمن ايفائهم بوعودهم او العكس”.
ويتابع “لكن بشكل عام على مفوضي الحكومة الانتقالية ان لا يلتزموا بمبالغ لا يستطيعون الوفاء بها، وعلى اهالي الدم عدم الغلو وأن يتفهموا الوضع الاقتصادي شبه المنهار الذي تعاني منه الدولة”.
وبالمقابل يقارن الناشط السياسي المهتم بقضايا دارفور احمد داؤود اتفاقية السلام التي تقودها الحكومة في جوبا واتفاقيات السلام السابقة.
ويقول خلال حديثه “للسلاميديا” سلام هذا العام يختلف كثيرا من الاتفاقيات السابقة”ابوجا، ونيفاشا” والذي لم يوفي به المانحيين بإلتزاماتهم”
وأرجع ذلك لعدم التزام الحكومة السودانية وقتها بقيادة عمر البشير من خلق بيئة جازبة تضمن حلول السلام.
ويضيف” الوضع يختلف لأن الارادة السياسية لدى الحكومة والجبهة الثورية ارادة حقيقة لانها سنين عجاف مرت على النازحين والتي عانوا فيها من ويلات الحرب والدمار”.
ويتابع :” لا رغبة للجبهة الثورية ولا حركات الكفاح السملح في العودة “للتمرد” ويشمل ذلك الحركات التي لم تنضم للعملية السلمية، “الحلو، وعبد الواحد”.
ّوأردف”لكن جبر الضرر ودفع استحقاقات السلام مهمة جدا لحقن الغبن لاهالي القضية حتى لا تتولد شرارة جديدة للحرب والكراهية”.