نيالا / زينب زيتون
عام من الزمان مضى فى أخذ ورد ، مفاوضات بدت كأنها قاب قوسين أو أدنى من جني الثمار طال الزمان واستطال ولكن كبر الإرادة والعزم والإصرار والصبر كانو الحليف لتحقيق الغايات الكبرى والباعث لتخطى المتاريس.. اليوم مسيرة العام حطت عصا ترحالها والنفس الأبية تبقى أبية على مر الأيام والأزمنة .. هكذا كان الشعب وكانت إرادة الشعب الحافز والدافع وراء هذا الصمود والصبر الطويل وقبلها كانت وقفة سجلها التاريخ يوم ان قالت جماهير الشعب السودانى لنظام سابق إرحل!! .. وذات الشعب يعيد التاريخ ويحقق واحدة من مفاخره المتعددة ، ثورة قادت الى رحيل نظام بقى على سدة الحكم ثلاثين عاما ذاق فيها الشعب الأمرين وصار نصفه فى معسكرات النزوح أو اللجوء خلف اسوار الوطن ، وفيها احترق من احترق وتناثرت الارامل واليتامى واحتضنتهم خواصر المدن لتكون سبة فى تاريخ السودان .
اليوم بجوبا العاصمة الجنوب سودانية طويت صفحة الماضي وبدأت الحياة السودانية سياسيا واجتماعيا وثقافيا ووجدانيا مرحلة جديدة بروح جديدة وثابة تتطلع لتحقيق وتنزيل السلام المكتوب الى واقع معاش ، نعم واحد من الدروس المهمة التى تعلمها الشعب السودانى الا يقع فى براثن وخبايا وخفايا ما سبق من اتفاقيات ظلت حبرا على ورق وهو ما عجل بوأدها وهى فى المهد دون ان تحقق الاهداف او الطموحات التى من اجلها كان الحوار والتفاوض وفود تأتى ووفود تذهب ولكن خلاصة الأمر طعنة فى خاصرة الوطن حينما اقتطع منه أحد ابنائه فى ليل بهيم ، يا ترى هل ذات المأساة تعود وتتكرر ، اغفلة أم استغفال؟! .. أم ان الشعب تعلم من كبواته السابقات .
يعد اليوم يوم تاريخى حافل للسودان ، فبعد سنوات يحسبها المغالون منذ مغادرة المستعمر ونيل الاستقلال وآخرون أقل حدة منذ ان تفجرت الأوضاع فى المنطقتين النيل الازرق وجبال النوبه ومن ثم دارفور وأزمتها الكبرى التى ادخلت السودان فى نفق مظلم نتيجة لأخطاء تاريخية لم تكن هناك ارادة ولا عزيمة على تصحيحها لتتفاقم عاما بعد آخر وحينما تم الالتفات كان الوضع قد خرج من بين اليدين .
ومثلما تابعنا وشهدنا وقائع التوقيع النهائى على سلام السودان شهد العالم معنا وما زالت الدهشة تغلبه حين حقق السودانيون بالسلمية ثورة اطاحت بعرش نظام حكم بالكرباج والبندقية ورغم المعاناة التى عاشها انسان السودان والحصار الاقتصادى المفروض فرضا على الحكومة والمتضرر الأول المواطن الذى لا حول له ولا قوة ما زال البعض يسخر وآخر يتعنت مغلقا كل الطرق للوصول لتفاهمات تخرج البلاد الى بر الأمان وتحقق تطلعات وأمانى المواطن بسلام دائم يجلب الخيرات والنعم ويتم رفع اسم الوطن من قائمة الدول الراعية للارهاب وتفتح امامه الابواب المغلقة من الدعم والصناديق المالية الدولية ويتمكن السودان من استغلال موارده الطبيعية ليدفع بعجلة نهضته واقتصاده وتكتمل البنيات التحتية فى كافة المجالات وبذلك يتم بناء الدولة المنشودة المشاركة والمتشاركة مع المجتمع الدولى بلا تحفظ، والمتوقع بما يمتلكه السودان من موارد كبيرة ان يخطوا فى وقت وجيز اذا انداح السلام ربوع الوطن .. هنيئا للشعب السودانى هذا الانجاز ، هنيئا تحقيق وتوقيع السلام .