الخرطوم _ وفاق التجاني

تعذر على السودان منذ توقيع الوثيقة الدستورية، إستكمال هياكل السلطة وتكوين مجلس تشريعي وتعيين ولاة مدنيين، إلا أن الاخيرة تمت بعد شد وجذب بين شركاء الحكم في السودان، ونجحت البلاد في الخروج بولاة مدنيين لتسير امور اللولايات.

ونصت الوثيقة الدستورية التي وقعت في 17 اغسطس للعام 2019، على تكوين المجلس التشريعي في فترة لا تتجاوز الثلاثة أشهر، بيد أن الإعتراضات الصريحة للقوى المسلحة المنضوية تحت تحالف الجبهة الثورية خلال مفاوضاتها مع الحكومة حال دون ذلك.

ودفعت الجبهة الثورية باتجاه الإعلان عن تأجيل هاتين الخطوتين بحجة أنهم ليسوا اطرافاً في الحكم وربطوا تكوينه بتحقيق السلام العادل الشامل، والذي تحتفل به البلاد منذ الثالث من اكتوبر الجاري.

وتتوقع الدوائر السياسية بالبلاد تمثيل الجبهة الثورية في المجلس التشريعي بنسبة 75% بجانب تولي مناصب قيادية في وزارات الحكومة الانتقالية ومجلس السيادة، وفق اتفاق جوبا.

ولفت عدد من المهتمين بالشأن السياسي إلى أن الفراغ الوزاري الذي تعاني منه البلاد بعد اقالة عدد من الوزراء وتكليف نوابهم من قبل حكومة رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك، سيشغله منسوبي الجبهة الثورية.

وعلى الرغم من أن حمدوك اشار إلى أن الاقالات جاءت استجابة لمطالب الشارع السوداني، الا أن خبراء لفتوا إلى أن الحكومة ستلجأ لأعادة التشكيل ليتمكن منسوبي الجبهة الثورية من المشاركة في هياكل السلطة لتولي الوزارات الشاغرة.

وهذا ما ذهب اليه الناشط السياسي في مؤتمر الطلاب المستقلين خزامي ابراهيم والذي تحدث “لسلاميديا” وقال ابراهيم “من البديهي ان تتربع الحركات المسلحة (مسار الجبهة الثورية) على المقاعد الست الخالية حاليا وهم بذلك سيصبحون جزاءا من الحكومة الانتقالية وهو ذات النهج المتبع في الاتفاقات السابقة”.

ويضيف “من الموكد أن هذا التقسيم سينتج حرب جديدة وحركات جديدة معارضة”.

أما بخصوص حركتي عبد العزيز الحلو عبدالواحد محمد نور يقول ابراهيم “الامر مختلف قليلا لأن حركة الحلو التي قوامها الجيش الشعبي والجماهير المهمشة في جبال النوبة صرحت عدة مرات بأن مشكلتها الأساسية ليست في المناصب، والحقب الوزارية بل هي مسألة إعادة هيكلة الدولة السودانية المختلة باسس سودان جديد ابرز سماتها العلمانية لذلك لا يهمهم ان بقية وزارة او كل الوزارات”.

مخاطر قادمة

وحذر المحلل السياسي الفاتح محجوب من المخاطر التي يمكن أن يقود لها السلام غير المكتمل، ويقول”السلام سيتحقق فقط بعد انضمام حركتي عبدالواحد محمد نور وحركة عبد العزيز الحلو وأي “اتفاقية لا تشمل الرجلين لن تحول دون نشوب الحرب مجددا”.

ويضيف “ليس من المهم المناصب التي تشغلها الجبهة الثورية بعد السلام لكن الاهم تمويل متطلبات الاتفاقية نفسها وإستحقاقات السلام، وتقاسم السلطة في هذه الحكومة سيجعل الوزارات والمناصب القيادية مترهلة ليس الا”.

ويتابع” غياب التمويل الدولي للاتفاقية التي تفرض تكاليف باهظة على الحكومة السودانية لمدة عشر سنوات منها 40% من بترول السودان لمالك عقار وحوالي 500مليون دولار ل جبريل ومناوي سنويا وبالتالي سيزداد التضخم في حالة غياب التمويل الدولي كما في اتفاقية الدوحة للسلام.”.

واردف “حالة نشوب الحرب مجددا مع حركتي عبدالواحد محمد نور وحركة عبد العزيز الحلو ستجد الحكومة نفسها تنفق علي سلام غير موجود وتنفق في ذات الوقت علي الحرب وفي حالة التوصل لسلام مع حركتي عبدالواحد محمد نور و عبد العزيز الحلو ما هو الذي ستقدمه الحكومة من التزامات مالية لارضائهم “.

وقال “المؤسف هو ان الحكومة الانتقالية لم تتعلم من تجارب نظام البشير مع الاتفاقيات المنقوصة التي لا تشمل كل الحركات”.

.
وعلى العكس تماما يتفائل المحلل السياسي عبده مختار كثيرا بهذا الاتفاق وقال في تصريحاته “للسلاميديا” بعد توقيع السلام ستستقر الأمور نسبيا لكن بالمقابل ستترهل الحكومة وسيحدث كثير من الجدل حول تقاسم السلطة”.

ويتابع “من المتوقع أن تدخل الحكومة في اكتوبر القادم في ماراثون جديد في عملية تقسيم الحصص (الحقائب) الوزارية بيد أن مع غياب المعايير الموضوعية من المتوقع أن تأخذ وقتا طويلا بسبب أطماع كل طرف في الفوز بوزارات (نوعية)”.

ويوصي بضروة تكوين (مجلس وزراء) من كفاءات مستقلة، وعلى القوى السياسية بما فيها الحركات المسلحة أن تتقاسم عضوية المجلس التشريعي (البرلمان) والمفوضيات وبقية المؤسسات”.

ويشمل اتفاق السلام أغلب الحركات المسلحة في البلاد، وأبرزها الحركة الشعبية قطاع الشمال بقيادة مالك عقار، وحركة العدل والمساواة بقيادة جبريل، وتركز وساطة مفاوضات سلام السودان في جوبا على 5 مسارات، هي مسار إقليم دارفور (غرب)، ومسار ولايتي جنوب كردفان (جنوب) والنيل الأزرق (جنوب شرق)، ومسار شرقي السودان، ومسار شمالي السودان، ومسار وسط السودان.

وترغب القوى المسلحة وحلفاؤها في تنظيمات تناصر قضايا بشرقي وشمالي السودان في أن يكون التمثيل النيابي للمناطق المأزومة المتأثرة بالحرب والنزاعات وفقر التنمية فاعلا ومحوريا.