تقرير عبد الحميد هارون

الخرطوم سلاميديا

على الرغم من مضي أكثر من ثمانية أشهر، على اتفاق سلام جوبا الذي تم توقعيه بين الحكومة السودانية والجبهة الثورية، إلا أن تنفيذ بنود هذا الإتفاق يواجه تحديات كثيرة عاقت تنفيذها وخاصة الترتيبات الأمنية، مما دفع بعض القيادات بمسار دارفور لمطالبة المجتمع الدولي بالضغط على الخرطوم لتنفيذ الاتفاق.

وفي ذات الوقت يشكك بعض المراقبون من قدرة أطراف اتفاقية السلام من تنفيذ بنوده لحزمة من التعقيدات من بينها الخلل والتغرات .                              

وشهدت مناطق متفرقة بأقليم دارفور نزاعات دموية بعضها مرتبطة بالموسم الزراعي” إحتكاكات بين المزارعين والرعاة”، بينما مازال شرق البلاد يشهد صراعات قبلية تسببت في مقتل وجرح أعداد كبيرة من المدنيين، ترجح أن أسبابها ترجع لرفض الأهالي لمسار شرق السودان.                     

 وحدد بند الترتيبات الأمنية المضمن في اتفاق السلام 40 شهراً لعملية الدمج والتسريح المتعلقة بمقاتلي الحركات المسلحة مسار دارفورمع تشكيل قوات مشتركة من الجيش السوداني والشرطة والدعم السريع لحفظ الأمن في ولايات دارفور والمنطقتين، تمثل فيها قوات الحركات 50 % لكن لم يتضمن تفاصيل واضحة عن أماكن التجميع ولم يتم حصر أعداد القوات التابعة لكل حركة قبل عملية التوقيع.

مطالب بالضغط لتنفيذ الإتفاق                                  

كبير مفاوضي حركة تحرير السودان المجلس الإنتقالي ووالي ولاية شمال دارفور الجنرال نمر محمد عبد الرحمن في حديثه لإذاعة الفاشر ،الجمعة المنصرم، قال أن الأمن والإستقرار واحدة من أهم أولويات حكومته، واشار إلي أنه سيتم تشكيل قوة خاصة لحماية المدنيين بعد خروج بعثة اليوناميد، قبل أن يطالب  الحكومة الإنتقالية  بالإسراع في تنفيذ بند الترتيبات الأمنية .                                         

من جانب آخر طالب القيادي بمسار دارفور وعضو حركة تحرير السودان (مناوى) محمد أدم كش المجتمع الدولي بالضغط على حكومة الفترة الإنتقالية لتنفيذ اتفاقية جوبا.

وقال كش في تصريح ل(سلاميديا) عقب إجتماع ضم عدد من قادة مسار دارفور بوفد الخبراء الخاص بالقرار “1395” لحماية المدنيين بدارفور عقب إنتهاء مهمة بعثة اليوناميد، الذي زار ولاية شمال دارفور الأربعاء الماضي، ان الإجتماع بحث عدة  قضايا تتعلق بحماية المدنيين واللاجئيين والنازحين بالإضافة إلي توفير الحماية لقرى العودة الطوعية والموسم الزراعي.

وأشار إلي أن قادة مسار دارفور شددوا بضرورة تكوين القوى المشتركة لحماية المدنيين بنسبة (50)% وفقا لإتفاقية جوبا التي تم توقيعها في في اكتوبر  من العام الماضي، كما طالب الاجتماع المجتمع الدولي المتمثل في مجلس الأمن بالضغط علي حكومة السودان لتنفيذ وانزال اتفاقية جوبا علي أرض الواقع ،وخاصة بند الترتيبات الأمنية بإعتباره روح الإتفاقية حتي ينعم اللاجئين والنازحين والمزارعين بالأمن والأستقرار.                                                           

وعزا كش عدم تنفيذ الحكومة لتنفيذ بند الترتيبات الأمنية لغياب الإرادة السياسية، وليست الموارد المالية على حد زعم حكومة الفترة الإنتقالية، إلي ذلك قلل كش من أهمية قرار رئيس مجلس السيادة الإنتقالي الأخير.                          

وأصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي والقائد العام للجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان، الاسبوع المنصرم، قرارا يقضي بتشكيل اللجنة العسكرية لتنفيذ الترتيبات الأمنية مع الحركات الموقعة على اتفاق جوبا للسلام.                    

قلق أممي                                                                        

أعرب رئيس بعثة  الأمم المتحدة  المتكاملة لدعم المرحلة الإنتقالية في السودان (يونيتامس) فولكر  بيرتس، عن  قلقه  إزاء “عدم تنفيذ أو التأخير في تنفيذ” فقرات مهمة في اتفاق جوبا للسلام، لاسيّما الترتيبات الأمنية، على حد تعبيره، بما في ذلك إنشاء قوات مشتركة لحفظ الأمن، تشارك فيها القوات المسلحة والشرطة السودانية وقوات الدعم السريع والتنظيمات المسلحة.

كما أعرب عن قلقه إزاء آليات وقف إطلاق النار كما هو منصوص عليها في الاتفاق. وقال “سألنا عن هذا الموضوع وعن أسباب التأخير في تنفيذ هذه القرارات المشتركة السودانية، وجدنا إجابات تتعلق بنقص الموارد ونقص الإرادة السياسية – وقد يكون الأمران معا”.

وشدد على أنه إذا تم إنشاء ونشر القوات المشتركة في دارفور، فهذا سوف يثبت قدرة السودان والإدارة المشتركة لحماية المدنيين أو المواطنين السودانيين.

وقال “لا يمكن أن يكون أي بلد مستقر بوجود 3 أو 5 أو 7 جيوش محترفة أو أكثر، لا بد من الدقة على الأقل في إعداد ومناقشة خريطة طريق تؤدي في نهاية المطاف وبشكل تدريجي إلى تشكيل جيش وطني واحد يعتمده الدستور.            

تعقيدات أمام تنفيذ بنود الإتفاق

 وبحسب المحلل والكاتب الصحفي محمد بدوي، بطء وتأخير تنفيذ ما يعرف بسلام السودان لم ينفصل عن من ما يجري في المشهد القومي بشكل عام وذلك في إشارة إلي “سير الفترة الإنتقالية وما يدور بين المكونيين المدني والعسكري في السنتين الفائتة”.  فيما يتعلق بالسلام يرجع بدوي تأخير إنفاذه لعدم توفير التمويل ،كما أنه لفت إلي أن السلام لم يرتبط بدارفور فقط بل مسارات شملت غالبية انحاء السودان بينها ملفات لم تحسم حتى الأن.                                                       

وهنا يشير بدوي إلي عدم تمكن بعض أطراف السلام للقيام بزيارات إلي هذه المسارات، ويعزي الأسباب إلي ثنائية التفاوض أو عدم إستصحاب أصحاب المصلحة الحقيقيين في المفاوضات التي أدت للوصول إلي هذا السلام، بجانب عدم وجود موقف موحد من قوى الكفاح المسلح وكذلك الجانب المعني بتقاسم السلطة والدليل على ذلك الهجوم الذي ظل يشنه القائد (مناوى) قبل وبعد تعينه حاكماً لأقليم دارفور.

ويضيف بدوي بأن هنالك ايضا تعقيدات أخرى ربما يأجل إنزال هذا الإتفاق إلي أرض الواقع من بينها مسألة تحول هذه الحركات إلي أحزب سياسية، كما لم يتم تشكيل القوات المشتركة حتى الأن، ويردف نعم هنالك نصوص لكن لايوجد حلول وتنفيذ على الأرض.                                                              

ويقلل بدوي من أهمية شكاوى الحركات المسلحة وإتهامها للحكومة بتأخير تنفيذ الإتفاقية وخاصة في مايتعلق بالتمويل ،ويشير إلي أن الحركات المسلحة لديها ممثلين في وزارة المالية والمجلس السيادي وهم شركاء أساسيين في حكومة الفترة الإنتقالية.                                                                        

و تعد الموارد المالية المطلوبة لتنفيذ اتفاق السلام، وفق مراقبين، أحد أكبر العقبات أمام الاتفاق في ظل ما يعانيه السودان اقتصاديا من ارتفاع التضخم وانهيار العملة الوطنية، بجانب غياب الإرادة السياسية لدى أطراف السلام.