تقرير: مصطفى حسين

الخرطوم سلاميديا

تتوسط إثيوبيا دول منطقة القرن الافريقي وترتبط بحدود برية مع كافة دول الجواروبالتالي سهل هذا الامر عملية حركة الاشخاص  بينها وبين هذه الدول ، كما ان العديد من القوميات الاثيوبية لديها امتدادات خارج حدوده مع دول الجوار كجيبوتي وارتريا وجنوب السودان.

وعانت منطقة القرن الافريقي لفترة طويلة من الاضطرابات والحروب نتيجة للتدخلات الخارجية في هذه الدول او نتيجة لمحاولات السيطرة من بعض المجموعات على المجموعات الاخرى، ومنذ ما يزيد عن ثمانية أشهر إندلع حرب بين الحكومة الفيدرالية بقيادة رئيس الوزراء د. آبي احمد وحكومة إقليم تغراي التي أجرت إنتخابات إقليمية وفازت بها جبهة تحرير شعب التغراي بقيادة د. دبرصيون قبرميكائيل، ويقع إقليم التغراي بشمال غرب إثيوبيا على الحدود مع ولاية القضارف بشرق السوان وقد أدى هذا الحرب لنزوح أكثر من 70000 لاجئ إلى داخل السودان.

إتخذت الحرب في الاتساع عقب التغيير الدراماتيكي الذي حدث لصالح التغراي وتمكنهم من اعادة السيطرة على عاصمة الاقليم وتوسيع دائرة الحرب لتشمل إقليمي الامهرا والعفر، وكذلك دخول حركة تحرير بني شنقول في الحرب ضد الحكومة المركزية، وشهد الحرب تدخل الجيش الارتري للقتال بجانب الحكومة الاثيوبية ، كل هذا الامر أدى لزيادة تدفقات اللاجئين والنازحين للداخل السوداني وامتد الصراع بين العيسى والعفر الى الداخل الجيبوتي، ويشير الكثير من الباحثين والمهتمين بمنطقة القرن الافريقي الى تأثير هذه الحرب على دول الجوار والتي من ضمنها السودان.

ويرى الباحث في شؤون القرن الافريقي الاستاذ عبدالقادر الحيمي ان عاملا جديدا قد دخل في الصراع الاثيوبي الاثيوبي نتيجة لانخراط ارتريا فيها، وهو دعوة المعارضة الارترية في بأطيافها الجهادية والعلمانية لممارسة العمل المسلح، واصفا هذا الامر بالمقلق لافورقى بسبب وجود ما لا يقل عن مليون ارتري داخل السودان، وابان الحيمي ان العلاقات جيدة حتى الان ولم يحدث أي توتر، مشيرا الى تلميح الامهرا للاستعانة بالجيش الارتري لاستعادة الفشقة، بينما يسعى ابى احمد لوقف الحرب  عبر وساطات دولية .

واضاف ان مخاطر شرق السودان من كسلا الى بورتسودان ياتى من النظام الارتري، واشار في تعليقه لسلاميديا الى ان طبيعة سياسة افورقى يتمثل في الإمساك بالملفات الداخلية لدول الجوار وتدخلاته كما يحدث فى اثيوبيا ، اقليم العفر ، جيبوتى، الصومال الفيدرالى، موضحا بان افورقي الان منشغل بتأمين نظامه من السقوط من تهديدات التغراي، وحشد جيشه فى الحمرة الاثيوبية للحيلولة دون سقوطها لما يشكله من تهديد لبقاء نظامه.

وأكد ان حدود الفشقة مؤمنة بسبب الانتشار القوي للجيش السودانى وقال “حتى اللاجئين فى معسكرات تحت حراسة الجيش” اي لايوجد تماس اجتماعى كما حدث فى السبعينيات والثمانينات، وذكر ان اتساع دائرة الحرب متوقعة واوضح انها ستستمر الى حد هزيمة احد اطرافها متوقعا استقبال المزيد من النازحين الاثيوبيين وابان أن السودان فى عهده الحالى يبتعد عن استقطاب اية معارضة وبالتالي لن تجد المعارضة الارترية دعما يذكر واصفا اياها بالضعيفة والممزقة بالصراعات العرقية والمناطقية.

بينما يرى الاستاذ عبدالمنعم ابوادريس الصحفي والمحلل السياسي ان أثر الصراع الإثيوبي الإثيوبي على شرق السودان غير تدفقات اللاجئين يكمن في حالة عدم الاستقرار في إثيوبيا والذي يؤدي لانتشار جرائم تهريب السلاح وتهريب البشر والاتجار بالبشر مما يؤدي لعدم الاستقرار بشرق السودان، إضافة إلى الضغط الاقتصادي الذي يخلقه اللاجئون على منطقة تنعدم فيها البنيات التحتية ومعدلات الفقر بها عالية.

واستبعد ابو ادريس في حديثه لسلاميديا انتقال الصراع الاثيوبي الاثيوبي الى الداخل السوداني على غرار جيبوتي لجهة إختلاف السودان عن جيبوتي، مبينا ان المجموعات المتصارعة في إثيوبيا ليس لديها امتدادات في السودان، وقال ان المخاوف الوحيدة إقتراب المعارك أكثر من الحدود السودانية، وفي هذه الحالة سيكون هناك تخوفات أن تنسحب بعض المجموعات المقاتلة إلى الأراضي السودانية وهذا هو الاحتمال الوحيد لانتقال القتال إلى السودان، واوضح ان الصراع امتد لجيبوتي بين قوميتي العفر والعيسى الصوماليين بسبب ان المجموعتين مشتركتين بين إثيوبيا وجيبوتي وبينهم روابط اجتماعية.

بينما يرى الباحث والمحلل السياسي عادل كلر يرى ان زيادة تدفق اللاجئين جراء الصراع له انعكاسات اقتصادية مزدوجة المردود، من حيث الضغط على الخدمات وعلى سبيل المثال مقابل فتح فرص عمل للمجتمع المحلي عبر مؤسسات العمل الإنساني، وقال ان الولايات الحدودية تختص بعامل طويل المدى يتصل بتغيير التركيب الديموغرافي بفعل عامل الاستيطان والتجنس تحت أفق وسياسات الهجرة العالمية الرامية الى توطين كل احتمالات التدفقات البشرية من شرق القارة في السودان بإعتباره المصدة الأولى للكابوس الأوروبي.

وكشف كلر عن مخاطر الصراع، وقال انها تقع على مستويين، مباشر بإحتمال انفجار الصراع الى حرب عرقية واسعة النطاق ومرتبات هذا الانفجار على المستوى الأمني والعسكري على ولايات التماس أمنيا والسودان ككل من الناحية العسكرية، وبصورة غير مباشرة من خلال صدى تحولات الحرب على استقرار شرق السودان ككل بإعتبارات انخراط الجارتين اثيوبيا وارتيريا كأطراف أساسية في نزاع تقراي بالأصالة، وفق نظرية يوهان غالتن (مثلت العنف) وتنويعاتها النظرية: عنف مباشر، عنف رمزي، ثقافي وهكذا، واسقاط كل ذلك على واقع ولايات الشرق الهش أصلاً ومحتقن عرقيا وسياسيا (مجتمع نزاع Active).
وقال ثمة نذر (ولاية القضارف) من حقيقة الامتدادات البشرية وكثافة اللجوء للقضارف ومن ثم التسلل من المعسكرات (تهريب البشر) الى تحول مدن ولايات التماس الحدود لحاضنة خلفية لمستويات متعددة لمواجهات الاثيوبيين- الإثيوبيين والاثيوبيين-الارتيريين، في ظل عدم نجاعة تدابير السودان في الحد من آليات تهريب البشر التي تنشط فيها كارتيلات عابرة للحدود، إضافة لموقف السودان كحكومة نفسه تجاه المسألة الإثيوبية، وموقفه كشعب او مجتمعات حاضنة لوجود اطراف النزاع الاثيوبي.

وأشار عادل كلر لأهمية تصميم استراتجية ذكية للتعاطي مع المسألة الاثيوبية، تتوافق مع جيبوليتك الصراع كنزاع اقليمي، وترعى مصلحة السودان، ضمن المجهود الدولي الساعي لانهاء نزاع تقراي، وذلك في الإطار الدبلوماسي وثمة مؤشرات لفرص نجاح هذا المذهب من خلال دعم خارجية أمريكا لمساعي حمدوك وبيان الرئاسة الفرنسية الداعم للسودان للتحرك في مبادرة لطي صفحة النزاع واجراء الحوار الوطني/ القومي الاثيوبي.
وذلك على هدى استراتجية كبرى بالاقليم تتعلق بتمتين استقرار المنطقة التي ستشكل أرضية مشروع (الربط القاري، شرق-غرب أفريقيا) وهو استراتيجية النظام الدولي الحاكمة للعقود القادمة.

يجدر الاشارة الى ان رئيس الوزراء السوداني ورئيس الدورة الحالية للايقاد د. عبدالله حمدوك قد طرح مؤخرا مبادرة للتوسط من أجل الوصول لاتفاق سلام بين الاطراف المتصارعة بإثيوبيا، ولكن في كل الاحوال يبقى مسألة نجاح هذه المبادرة رهين بموافقة أطراف الصراع في الداخل الاثيوبي للحيلولة دون تفاقم الامر، فهل ستقبل الاطراف الاصوات التي تنادي بوقف صوت البندقية والوصول للسلام.