بقلم : محمود الشين

دون أية مقدمات أو مؤشرات مهنية مغايرة ، أضحت الشرطة تقدم مفاجآت جديدة هذه الأيام أو كما تسمها هي (إنجازات) على صعيد محاصرة التفلتات الأمنية والقبض على المجرمين والخارجين عن القانون.. فما الذي حدث؟

اهي يقظة أم إعلام مبتكر جعل للشرطة الصوت العالي بين نظيراتها من الأجهزة الحكومية النظامية؟ والإحتمال الثالث هو أن مؤسسة الشرطة تتطلع إلى دور مرحلي جديد يتسق وخطى التحول الديمقراطي المنشود؟

 ربما يقول قائل إن الأمر برمته، لا يعدو أن يكون إستشعارا للمسؤولية حين زادت جرأة المجرمين وباتوا يصطادون ضحاياهم بمدن العاصمة في رابعة النهار هذه بعض المؤشرات الواقعية.

شخصياً أكن إحتراماً كبيراً للمهنيين من رجال البوليس فقد كانوا ومازالوا على عهدهم إذ هم مدخل العدالة ولن يصلح أمرها إلا بالإنتصار لقيم ومطلوبات المهنة المحترمة ، ولو أن حال رجال البوليس وواقعهم في ظل الضائقة الكلية التي عانى منها الجميع – لا يسر  إبدأ.

     لقد بدأ الإرتياح العام من أداء الشرطة في مختلف ولايات البلاد ولا أعتقد أن ذلك محض صدفة بقدر ما هنالك تخطيط ، توفر الحد الأدنى من مقومات العمل والتعاون الكبير بين مختلف الأجهزة الأمنية ، لجان المقاومة وعامة المواطنين مع الشرطة من أجل ترسيخ دعائم الأمن والإستقرار.

    من المؤكد أن (عمل داخلي كبير) قد بذل وان بعض الجراحات المؤلمة قد أجريت في جسد المؤسسة العريقة. إذ أن في بعض قطاعاتها الحيوية أجيال جديدة تنشد التقدم بخطي ثابتة في سلم الترقي بالعمل والإنجاز.

   وتقف خلف الشرطة مؤسسات أكاديمية وعلمية شامخة ترفدها في كل عام بخامات واعدة متوثبة تسعى لإثبات ذاتها بقوة وإقتدار.

     انا على يقين بأن إنجازات الشرطة الأخيرة ستجعلها محل تقدير المواطن ومن شأنها أن تضع حدا للقطيعة بينها والثوار وذلك على خلفية إفرازات العمل الأمني القمعي الذي صاحب ثورة ديسمبر. وهي مرحلة مفصلية أنتجت أدبها الخاص والذي شكل ملامح المستقبل لماهية المؤسسات الأمنية المطلوبة في سودان ما بعد الثورة.

إن التحدي الأكبر لوزارة الداخلية ومؤسسة الشرطة على وجه التحديد هو كيفية التقدم في مجال العمل الوقائي وليس ملاحقة المجرمين فحسب وقبضهم بعد إرتكاب الجرائم والمخالفات القانونية.. وهذا هدف نبيل للأجهزة الأمنية المحترفة.

 بقدر حرصنا على وجود أجهزة شرطية فاعلة ومقتدرة ، نجدد دعوتنا إلى ضرورة الإنضباط وإحترام القانون المنظم لحياة الناس. إن أي حديث عن دولة (مدنية) في ظل ضعف أو غياب وتغييب مؤسسة مثل الشرطة كأداة للقانون هو مضيعة للوقت ليس إلا.

  هناك مساحات ضيقة يجب أن نمشي فيها بحذر ما بين تفويض الشرطة (وحصانتها)، الإلتزام بالقانون وسقف الحريات العامة.. أليست ازمتنا إدارية ذات صلة بالقوانين والتشريعات؟

  ما من شك أن دولة القانون والمؤسسات.. حلم نهفو له بشوق.