الخرطوم سلاميديا
تقرير وفاق التجاني
حالة من الاحتقان تسود على المشهد السياسي بعد تبادل الدوائر السياسية في البلاد خطابات شديدة اللهجة، على خلفية الانقلاب الذي تم اجهاضه في ٢١ ديسمبر بقيادة اللواء ركن عبد الباقي بكراوي.
والقت حكومة السودان القبض على ٢٢ عضوا من العسكرين والمدنيين كانو يخططون لانقلاب عسكري، الهدف الأساسي منه تقويض النظام الديمقراطي بالبلاد.
و تبادل الشريكان في الحكومة الانتقالية السودانية الاتهامات العنيفة، وحمّل كل منهما الآخر المسؤولية حول الإخفاقات التي لازمت العامين الماضيين من الفترة الانتقالية، فبينما يتهم الشق العسكري السياسيين المدنيين بالتسبب في الانقلابات بسبب فشلهم في تخفيف الضائقة الاقتصادية والأعباء المعيشية على المواطنين، ويتهم الجانب التنفيذي من الحكومة الشق العسكري بالإخفاق في الملفات والانفلات الأمني والعجز عن إعادة هيكلة المؤسسات العسكرية والسيطرة على أهم موارد البلاد من خلال الشركات الأمنية والعسكرية، ووضع العراقيل أمام الانتقال الديمقراطي المدني والحكومة التنفيذية المدنية.
شعارات الثورة المفقودة
وكان الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، هاجم المكون المدني خلال مخاطبته حفل تخريج القوات الخاصة بمنطقة وادي سيدنا العسكرية وقال “إن شعارات الثورة راحت بين الكراسي والوزارات، ونحن أوصياء على البلد رغم أنف الجميع، وليس هناك أي من الأحزاب من هو منتخب لكي يحوز على السلطة كلها ويحرم الآخرين” وجزم بعدم استطاعة أي جهة إبعاد القوات المسلحة أو الدعم السريع أو الشرطة من المشهد، مشدداً على أن المحاولة الانقلابية تم إجهاضها بواسطة القوات المسلحة، بقوله، “نقول للسياسيين نحن من أجهضها، ولا رغبة لنا في الاستيلاء على السلطة”.
صراع السلطة
بينما اتهم نائب رئيس مجلس السيادة، الفريق أول محمد حمدان دقلو، السياسيين بأنهم سبب الانقلابات لانشغالهم بالصراع على كراسي السلطة وإهمال قضايا ومشاكل الشعب، مما خلق حالة من عدم الرضا وسط المواطنين. وأضاف، “لم نبخل بشيء لتحقيق شعارات الثورة ومطالب الشعب وصوناً للشراكة، لكن كل ما وجدناه ممن يصفون أنفسهم بالشركاء هو السب والإهانة ليل نهار للقوات النظامية، فكيف لا تحدث الانقلابات والقوات النظامية لا تجد الاحترام؟”.
جيش الثورة
من جانبه قال عبد الله حمدوك، رئيس وزراء حكومة الفترة الانتقالية، إن الجيش الذي حمى الثوار أمام القيادة العامة لا ينقلب، لكن فلول النظام هم من يرغبون في الردة ونفى، في حوار هاتفي مع صحيفة “السوداني”، أن يكون قد حدث إقصاء أو تهميش للمكون العسكري من مبادرة رئيس الوزراء (الطريق إلى الأمام) التي تمثل محاولة لإيجاد خريطة طريق للوصول بالانتقال إلى مراميه”، وأوضح “أن المخرج من حالة الاحتقان التي تشهدها البلاد يكمن في التمسك بتحقيق أهداف الانتقال وعدم الالتفاف على المواثيق والعهود من جميع الأطراف”.
وفي خطوة عنيفه اتهم عضو مجلس السيادة السوداني محمد الفكي سليمان، المكون العسكري شريك السلطة الانتقالية في البلاد، بمحاولة السيطرة على الأوضاع السياسية.
جاء ذلك خلال مقابلة مع تلفزيون السودان، وقال الفكي: “هنالك محاولة من المكون العسكري لتعديل المعادلة السياسية وهذا مخل بعملية الشراكة” معتبرا أن ذلك “هو الانقلاب الحقيقي وهو انقلاب أبيض”.
وأضاف: “المكون العسكري بحديثه عن خلافات داخل قوى الحرية والتغيير يهدف إلى السيطرة على العملية السياسية وتعيين أشخاص محددين (لم يذكرهم) في السلطة، وهذا مرفوض”.
وأردف: “(رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح) البرهان ليس وصيا على العملية السياسية بالبلاد، “أرفض حديثه حول وصاية المكون العسكري على العملية السياسية”.
ودعت قوى الإجماع الوطني، إحدى مكونات قوى إعلان الحرية والتغيير، إلى إعادة هيكلة القوات المسلحة السودانية، والقوات النظامية الأخرى، وطرد فلول النظام السابق منها.
كما طالبت أحزاب من قوى إعلان الحرية والتغيير (الائتلاف الحاكم)، أبرزها “الأمة القومي”، و”المؤتمر السوداني”، و”البعث العربي الاشتراكي الأصل”، بإ عادة هيكلة الأجهزة الأمنية والعسكرية.
فيما أكد عضو مجلس السيادة محمد حسن التعايش أن الوثيقة الدستورية هي المترجم الوحيد، للاتفاق السياسي وهي القانون الاعلى، الذي يحكم البلاد إلى جانب اتفاقية جوبا، والتي تم ادراج بنودها فيه والتي لم تغير كثيرا فيما يخص الاستحقاقات الدستورية، بما في ذلك انتقال السلطة للمدنين، وفق ما هو منصوص عليه قبل وبعد إدماج الاتفاق في الوثيقة الدستورية، وأكد أن انتقال السلطة للمدنيين هو اختبار مهم بجدية الشراكة والانتقال المدني الكامل لاول انتخابات قادمة
خطاب الكراهية
المحلل السياسي أحمد داؤود يرى أن البرهان يحاول أن يعيد خطاب الكراهية بعد تعليقه على مسرحية الانقلاب الفاشلة، واضاف لابد من الهيكلة الأمنية وإعادة صياغة الشراكة العسكرية مدنية واكمال مؤسسات الدولة.
هيكلة المؤسسة العسكرية وإزالة التمكين بها لتشكيل جيش وطني موحد بعد دمج وتسريح الست حركات التي انخرطت في عمليه السلام، ومن ثم بسط هيبة الدولة .
مشيرا لضرورة بزل مجهود أكبر من قبل المؤسسة العسكرية فيما يخص التلفتات الأمنية التي اجتاحت العاصمة والولاية والتي يرجح أنها تجد دعم من قبل رموز النظام البائد.
استكمال هياكل السلطة
ونصح المحلل السياسي محمد نور بضرورة أن تتعجل البلاد في تشكيل مجلس تشريعي، واكمال مؤتمر نظام الحكم والادارة، الذي يتيح للمجتمعات المحلية الاصطفاف في حكومات محلية محددة الصلاحيات ، ومحددة الموارد، وكذلك طالب بتنفيذ بند الترتيبات الأمنية كونه البند الاكثر اهمية، وطالب بهيكلة المنظومة الأمينة، واستكمال ملف إزالة التمكين بالخدمة المدنية والتمكين السياسي والاقتصادي وتشكيل مفوضيات مستقلة اهمها مفوضية للانتخابات والسلام والفساد، وكافة المفوضيات المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية.