تقرير اكرم عبد النبي

تصاعدت وتيرة الاضرابات خلال الاسبوع الماضي بمدن السودان المختلفة، حيث شملت الاسواق والتجمعات العمالية فضلا عن المؤسسات الحكومية واخرى اعلنت ترتيبها الدخول للاضراب خلال الاسبوع الجارئ.

بدأت الاضرابات بسوق سنار وتمبول ولكنها سرعان ما انتقلت لولاية القضارف والنيل الازرق، وشمال كردفان ولكن الملاحظ في هذه الاضرابات هو عدم وجود جسم مركزي او تنسيقي يقوم بعملية التنظيم المحكم بين المجموعات المختلفة، وهذه  الاضرابات مرتبطة بصورة مباشرة بالضرائب الباهظة التي فرتها وزارة المالية على التجار والمستثمرون، واخرى مرتبطة بضعف الاجور وشروط الخدمة لموظفي القطاع الحكومي.

واوضح الخبير النقابي محجوب كناري، ان الاضرابات الاخيرة مرتبطة بعدة عوامل منها إقتصادية وسياسية واخرى مرتبطة بالفراغ النقابي، وقال  ان اي زيادة في الاجور تؤثر بصورة مباشرة على السوق وهذا بدوره ينعكس على التضخم ويؤثر في ذات الوقت على القطاع المنظم وغير المنظم، واشار الى ان الاضراب يمثل سلاحا قويا لا يستخدمه العاملون الا بعد استنفاذ كل الممكن.

وكشف كناري لسلاميديا عن وجود قوى كبيرة تحاول منع العاملين في التنظيم، كما تعمل ايضا على الحيلولة دون قيام قوى جديدة، يمكن ان تؤثر على موازين القوى والذي يتيح للنقابات ان تتخذ قرارات لا يستطيع الآخرون (الاحزاب السياسية ولجان المقاومة) إتخاذه مثل الاضراب السياسي.

واضاف “هناك فصل ونقل وتعسف للنشطاء في العمل النقابي ورغم ذلك فان الحركة النقابية سائرة  في عملية البناء القاعدي، واكد على ان اي نقابة لا تقوم على جمعية عمومية مثلما حدث في نقابة الصحفيين السودانيين لا يعول عليها) موضحا ان عملية البناء يسير من تحت وهي مثل كرة الثلج.

 

وابان كناري بان اضرابات الاسواق يعتبر نضالا قديما وهو موجودة في السودان، مبينا ان تمدد الاضرابات امر طبيعي، وهو ينشأ بين العمال والمزارعين والتجار والقطاع غير المنظم، ونوه الى ان هناك انخفاض في اسعار السلع بسبب الكساد وعدم القدرة على الشراء وهي احدى مظاهر انهيار الدولة.

وقال استاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين مصعب محمد علي بان موجة الاضرابات الاخيرة تأتي في ظل أوضاع سياسية واقتصادية صعبة تمر بها البلاد،  وهي بالتالي تعبر عن حالة من الرفض لتدهور وضع المعيشة وضعف الأجور والضرائب الباهظة.

مبينا ان تزايد الاضرابات يعود إلى رغبة العاملين في رفع الأجور ورفض السياسات الاقتصادية التي يرون انها تؤثر عليهم، وقال ان غياب النقابات والاتحادات العمالية التي تدافع عن حقوقهم والتفاوض مع الحكومة إلى استمرار الاضرابات.

 وقال “للاوضاع السياسية دور في الاضرابات الاخيرة، لأن غياب الحكومة وعدم وجود رئيس وزراء يؤثر على العمل في الدولة، وكذلك حالة عدم الاستقرار السياسي تؤثر على الوضع الاقتصادي في الدولة”.

وتوقع مصعب أن تتسع رقعة الاضرابات لتشمل العديد من المؤسسات في الدولة، لأن نجاح اضراب في مؤسسة ما يدفع الآخرين للقيام ايضا باضرابات مما يضع الحكومة تحت ضغط كبير يمكن ان يؤثر عليها بمرور الزمن.

فيما يقول الصحفي والمحلل الاقتصادي احمد خليل ان ما يحدث الان من اضرابات في اسواق بعض المدن والولايات هي نتيجة حتمية لسياسات الضرائب الباهظة على التجار والمستثمرين، وهي نتيجة لفقدان السودان للدعم الاجنبي، خاصة بعد انقلاب 25 اكتوبر، حيث اوقف المجتمع الدولي هذه المساعدات وبالتالي لم يكن هناك حل امام الحكومة سوى زيادة الضرائب والذي سيؤدي لإضعاف الانتاج لان الكثير من  التجار سيضطرون لايقاف اعمالهم، وابان ان التجار تفاجؤا  بضرائب كبيرة جدا لا تنسجم مع دخلهم والايراد العام للمحلات وبالتالي لم يكن امامهم سوى اغلاق محلاتهم.

واعتبر خليل ان هذا الامر إحدى ايجابيات ثورة ديسمبر المجيدة، اذ انها فتحت الباب ام الجميع للمطالبة بالحقوق وبالتالي ايقاف السياسات غير الفعالة، اجمالا هذا الامر يدل على ضعف العقلية الاقتصادية التي يعمل بها وزير المالية ولجوئه للطرق السهلة، فبدلا من الزيادة الرأسية للضرائب كان عليه ان يتوسع بالضرائب في شكل افقي والكثير من الانشطة خارج المظلة الضريبية.