بقلم : محمد بدوي

فى حوالي الساعة العاشرة مساءً بتوقيت قرينتش صعد إلى خشبة المسرح، ثم أخذ يبحث عن ورقة احتوت كلمته التى يفترض أن يلقيها أمام الحضور، الذي قارب (١٥٠) شخصاً بمسرح مؤسسة الفيلم البريطاني فى لندن، على وجه الدقة مد كفه نحو ثلاث من الجيوب على رداءه، فى ثوانٍ لم تتجاوز الثلاث وجد خطابه فى الذاكرة.
لكن قبل ذلك دعونا نشير إلى إفادات لجنة التحكيم يمكن إيجازها فى “أن أعماله الصحفية إلتزمت بالبحث والوفاء بمعايير الكتابة”، هذا بعيدنا إليه مرة أخرى ليسرد بلغة إنجليزية رصينة موضوعيه اللذان شملتهما تغطيته وقادته للفوز بجائزة “مارتن إدلر” التي يرجع تاريخ تأسيسها للعام 1962، وقد فاز محمد أمين ضمن ثلاثة صحفيين إلى جانب الهندية “إليثيا إستيفاني” والهندي “بارث نيكي”، جاء ترشيحه من قبل موقع Middle East Eye”، ختم قصته الأولى وهو يشير بكفه اليسرى مبتسماً فى إيحاء أفاد التأكيد بعد أن قال “ليست روسيا وحدها من تنهب موارد القارة الإفريقية”، جاءت الخاتمة لتكمل قصة نهب الموارد بدولة إفريقيا الوسطي من قبل شركة فاغنر الروسية، والإعتداءات على السكان المحليين وتحويلهم إلى لاجئيين داخل حدود السودان بمنطقة أم دخن الحدودية، استطاع محمد أن يجيب على السؤال الذي لم يحظى بإجابة رسمية أو إعلامية حتى لحظات ما قبل إذاعة خطابه بالأمس، والذي يتعلق حول وجود ونشاط فاغنر بالسودان، لأنه ببساطة تمكَّن من كشف حقيقة أن الأمر ليس مجرد وجود ، بل عبور إلى أفريقيا الوسطي كامتداد.
لقد وعدتهم بالأ اكشف عن التفاصيل، لكن سيأتي الحين، بادر بها قبل تسليط الضوء على تجربة دور الأطباء السودانيين عبر جسمهم الذي غطى أحداث الإحتجاجات السلمية منذ اندلاع الثورة السودانية فى ديسمبر ٢٠١٨، التركيز كان على العيادات الجوالة أو الفرق الطبية الجوالة التى عملت بإحترافية مهنية، وأظهرت ابداع فى خطط الأمان التى مكنتها من مواصلة عملها وتقديم الخدمات والحفاظ فى راجح الاوقات على سلامة الفرق والمصابين، استطاع خلال التغطية أن يكشف كيف يمكن للمهنيين لعب أدوار حاسمة وحساسة فى سياق التغييرات ومناهضة الدكتاتوريات، ربما قصد بأن الحين سيحين لكشف النقاب عن كل المعلومات عن عملها فكأنه أحال المستمعين لزيارة موقع لجنة أطباء السودان المركزية للوقوف على المعلومات التى مثلت قاعدة معلومات كاملة.
تم تقديم الحفل من قبل منصة لامست اكتافها أهمية الحدث أدارتها بإقتدار المحترفات الإعلامية والصحفية نعمة الباقر فربما عجلة التاريخ، قصدت أن تجمعهما الكاميرات التى توثق للنحاجات والإنجاز مع محمد الأمين محمد أحمد الشهير ب” محمد أمين ومرايا “، فكلاهما كان حضوراً فى شوارع الاحتجاجات بالخرطوم، حينما كان نظام المؤتمر الوطني بقيادة المخلوع عمر البشير يستهدفون الصحفيين والإعلاميين بالقمع المفرط، فأشارت الى خلفيته المهنية كصحفى مستقل درس باليمن ثم امتهن الصحافة محترفاً دون المرور بالتدريب عبر الصحف او غيرها.

قبل تغطية وجود فاغنر بمدينة اندها بإفريقيا الوسطي، منع محمد الأمين من السفر إلى مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور لتغطية أحداث معسكر كريندق -١، نشر حينها أن منعه تم من قبل الاستخبارات العسكرية، ثم خاض معركة عبر وسائل التواصل الإجتماعى مع من حاولوا الدفاع عن الاستخبارات العسكرية ورمى بالأمر فى وزارة الثقافة والإعلام، فلم تصمد حجتهم، هكذا كان يدير حملاته الإعلامية، الإ إنه عاود الكرة فى فبراير ٢٠٢١ ليغطي أحداث كريندق-٢، ثم الصعود إلى أعلى قمة جبل مرة، بعد مسافات قطعها بالسيارة التى يفترض توقفها فى نقاط معينة، لتتم الاستعانة بالدواب ” الحمير” لقطع مسافة ثانية ثم الاعتماد على الأرجل للوصول لإحدى قواعد حركة وجيش تحرير السودان ـ قيادة الأستاذ عبد الواحد محمد النور. جسَّر بتلك التغطية زيارته الأولى مخيم أبوشوك للنازحين كأحد القلائل من الصحفيين السودانيين الذين سمح له سكان المخيم بالدخول والحديث إليه، كان ذلك بعد عام ونيف من دخوله مهنة الصحافة، ظل يجوب السودان شمالاً، وشرقاً حيث تنحدر أصوله أيضاً، كما كان فى السابق فى الجنوب “نحو الرَّجاف” قبل الانفصال ضمن فريق راديو مرايا الذي أسسته الأمم المتحدة عقب اتفاق السلام الشامل ٢٠٠٥.
شارك ضمن فريق متجانس من الصحفيين فى المكتب التنفيذي للجنة التمهدية للصحفيين السودانيين، عقب سقوط نظام المؤتمر الوطني، فتمكنوا من تهيئة الأوضاع بالنقابة من مراجعات لسجلات الصحفيين والقيام بالكثير من الأعمال للمضي نحو أول انتخابات نزيهة لنقابة الصحفيين السودانيين بعد ٣٠ عاما من سيطرة المواليين وأعضاء النظام السابق على مكتبها التنفيذي.