تقرير :عباس التجاني – مصطفى حسين – الهادى حسن

عمر آدم رجل في الخامس والأربعون من عمره، حصل على قطعة ارض سكنية في العام 1998 بحي الوحدة في مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور عبر برنامج الخطة الاسكانية (برنامج حكومي لاسكان المواطنين)، ولكنه بعد فترة ليست بالقصيرة حسب وصفه قرر زيارة موقع منزله بغرض البدء في تشييد المنزل للسكن وبالفعل أحضر عمر مواد البناء وبدأ في التشييد الا انه تفاجأ بظهور شخص آخر يدعي ان لديه مستندات تثبت امتلاكه  لذات قطعة الأرض.

ويقول  آدم انه حاصل على مستندات تدلل على ملكيته الارض ايضا، الامر الذي فتح بابا للجوء الى محكمة الطعون الادارية للفصل في القضية والتي استغرقت  إجراءات التقاضي فيه أكثر من عام.
قصة عمر آدم ليست القصة الوحيدة بل نموذج لمشاكل الارض الموجودة فيما يتعلق بتسجيلات قطع الاراضي لاكثر من شخص، حيث التقت سلاميديا ببخيتة التي روت قصتها بحسرة فحكت عن مأساة أخرى، اذ ان بخيتة امراة تبلغ من العمر 59 عاما قالت  ” لدي قطعة أرض تحلصت عليها بعد أن تقدمت بطلب إلى مكتب الأراضي وتم التصديق لي وبعد أن أكملت كافة الإجراءات وذهبت  إلى محكمة تسجيلات الأراضي ، وكانت المفاجأة بأن القطعة قد تم تسجيلها بإسم شخص آخر ومن هنا بدأت  اجراءات التقاضي وما زالت مستمرة”
ارتفاع نسبة الطعون الإدارية الخاصة بالاراضي في جنوب دارفور
كشف فضل منصور حسب الله المحامي المتخصص في قضايا الارض بنيالا عن حجم الطعون الادارية في الولاية المتعلقة بالاراضي بلغت حوالي 95% معزيا اسباب ارتفاع النسبة لسوء الادارة.

وقال فضل ان إجراءت الطعون تبدأ اولا بإجراء تظلم  لمدير عام الاراضي يتم فيه التوضيح بان قطعة الارض المعنية مسجلة بإسم شخص آخر خلاف المتظلم، وفي هذه الحالة امام المدير خيار ان يصدر قرار إيجابي بسحب القرار الأول، ولكن هذا الامر لم يحدث من كل المدراء الذين تعاقبوا على المنصب بالولاية.

وتابع في حال لم يتم البت في المسالة من المرة الاولى يمكن إجراء تظلم ثاني إلى المدير العام ” الوزير المكلف ” لكنه لايصدر اي قرار إلى أن تنتهي المدة المحددة وهي شهرين ، ومضى بعد ذلك يتم طلب تطهير السجل من قبل الأراضي ، ثم أخذ إذن المقاضاة من النائب العام وذلك يتطلب شهرين ، ومن ذلك يتضح ان مجمل فترة  إجراءات التقاضي فى الطعون الإدارية تستغرق ال4 شهور

اما مدير عام عام الأراضي والوزير المكلف دكتور عادل جابر لديه رأيا مخالفا ويرى ان هنالك تضخيما إعلاميا لقضايا الاراضي بالولاية ووصف الامر بغير الواقعي فيما يتعلق بإجراءات الأراضي بالولاية ، موضحاً إن كل معاملات الأراضي وتكوين اللجان تتم عبر اللوائح المنظمة لها ، وقلل جابر من حجم الطعون الإدارية التي تحدث فى الولاية .
ولكن المستشار القانوني لوزارة التخطيط العمراني بولاية جنوب دارفور مصطفى ابراهيم اقر بوجود تجاوزات لموظفي السجلات وقال ” تجد هنالك قطعة أرض مكتوبة فى السجلات بإسم شخص وفى المحكمة مسجلة بأسم شخص آخر” ، وابان ان أغلب الطعون الإدارية تكون فى صالح الطاعن ويعود ذلك إلى الوزارة ، علاوة على ذلك تقوم بالرد إلى المحكمة حسب السجل والإفادة التي تأتي من مدير عام أراضي الولاية، وكشف مصطفى ان الطعون الادارية خلال العام الجاري بلغ 220 طعنا .

وافاد الخبير القانوني محمد عبدالمنعم السليمي ان  صلاحيات المدير التنفيذي للمحلية تقتصر فقط في الاكشاك والزرايب وقطع الأراضي من الدرجه الرابعة وهذه يفصل فيها المدير التنفيذي حسب قرار اللجنة التي يكون فيها المستشار القانوني والقسم الهندسي اما النزاعات حول الأراضي الزراعية  فهي خارج اختصاص المحلية وتفصل فيها المحاكم المختصة إذا كانت مسجلة أو غير مسجلة.
واوضح ان النزاع حول الأراضي السكنية يكون بطريقين:
الطريقة الأولى من خلال المستشار القانوني للأراضي في حال حدوث نزاع أو خطأ من جانب إدارة الأراضي في المنح أو رقم القطعة وتوصل الأطراف لحل بقبول التعويض او تصحيح الخطأ،  وهذا يتم غالبا قبل تسجيل القطعة في تسجيلات الأراضي ولكن قد يحدث بعد التسجيل ورضاء الطرف المتضرر بتعويضه في موقع آخر.
الثاني: بعد التسجيل ورفض الطرف المتضرر للتعويض وفي هذه الحالة يلجأ الطرف المتضرر لما يعرف قانونا بالطعون الإدارية لدي محكمة الطعون الإدارية وفي الغالب الاعم لا يكون الخطأ من موظف السجلات لدي المحكمة ويسمى موظف التسجيلات ولكن يكون الخطأ في المنح ابتداء إما عن عمد و التزوير أو الخطأ .
وقال “في الغالب لا يكون هناك محاسبة للموظف المخطئ ويعتبر خطأ إداري عادي” وابان ان طريق الطعون الإدارية طويل وشاق ويأخذ زمنا طويلا في التقاضي قد يمتد لسنوات.
واكد محمد عبدالمنعم بوجود قوانين محاسبة للعاملين ولكن غالبا لا توقع أي عقوبات إلا في حالات التزوير التي تثبت عن طريق المحاكمات وهذه نادرة الحدوث.
واوضح عبدالمنعم ان  قوانين الأراضي الاستثمارية سواء كانت سكنية أو تجارية تختلف عن قوانين الأراضي السكنية عبر الخطة الاسكانية من حيث كيفية المنح والقيمة واجراءات التسجيل، ولكن تحدث فيها ذات التجاوزات والأخطاء وتحل بذات الطريقتين السابقتين.
أما الأراضي الزراعية فلديها اجراءات تختلف في التسجيل يعرف بالتقنين ومعظم الأراضي الزراعية في دارفور لا تملكها الحكومة ولا تمنحها فهي مملوكة لأفراد بوضع اليد والاستصلاح أو الحيازة التأريخية والنزاع فيها يكون بين الأفراد وليس بين الأفراد والحكومة لذلك تحل كل النزاعات عن طريق المحكمة المختصة..

وقال ان ” محاكم الطعون الادارية تواجهها الكثير من العوائق أولها عدم وجود قضاة بالعدد الكافي ويكون هناك قاضي وأحد فقط للطعون الإدارية وأحيانا لا يوجد قاضي مع الوضع في الاعتبار كثرة القضايا وذلك لأن القانون يشترط أن يكون قاضي الطعون الادارية قاضي محكمة الإستئناف والذي رغم ذلك لا يكون متفرغا بل يكون عضو دائرة استئناف ولذلك تكون المدة بين الجلسة والاخري تصل لشهر وأحيانا أكثر من ذلك”.
أضف لذلك طول دائرة التظلم الاداري الذي يسبق الوصول للمحكمة نفسها فبداية الإجراء يكون للجهة التي اصدرت القرار الخاطئ وهي إدارة الأراضي ثم المدير العام ثم الوزير ثم الوالي وبعد استنفاد كافة التظلمات التي تأخذ شهورا هناك إجراء يسمي أخذ إذن بالتقاضي ضد المؤسسات الحكومية وهذا الإجراء مدته شهرين.
وبعد الحكم النهائي الذي يكون بعد استنفاد كافة درجات التقاضي، تقام دعوى أخرى في المحكمة المدنية تسمى دعوى تعديل سجل يكون الحكم فيها بمخاطبة تسجيلات الأراضي بتعديل السجل في إسم الطرف الذي جاء الحكم في صالحه إذا لم يكن هو الطرف المسجل ابتدأ.

طعون إدارية تم الفصل فيها

بالرغم من تعقد المشكلة الا ان هناك عددا من الطعون الإدارية تم الفصل فيها ، منها على سبيل المثال مزرعة تقع شرق نيالا تم تخطيطها دون نزعها من المالك الأصلي وتعويضه ، كذا الحال الطعن الإداري المقدم  من قبل مواطني حي كرري بنيالا ضد أقامة مصنع تكرير مياه للشرب داخل الحي تم الفصل فيه لصالح مواطني الحي  وبموجب ذلك تم الغاء قرار التصديق لإقامة المصنع لعدم مطابقته للمواصفات وقانون صحة البيئة .
وفي ذات السياق ذكر المحامي فضل منصور بأن هناك عوائق تواجه عمل محكمة الطعون الإدارية في الولاية بسبب عدم أسقرار المحكمة والذي ينعكس على القضايا في إطالة زمن التقاضي.