بقلم : محمد بدوي
في العاشر من ديسمبر ٢٠٢٢ الذي يصادف اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وقف الدكتور رفعت ميرغني الرئيس المكلف لمفوضية حقوق الإنسان بالسودان والمكلفة بموجب قرار صادر من لجنة التمكين ليعلن تكريم قائد قوات الدعم السريع ونائب رئيس المجلس السيادي الإنقلابي الفريق أول محمد حمدان دقلو” حميدتي” ، كشخصية لحقوق الإنسان لعام ٢٠٢٢ وفقا لخطاب الدكتور/ ميرغني فإن الإختيار جاء للآتي ” دوره اللامحدود في دعم المفوضية، والقانون الدولي، حفظ الأمن ورتق النسيج الإجتماعي بإقليم دارفور”
اثار الأمر انتقادات كثيرة وانبرت اقلام للتصدي للأمر بحجج مختلفة لكن ما أود التعليق عليه هنا هو
أن طبيعة المفوضية وتفويضها أنها معنية بحالة حقوق الإنسان للمدنيين بالسودان، بما يجعل المؤسسات العسكرية والعسكريين خارج ذلك، السبب بسيط جدا، ان المفوضية أدواتها الأساسية التي تستند عليها مرتبطة بقوانين وطنية واتفاقيات وقعتها الدولة وصادقت عليها بشأن حالة المدنيين . هذا بشكل عام أما تفويض اللجنة المكلفة الصادر من الأستاذ محمد الفكي سليمان أثناء عضويته السابقة بالمجلس السيادي ورئاسة لجنة التمكين فقد نصت على بنود محددة كلجنة لتسيير العمل بل جاءت من ٩ أعضاء وليس ١٥ عضوا كما نص قانون المفوضية لسنة ٢٠٠٩ بهدف إنجاز التكليفات المحددة في خطاب التكليف .
في سبيل أداء عملها فهي منحت الإستقلالية، بالضرورة تتحقق في مصادر التمويل قبل استلامها سواء كانت شخصية ام مؤسسات مع الأخذ في الاعتبار بأن المصادر العسكرية تقع تحت شرط غير مسموح بالحصول على تمويل سواء عيني ام مادي منها لما سقناه عاليه، إضافة إلى أن الطبيعي أن يكون المصدر الأول هو الميزانية العامة وهو ذات مصدر القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على الأقل في ميزانية الدولة لعام ٢٠٢١. اضف إلى ذلك أن قانون ٢٠٠٩ غير المعمول به منح رئيس الجمهورية سلطة إجازة المصادر المالية الأخرى للمفوضية.
تكريم و اختيار شخصيات عسكرية ومنحها صفات محددة تخضع لأحكام القوانين العسكرية ويتم وفق الأعراف العسكرية سواء بالإشادات المهنية الترقيات أو غيرها لأن أفعالها مرتبطة بمفهوم أداء الواجب والتمييز فيه.
علاقة المفوضية بمؤسسات الدولة وقواتها النظامية وشبه النظامية مكانها تقاريرها الدورية التي تناقش وترصد الإلتزامات أو وصف الحالة.
لا أود نقاش الإختيار وشروطه و إعلان مسابقة الحالة من قبل المفوضية لأنه كما أشرت سيكون تزيد لإنتفاء سند ما تم من قبل المفوضية وفقا لتفويضها وطبيعة عملها واستقلالها لكن مع ذلك الإختيار لمثل هذه الحالات يأتي لشخص لأدوار قام بها شخصياً كفرد أود لمؤسسة لأدوار قامت بها تحت قيادة بما يجعل الطبيعي هو أن التكريم للدعم السريع، أضف إلى ذلك أن الأدوار التي اشير إليها قد تكون قامت بها قوات مشتركة، وهنا ندخل في صلب حالة تمييزية لا مبرر لها، ليت الأمر يقف هنا بل إنه وقف للوثيقة الدستورية ٢٠١٩ فإن قوات الدعم السريع تقع تحت إشراف القائد الأعلى للقوات المسلحة بما يجعل الأمر دستوريا ونظريا تحت مظلة القائد العام، للأسف دفعت المفوضية بإستقلاليتها إلى أتون الصراع بين المكون العسكري،
خطاب الدكتور/ رفعت ذكرني بطرفة تم تداولها مع بدايات أحداث دارفور في ٢٠٠٤ عقب تسكين مليشيا الجنجويد تحت مسمى حرس الحدود كوحدة تحت القوات المسلحة، أن أحد أفراد حرس الحدود أثناء تواجده داخل قاعدة للجيش وجد كرسيا أمام أحد مكاتب الإدارة فجلس عليه بعد أن نهض منه ضابط برتبة نقيب لأداء بعض المهام، عند عودته تفاجأ به جالسا فأمره بالنهوض، لكنه تفاجأ برفض تنفيذ الأمر مع رد ” ماني قايم” فرجل المليشيا كان على يقين بأن عليه طاعة الأوامر من قائده العشائري دون سواه ، قصدت من سرد ذلك الإشارة إلى أن رجل المليشيا لم يكن على معرفة بماهية الجيش ، فها هو رفعت يقف مكرما لكنه لم يستبين أنه يفعل ذلك بالمخالفة لتفويضه، بل اختلط الحابل بالنابل بين المشروعية وشروط تكريم الأشخاص والمؤسسات أو الأجسام، لكن قبل أن يكمل الدكتور/ ميرغني “بيع الموية فى حارة السقايين ” كما قال الفنان النوبي محمد منير ها هي بعثة الأمم المتحدة لدعم الفترة الإنتقالية اليونتامس تصدر مخاطبة بتاريخ ١٣ ديسمبر ٢٠٢٢ موجهة لمجلس الأمن والدفاع بخصوص المقبوض عليهم من ولاية غرب دارفور بموجب قانون الطوارئ والسلامة العامة ١٩٩٧ منذ منتصف ابريل ٢٠٢٢ و تجاوزهم الفترة القانونية ” الستة أشهر” بسجون الخرطوم وبورتسودان .
اخيرا: بحثت عن خبر التكريم بالموقع الرسمي للمفوضية فلم اجده، فحفزني الأمر للبحث أكثر عن أداء اللجنة المكلفة لأحصل على افادات من مصادر مختلفة بأن ٦ من ال٩ أعضاء المكلفين قد قدموا استقالاتهم عقب انقلاب ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١ لتكون المفوضية المكلفة حقا قد باعت ” الموية فى حارة السقايين” و استحقت شخص