محمد حسين آدم

فجعت الفاشر يوم الخميس الماضي بإغتيال رجل الأعمال محمد إبراهيم حسن إثر إطلاق النار عليه من قبل مسلحين مجهولين ،وقبلها بيومين في ذات المدينة قتلت قوة من الشرطة تتبع للمباحث المواطن محمد موسى بشير إثر إطلاق النار عليه لإشتباه في مركبة تخصه ،ردة الفعل الرسمية بالولاية لجنة الأمن او الشرطة كانت بطيئة وبيانها يحمل في جوفه إبهاماً أكثر من شرح للحقائق للرأي العام الذي يود أن يعرف حقيقة مخالفة قواعد الإشتباك والمداهمة التي قد تحدث بجانب تغييب النيابة العامة ، وفي نفس الشهر شهدت بعض مدن الولاية حوادث مشابهة، ولايمر شهر دون ضحايا في طول الولاية وعرضها .
إن إستمرار حالة السيولة الأمنية وضعف قادة القوات النظامية والوالي في منطقة لاتزال تعاني من آثار الحرب وعدم ملامسة نصوص إتفاقية السلام لأشواق المتضررين من الحرب بجانب الفراغ السياسي الذي تشهده الولاية ألقى بأعباء جسام على كاهل المواطنين ومظاهر الحياة الأخرى ممادفع ببعض ذوي الضحايا إلى الإحتجاج وإغلاق وسط مدينة الفاشر لأيام متتالية لتلكؤ السلطات وبطئها في تنفيذ الإجراءآت الطبيعية وصحيح القانون، خاصة في الجرائم الكبيرة المفضية للقتل والنهب نتيجة لأخطاء مهنية لجهات إنفاذ القانون او التقاعس أو مشاركة نظاميين بالإشتراك او التنفيذ في حالات كثيرة ، خاصة وأن الذاكرة الجمعية في إقليم دارفور ومناطق النزاعات لاتزال غضة وحية بذكريات عنف الدولة التي ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية عبر أذرعها النظامية والمليشيات الموالية لها وقمع مظاهر التعبير عن الرأي المختلف في الفضاء العام بجانب إتساع الفجوة بين المواطن وأجهزة إنفاذ القانون المفضية إلى فقدان الثقة في مناطق ينتشر فيها السلاح بشكل واسع وجماعي ، ومجتمعات مفككة إجتماعياً في ظل سؤ الأوضاع الإقتصادية وإرتفاع معدلات البطالة والتسرب عن مقاعد الدراسة ، مع وجود المتقاعسين من كبار الموظفين والقادة في الحكومات المحلية في مواقعهم أضحوا يمثلون حاضنة لإستمرارالأزمات .
إن تقديم بعض الجنود والضباط من الرتب الصغيرة في الشرطة أكباش فداء في حوادث الفاشر الأخيرة، دون مسائلة مدير شرطة الولاية والوالي بوصفه رئيساً للجنة الأمن ووزير الداخلية المكلف السيد عنان سيشجع على إستمرار هذا الواقع المؤلم وسيادة العنف وماينسحب عليها من وضع فوضوى والإفلات من العقاب من خلال الحماية الممنوحة لمرتكبي هذه الجرائم خاصة إذا كان مكفولاً بواسطة إطار قانوني وطني والذي كان حتى وقت قريب يحمي القوات النظامية من الملاحقة القضائية، والمتورطين في اي قضايا تستدعي المسائلة كتجدد بعض النزاعات العرقية في دارفور عقب كل مؤتمر صلح حكومي ، يتطلع ضحايا الحرب والمنكوبين بفعل خطل وسؤ تقديرات القادة إلى حق الحياة أولاً ناهيك عن الحقوق السياسية والإقتصادية والإجتماعية بشكل عادل ولكنهم غير موقنين بحجم الفواتير التي ينبغي دفعها دماً وأرواحاً حتى تتنفعل الدولة بأوضاعهم .

مداد أخير

بالتزامن مع حالة التردي الأمني التي تشهدها ولاية شمال دارفور نظمت حكومة الولاية الأسبوع الماضي منتدى لمناقشة أوضاع حقوق الإنسان وسيادة حكم القانون ورصد الإنتهاكات في الولاية بمشاركة مجلس الحكومة والمؤسسات الحكومية ذات الصلة وممثلين عن الحركات المسلحة ، مشروع المنتدى بالولاية هو قديم منذ إستفحال الحرب بدارفور ساهمت فيها الضغوط الدولية ووكالات الأمم المتحدة المعنية والمنظمات الحقوقية في إقراره وكان مجلس حكومة الولاية أيام الوالي عثمان كبر قد صادق على إقامته ، لكن اللافت هو تغييب المحامين وبعض الجهات والكيانات المرتبطة بقضايا حقوق الإنسان خاصة في مناطق النزاعات بجانب تسمية الوالي رئيساً للمنتدى وهولا يتسق بوصفه رأساً للسلطة التنفيذية ، نأمل من الإدارة القانونية او مستشاري الوالي بتجويد تجربة تجاوزت أكثر من عقد من الزمان وتطويرها.