بقلم : محمد بدوي
تمهيد
يبدأ المقال وينتهي ملتزم بإعلاء كل جهد، وتعزيز اعمال الخير بالتقدير، هذا المنطلق يجعله لا يقترب من التقليل او القدح، بقدر ما هو تناول تقديري مع الدفع بمقترحات قد تعبد المسار نحو بهاء في سيرة بيوت يرفع فيها الاذان وتقام فيها الصلاة، وللنوايا من ينظر اليها برفق الرحمة والقصد.
(١)
حملت وسائل التواصل الاجتماعي خبرا عن اختيار الجمعة الاخيرة في شهر شعبان والتي تصادف السابع عشر من مارس٢٠٢٣ موعدا لافتتاح مسجد الفاشر الكبير بعد إكتمال المبني الذي شيد على أنقاض المبنى القدير، الصور التي حملتها وسائل الاخبار البديلة للمبني الجديد كشف عن اتساعه لأضعاف المصليين مقارنة بالسابق، وتصميم حديث على نسق معاصر، جاء الافتتاح بعد حوالي ست سنوات استغرقها انجاز الاحلال، وهو جهد يشكر عليه من تبرعوا بجهد الاشراف، ودعاء بالخير لكل من مد يد الخير سرا او علانية فالقبول والثواب من لدن القدير.
(٢)
ترجح الروايات تشيد المبني القديم في ١٩٣٣، بعد أن رحل من الموقع من كانوا يقطنونه منهم أسرة الخواجة أكلم والسيدة/ مريم بت السلطان ابراهيم قرض صاحبة التاية التي لم تكن تنطفي، حمل المبني طراز معماري انحاز للفترة الاستعمارية، فجعله ينتمي الي مجموعة مبان كثيرة داخل المدينة وفي بقاع اخري من العالم على ذات النسق دخل بعضها حيز التقييم التقييمي ، بينما فصل بين المبني القديم وذاك التصنيف خمسة أعوام كتقدير أقصي، تقدر مساحة المسجد لحوالي ١٠٠٠٠ متر مربع ليثور سؤال هل كان يمكن مع جهد التحديث الحفاظ على القيمة التاريخية والاثرية !
(٣)
بالنظر الي حال المسجد قبل خلال ال ٣٣ عاما الماضية يمكن ملاحظة التغييرات التي طرأت وتمثلت في ظاهرة المحال التجارية المشيدة على اسوار المساحة الكلية للمسجد، فلو استصحبت وزارة الشئون الدينية والاوقاف خصوصية دور العبادة لما أذنت بذلك، لن تصمد دفوع تسخير عوائد ايجار المحال لخدمة المسجد، فهو فعل لم يكن في غابر الايام ولم يشهد التاريخ تراجع أكف الخير عن خدمة دور العبادة .
(٤)
جاء افتتاح المبني الجديد وفصل بينه وبين رحيل مولانا عبداللطيف بشير الامام الراتب السابق ردحا من زمن له المغفرة والرحمة حوالي ٢٥ يوما ، العزاء لأسرته ابنه محمد وشقيقه مولانا بشير وبقية افراد اسرته واصدقائه وعارفي فضله ، فقد كان مدرسة في الخطابة والامامة حيث داب على ترديد سور وآيات على وجه الاختيار ولا سيما في صلاة الجمعة تركزت حول بر الوالدين، وجزاء التقوي، فتواترت اجيال على حفظها من اصطفافهم خلفه، اما خطبه كانت تحفيزا للالتزام بالتعاضد بين الناس، كما لم يغب عن اكف الدعاء تضرع لسقيا الغمام، تحببك اليه مراعاته لأداء الصلوات بما يجمع بين الخشوع والبعد عن الاطالة فكان يراعي للجميع حال ولأصحاب الحال يسر، يتسرب صوته بلكنه محببه كست ترتيله طلاوة وحضور لطيف كاسمه، بالرغم من أننا من جيل ” ترهفت” اذاننا في السياق الزمني لمولانا عبداللطيف، لكن ذاكرة العطاء تشمل بالرحمة الائمة السابقين من مولانا كاكوم، ابراهيم عبد الماجد، الشريف كرار وحسب النبي يوسف ولفترة قصيرة مولانا مالك، المؤذنون عبدالله يوسف ” يوسفوا” يذكر أسمه بالخير ايضا في سجل جيل المناضلين الذين حرقوا العلم الانجليزي بالفاشر في ١٩٥٢، حسن كوكس والطاهر فضل مركز لهم جميعا ولمن فاتني ذكره الرحمة وحسن المآب .
(٥)
هاهو المبني الجديد يشهد على بداية حال كشف عن جهد كبير وعطاء حتى اكتمل الحال واذن للمصليين بالصلاة في باحته في جمعة شعبان الاخيرة، سيكتمل الحسن اذ صوبنا البصيرة صوب ما شيد على اسوار المسجد وتآملنا غياب تلك المحال عن الارتباط بالمكان، سنجد أن تسوير دور العبادة بالخصوصية اليق واكرم بها ، الحاق المحال المستأجرة بمباني المرافق العامة تحت ذريعة أو توصيف الاستثمار حالة يشوبها الكثير لا مجال لذكرها في هذا السجل، بما يجعل سريان تلك الحالة الي دور العبادة بشكل لم يترك الا المداخل أمر يتطلب التفكير الجاد للفصل بين قدسية دور العبادة والانشطة التي تقترب من لافته االاستثما،والله جميل يحب الجمال.