بقلم : محمد بدوي

في البدء الف رحمه ونور على أرواح القتلي وشفاء للمصابين في كل البلاد، ولعل أول ما يجب الإشارة إليه مناشدة طرفي الصراع الدائر بوقف الاشتباك الفوري لحماية أرواح المدنيين والبلاد من الانزلاق، وعلى جميع السودانيات والسودانيين إعلاء روح المسئولية وثورة ديسمبر المجيدة بعدم الانزلاق نحو خطاب الكراهية فهو ما سيسعي إليه الأطراف في سياق ما يجري الآن ..

يتبادر سؤال في الأذهان عن ما يحدث ودوافعه، ما يحدث معركة مؤجلة بين الأطراف عقب المحاولة الانقلابية في سبتمبر ٢٠٢١، التي مثلث إحدى حلقات المحاولات الانقلابية منذ يوليو ٢٠١٩، اسباب تفجرها في هذا التوقيت ارتبط بالتراجع الذي احدثه انقلاب ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١ بما اعاد الموارد والافلات من المحاسبة ومساحة لاعادة تنظيم الصفوف لأعضاء النظام السابق المحلول، محاولات عرقلة الاتفاق الاطاري كانت مؤشرات لعودة ارتفاع وتيرة التوترات بين الطرفين جنرالات اللجنة الامنية والدعم السريع لكن مضت تلك العرقلة الي اسنادها من بعض قادة المؤتمر الوطني المحلول مما جعلها تنتقل الي خطوة تقفز الي السيطرة على السلطة مره اخري، المؤشرات التي سبقت بداية الاحداث من ارسال الدعم السريع قوة في ١٧٠ سيارة عسكرية واحضار قوات من اقليم دارفور الي الخرطوم ” ارض المعسكرات بسوبا ” كانت تطرح سؤالا عن ماهيتها في ظل تطمينات من قادة الجيش بالعودة الي التهدئة كخطوة للانخراط مجددا في ملف الترتيبات الامنية، هذا فضلا عن انفجار الحال بين ٩ الي ١٣ ابريل ٢٠٢٣ في فور برنقا، كبكابية، ام كدادة ،شالايا بكل من غرب وشمال ووسط دارفور مما خلفت ما جاوز ال ٦٣ من الضحايا بالإضافة الي عشرات المصابين، اضافة الي استهداف ٤ من ضباط الجيش بينهم ضابط صف، وما لا يقل من ١٠ من رجال الشرطة، كل هذا و رد فعل الاطراف في الخرطوم لم يذهب ابعد من النعي لبعض رجال القوات النظامية، فمجمل الحال كان يشير الي أن الأطراف في تركيز مع الخرطوم وما سيحدث فيها .

محاولات السيطرة على السلطة بدأت منذ أحداث فض الاعتصام ثم اتخذت اشكال التراجع الامني الذي شكل دائرة كاملة منذ يونيو ٢٠١٩ في إثارة صراعات اثنيه بين المكونات السودانية بدأ من ولاية نهر النيل التي تمثلت في احداث النوبة والقرعان ثم بورتسودان، كسلا ، حلفا الجديدة، بالقضارف، زالنجي، ابيي ، الجنينة، مستري، فتابرنو، الجنينة، كلبس، سرف عمره،جبل مون، الفولة، الدمازين، فور برنقا، هذا مع استمرار قمع المواكب السلمية التي عاد بعد محاولة انقلاب سبتمبر ٢٠٢١،حتي وصل الحال الي صراع التصريحات الاعلامية بين القادة العسكريين للطرفيين في سياق مع او ضد الاتفاق الاطاري، فالصراع سياقه ان الاسلاميين هم من صنعوا قوات حرس الحدود والدعم السريع للاستعانة بها في الصراع في دارفور، ثم قادت صراعات الاسلاميين الي دخولهم مشهد السلطة عقب سقوط البشير لكن حاول الاسلاميين التخلص منهم مره اخري، لكن دون الانتباه الي ان دخول عنصري الموارد في سياق بنية الدعم السريع جعلها في سياق تحالفات اقليمية، اضافة الي ان التحول الذي حدث في المشاركة في حرب اليمن الذي تحول الي دخول الموارد المادية في سياق المشاركة في خطوة ابعد من سياق المكاسب التقليدية المليشيات التي تكتفي بالغنائم، استطاع الحلفاء الاقليمين والدوليين مساعدة الدعم السريع للوصول الي خريطة كاملة للموارد ودخولها الاسواق الحصرية للتسويق، والنظر الي حماية هذه الموارد في سياق التعزيز العسكري للقوة والسلطة، التكتيكات التي استخدمها الدعم السريع بانسحابه من الكباري والمشاركة في قمع الاحتجاجات من ٣٠ يونيو ٢٠٢٢ جعلته يتبني تكتيك خطابي مساند للحل السلمي وتبني دعم الاطاري مستفيدا من مهادنة المجتمع الدولي له بالاشادات على سبيل المثال كمساهم في استقرار الاوضاع بدارفور في الفترة بين يوليو الي سبتمبر ٢٠٢٢،كما استفاد من انسحابه من مواجهة قمع الشارع في محاولة اكساب قواته انضباط ولغة منحازة الي الاستقرار السياسي وعداء موجه للكيزان

تراجع الجيش تسببت فيه الايدلوجيا التي نفذتها الحركة الاسلامية عقب استيلاءها على السلطة، فعجز عن تحقيق الانتصار على الحركة الشعبية في الجنوب او الحركة الشعبية سمال في الفترة من ٢٠١١ الي ٢٠١٧، عودة ذات التأثير مره اخري في سياق مواجهة الشارع قاد الي اسقاط البشير، لكن الاصرار ظل مستمرا مره اخري عقب انقلاب ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١ وهي الفترة التي استغلها الدعم السريع لتعزيز خطوطه والاستفادة من ان تطور المليشيات مرتبط بتراجع الجيوش لأنها تمثل خصما عليه في الامتيازات وهنا الحالة اكثر تطورا لان مشهدها ارتبط بالتحالفات الاقليمية والدولية والموارد وهو ما يشكل محصلة ما يجري الان في البلاد

الصراع الراهن قادته ثابتون بينما تحول مسرحه من مناطق الصراعات الاخري الي الخرطوم فحوالي عشرون عاما كفيلة بتحول من كانوا يقاتلون للحركة الاسلامية لتظل في السلطة ليتقاتلوا كأصلاء من اجل السلطة لأنفسهم هذا دون اسقاط التحالفات التي اعادت بعض قادة المؤتمر الوطني المحلول الذين كانوا جزء من طرف الصراع مع البشير حل السلطة لاستخدام اللجنة الامنية للعودة للسلطة التي حرمهم منها البشير واسقطهم الشعب معا، اذن دوافع الصراع الان يخص الاطراف لأنه مرتبط بالبقاء، مع الاخذ في الاعتبار الي انعدام الثقة بين الاطراف في حدها الأدنى، اذن مجمل الحالة الان يمثل امتداد للحالة للنظام السابق، فالعتاد الذي يجري به الاشتباك من موارد الدولة التي كانت من الجدير توجيهها لرفاهية الشعب وليس قتله.

ماحملته وسائل الانباء عن استهداف سيارة مصفحة للسفارة الامريكية و الاعتداء على سفير الاتحاد الأوروبي بالخرطوم يكشف ما تحجبه التصريحات المتبادلة من الاعتداءات التي تطال المدنيين تحت نيران الاشتباك، كذلك قد يشير الي انهاك الاطراف عمليا وبداية فقدان السيطرة بينما يظل احتمال دخول المشهد الي رسائل متطرفة وارد.

أخيرا : نناشد بقوة الاطراف بالوقف الفوري للقتال مع تزايد ارتفاع الضحايا وانعدام سبل الاسعاف.