الخرطوم سلاميديا
أعد التقرير الاستقصائي :
تاية بدر الدين
تهاني سعدان
مآب الميرغني
خبيرة في مجال الصحة الإنجابية: خروجهن قسريًا من منازلهن دون أخذ الاحتياطات اللازمة يتسبب في زيادة الضغط النفسي.
صندوق الأمم المتحدة: معسكرات النزوح في دارفور مهددة بالاعتداء الجنسي والجسدي على النساء النازحات.
استاذ بالمرحلة الثانوية: هناك تدني في الوعي بأهمية التعليم، فضلًا عن غياب قانون رادع يلزم الأسرة بتعليم أبناءها وهذا بسبب عدم التزام السلطات المعنية بمجانية التعليم.
مختصة في مجال المحافظة على الطبيعة: تدمير المدارس بشكل مباشر أثر على المسيرة التعليمية للذكور والإناث.
مزارعة: المزارعات تضاعفت معاناتهن بآلام في الظهر والسلسلة الفقرية وضربات الشمس بسبب عملهن لساعات إضافية.
تكررت عبارة “التغير المناخي” كثيرا في نشرات الأخبار، المواد الصحفية، وغيرها من محتوى مواقع التواصل الاجتماعي. المناخ هو حالة الطقس عبر فترة زمنية طويلة، وهو القيمة المتوقعة لكل من الرطوبة والرياح والأمطار والحرارة والضغط الجوي، لمنطقة جغرافية واسعة.
يعرف التغيير المناخي على أنه التغير الذي يحدث في مناخ الإقليم أو مناخ العالم عبر فترة زمنية طويلة، يمكن أن تتجاوز القرون، ويكمن السبب وراء حدوث هذا التغيير هو العمليات الداخلية للأرض أو بعض الأنشطة البشرية، ومن أهم هذه التغيرات هي تغير درجة الحرارة الموجودة على سطح الأرض.
وبالتوازي مع حدث مهم كقمة المناخ الأفريقية التي أقيمت في سبتمبر ٢٠٢٣ قبيل مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، المعرف اختصارا بـ (كوب ٢٨) المقامة في الإمارات العربية المتحدة، شهدت الكثير من الدول أحداثا مناخية متطرفة، كما حدثت كوارث طبيعية، ومن أبرزها إعصار دانيال في ليبيا، الذي أثر على البنية التحتية لمدينة درنة الساحلية. بالإضافة لذلك، حدث زلزال المغرب الذي خلف أكثر من ٢٩٠٠ من الضحايا، بالاضافة إلى اصابة ما يتجاوز ٥٠٠٠ شخص.
هذه الأحداث، فتحت الباب أمام نقاشات جادة لنتائج التغير المناخي وكيفية التعامل مع التحديات الماثلة، خصوصا أن الأمين العام للأمم المتحدة، انتونيو غوتيرش، قد صرح قائلا بأن “الكوكب يغلي“. و أعلن موقع المركز الأمريكي للملاحة الجوية وإدارة الفضاء، المعروف بـ (ناسا)، أن شهر يوليو ٢٠٢٣ هو الأكثر سخونة على الإطلاق منذ العام ١٨٨٠.
التغير المناخي يؤثر سلبا على الغطاء النباتي، ماقد يؤدي إلى آثار أخرى نفسية واجتماعية واقتصادية وسياسية. وفي هذا التقرير، نلقي الضوء على تلك الظلال التي يخلفها تغير المناخ على فرص النساء في الصحة والتعليم في السودان. يركز التقرير على إقليم دارفور وإقليم النيل، كونهما إقليمان يعانيان شح في المياه، والفيضانات، والجفاف، بالاضافة إلى معسكرات النزوح. يعمل التقرير على إثبات فرضية أن النساء هن أكثر من يعانين بسبب التغييرات المناخية، مستعينين بأدوات المصدر المفتوح، وافادات من الخبراء والخبيرات، بالاضافة لاستبيان شمل عينة من مستخدمي مواقع التواصل الإجتماعي من الذكور والإناث، يستهدف تقييم الوعي بالتغييرات المناخية.
النساء والتغير المناخي:
تقول سيدة ذات ٤٥ عاماً من (القرية 1) بريفي الدمازين -فضلت حجب اسمها- تعمل في الزراعة بمنطقة قنيص، شرق محلية الروصيرص بأقليم النيل الأزرق، أنهن يعانين من عدم وصول إمدادات المياه للقرية، فيعتمدن كليا على حفير المياه الذي يمتلئ في الخريف ويجف في الصيف. وفي حال تأخر الأمطار، ذكرت أنهن يذهبن إلى النهر لإيراد المياه، ولكنها رحلة شاقة تستمر لأكثر من ساعتين مشيا ذهابا، ومثلها إيابا، وفي بعض الأحيان نستعين بمياه الآبار، ولكنها بعيدة، بالاضافة إلى أن طعمها غيرر مستساغ. ذكرت أيضا أن النساء يتأذين من حمل المياه بسبب ثقل وزنها، فقد تسبب هذا الروتين في تقوس ظهور بعضهن، بالاضافة لتورم الأرجل بعد هذه الرحلة الشاقة.
للتحقق من المسافة التي يقطعنها النساء إلي النهر من القرية 1، استخدمنا “خرائط قوقل” لقياس المسافة. وجدنا أن المسافة بين القرية والنهر تبلع ٥.٨٨ كيلومتر تقريبا. هذه هي المسافة كخط مستقيم، ولكن تعرجات الطريق والعوائق الأخرى من زراعة وتضاريس قد تطيل المسافة.
لقطة شاشة توضح المسافة بين القرية 1 والنهر (المصدر: خرائط قوقل)
مضاعفات أخرى:
وتلخص قصتها المزارعة، وعضو الجمعية الخيرية الخاصة بشبكة نساء النيل الأزرق عواطف عيسى، تقول: “أقطن و امتهن الزراعة في قنيص شرق، حيث تبلغ المسافة من منزلي إلى مكان عملي حوالي نصف ساعة. على غير العادة، أتت أمطار هذا العام “خفيفة” ليس كسابق الأعوام مما اضطر بعض زميلاتي لإعادة زراعة ما زرعنه من الفول واللوبيا والذرة، وذلك بسبب جفاف الأرض، مما زاد معاناتهن من آلام الظهر، والسلسلة الفقرية، وضربات الشمس. أصبحن يعملن من الساعة السادسة صباحًا حتى العاشرة صباحا دون توقف أو راحة، ويجلسن لأخذ قسط من الراحة ثم يعاودن وضع البذور حتى منتصف النهار، ومن ثم يعدن إلى منازلهن. وبحسب موقع (ويذر سبارك) المختص ببيانات الطقس، فإن معدل هطول الامطار في أغسطس ٢٠٢٣ بلغ ٥.٩ بوصة.
رسم بياني يوضح معدل هطول الأمطار في العام ٢٠٢٣ (المصدر: موقع ويذر سبارك)
إحتياطات وإحتياجات:
أشارت د. مروة تاج الدين وهي خبيرة وإخصائية في الصحة الإنجابية، إلى النساء يواجهن تحديات صحية إنجابية في مخيمات النزوح، حيث قد يضطررن إلى الفرار من منازلهن أثناء الحمل بسبب الفيضانات أو الجفاف، مما يجعل من الصعب عليهن متابعة الطبيب. كما أن وصول حقائب الكرامة التي تحتوي على مستلزمات صحية للنساء قد يتأخر، وقد لا تكون كافية لتلبية احتياجات جميع النساء. ايضآ يتعرض النساء في مراكز النزوح لتحرش او عنف جنسي قد يصل في بعض الأحيان إلى الاغتصاب. بسبب الازدحام وقلة دورات المياه، قد لا تتمكن بعض النساء من الذهاب إلى دورات المياه ليلاً. هذا يعني أنهن قد يضطررن إلى ارتداء الفوط الصحية لفترة أطول من اللازم، مما قد يؤدي إلى التهابات حادة ومشاكل صحية خطيرة في الصحة الإنجابية.
توضح د. مروة أن صعوبة الحياة في المعسكرات تقيد حركة النساء، حيث أنها مختلطة ومزدحمة، كما أن دورات المياه بعيدة عن المخيمات، مما يجعل من الصعب تغيير الفوط الصحية بطريقة مريحة. بالإضافة إلى ذلك، فإن شح المياه.
هنالك تأثيرات مباشرة للتغييرات المناخية على صحة النساء الإنجابية منها ان هنالك دراسات رجحت على أن التغييرات المناخية تؤثر مباشرة على نسبة ذكاء الطفل المولود في حالة تعرض الأم الحامل لإنبعاثات ضارة. كما أن لتغيرات المناخية تؤثر على النساء والرجال بطرق عديدة، بما في ذلك زيادة خطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي، وانخفاض فرص الإنجاب، وزيادة خطر العقم وتأخر الإنجاب.
وأفادت دراسة نشرت على المكتبة الوطنية الأمريكية للطب، أن النتائج التي توصلت إليها تشير إلى أن التعرض للانبعاثات والتلوث، يضعف النمو العصبي للجنين.
ضحايا الكوارث الطبيعية:
ذكر د. القرشي موسى علي مدير مكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان بولاية القضارف ومحلل برامج الصحة الإنجابية وقضايا الجندر أن المناخ يؤثرعلى ازدياد حالة الجفاف لمصادر المياه، وقد يؤدي ذلك إلى النزوح أو اللجوء أو تغيير نمط حياة السكان الزراعي والإنتاجي والصناعي، ويقع ذلك أيضا على ربات البيوت.
واستطرد حديثه قائلا، ان مهددات الاعتداء الجنسي والجسدي على النساء في معسكرات النزوح في دارفور كانت تقع على النساء في أثناء الذهاب إلى الاحتطاب، حيث أن التغير المناخي قد أثر على مصادر المياه وتسبب في انحسار الغطاء النباتي، مما جعل رحلة الاحتطاب بعيدة عن مناطق السكن.
أكد الدكتور قرشي أن النساء والفتيات يتحملن بشكل غير متناسب عبء الأحداث المتعلقة بالمناخ والضغوط البيئية. حيث تشكل النساء ٢٠ مليونً من أصل ٢٦ مليون شخص نزحوا بالفعل بسبب تغير المناخ.
في ولاية القضارف بالسودان، تتعرض بعض المحليات (المفازة والرهد والفاو) سنويًا إلى أعاصير وأمطار غزيرة وفيضانات بسبب المناخ المتقلب. هذه الفيضانات تؤدي إلى قطع الطرق وإيقاف الحركة بين المدن. كما أنها تؤثر على استقرار التعليم والصحة، إما بسبب انهيار البنية التحتية الأساسية، أو بسبب حركة النزوح السنوية التي تصاحب الفيضانات، والتي تؤدي إلى استخدام المدارس كمراكز إيواء.
وجدنا أن دراسة صدرت في العام ٢٠١٦ من برنامج الأمم المتحدة للتنمية (UNDP)، قد ذكرت أن النساء يمثلن ما نسبته ٨٠ بالمئة من النازحين بسبب التغيرات المناخية.
خطر الموت يهدد الطفلات:
تعمل د. عائشة عبد العزيز من المبادرة النسوية للتوعية (وعي) مع النساء في محليات النيل الأزرق لرفع قدراتهن وتزويدهن بالأدوات والمعرفة الصحية. وتعاني النساء والفتيات في هذه المحليات من الإجهاد المستمر بسبب نقل المياه من مسافات بعيدة. وكثيرًا ما تسقط الطفلات في الآبار أثناء محاولتهن جلب المياه، مما قد يؤدي إلى موتهن. حدثت عدة حوادث سقوط في الآبار، تحديدا في منطقتي الكيلي، والشهيد أفندي.
قامت وزارة التربية والتعليم في عدد من المحليات بتنفيذ دروس مسائية للمتغيبات عن الدراسة بسبب جلب المياه، ولكن لم تنجح هذه التجربة بسبب تعب الطفلات اليومي.
يشكل بعد القرى عن مصادر المياه مشكلة صحية خطيرة للنساء والفتيات. كما أن تغير المناخ يفاقم هذه المشكلة، حيث يؤدي إلى تغير أنماط هطول الأمطار وانحسار مصادر المياه.
خريطة توضح بعض مناطق حدوث السقوط في الآبار
الأطفال وفقر القوانيين:
يقول وكيل مدرسة الفاشر والأستاذ المساعد بجامعة الفاشر سليمان عيسى محمد أحمد أن الأطفال ينخرطون في العمل الزراعي منذ الصغر مع أسرهم الصغيرة،،ويكون العمل في البدء لملء وقت الفراغ، يكون عملا غير مأجور. وأرجع ذلك إلى تدني مستوى دخل الأسرة، وبالتالي تصبح غير قادرة على الوفاء بمستلزمات أبناءها في المدارس. وأكد عيسى أن أطفال المدارس من الجنسين في المناطق الريفية يمارسون مهنة الاحتطاب وانتاج الفحم، ويعملون أيضا في المصانع، خاصة مصانع الزيوت، بأجور زهيدة.
تأثير الثقافة المحلية والتغير المناخي على فرص النساء:
أكدت المتخصصة في مجال المحافظة على الطبيعة رزان بشير أن تغير المناخ يؤثر على التعليم والصحة للنساء والفتيات في السودان. وأرجعت ذلك لأسباب ثقافية، حيث أن النساء مسؤولات من إيراد المياه للزراعة وغيرها من الأغراض، وهو ما يستهلك وقتهن ويجعلهن غير قادرات على التعلم. وقالت إن الأحداث الجوية المتطرفة، مثل الجفاف والفيضانات، تؤدي إلى تدمير المدارس والبنية التحتية الصحية. كما تؤدي إلى تعطيل الدراسة والعمل، مما يجعل من الصعب على النساء والفتيات الحصول على التعليم والرعاية الصحية.
وأضافت أن النساء والفتيات يتحملن أعباء أكبر من الرجال في الزراعة والرعي، مما يجعلهن أكثر عرضة للآثار الاقتصادية لتغير المناخ. كما أنهن أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المرتبطة بتغير المناخ، مثل الكوليرا والبلهارسيا، بسبب نقص الوصول إلى المياه النظيفة، واحتكاكهن بشكل مباشر بمصادر المياه.
تقارير ودراسات سابقة:
كثيرا ما نقرأ عن تقارير أصدرتها الأمم المتحدة، تحدثت فيها عن النساء وأثر عوامل تغير المناخ، وأكدت أن النساء في جميع أنحاء العالم عامل مهم من عوامل التغيير.
ذكرت بلقيس عثمان العشا، وهي كاتبة مشاركة في تقرير التقييم الرابع للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، وهي هيئة تابعة للأمم المتحدة، أن “الجندر” وعدم المساواة بين الجنسين هو الظلم الساحق في عصرنا وأكبر تحدٍ نواجهة بشأن حقوق الإنسان. المساواة بين الجنسين والعمل على تحقيقه يرجع لأُلوف السنين، فانتقاص حق النساء فعل متجذر، هو ما يخلق فجوة بين الجنسين سواء كان ذلك على المستوى الاقتصادي، أو السياسي، أو الاجتماعي، أو المهني. وترى العشا، أن العمل لتحقيق المساواة بين الجنسين هو المفتاح لمعالجة المخاطر المتزايدة التي يشكلها تغير المناخ.
ترى منظمة الصحة العالمية، أن تغير المناخ يؤدي إلى تفشي الأمراض مثل الكوليرا، وحمى الضنك، وسوء التغذية، وغيرها من المشكلات الصحية، فضلًا عن الجفاف والفيضانات، التي تتسب في مواجهة المواطنيين بتأثر كبير بالجوع الحاد. وتقول المنظمة: “إنّ تغيّر المناخ يشكل أكبر تهديد للصحة البشرية”، ويتوقع أن يتسبّب في نحو ٢٥٠ ألف وفاة سنوياً بين عامي ٢٠٣٠ و٢٠٥٠ بسبب سوء التغذية، والملاريا، والإسهال، والإجهاد الحراري. وتقدر أن تتراوح التكاليف المباشرة للأضرار الصحية بين ٢ و٤ مليارات دولار سنوياً بحلول عام ٢٠٣٠.
وعلى هذا النحو، ذكر تقرير لبرنامج الأمم المتحدة للمرأة، أن المرأة تتحمل ٧٥ بالمئة من الأعمال غير مدفوعة الأجر حول العالم، لافتة إلى أنه في حالة وقوع كارثة “لا تملك المرأة الموارد المالية للتعامل مع الوضع الناتج”.
إستفتاء مفتوح:
وفقًا لإستبيان أجريناه، حاولنا قياس الرأي العام على مواقع التواصل الإجتماعي،حرصًا منا على معرفة رأي الجميع ومدى درجة إستيعابهم.
بلغ عدد العينة المستفتاة ٤١ شخصا من الذكور والإناث من مختلف فئات المجتمع السوداني، حيث بلغت استجابةالإناث٥١.٢ بالمئة، بينما الذكور ٤٨.٨ بالمئة.
أشارت نسبة ٩٠.٢ بالمئة من العينة المستفتاة، أن السودان يتعرض لتغير المناخ، وذلك بسبب تغيرات درجات الحرارة بشكل كبير مقارنةً بالأعوام السابقة، بالإضافة إلى تداخل الفصول. تسبب تغير المناخ في زيادة الرطوبة، مما أدى إلى تغير مناسيب النيل، خاصة في ولاية سنار. وقد أدى ذلك إلى تهديد النشاط البستاني، وهو أحد أهم الأنشطة الاقتصادية في الولاية. كما شكل خطرًا على السكان الذين يعيشون بالقرب من النيل، وأدى إلى تدمير الحدائق البستانية على ضفتي النهر.
ولفتت مجمل الإفادات إلى أن التغير المناخي له أثر إقتصادي في ولاية البحر الأحمر، خصوصا مدينة بورتسودان، بإعتبار أن هناك زيادة غير مسبوقة لدرجات الحرارة، أدت إلى زيادة الطلب في المياه، التي تعتبر في الأساس مشكلة أزلية في المنطقة، إضافة لزيادة الإستهلاك في الكهرباء مما سبب مشاكل في إستقرار التيار نفسه، فضلًا عن إنخفاض مصادر دخل الأسر في المنطقة، مما استدعى عددًا من النساء البحث عن فرص عمل لمساعدة أسرهم والتخلي عن التعليم.
وأكدت إحدى المستجيبات للاستطلاع، تعرض نساء منطقتها بإقليم النيل الأزرق إلى النزوح القسري بسبب أحداث متعلقة بتغير المناخ، مما تسبب في حدوث حالات إجهاض.
وبلجهة حادة انتقد أحدهم “الحكومة”، قائلا بأنها لم تنتهج سياسة واضحة تساعد على الإستقرار ومعالجة الآثار البيئية للسدود، مما شجع على زيادة معدلات الهجرة والنزوح الداخلي بسبب الأوضاع الإقتصادية ما أدى إلى إهمال وتدهور القطاع التقليدي، وقلص فرص النساء في العمل جنبًا إلى جنب مع الرجال، فقد تحولت الزراعة التقليدية إلى زراعة آلية بمساحات أكبر.
وفي سؤال الإستبيان، هل يهدد تغير المناخ حياة النساء والفتيات، أجاب ١٧.١ بالمئة بـ لا، بينما ٨٢.٩ بـ نعم.
حوى الاستبيان سؤالا حول كيف يضاعف التغير المناخي معاناة النساء والفتيات. ذكرت النتائج، أن تغير المناخ يجعلهن أكثر عرضه للعنف، بينما إرتفاع درجة الحرارة العالية تغير مزاج النساء والفتيات لعدم تحملهن درجات الحرارة العالية، كما يتسبب أيضا في النزوح من منطقة إلى منطقة. ولفتت النتائج، إلى أن السيول والأمطار والفيضانات عادة ما تهدم المنازل وتشرد الأسر في الشوارع والأزقة، وغالب الأسر تحتوي بنسبة ٧٥ بالمئة من النساء والفتيات، مما يؤدي إلى تعرضهن للاغتصاب والتحرش الجنسي واللفظي والعنف الأسري والاجتماعي. وأشارت أراء المستجيبين، أنه نظرًا للضائقة الاقتصادية التي تمر بها الأسر بسبب فقدها لمنازلها وأماكن العمل وممتلكاتها، يعرض فتياتها للزواج وهن في سن مبكر، وذلك لخفض عدد أفراد الأسرة، أو لجلب المال مقابل الزواج.
وحول تكيف النساء مع تغيرات المناخ، تبين أن النساء يقاومن التغيرات بتوقع الكواراث التي إعتادوا عليها في حياتهن، بإعتبار إنهن يقع عليهن العبء الأكبر في معظم المتطلبات الحياتية، سواء كانت داخل المنزل أو في الحقول، بجانب أن بعضهن اعتزمن على تكوين جمعيات تعاونية تساعدهن على توفير الإحتياجات الصغيرة من الفوط الصحية ومعدات الرعاية الصحية الأولية، بجانب إقامة فصول دراسية للفتيات في مناطق النزوح، في ظل غياب شبه تام لمؤسسات الدولة.
تشير إحدى الإجابات إلى أن النساء في محلية قلي بولاية النيل الأبيض، وهي منطقة ريفية، يعتمدن في معيشتهن على الزراعة والرعي وحلب الأغنام. وقد أدى تغير المناخ إلى تغير أنماط الحياة في المنطقة، مما أجبر النساء على زيادة المساحات المزروعة وساعات العمل للحصول على دخل أكبر.
وهذا التغير في أنماط الحياة هو مثال على تكيف النساء مع تغير المناخ. حيث يبذلن قصارى جهدهن للتغلب على التحديات التي يفرضها تغير المناخ على سبل عيشهن.
بحسب ما ذكر، فإن معاناة النساء اليومية، تزيد بزيادة التأثيرات المناخية على السودان، وخاصة المرأة السودانية في الريف، بسبب ما تواجهه من تعقيدات لها علاقة بالثقافة المحلية، وعدم المساواة، وسيطرة الذكور على المجتمعات السودانية.كما أن فرصهن في التعليم والصحة قد تنعدم في بعض المناطق. لأسباب ثقافية وأخرى صحية، وأسباب تتعلق بهشاشة البنية التحتية، وعدم وعي صانعي القرار بالتغيرات المناخية، وآثارها وبالتالي عدم ضمان رؤى واضحة لحلها.
وبعد استعراض العديد من المشكلات سواء كانت تتعلق بالمجال الصحي عامة، وصحة النساء خاصة، والتغييرات المناخية أو تعليم النساء، نرى أن الحلول لا تنفصل عن معرفة المشاكل، ورفع الوعي المرأة نفسها، وضمان تعليمها، ووعي المجتمع ككل بالتغييرات المناخية وتأثيراتها على الجميع وتأثيراتها على النساء بشكل خاص. بالإضافة لتسليط المزيد من الضوء على معاناة النساء اليومية، بسبب العقلية الذكورية المسيطرة، وضرورة تواجدهن في مراكز صنع القرار، وعدم انفصال السودان من الرؤية الدولية لمواجهة تلك التغييرات، حيث تعول الكثير من الدول على النساء الأكثر فاعلية وتثيرا في المجتمعات المحلية، وذلك لرفع الوعي ومواجهة أسباب التغيرات المناخية وبالتالي تقليل آثارها