تقرير – سلاميديا

تشير العديد من تقارير المنظمات الدولية والأممية أن حرب 15 أبريل 2023م صاحبها ارتفاع ملحوظ في معدلات الانتهاكات بوتيرة غير مسبوقة في تاريخ الحروب بالسودان. لقد زادت الانتهاكات بإقليم دارفور اثناء الحرب الحالية؛ وهو ما يتضح جلياً بالنظر إلى أرقام النازحين، القتلى، القصف الجوي، دمار المرافق العامة والخاصة، شح الغذاء والدواء واحصائيات غير محدودة من حالات سوء التغذية. هذا إلى جانب، النزاعات القبلية، الانتشار المفرط للسلاح وارتفاع حدة الاستقطاب من قبل طرفي الحرب.

فبالنظر إلى تقارير مركز سلاميديا السابقة ومن خلال رصده تقارير مختلفة لعدة جهات، يُلاحظ أن أعداد الضحايا ودمار المرافق الصحية والخدمية في ارتفاع مضطرد نتيجة القتال المستمر، الغارات الجوية والقصف المدفعي بين طرفي الحرب؛ بالإضافة إلى الخطر المحدق المدنيين الفارين من جحيم الحرب، ولا سيما الذين لم يتمكنوا من المغادرة نسبة لعدم توفر المال. إن غالبية المدنيين الذين لم يتمكنوا من الفرار، لا يستطيع اغلبهم تفادي العنف الموجه ضدهم من قبل أطراف النزاع علاوة على مجابهة انعدام الغذاء والدواء، في وقت يتبادل فيه أطراف النزاع الاتهامات حول الانتهاكات ضد المدنيين. ويرجئ نازحو حرب 2003م تفاقم الأزمة الحالية بالفراغ الذي خلفه خروج بعثة اليوناميد الأممية في العام 2020م، وقال آدم رجال، منسق النازحين واللاجئين بإقليم دارفور، “ان خروج البعثة كشف الغطاء عنهم وترك أمر حمايتهم للمجهول”.

يستعرض هذا التقرير أوضاع المدنيين الراهنة ويرصد ويحلل مجمل الانتهاكات التي يتعرض لها المدنيين بإقليم دارفور منذ اندلاع الحرب الحالية.

الغارات الجوية على مدن دارفور

شن طيران القوات المسلحة أكثر من 15 غارة جوية على المدينة خلال فترة الثالث من سبتمبر 2023م وحتى 14 يوليو 2024م في أوقات متفرقة، بلغت ذروتها في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري. وقد تم رصد ثمانِ غارات كانت أعنفها في 29 ديسمبر 2023م. وبحسب صحيفة دارفور24 نقلاً عن شهود عيان، إن أغلب الغارات على مدينة نيالا تمت في منتصف الليل. بينما تركزت أغلب الغارات من جملة 31 غارة في شمال دارفور، على مدينة الفاشر لتمتد بعدها إلى مدن “مليط، كبكابية، كتم، دونكي البعاشيم، الزُرُق والكومة؛ حسبما ما أوردته صحيفة دارفور 24 في 25، 26 مارس 2024م. أما ولايتي غرب وشرق دارفور لم تتعرض لغارات جوية أكثر مقارنة بولايتي جنوب وشمال دارفور، حيث شن طيران القوات المسلحة ثلاث غارات على مدينة الضعين مخلفة 44 قتيلاً و62 جريحاً؛ بينما شهدت مدينة الجنينة غارتين مخلفة قتيلة واحدة وستة جرحى حسب صحيفة دارفور 24.

ووفق الإحصاء المتوفرة، من الملاحظ أن مدينة نيالا هي الأكثر من حيث تلقي الضربات الجوية التي شنها طيران القوات المسلحة على إقليم دارفور؛ وقد إشتد القصف عليها وبلغ ذروته لدى سيطرة قوات الدعم السريع بعد انسحاب القوات المسلحة من المدينة؛ ما أدى إلى إرتفاع أعداد الضحايا وسط المدنيين. وتأتي ولاية شمال دارفور في المرتبة الثانية، فقد تركزت الغارات الجوية على الفاشر خاصة في الآونة الأخيرة بعد انضمام بعض حركات الكفاح المسلح للقتال في صفوف القوات المسلحة. (التقرير كاملاً).

الطائرات المستخدمة في الغارات الجوية

كشفت التقارير عبر غالبية افادات شهود العيان، أن الطائرات التي تم استخدامها في الغارات الجوية على مدن الإقليم من طراز الميج المقاتلة، والانتنوف الروسية الصنع. وبالمقابل أفاد مواطنون من مدينة نيالا أن قوات الدعم السريع استخدمت الطائرات المسيرة لمهاجمة مواقع ارتكازات القوات المسلحة وسط المدينة خلال فترة اشتداد حدة المعارك بينهما.

تدمير القطاع الصحي بمدينة الفاشر:

تعرضت المرافق الصحية بالمدينة الى 51 هجوماً من طرفي الحرب، بين 15 أبريل و 24 يوليو 2023م، وفق ما جاء في موقع أخبار الأمم المتحدة عن منظمة الصحة العالمية WHO. وقد رصد مركز سلاميديا دمار ما لا يقل عن 28 مرفقاً صحياً بمدينة الفاشر لكلا القطاعين الحكومي والخاص بالتساوي.

شبح المجاعة يهدد إقليم دارفور

إذا ما وضعنا في الإعتبار الإنذار الذي أطلقه برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة في مايو 2024م، محذراً من نفاد الوقت لمواجهة شبح المجاعة الذي يهدد إقليم دارفور، بسبب إعاقة الاشتباكات المتصاعدة في الفاشر للجهود المبذولة لتقديم المساعدات الإنسانية، ولا سيما القيود التي تفرضها السلطات في بورتسودان على عملية توصيل المساعدات، مما يهدد خطة برنامج الغذاء العالمي في تقديم أي مساعدات لسكان إقليم دارفور.

وفي ذات الصدد، أوضحت ثلاث هيئات أممية في تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أن خطر المجاعة يهدد جميع أنحاء دارفور بسبب استمرار النزاعات وانخفاض الإنتاج الزراعي. وحدد التصنيف المتكامل للأمن الغذائي خمسة مراحل لأوضاع الأمن الغذائي أسوأها الخامسة وهي الكارثة أو المجاعة، تليها المرحلة الرابعة الطوارئ، ثم الثالثة الأزمة، الثانية الضغط وأخيرا الأولى وهي إنعدام الأمن.

وبحسب التقرير فإن ولاية شمال دارفور تأتي في مقدمة المرحلة الخامسة بتسجيلها نسبة 6%، تليها وسط دارفور 5%، ثم 4% لولايتي غرب وجنوب دارفور وتنزيلهم شرق دارفور بنسبة أقل من 1%. وتباعاً تتصدر شمال دارفور المرحلة الرابعة بتسجيلها نسبة 28%، وسط دارفور 27%، غرب دارفور 26%، ثم جنوب دارفور 24% و للمرة الثانية تتزيل شرق دارفور القائمة بتسجيل نسبة 12%. في المرحلة الثالثة هنالك تقارب في النسب التي سجلتها الولايات الخمس، حيث سجلت شرق وجنوب دارفور النسبة الأعلى 36% لكل منهما، بفارق نسبة 1% لكل من شمال، وسط وغرب دارفور اللتان سجلتا 35%. هنا تأتي شرق دارفور في المقدمة بنسبة 36%، تليها جنوب، وسط وغرب دارفور بنسبة 25% لكليهما، وفي المؤخرة شمال دارفور بنسبة 23%. أما في المرحلة الأولى أيضا نجد شرق دارفور الأعلى نسبة 16%، جنوب دارفور 11%، غرب دارفور 10%، شمال دارفور 9% ووسط دارفور 8%. (التقرير كاملاً).

بالتمعن في النسب التي سجلتها الولايات الخمس في كل مراحل التصنيف المتكامل، يتضح أن شمال دارفور هي الأكثر تهديداً بشبح المجاعة، في حين أن شرق دارفور هي الأفضل حالاً. وإذا ما ربطنا ذلك بتأثير الحرب على ولايات دارفور وخاصة التي تمكنت فيها المجتمعات الأهلية من السيطرة النسبية على الأوضاع على الأرض بالاتفاق على تجنب الاقتتال. حيث نجد شرق دارفور ليست كمثيلاتها من حيث القتال والقصف الجوي والمدفعي، ما أسفر نسبياً في أن تكون الأفضل من حيث الإنتاج الزراعي.

معدلات سوء التغذية

يعتبر ما نشرته منظمة اليونيسيف في البيان الصحفي في 30 مايو 2024م، أن نسبة 15.6% من الأطفال دون سن الخامسة في وسط دارفور يعانون من سوء تغذية حاد، بينما تصل النسبة إلى 30% في مخيم زمزم بشمال دارفور، ناقوساً للخطر؛ مشيرة إلى تفاقم الوضع في الأشهر الأخيرة، بسبب استمرار النزاع والعراقيل أمام إيصال المساعدات الإنسانية. وأورد ذات البيان أن منظمة أطباء بلا حدود أجرت فحوصات في مخيم زمزم بشمال دارفور في شهر ابريل 2024م، أوضحت أنَّ نسبة سوء التغذية وسط النساء الحوامل والمرضعات تفوق 33%؛ بسبب التوقف عن توزيع الغذاء بواسطة برنامج الغذاء العالمي منذ مايو 2023م. وجاء في تغريدة على حساب السيد، توبي هارورد، نائب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، في منصة اكس في 21 يوليو2024م، أن 77 طفلاً تم إحتجازهم مؤخراً بمستشفى أطباء بلا حدود الاسبانية في منطقة روكرو، بوسط دارفور لاصابتهم بسوء التغذية الحاد المصحوب بمضاعفات طبية؛ مع تزايد العدد وارتفاع معدل الوفيات. فيما ذكرت اليونيسف في بيان صحفي  آخر، أنها تمكنت من إجراء فحوصات لنحو 5.5 مليون طفل وتقديم العلاج المنقذ للحياة إلى أكثر من 322,000 طفل مصابين بسوء التغذية الحاد في السودان منذ اندلاع النزاع في أبريل 2023م.

هذا إلى جانب ما كشفته إدارة التغذية بوزارة الصحة، ولاية جنوب دارفور، عن الزيادة في حالات الإصابة بسوء التغذية الحاد المصحوب بمضاعفات طبية وسط الأطفال، بشهادة هويدا عبد الله، مديرة إدارة التغذية بالولاية، لـ دارفور 24.

النزاعات القبلية وانتشار السلاح

يعتبر إقليم دارفور من أكثر المناطق التي شهدت صراعات ذات أساس قبلي/ إثني منذ العام 2003م بشكل مستمر ومتكرر بين عدد من المجموعات القبلية. وخلال الحرب المستمرة منذ 15 أبريل 2023م بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع التي بدأت في الخرطوم وامتدت إلى أجزاء واسعة من السودان خاصة إقليم دارفور، الذي تعمقت وتعددت فيه أشكال الاستقطاب القبلي بشكل ملحوظ من قبل طرفي النزاع شملت جميع ولايات الإقليم.

جذور الصراع في دارفور

تعود جذور الصراع القبلي في دارفور للعام 2003م، وتعمق أكثر مع الحرب الأخيرة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، حيث امتد حريق هذه الحرب إلى أجزاء واسعة من الإقليم مفرزاً أشكالا من الاستقطاب القبلي/الإثني الحاد من قبل الطرفين. بدأت المواجهات في الإقليم المضطرب بعد تسعة أيام فقط من بدء الحرب،  عندما شهدت مدينة الجنينة نزاع عنيف راح ضحيته 46 قتيلاً وثلاثة. ومع ذلك فقد اختلفت التقديرات حول تعريف ما حدث بالجنينة، إذا يعتبره البعض نزاع إثنو/قبلي قديم متجدد، بينما يرى آخرون أنه نزاع مركب تتحمل وزره أطراف النزاع.

تمدد الحرب الأخيرة إلى دارفور

شهدت جنوب دارفور 16 حالة نزاع قبلي مسلح منذ أبريل 2023م مخلفة ما لا يقل عن 558 قتيلاً و 175 جريحاً، وبحسب دارفور 24، اندلعت المعارك بين مجموعتين في (كبم) بمنطقة (عد الفرسان) و (ابوجرادل) الحدودية مع  تشاد. كما شهدت كل من منطقتي (أم مرعي) و (وادي قرقش) اشتباكات خلفت حوالي 120 قتيلا. وفي 18 نوفمبر 2023م، اندلع قتال في مدينة برام راح ضحيته قرابة الــ 37 شخصاً وتم على أثره حرق سوق المدينة بحسب دارفور 24.

أما ولاية شرق دارفور تعتبر الأكثر استقرارا منذ بدء الحرب، ولم تشهد نزاعاً قبلياً خلال هذه الفترة. وبالمقابل شهدت ولاية وسط دارفور حالتي نزاع بين مجموعتين أقرب إجتماعياً لقوات الدعم السريع وهو ما أسهم لاحقاً في توقيع اتفاق صلح بين القبائل المتصارعة في محلية مكجر تم برعاية قوات الدعم السريع. والآن تشهد المنطقة استقرارا نسبياً مقارنة.

خلال الفترة من فبراير 2024م وحتى أبريل 2024م، حدثت أربع صراعات قبلية مسلحة في شمال دارفور، راح ضحيتها 45 قتيلاً و49 جريحاً؛ على الرغم من توقيع الإدارة الأهلية وثيقة لضمان التعايش السلمي بمحلية مليط في يناير 2024م؛ بعد اشتباكات بين مواطنين وعناصر من القوة المشتركة التابعة للحركات المسلحة. حالياً تشهد ولاية شمال دارفور معارك ممتدة لأشهر بين القوات المسلحة والحركات من جانب وقوات الدعم السريع من الجانب الآخر.

الحشد والاستقطاب:

بحسب تحليل البيانات التي تم جمعها، لاحظت سلاميديا، أنه منذ بدء القتال في 15 أبريل 2023م، لجأ طرفي الصراع لعمليات الحشد والاستقطاب وسط الكيانات الاجتماعية بالإقليم. وكنتيجة لذلك  أعلنت مجموعة قبائل وبعض الإدارات الأهلية دعمها للقوات المسلحة. بالمقابل اتبعت قوات الدعم السريع ذات النهج فقامت زعامات بإصدار بيانات معلنة مناصرتها للدعم السريع. والجدير بالذكر أن الأحداث القبلية التي وقعت في ولاية غرب دارفور، كان الاستخبارات القوات المسلحة ضلعاً كبيراً فيها بحسب تحقيق، لدارفور 24.

 ضلوع الأطراف الخارجية في إنتشار السلاح

كشفت منظمة العفو الدولية في تحقيق لها عن نقل الأسلحة الأجنبية إلى السودان، بالرغم من حظر الأسلحة المفروض حالياً على دارفور. وذكرت أن الأسلحة تُجلب بكميات كبيرة إلى السودان، ومن ثم تُحوَّل وجهتها في بعض الحالات إلى دارفور. وقالت أن شركات روسية وتركية مثل شركة (سارسيلماز – SARSILMAZ) صدّرت مئات القطع إلى القوات المسلحة السودانية، وأن قوات الدعم السريع أستخدمت أسلحة صينية وناقلات جند تعود إلى دولة الإمارات العربية المتحدة. النتيجة الأخيرة أن حصيلة هذه الحرب في دارفور أكثر من 650 قتيلاً و 369 جريحاً، تشريد آلاف الأسر،  إزدياد الرقعة الاجتماعية للحرب، وزيادة انتشار السلاح.

تضافرت عوامل عديدة بإقليم دارفور أحالت حياة المدنيين إلى جحيم بسبب الغارات الجوية والهجمات التي يشنها الطرفان المتصارعان؛ عبر إستهداف للبني التحتية بالإقليم ربما يكون ممنهجاً، علاوة على شبح المجاعة الذي بات يهدد حياة الملايين بعد فقدانهم لأدنى مقومات الحياة إضافة إلى عمليات تجييش القبائل وانتشار السلاح. ومن قراءة الأرقام والبيانات المختلفة، يتبين إن الأزمة التي تواجه المدنيين في اتساع مضطرد نتيجة ارتفاع وتيرة الصراع ليس بين أطراف الحرب فحسب (القوات المسلحة وقوات الدعم السريع وحلفائهما)، وإنما إلى داخل الكيانات القبلية الإثنية الأصغر، بحيث يصعب السيطرة عليها في المستقبل مما يعقد من أي عمليات للتسوية.

أيضاً فإن بروز شبح المجاعة بالإقليم،  بسبب إعاقة عمليات نقل الإغاثة واستخدامها كسلاح بواسطة الطرفين وضع حياة المدنيين بإقليم دارفور في حافة الخطر الحقيقي الذي يهدد حياتهم بالفناء، فمن لم تقتله الآلة الحربية للطرفين يموت جوعاً. من جانب آخر فإن اتساع رقعة المواجهات المسلحة جعلت من الزراعة عملية محفوفة بالمخاطر وشبه مستحيلة، هذا غير انعدام كافة مدخلاتها الضرورية.

إن الصورة النهائية لمصير المدنيين بإقليم دارفور في ظل هذه الظروف تبدو في غاية القتامة، فلا أمل يلوح في الأفق بانتهاء هذا النزاع، بل على العكس تماماً فرقعته تزداد يوماً بعد يوم، ولا غذاء أو دواء يمكن الحصول عليه في ظل هكذا شروط. تتقلص الملاذات الآمنة في القرى البعيدة وتنغلق مسارب الهروب إلى ملاجئ دول الجوار بصورة كبيرة كل يوم.  وعلى الرغم من تصريحات الأمم المتحدة الأخيرة حول تأسيس مركز للإغاثة بوسط دارفور، فإنّ تسارع التطورات قد يجعل من إنقاذ حياة ملايين المدنيين بالإقليم عملية تجاوزها الزمن.

إن المجتمع الدولي مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى باتخاذ تدابير أكثر حسماً وقوة لمواجهة أكبر كارثة إنسانية على الإطلاق، في الأرقام وحدها ستحكي يوماً ما رواية نزوح ولجوء فاق الـ ١١ مليون منذ بدء الحرب في جميع أنحاء السودان، ومن قتلتهم الحرب قارب عددهم الـــــ ٢٠ ألف، ومن يتهددهم الموت جوعاً يقارب الـــ ١١مليون نسمة في دارفور وحدها.