تقرير سلاميديا
أنتجت السيول بسبب ارتفاع معدل هطول الأمطار هذا العام، عاملاً آخراً للموت ومعاناة وتشريد المواطنين في إقليم دارفور الذي يعاني ويلات الحروب منذ العام 2003م. ويشهد شهر أغسطس من كل عام، ذروة ارتفاع معدلات هطول الأمطار وجريان السيول الجارفة. هذا العام اجتاحت السيول أكثر من 20 مدينة وقرية ومعسكراً للنازحين بالإقليم، مخلفة خسائر في الأرواح والممتلكات، مع انهيار آلاف المنازل والمرافق الخدمية.
في هذا التقرير يرصد فريق سلاميديا الضحايا والخسائر المترتبة عن هذه الكارثة، وتشمل أعداد القتلى، والمشردين والنازحين، المرافق الخدمية، الطرق والكباري، إضافة إلى الخسائر في المواشي.
معدلات الأمطار في دارفور
ظل متوسط معدل هطول الأمطار بالإقليم يتراوح ما بين 100 ــ 125 ملم خلال الثلاثين عاماً الماضية. وفي الأربع سنوات الأخيرة زاد معدل هطول الأمطار بنسبة كبيرة حيث سجلت ولايات شمال، وسط، وغرب دارفور معدلات قياسية بلغت الـــ 430 ملم؛ ما يشير إلى حدوث تغير مناخي في الإقليم نتجت عنه السيول والأمطار الغزيرة التي تسببت في الكوارث.
المدن والقرى المتضررة
تسببت السيول والفيضانات في أضرار بالغة في عدة مدن وقرى بولايات شمال، غرب ووسط دارفور. ضربت السيول مناطق كرينك، فوربرنقا، كلبس، سربا، بيضة ومورني وعدد من أحياء مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور. بينما تضررت مناطق كبكابية، كساب، المالحة، شنقل طوباي، كرنوي، شقرة، معسكري ابوشوك وزمزم وعدد من أحياء بمدينة الفاشر. وفي ولاية وسط دارفور أضرت السيول بمدينة زالنجي ونرتتي.
الوفيات بسبب السيول
أدت السيول في الفترة من 5 الى 19 أغسطس 2024م إلى وفاة 120 شخصاً في إقليم دارفور؛ من بينهم 10 أشخاص في مدينة كبكابية، وثلاثة أشخاص بينهم طفل في منطقة شقرة، وشخص واحد في منطقة كرنوي بشمال دارفور. فيما سجلت مدينة الجنينة غرب دارفور وفاة 106 أشخاص بعضهم غرقا وآخرين انهارت عليهم المنازل. وكما لقيت امرأة واثنين من ابنائها مصرعهم جراء إصابتهم بصاعقة رعدية أثناء تواجدهم بمزرعتهم في منطقة بورنروا جنوب نيرتي بوسط دارفور.
لأمراض والأوبئة
نتيجة السيول بسبب الأمطار ظهرت عدة أوبئة وأمراض أصابت عدداً من السكان في مناطق متفرقة منها معسكرات النازحين. وذكرت وسائل إعلام محلية أن ولاية شمال دارفور شهدت حالات إصابة بمرض الكوليرا – لم يحدد عدد المصابين – ظهرت في معسكر زمزم للنازحين. بينما بدأ انتشار وباء التهاب ملتحمة العين الوبائي في ولايتي جنوب وشرق دارفور، وذكر سكان محليين لوسائل الإعلام أن حالات الإصابة تتراوح ما بين 5 إلى 6 حالات في اليوم. وقال أحد المواطنين لـ دارفور 24 أن الأمطار والفيضانات تسهم في تفاقم الأوضاع الصحية بالمنطقة، بجانب المشكلات الموجودة أصلاً المتمثلة في انتشار الملاريا وامراض سوء التغذية وانعدام الأدوية المنقذة للحياة.
موجات النزوح
أجبرت السيول التي اجتاحت أجزاء واسعة من دارفور آلاف الأسر على النزوح الى أماكن أكثر أماناً، وبحسب مصفوفة تتبع النزوح بسبب السيول التابعة لمنظمة الهجرة الدولية، في الفترة من 1 يونيو الى 12 اغسطس 2024م، حيث أدت السيول والفيضانات إلى نزوح 37,500 فردا. وفي غرب دارفور وحدها نزح 20,025 شخصا من الجنينة، بيضة، كلبس، كرينك وفوربرنقا. بينما نزح 12,925 شخصاً في ولاية شمال دارفور من الفاشر، طويلة، سرف عمرة، الكومة، كتم، دار السلام، كبكابية، كرنوي، الطينة والسريف. أما في ولاية وسط دارفور نزح حوالي 4550 فرداً من نيرتتي، سلو، وادي صالح، وبندسي.
الآثار على معسكرات النازحين
تأثر عدد من معسكرات النزوح في دارفور بالسيول والفيضانات من بينها معسكري ابوشوك وزمزم في مدينة الفاشر. حيث قدرت مصفوفة المنظمة الدولية للهجرة المنازل التي تدمرت بصورة كلية بمعسكر زمزم بنحو 1,113 منزل، وحوالي 1,094 مرحاض، بينما تضرر بشكل جزئي 913 منزل، وعدد 143 مرحاض. وقدرت الخسائر في معسكر أبو شوك بدمار كلي لـ 170 منزل، و 251 منزل ومبني بشكل جزئي. كما اجتاحت السيول معسكر شنقل طوباي للنازحين بشمال دارفور ودمرت نحو 500 منزل و600 مرحاض بصورة كلية، في حين تعرض 700 منزل و200 مرحاض لأضرار جزئية بالمعسكر. بينما قدرت الخسائر في معسكر فتابرنو بنحو 181 منزل. وأبلغ سكان من مدينة نيرتتي أن السيول دمرت حوالي 1100 منزل في المعسكرات الشمالية والجنوبية من المدينة في الفترة من أواخر يوليو إلى أوائل أغسطس 2024م.
لخسائر
أفادت تقارير المصفوفة أن الأمطار الغزيرة والفيضانات بمحلية السريف دمرت أربع مزارع بالكامل ومزرعة بشكل جزئي. وفي بلدة دارضيفة بمحلية المالحة، تسببت السيول في جرف ونفوق 80 رأسًا من الماشية. كما أعاقت الأمطار والسيول حركة السيارات والشاحنات التي تحمل البضائع والسلع الغذائية من مدينة الدبة بالولاية الشمالية إلى ولايات دارفور.
ونقلت دارفور24 عن مسؤولين بمحلية الطينة أن السيول والأمطار التي استمرت لمدة اسبوعين منعت نحو 100 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية من الوصول إلى دارفور، بينما هناك 100 شاحنة أخرى تابعة لبرنامج الغذاء العالمي عالقة في منطقة ابشي.
الطرق والجسور
منذ بدء موسم الأمطار في إقليم دارفور هذا العام انهارت مجموعة من الطرق المعبدة وبعض الجسور، إضافة إلى إغلاق الطرق غير المعبدة، مثل الطريق الرابط بين دولة جنوب السودان ومدينة الضعين. وقد انهارت أربعة جسور وهي (كجا، ام دوين، اردمتا، ومورني). وأعلنت منظمة أطباء بلا حدود عن انهيار الجسر الحيوي الرابط بين ولايات غرب ووسط وجنوب دارفور؛ وهو الطريق الأمن الوحيد لإيصال المساعدات الإنسانية إلى وسط وجنوب دارفور.
إن المعاناة التي وقعت على المدنيين بدارفور تعد مؤشراً خطيرا ينذر بكارثة أخرى تضاف إلى ركام الكوارث التي تسببت بها الحروب المتكررة على الإقليم. لذا يتطلب هذا الوضع تدخلاً عاجلاً من الفاعلين الدوليين والمحليين لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وتقديم الخدمات والمساعدات للمدنيين الذين يعانون الأمرين بفعل الحرب وما يترتب عليها من جوع، تشريد، غياب كلي للأمن والخدمات من ناحية؛ وعوامل الطبيعة من سيول، فيضانات، وإغلاق كامل للطرق والمعابر، الأمراض والأوبئة من ناحية أخرى.