تقرير سلاميديا

تعددت أسباب الموت بسبب آثار الحرب منذ أبريل 2023 م، والتي خلفت دماراً واسعاً في البنى التحتية للقطاع الصحي في ولايات دارفور شمل المستشفيات، المراكز الصحي، الصيدليات، المخازن ومستودعات الأدوية في الإقليم. نتج عن ذلك  الأمر، انعدام خدمات الرعاية الصحية، نقص الدواء وارتفاع أسعاره بصورة كبيرة. ما يجدر ذكره، أن منظمة الصحة العالمية سبق وطالبت المانحين بدعم للقطاع الصحي في السودان بما يقدر بنحو 178 مليون دولار لأجل التصدي للأزمة الصحية التي تعيشها البلاد.

وفي هذا الصدد، يرصد هذا التقرير أثر الحرب على مخزون الدواء في إقليم دارفور وتدخلات المنظمات الوطنية والأممية والدولية لتغطية هذا النقص، إضافة إلى جهود المبادرات المجتمعية.

دمار مستودعات الأدوية

تعرضت مخازن ومستودعات الدواء بولايات دارفور المختلفة إلى تدمير ونهب لكل محتوياتها من الأدوية والمستلزمات الطبية. ففي غرب دارفور تم تدمير مستودعي الدواء الدوار، ومستودعات التأمين الصحي، الإمدادات الطبية، الصيدلية المركزية لمستشفي زالنجي التعليمي، ومخازن منظمتي IMC ، NCA في وسط دارفور. وكذلك تم تدمير مستودعات الإمدادات الطبية، الدواء الدوار ومخزني وزارة الصحة وحي السكة حديد. بينما لم تشهد ولايتي شرق وشمال دارفور عمليات نهب لمخازن الدواء، بيد أن المرافق الصحية فيهما تم قصفها بالطيران الحربي  التابع للقوات المسلحة ومدفعية طرفي الصراع.

 

نقص الدواء

ظلت ولايات البلاد في السابق، تتحصل على حصتها من الأدوية والمعينات الطبية بصورة دورية وفقاً للنظام الإداري المعمول به في وزارة الصحة الاتحادية؛ والذي تعثر بسبب الحرب الحالية خاصة بالنسبة للولايات الاكثر تاثراً، لا سيما دارفور على وجه الخصوص. وذكر موظف بوزارة الصحة في جنوب دارفور لسلاميديا، إنه قبل الحرب، كانت الولاية تستقبل شهرياً كميات من أدوية الطوارئ التي تشمل (العلاج المجاني، التخدير وأدوية الأطفال دون الخامسة)، اضافة الى أدوية الدعم العالمي (الإيدز، والدرن، والصحة الإنجابية) وأدوية الملاريا، والليشمانيا و الذبابة الرملية). بينما غابت حصة الدواء المقدمة من وزارة الصحة عن ولايات دارفور الاربع منذ سيطرة قوات الدعم السريع على الولاية.

وذكرت إدارة الطوارئ و الأوبئة بوزارة الصحة بجنوب دارفور، ان الوزارة لم يصلها الإمداد الدوائي الخاص بطوارئ الخريف منذ اندلاع الحرب في العام 2023م، فيما قالت إدارة مستشفى رهيد البردي أن آخر كمية وصلتها من أدوية طوارئ والأدوية المنقذة للحياة كانت في أواخر عام 2022م.

وتشير وزارة الصحة الاتحادية، إنها تمكنت في يونيو 2024م، من إيصال 20 طنًا من الأدوية المنقذة للحياة إلى ولاية شمال دارفور عبر الإسقاط الجوي بواسطة الطيران الحربي التابع للقوات المسلحة، شملت (محاليل وريدية، أدوية منقذة للحياة، أدوية تخدير، مستهلكات طبية أخرى متعددة). وكشفت عن ترتيبات لإيصال 30 طنًا  اضافية من أدوية الملاريا، ،الدرن، الإيدز، السرطان ومستهلكات غسيل وزراعة الكلى.

وقال وزير الصحة الاتحادي هيثم محمد، أن الوزارة تمكنت في مارس 2024م من إيصال 150 طن من الأدوية الأساسية الى مدينة الفاشر بموجب اتفاق بين قوات الدعم السريع والقوة المشتركة للحركات المسلحة بدارفور؛ إلا أن انسياب الادوية الى الاقليم توقف بعد خروج الحركات عن الحياد وانضمامها للقتال في صف القوات المسلحة في أبريل 2024م.

التدخلات

ذكرت منظمة الصحة العالمية إن 26 منظمة دولية تعمل في المجال الصحي في دارفور قامت بتقديم الدعم لأكثر من 420 مرفقاً صحياً في 47 محلية، من بينها 115 مرفقاً في وسط دارفور، و114 في شمال دارفور، وعدد 76 مرفق في غرب دارفور، إضافة الى 64 في جنوب دارفور، 53 مرفق في شرق دارفور. وأوضحت منظمة الصحة العالمية أن 70% من المرافق المدعومة تعمل بشكل كامل و18% منها تعمل بشكل جزئي؛ معربةً عن تخطيطها لاضافة 6% أخرى لقائمة التشغيل، بينما هناك 5% من المرافق الصحية متوقفة تماما عن العمل. وبيَّنت في ذات الوقت، أن دعم المنظمات شمل 58% من مراكز العناية الطبية الاولية، 14% من وحدات العناية الصحية الاولية، اضافة الى 11% من المراكز الصحية في الاحياء، 8% من العيادات المتنقلة و6% من المستشفيات.

 

في ذات الأثناء أعلنت منظمة كونسيرن في سبتمبر 2023م، أنها أوصلت 9 أطنان من المعينات الطبية الى 10 مرافق صحية في محليتي كلبس وجبل مون بولاية غرب دارفور. وقد ذكرت لويز فوستر، مديرة منظمة كونسيرن في السودان، أن المرافق الصحية التي وصلت إليها المنظمة بعد أربعة أشهر من بدء الحرب لم تحتوي على أي مخزون من الإمدادات منذ بدء القتال في 15 أبريل، حيث كان الكثير منها خالياً من الأدوية الأساسية والمواد اللازمة لعلاج سوء التغذية. من جانب آخر أبرمت منظمة سودو اتفاقاً  بهدف توفير الأدوية والمستلزمات الطبية، التحويل النشط للحالات، صيانة المراكز، دفع حوافز للعاملين وتوفير خدمات العلاج المجانية للنازحين والمجتمع المحلي ولاجئي سنتر صفر (Zero) بمعسكر كلمة الذي يضم لاجئين من جنوب السودان.

تواصل فريق سلاميديا مع د. عبدالسلام مصطفى صالح، مدير عام وزارة الصحة المكلف من الإدارة المدنية بغرب دارفور، ذكر أن 61% من المرافق الصحية بالولاية البالغ عددها 241 توقفت عن الخدمة بسبب الحرب، مشيراً إلى أنهم تمكنوا من اعادة تشغيل نحو 40% منها بفضل دعم المنظمات الدولية.

 

جهود المجتمع المحلي

شرعت غرف الطوارئ بعدد من ولايات إقليم دارفور في التحرك لمواجهة نقص الأدوية الذي يعانيه الإقليم،ونفذت غرفة طوارئ الكومة النسوية مشروع المستلزمات النسائية وفرت من خلالها كمية من احتياجات النساء اضافة الى الأدوية والمحاليل الوريدية المطلوبة لاجراء العمليات القيصرية. بينما دعمت غرفة الطوارئ المراكز الصحية بمدينة نيالا مشروع صيانة ماكينات مركز غسيل الكلى.

من خلال المتابعات التي قام بها الفريق العامل بسلاميديا، يتضح أن أزمة انعدام الدواء الحالية وإرتفاع أسعاره بدارفور تداخلت فيه عوامل مختلفة من بينها الحرب الدائرة الآن؛ ومع ذلك، فقد كان الإقليم يعاني من نقص الإمدادات الدوائية منذ فترة سبقت الحرب. إن التدخلات الساعية لتوفير الدواء بواسطة المنظمات الدولية والجهود المحلية، قطعاً لن تغطي حاجة السكان المتأثرين، إضافة إلى صعوبة الحصول عليها نتيجة لصعوبة النقل عبر ولايات الإقليم المختلفة ومحلياته لأسباب طبيعية وأمنية، وهو ما يزيد من المعاناة الإنسانية المتمددة أصلاً.