سلاميديا: وكالات
تدير الشابة السودانية ندى فضل مركزاً مجتمعياً يقوده الشباب في الإسكندرية في مصر يتلقى فيه اللاجئون خدمات الرعاية الصحية المجانية والتدريب على المهارات.
قبل أبريل العام الماضي، لم تتخيل ندى قط أن ينزلق بلدها إلى العنف. وقد جاءت والدتها واثنان من أشقائها إلى مصر لدواعٍ صحية قبل أيام قليلة من اندلاع الحرب. أما بقية أفراد أسرتها فقد علقوا في الصراع وفروا في اتجاهات مختلفة.
وفي محاولة يائسة للعثور عليهم، أنشأت ندى منصة للدردشة الجماعية على موقع فيسبوك للمراسلة من أجل التواصل مع أشخاص آخرين يبحثون عن ذويهم. وقد وجدت أختها الكبرى من خلال المجموعة التي تعقبت بعد ذلك والدها وبقية أفراد الأسرة. وفي حين التأم شملها بوالدتها وببعض أشقائها في مصر، مازالت بقية أفراد العائلة في السودان.
وقد اجتذبت الدردشة الجماعية مئات الأشخاص الآخرين الذين ما زالوا يستخدمونها لتتبع عائلاتهم التي لا تزال محاصرة في البلاد.
مع دخول الحرب في السودان عامها الثاني دون أن تلوح في الأفق أي نهاية لها، سجلت المفوضية حتى الآن ما يقدر بنحو 500 ألف لاجئ سوداني في مصر.
من شأن هذا التدفق الكبير والسريع أن يرهق موارد وكالات الإغاثة، مما يجعل مبادرات مثل “مبادرة روح” التي أطلقتها الشابة ندى عباس حيوية من حيث توفير المساعدة المجتمعية والدعم النفسي والاجتماعي الحيوي لأولئك المجبرين على الفرار.
وعندما بدأ مئات الآلاف من اللاجئين السودانيين الفارين من العنف في الوصول إلى مصر، قامت ندى في البداية بإشراك شباب آخرين من مجتمعات اللاجئين والمضيفين في الإسكندرية للعمل معها بهدف مساعدة الأسر التي تقطعت بها السبل في مدينة أسوان الحدودية الجنوبية.
سافرت اثنتان من صديقاتها إلى أسوان لتقييم الوضع وبناء جسر من التواصل مع السكان المحليين في المدينة. وعند العودة إلى الإسكندرية، بدأت المجموعة على الفور في عملية جمع التبرعات.
تقول: “لقد جمعنا التبرعات من السكان هنا [في الإسكندرية]، ثم أرسلناها إلى أصدقائنا في أسوان لشراء العصير والماء والوجبات وتسليمها للأشخاص الذين يصلون إلى الحدود”.
وباعتبارها في صفوف الاستجابة الأولى على الأرض، تمكنت ندى وأصدقاؤها – كما تحب أن تسمي فريقها – من مساعدة مئات الوافدين الجدد. وبالإضافة إلى تزويدهم بالوجبات الساخنة والمساعدات النقدية، فقد حرصوا على ربط الفئات الأكثر ضعفاً، بما في ذلك الأطفال والمرضى وكبار السن، بالسكان المحليين الذين قدموا لهم مساكن مؤقتة.
فائزة إقليمية
تقديراً لإيثارها وعملها المتفاني في مساعدة نظرائها من اللاجئين، تم اختيار ندى كفائزة إقليمية بجائزة نانسن للاجئ لعام 2024 عن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
تقول بابتسامة عريضة: “أنا سعيدة للغاية بفوزي بهذه الجائزة. لا يمكنني حتى وصف مقدار السعادة التي أشعر بها الآن”.
كانت في المركز عندما علمت بالخبر الذي لم يُعلن عنه بعد، وقالت وهي تضحك: “لقد أصابتني الدهشة وأردت الصراخ. لذا، ركضت إلى الشارع لأجد ركناً فيه وأصرخ. ثم عدت وكأن شيئاً لم يحدث”.
الوطن والسلام والحب
في المركز، بمجرد مغادرة آخر المرضى والأطباء، يتم إعادة ترتيب الغرف للاستعداد للأنشطة في اليوم التالي، التي تشمل تدريب الشابات على كيفية الحياكة وصنع الحقائب القماشية، تليها جلسة علاجية باستخدام الفن للبالغين والشباب.
وتدير معظم الأنشطة مجموعة من المتطوعين من اللاجئين الشباب مثل خالدة عباس البالغة من العمر 24 عاماً، والتي قدمت لها ندى الدعم عندما وصلت إلى المدينة في المرة الأولى في مارس الماضي. وتقول: “أنا ممتنة لندى، فقد رحبت بي في هذا البلد. والآن فإنني أدرب الشابات على كيفية صنع الحقائب القماشية مرتين في الأسبوع”.
وتضيف: “ندى مثل أختي الكبرى. أحبها من كل قلبي؛ فهي قدوتي، وألجأ إليها للحصول على المشورة”.
وتشمل الأنشطة الأخيرة في اليوم جلسة للتبادل الثقافي، حيث يصل المزيد من الاشخاص، بما في ذلك المصريون والسوريون واللاجئون السودانيون، حاملين معهم مأكولات تقليدية وفواكه محلية الصنع. تنتشر رائحة القهوة الطازجة في الهواء جنباً إلى جنب مع أصوات الأغاني السودانية التي تُذاع على مكبر محمول للصوت.
وتقول ندى: “الجميع ينتظرون ذلك، حيث نجتمع مرة كل أسبوعين للاحتفال والرقص وتناول الطعام معاً وعزف الأغاني التي تتناول الوطن والسلام والحب”.
تأمل ندى في نهاية المطاف في توسيع نطاق عملها خارج مصر والوصول إلى المزيد من المحتاجين.
وتقول: “[يمكننا المساعدة] بقدر ما نستطيع بأشياء بسيطة. لماذا لا نبحث عن متطوعين في بلدان أخرى تعاني من المشاكل؟ سيكون ذلك أمراً رائعاً إذا تمكنا من مساعدة أكبر عدد ممكن من المحتاجين، أينما كانوا”.
خمس نساء يفزن بجوائز نانسن للاجئ
فازت خمس سيدات بجوائز نانسن للاجئ لعام 2024 التي تقدمها سنوياً المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وهن راهبة، وناشطة، ورائدة أعمال اجتماعية، وعاملة إغاثة متطوعة، ومناصرة في مجال القضاء على انعدام الجنسية، من بينهن السودانية ندى عباس.
حظيت بالجائزة العالمية لهذا العام الأخت روزيتا ميليزي، وهي راهبة برازيلية ومحامية وناشطة اجتماعية دافعت عن حقوق وكرامة الأشخاص المهجرين منذ ما يقرب من 40 عاماً. وقد تم منح أربع سيدات أخريات جوائز إقليمية بحسب مناطق عملهن.
ونالت ميمونة با، جائزة نانسن للاجئ عن إفريقيا: وهي ناشطة شعبية في بوركينا فاسو، وقد ساعدت أكثر من 100 طفل نازح على العودة إلى الفصول الدراسية، وفي مساعدة أكثر من 400 امرأة نازحة على الاعتماد على أنفسهن من الناحية المالية. في حين نالت جين داوود، جائزة نانسن للاجئ عن أوروبا: وهي رائدة أعمال اجتماعية استفادت من تجربتها الشخصية كلاجئة سورية لإنشاء منصة عبر الإنترنت توفر الدعم في مجال الصحة الذهنية لضحايا الصدمات النفسية.
والسودانية ندى فضل، نالت جائزة نانسن للاجئ عن الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: وهي لاجئة سودانية نجحت في حشد المساعدات الحيوية لمئات الأسر التي اضطرت للفرار إلى مصر سعياً للوصول إلى الأمان. أما ديبتي غورونغ، فتلقت جائزة نانسن للاجئ عن آسيا والمحيط الهادئ: وهي ناشطة نيبالية قادت حملةً من أجل إصلاح قوانين الجنسية في بلدها بعد أن علمت أن ابنتيها أصبحتا من الأشخاص عديمي الجنسية.
المصدر: موقع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين