تتزايد المخاوف يوماً بعد يوم من أن استمرار الحرب في السودان سيفقد أكثر من خمسة ملايين طفل، ونحو 100 ألف طالب في مؤسسات التعليم العالي حقهم في التعليم بإقليم دارفور. وقد تسببت الحرب في تدمير واسع للبنية التحتية لقطاع التعليم بالإقليم، ما أدى إلى تعطيل العملية التعليمية في جميع ولايات الإقليم، إلا في بعض المناطق بفضل مبادرات المجتمعات المحلية.

في هذا التقرير يرصد فريق سلاميديا أوضاع العملية التعليمية بإقليم دارفور، وحجم الأضرار التي لحقت بالمرافق التعليمية المختلفة، اضافة الى اعداد الطلاب الذين توقفوا عن الدراسة، والتعرف على المبادرات المحلية التي ساهمت في توفير فرص لبعض التلاميذ لمواصلة تعليمهم. 

مدارس الإقليم

توجد بإقليم دارفور ما يقارب 4000 مدرسة بجميع المراحل بما فيها مدارس الرحل؛ حيث توجد 784 مدرسة في شمال دارفور، 1,018 مدرسة في ولاية غرب دارفور، 477 مدرسة بولاية وسط دارفور، 2,716 مدرسة بجنوب دارفور و 88 مدرسة في مدينة الضعين بولاية شرق دارفور.

التعليم العالي

انحصرت كل الجامعات والمعاهد العليا والكليات الجامعية في المدن الرئيسية بولايات دارفور الخمس؛ ففي ولاية جنوب دارفور يوجد أكثر من 22,000 طالب/ة يدرسون في ثماني جامعة/ كلية. وتوجد في شمال دارفور 33 جامعة/ كلية يدرس بها ما يقارب الـ 20,000 طالب، أما في ولاية شرق دارفور فيوجد أكثر من 14,438 طالب/ة بجامعة الضعين، بحسب الدكتور/ الصادق عبد الله، نائب مدير الجامعة. بينما هناك 12,000 طالب/ة في جامعتي زالنجي والسودان المفتوحة بوسط دارفور ويدرس ما يزيد عن الـ 5000 طالب/ة في جامعة الجنينة بولاية غرب دارفور.

إحصائيات الطلاب

وجد فريق سلاميديا صعوبات في سبيل الحصول على الإحصائيات الدقيقة لأعداد الطلاب والتلاميذ في مدارس الاقليم بمراحلها الثلاث (أساس/ ابتدائي وثانوي؛ واكتفى في هذا التقرير بأخذ أعداد الطلاب الذين جلسوا لآخر امتحانات المراحل الثلاث للعام الدراسي 2022- 2023م كمؤشر فقط.

إحصائيات الطلاب والتلاميذ الذين لإمتحانات المراحل المختلفة

(الجدول مدعم بالروابط للمزيد من التفاصيل)

الولايةالشهادة السودانيةالشهادة الإبتدائيةشهادة الأساس
جنوب دارفور 37,446 طالب43,000 طالب52,013 طالب
شرق دارفور9,466 طالب16,318 طالب16, 506 طالب
وسط دارفور12,182 طالب15,621 طالب20,362 طالب
غرب دارفور10,658 طالب17,296 طالب18,332 طالب
شمال دارفور35,236 طالب55,154 طالب60,815 طالب
(الجدول مدعم بالروابط للمزيد من التفاصيل)

المبادرات التعليمية

رغم الظروف الماثلة اليوم، برزت بعض المبادرات المجتمعية والمساعي من إدارات التعليم تحت الإدارة المدنية المكونة بواسطة قوات الدعم السريع؛ من أجل استئناف الدراسة التي توقفت بسبب الحرب. ففي بداية العام 2024م أعلنت ولاية غرب دارفور فتح المدارس بعد أن تكفلت منظمة المجلس الكنسي النرويجي بصيانة عدد سبع مدارس بمرحلة الأساس ومطبعة الوزارة التي تضررت بسبب الحرب؛  وكما أطلقت مجموعة من شباب مدينة الجنينة مبادرة لاستئناف الدراسة استوعبت أكثر من 1,000 طفل. وتمكنت مبادرة شعبية بمحلية طويلة بولاية شمال دارفور من توفير فرص دراسية لأكثر من 1,000 طالب/ة، باستئناف الدراسة في عدد 9 مدارس بالمحلية. وقد رصدت سلاميديا عدة مبادرات لأشخاص في شمال دارفور لتعليم الأطفال بالمنازل. أما على مستوى التعليم العالي، فقد اتخذت جامعة الضعين ثلاثة مسارات لتمكين طلابها من مواصلة دراستهم، تمثلت في توقيع مذكرة تفاهم مع جامعة جوبا لتمكين بعض طلابها من اكمال دراستهم بجنوب السودان. وقال الدكتور الصادق عبد الله، نائب مدير الجامعة، إن الاتفاقية لم يستفيد منها سوى 14 طالباً حتى الآن، في حين واجهتها الكثير من العقبات. وأضاف إن المسار الثاني كان لاستنهاض المجتمع المحلي لدعم عملية استئناف الدراسة في المقر الرئيسي لجامعة الضعين، وعلى أثر ذلك تم تخريج 738 طالب/ة؛ وفي المسار الثالث، فقد أتاحت الجامعة لطلابها المتواجدين في بقية ولايات البلاد الآمنة فرصة الالتحاق بجامعات تلك الولايات، فضلاً عن استيعاب 72 من طلاب الجامعات الأخرى المتواجدين في اقليم دارفور.

إن مسألة التعليم في إقليم دارفور في ظل الحرب الحالية، تظل واحدة من الكوارث الغير مرئية مقارنة بالانتهاكات الجسيمة الأخرى؛ وتتضاءل أهميتها في مواجهة الموت والنزوح والمجاعات والمرض. وبالرغم من ذلك، فإن كارثة التعليم تعكسها الأرقام المهولة للتلاميذ والطلاب الذين فقدوا حقهم في التعليم نتيجة للحرب، أو أولئك الذي ولدوا في ظل غياب ودمار البنية التحتية للتعليم؛ وبالتالي فهم قنابل موقوتة في أرضية المستقبل، وربما يكون مصيرهم هو التحوّل إلى وقود لاستمرارية الحرب. إن مجهودات الجهات المختلفة هنا وهناك في هذا الصدد، أقل ما يمكن وصفها بأنها محاولات خجولة بالدعوة لإعادة فتح المدارس. وبالمقابل برز تنامي الجهود المحلية التي تحاول إيقاد شمعة التعليم في ظلام الحرب الدامس؛ أما بالنسبة للجهود الدولية، تم رصد مجهودات  متواضعة قامت بها اليونيسيف ومنظمات دولية أخرى. فإن كل ما سبق مدعاة لفتح ملف التعليم بدارفور في ظل الحرب الحالية، وذلك للفت الإنتباه لحجم هذه الكارثة وتأثيرها الأجيال في المستقبل.