كتب:حسين سعد
أحصي حقوقيون ومدافعون عن حقوق الإنسان حزمة من التحديات تواجه الكشف عن مصير المفقودين في السودان أبرزها علي المستوي الداخلي عدم وجود قانون للمفقودين بالرغم من ان السودان صادق في العام 2021، على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري ، وقالوا إن قضية المفقودين تاريخياً ظلت قضية مهملة لم يتم تديب منفذي القانون كما إن نص المادة 186 من القانون الجنائي معيبة وبها مشكلة ، فضلا عن الافتقار إلى قاعدة بيانات موحدة، وغياب سجل مركزي يضم معلومات دقيقة حول حالات الاختفاء القسري، وإنهيار المؤسسات العدلية ، وتدمير العديد من المؤسسات القضائية بسبب النزاع، مما يعيق التحقيقات والملاحقات القانونية، والافتقار إلى الإرادة السياسية و عدم وجود دعم كافٍ من الأطراف المتصارعة لتشكيل لجان الحقيقة وتنفيذ توصياتها، وضعف التنسيق بين الجهات المعنية، العالمية والاقليمية في جهود البحث والتوثيق، وقال المدافع والحقوقي والباحث محمد بدوي في حديثه مع مدنية نيوز إن المجتمع المدني والمنظمات الدولية يلعبان دورًا حيويًا في دعم جهود الكشف عن مصير المفقودين، من خلال جمع الأدلة والشهادات، توثيق حالات الاختفاء القسري من خلال مقابلات مع الشهود وأسر المفقودين، و ممارسة الضغط على الأطراف المتصارعة لتشكيل لجان الحقيقة وتنفيذ توصياتها، وتقديم الدعم الفني وتوفير الخبرات والموارد اللازمة لإجراء التحقيقات وتحليل الأدلة، وتعزيز رفع مستوى الوعي حول قضية المفقودين وأهمية العدالة الانتقالية في المجتمع السوداني، وأعتبر بدوي الكشف عن مصير المفقودين خطوة أساسية نحو تحقيق العدالة والمصالحة الوطنية، حيث يمنح الأسر إجابات حول مصير أحبائهم، مما يساعد في عملية الشفاء والتعافي، ويُسهم في بناء الثقة بين المجتمع والدولة: يُظهر التزام الدولة بحقوق الإنسان واستعدادها لمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، ويُعزز من فرص تحقيق السلام المستدام: من خلال معالجة جذور النزاع والانتهاكات السابقة، مما يُسهم في بناء مجتمع أكثر استقرارًا وتماسكًا. وأشار بدوي الي ان الحرب وتداعيات فاقمت من من خطاب الكراهية والإستهداف علي أساس اللون والسنة.
تحديات قانونية تعيق الوصول إلى العدالة
رغم مرور عقود على النزاعات المسلحة والثورات في السودان، لا تزال قضية المفقودين تشكل واحدة من أكثر الملفات الإنسانية تعقيداً.
من دارفور إلى المنطقتين، ومن ثورة ديسمبر إلى حرب أبريل 2023، يواجه ذوو المفقودين تحديات كبيرة في البحث عن أحبائهم، وسط غياب قواعد بيانات رسمية، ضعف المؤسسات الحكومية، وانتشار الإفلات من العقاب، إحدى العقبات الكبرى هي عدم وجود قاعدة بيانات وطنية للمفقودين، ما يجعل من الصعب حتى تقدير أعدادهم أو معرفة مصيرهم، كما ان سجلات المستشفيات والمراكز الأمنية غالباً ما تكون غير مكتملة أو غير متاحة، وغياب التوثيق الرسمي يزيد من معاناة الأسر ويجعل أي تحقيق قانوني مستقبلي أكثر صعوبة ، كما تفتقر المؤسسات الحكومية المختصة، بما في ذلك وزارات الداخلية والعدل، تفتقر إلى آليات واضحة للتحقيق والمتابعة، وغياب الهيئة الوطنية المستقلة للتحقيق في حالات الاختفاء القسري، ونقص الكوادر المؤهلة والخبرات القانونية لإدارة ملفات المفقودين، وتوقف بعض المؤسسات عن العمل بسبب النزاعات المسلحة وفقدان الأمن.

دور المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية
في غياب الدولة، لعبت منظمات المجتمع المدني والجهات الحقوقية دوراً أساسياً في توثيق الحالات والدفاع عن حقوق الأسر، وجمع شهادات وشكاوى الأسر في مناطق النزاع، ونشر تقارير حقوقية ترفع الوعي الدولي بشأن الانتهاكات، وممارسة كافة الضغوط على السلطات المحلية والدولية لإيجاد آليات لحماية المدنيين، لكن هذه الجهود تواجه قيوداً كثيرة علي الأمن غير المستقر، نقص التمويل، وصعوبة الوصول إلى مناطق النزاع ، ومن أبرز التحديات هو ثقافة الإفلات من العقاب التي رسخت عبر عقود من الصراعات لم تتم محاسبة أي جهة بشكل فعال على اختفاء المدنيين خلال الحروب الماضية، كما لم تدرج حالات الاختفاء القسري كجريمة رسمية في أغلب القوانين المحلية، فضلا عن غياب التحقيقات المستقلة يفاقم شعور الأسر بالإحباط واليأس، ويعتبر الإخفاء القسري جريمة ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي، وتوجب الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري، والسودان، رغم توقيعه على بعض المعاهدات الدولية، لم ينشئ آليات وطنية فعالة لضمان تنفيذ هذه الحقوق.
ملف مفتوح يحتاج إرادة حقيقية:
قضية المفقودين في السودان تمثل اختباراً حقيقياً لمدى التزام الدولة بحقوق الإنسان والقانون الدولي.
غياب قواعد البيانات الرسمية، وضعف المؤسسات، وغياب المساءلة يجعل الأسر عالقة بين الانتظار واليأس.
في المقابل، يبقى المجتمع المدني والحقوقيون هم الأمل الوحيد لتوثيق الحقائق والضغط من أجل العدالة، و
بدون إرادة سياسية قوية لإنشاء آليات رسمية للتحقيق والمساءلة، ستظل قضية المفقودين مفتوحة، وسيبقى الألم النفسي للأسر مستمراً، كما سيظل الإفلات من العقاب قاعدة ثابتة في السودان، قضية المفقودين في السودان ليست مجرد ملف إنساني، بل تحدٍ قانوني وحقوقي ووطني ، وغياب قواعد البيانات الرسمية، ضعف المؤسسات، غياب المساءلة، وانتشار الإفلات من العقاب يجعل الأسر عالقة بين الانتظار واليأس ، في المقابل، يبقى المجتمع المدني والحقوقيون هم الأمل الوحيد لتوثيق الحقائق والضغط من أجل العدالة. ومع استمرار الصراعات، فإن عدم معالجة هذا الملف يعني استمرار الألم النفسي والاجتماعي للأسر، ويهدد أي جهود مستقبلية لبناء سلام مستدام ومصالحة وطنية حقيقية (يتبع).