كمبالا: سلاميديا
كشفت منى أبو القاسم، مديرة منظمة أيادي لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، عن أوضاع إنسانية قاسية يعيشها الأشخاص ذوو الإعاقة جراء الحرب في السودان، مؤكدة أنهم يُعدّون الفئة الأكثر تضررا وتأثرا بالنزاع المسلح، في ظل غياب شبه كامل للحماية والإجلاء والخدمات الأساسية.
جاء ذلك خلال ورقة قدمتها أبو القاسم في احتفال نظمته المنظمة بمناسبة اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، بمركز سلاميديا في العاصمة الأوغندية كمبالا، بحضور عدد من المهتمين بقضايا الإعاقة وممثلي منظمات إنسانية وناشطين.
وقالت أبو القاسم عندما اندلعت الحرب في السودان لم يكن هناك اي انتباه للأشخاص ذوي الإعاقة واحتياجاتهم، واضافت “لما قامت الحرب ما كان في اي انتباه لهذه الفئة، لم يكن هناك اجلاء لها ولا ممرات امنة، هذا الامر ادى الى سقوط وفيات كثيرة وسط ذوي الاعاقة” مشيرة إلى أنه اضافة الى غياب خطط الإجلاء الآمن، وانعدام الممرات الإنسانية، وهناك عدم توفير للمعلومات خاصة للفئات التي لا تستطيع الوصول إليها، مثل ذوي الإعاقة السمعية والبصرية. وأوضحت أن هذا الإهمال أدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا، مؤكدة أن عددًا كبيرا من الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية لقوا حتفهم جراء القصف، بسبب عدم تنبيههم بوجود اشتباكات أو أخطار وشيكة.
وأضافت أن جميع فئات ذوي الإعاقة تعرضت للموت والإصابات، إلا أن التأثير كان أشد على ذوي الإعاقة السمعية، إضافة إلى النساء ذوات الإعاقة، اللاتي واجهن مخاطر مضاعفة أثناء النزوح والنزاعات.
وسلطت الورقة الضوء على أوضاع اللاجئين من ذوي الإعاقة في معسكر كرياندونغو بأوغندا، حيث يوجد أكثر من 400 لاجئ من الأشخاص ذوي الإعاقة، يتركز أغلبهم في الكلسترات A وB وC، وتشكل الإعاقات الحركية نحو 50% من الحالات. وأوضحت أن هذه الإعاقات ناتجة جزئيًا عن إصابات حرب، إضافة إلى تدهور الرعاية الصحية أثناء النزوح، وعدم علاج الأمراض المزمنة في الوقت المناسب، ما أدى لتحولها إلى إعاقات دائمة.
وبحسب أحدث الإحصائيات حتى مايو 2025، فإن نحو 60% من الكلسترات داخل المعسكر تضم أشخاصًا ذوي إعاقة، مع استمرار التغير في الأعداد نتيجة عودة بعض اللاجئين إلى السودان، أو وصول موجات نزوح جديدة، خاصة بعد تصاعد العنف في دارفور وكردفان.
وأشارت أبو القاسم إلى أن أكثر من 30 مليون شخص في السودان يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، يشكل الأشخاص ذوو الإعاقة نحو 15% منهم، أي ما يعادل 4.6 مليون شخص، بينهم 3.1 مليون يحتاجون إلى تدخلات إنسانية عاجلة. وكشفت أن الحرب أدت إلى زيادة الإصابات المسببة لإعاقات دائمة بنسبة 300%، من بينها نحو 15 ألف حالة بتر، و40 ألف إصابة في العمود الفقري، و8 آلاف حالة فقدان بصر، و12 ألف حالة فقدان سمع كامل.
وأوضحت الورقة أن 65% من الإصابات ناتجة عن استخدام الأسلحة المتفجرة، و25% بسبب الرصاص والشظايا، و10% مرتبطة بظروف النزوح. وتركزت الإصابات جغرافيًا بنسبة 45% في الخرطوم، و30% في دارفور، و15% في كردفان، و10% في مناطق أخرى.
وفيما يتعلق بالإعاقات النفسية، قالت أبو القاسم إن نحو 4 ملايين شخص يعانون من اضطرابات نفسية حادة، بينهم 600 ألف طفل تظهر عليهم أعراض اضطراب ما بعد الصدمة، مع زيادة بنسبة 400% في حالات الاكتئاب الحاد. وأكدت أن غياب خدمات الصحة النفسية، خصوصًا في المعسكرات ودور الإيواء، أدى إلى تحول كثير من هذه الاضطرابات إلى إعاقات نفسية طويلة الأمد.
كما كشفت عن انهيار 85% من مراكز التأهيل الحكومية في السودان، وتوقف برامج التأهيل بشكل كامل، إلى جانب هجرة نحو 70% من الاختصاصيين، ونفاد 90% من الأطراف الصناعية والمستلزمات التعويضية، ما فاقم الأزمة في الولايات التي استقبلت النازحين.
وتطرقت الورقة إلى أوضاع منظمات المجتمع المدني، موضحة أن أكثر من 40 جمعية متخصصة في قضايا الإعاقة توقفت عن العمل، وأن 25% فقط من الجمعيات المتبقية تعمل بأقل من 30% من طاقتها، فيما لم تواصل العمل بكامل طاقتها سوى خمس جمعيات فقط. وأضافت أن نحو 60% من المنظمات الدولية المتخصصة انسحبت من العمل، إلى جانب إيقاف أو تعقيد تسجيل منظمات الإعاقة داخل السودان بقرارات وصفتها بالجائرة.
كما تناولت الورقة قرار الأمم المتحدة رقم 2475 لسنة 2019، الخاص بحماية الأشخاص ذوي الإعاقة أثناء النزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية، والذي ينص على ضرورة توفير حماية خاصة لهم، وضمان إجلائهم من مناطق النزاع، وشمولهم في العمل الإنساني وتلبية احتياجاتهم الأساسية.
وشهد الاحتفال حضورًا واسعًا من المهتمين بقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة، وهدف إلى لفت انتباه المنظمات الإنسانية والمناصرة لمعاناة اللاجئين السودانيين من ذوي الإعاقة في أوغندا. وتخلل الفعالية معرض تشكيلي لفنانين من الأشخاص ذوي الإعاقة، إضافة إلى عرض فيلم وثائقي عن أوضاع ذوي الإعاقة في معسكر كرياندونغو، واختُتم الاحتفال بفقرة غنائية نالت استحسان الحضور.
