يضيق الخناق يوماً بعد يوم على مدينة الدلنج بجنوب كردفان، جراء الحصار الذي تفرضه عليها قوات تحالف تأسيس والذي بدأ فعلياً منذ أكتوبر 2023م، أي بعد أشهر قليلة من اندلاع الحرب بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.

ومع ازدياد وتيرة المعارك حول المدينة وقصف أحيائها بالمدفعية الثقيلة، باتت تلوح في الأفق هواجس أن يؤدي الاقتتال في المنطقة إلى خلط الأوراق الاجتماعية والعسكرية على خلفية نزاع قبلي سابق؛ ما يرشح ان تعيد الحرب في المنطقة فتح جراح مجتمعية لم تلتئم بعد؛ وربما إعادة أحداث مدينتي الجنينة والفاشر.

في هذه التقرير نرصد أبرز المعارك حول مدينة الدلنج وما نتج عنها من واقع إنساني ومحاولات مجتمع جبال النوبة تجنيب المدينة مآلات الجنينة والفاشر.

خلفية السياق الميداني

بدأت التطورات العسكرية في مدينة الدلنج ومحيطها منذ يونيو 2023م، عندما شنت وحدات من جيش الحركة الشعبية – شمال جناج عبد العزيز الحلو، هجمات مباغتة على مواقع القوات المسلحة السودانية بالقرب من نطاق سيطرتها. ففي 21 يونيو استهدفت الحركة حامية اللواء 54 داخل الدلنج، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة داخل المدينة وإغلاق سوقها. وتكررت الهجمات في يوليو من ذات العام بقصفت الحركة الشعبية مواقع جنوب غرب المدينة، قبل أن تسيطر على معسكر الكرقل الواقع على الطريق القومي بين الدلنج وكادوقلي، وبذلك قطعت خط الإمداد الرئيسي نحو مدينة كادوقلي عاصمة الولاية وفرضت حصارا على الدلنج.

توسّعت سيطرة الحركة الشعبية لاحقاً على عدد من المناطق المحيطة بالدلنج مثل الكدر، كركراية، التكمة وحجر جواد، ما أدخل المدينة في عزلة شبه كاملة بنهاية عام 2023م، بينما كان الطريق الشرقي والشمالي الشرقي مقطوعاً نتيجة سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الدبيبات.

تزامن ذلك مع تصاعد نشاط قوات الدعم السريع في المنطقة بقيادة عبد المنعم شيريا، الذي عمد على التمركز قرب الدلنج. وفي مطلع يناير 2024م، أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على منطقة هبيلا شرقي الدلنج بعد هجوم واسع شاركت فيه وحدات قادمة من الدبيبات. 

وفي تطور متطرد لبسط النفوذ ومحاولات السيطرة على الدلنج دفعت الحركة الشعبية بقوات إضافية نحو الدلنج واحكمت السيطرة على مداخل المدينة وأحياء التومات. ولاحقاً في تنسيق غير معلن قامت قوات الحركة الشعبية بمشاركة القوات المسلحة في صد هجوم قوات الدعم السريع على المدينة في 8 يناير، والذي ترتب عنه انسحاب القوة المهاجمة الى مدينة الدبيبات.

عقب ذلك عادت العداوة بين القوات المسلحة والحركة الشعبية حيث شهد محيط المدينة جولات قصف وهجمات متبادلة، شملت مناطق التكمة، كركراية وحجر الجواد. وبحلول فبراير 2024م، فرضت الحركة الشعبية حصاراً على عدة مدن بجنوب كردفان لعام كامل؛ قبل أن تبدأ قصف مواقع داخل مدينتي كادوقلي والدلنج في فبراير 2025م، وبالتزامن مع استعادة القوات المسلحة السيطرة على كركراية وحجر الجواد. وتلى ذلك التحام قوة من اللواء 54 الدلنج مع قوة من الفرقة 14 كادوقلي في منطقة السماسم، وتمكنت القوتان من بسط السيطرة على الطريق بين الدلنج وكادوقلي في 24 فبراير 2025م.

تعرّضت مدينة الدلنج لقصف مدفعي بواسطة قوات الجيش الشعبي المتمركزة في منطقة الكدر في الشمال الغربي، بينما شهدت مناطق الدشول، التقاطع وكيقا الخيل معارك بين الحركة الشعبية ـ شمال والقوات المسلحة؛ استمرت لعدة أيام خلال شهر يونيو 2025م، اسفرت عن سيطرة الأخيرة على الدشول في 28 من ذات الشهر. (تحديث) 

ويقول أحد أعضاء غرف طوارئ الدلنج لسلاميديا، ان الأوضاع في مدينة الدلنج معرضة لمزيد من التدهور خلال الأشهر المقبلة، نتيجة للحصار المفروض على المدينة.

المعادلة العسكرية

فور التوقيع على ميثاق نيروبي في فبراير 2025م، أعلنت الحركة الشعبية–شمال أنّ المكونات المسلحة الموقّعة على الميثاق ستعمل على تطويره إلى اتفاق أمني ــ عسكري، وأن الجيش الشعبي سينتقل من وضعية الدفاع إلى الهجوم بالتنسيق مع قوات الدعم السريع. وظهرت نتيجة التحالف سريعاً على الأرض، إذ نفّذت القوات المتحالفة عمليات عسكرية مشتركة، شملت السيطرة على مدينة لقاوة في 26 مارس 2025م، ثم الهجوم على منطقة خور الدليب في 3 أبريل، وبلدة أم عدارة في 12 أبريل.

وفي خطاب جماهيري يوم 30 مايو 2025م، أكد عبد الرحيم دقلو، قائد ثاني الدعم السريع أنّ قوات تحالف تأسيس تقاتل جنباً إلى جنب مع قوات الدعم السريع، وتمت ترجمة ذلك بهجوم الحفاء الجدد على بلدة ام عدارة في 12 أبريل. 

ويقول أحد زعماء الادارة الاهلية بمدينة الدلنج ان المدينة تحمل أعباء النزوح والحصار في ظل غياب الحلول السياسية والأمنية، بينما يترقب السكان بقلق ما ستؤول إليه الأوضاع في الفترة المقبلة؛ بعد أن باتت قوات الدعم السريع والحركة الشعبية تقاتل جنبا الى جنب ضد القوات المسلحة المحاصرة داخل المدينة. 

ووفقاً لبيان صادر عن تحالف قوي جبال النوبة المدنية بتاريخ 27 ديسمبر 2025م، فقد تعرضت الدلنج خلال الأسابيع الماضية لعمليات تدوين وقصف مكثف، ما أسفر عن سقوط ضحايا من المدنيين، إضافة إلى تدمير مرافق مدنية لم تتوفر إحصاءات رسمية دقيقة حول حجم الخسائر البشرية الناتجة عنها.

مخاوف الانتقام 

في ظل الحصار الحالي ومستجداته المستمرة على مدينة الدلنج، تبرز مخاوف من اشعال جذوة النزاعات القبلية القديمة، إذا ما شاركت قوات من الدعم السريع في أي هجوم محتمل؛ علماً ان قوات تحالف تأسيس الذي يضم الدعم السريع والحركة الشعبية يحتوي على عناصر من مكونات اجتماعية مختلفة. وقال زعيم الادارة الاهلية سابق الذكر لسلاميديا “نتيجة غياب الحلول السياسية والأمنية، يترقب سكان الدلنج بقلق ما ستؤول إليه الأوضاع في الفترة المقبلة”. 

وأكد المحامي المدافع عن حقوق الانسان بمدينة الدلنج ــ فضلنا حجب اسمه ــ أن أي تحالف بين الأطراف المتنازعة سيقلل بشكل كبير من احتمالية وقوع صدامات دموية أو عمليات ثأر قد تحول المدينة إلى ساحة مشابهة لما حدث في الفاشر. وقال لسلاميديا إنه من الطبيعي ان يكون هنالك ضحايا للمعارك، والعساكر مدربون على ذلك، إلا ان الثمن الأغلى يدفعه المدنيون. وأضاف أن الحل السلمي هو الخيار الأمثل دائمًا، وأن للإدارات الأهلية دوراً محورياً يمكنها القيام به لمنع التحريض القبلي الذي أصبح سمة واضحة للحرب الحالية. وأوضح أنها في بداية الحرب بذلت جهوداً جبارة لمنع القتال، بتنظيم دورات رياضية، أمسيات ثقافية وحوارات لتعزيز التماسك الاجتماعي، الا أن تأثير المتطرفين من النشطاء والمثقفين عبر وسائل التواصل الاجتماعي تغلب على تلك الجهود.

وفي ذات الخصوص، قلل مواطن من مدينة الدلنج من إمكانية لعب الإدارة الأهلية بالمدينة دوراً فاعلاً لتجنيب المواطنين الانتهاكات المحتملة. ووصف المواطن ــ الذي فضل عدم ذكر اسمه ــ التحالف بين الحركة الشعبية – شمال وقوات الدعم السريع بغير المسؤول والمدمِّر، محذِّراً من أن التحالف بين القوتين لن يوقف الانتهاكات ضد المدنيين بل سيزيد تفاقمها؛ وقال “الحركة الشعبية في النهاية ستكون أداة لتنفيذ أجندة الدعم السريع، وسيذيقون البلد الويلات كما حدث في مدن ومناطق أخرى. هذا التحالف في الواقع لا يمثل شيئاً، سيلقنوا الجميع درساً قاسياً” 

في سياق احتمالية نشوب نزاعات قبلية نبهت راوية كمال المفوض الأسبق لمفوضية العون الانساني بجنوب كردفان إلى انتشار واسع للسلاح في أيادي المدنيين، وازدياد النزعة العسكرية وسط المجتمع، حيث أصبح حمل السلاح يُنظر إليه كوسيلة أساسية للحماية في ظل الانفلات الأمني الماثل.

الأوضاع الإنسانية

تواصل مدينة الدلنج تحمل أعباء النزوح والحصار المفروض عليها منذ نحو عامين، ما خلف أوضاعاً إنسانية معقدة يعيشها سكان المدينة. ووصفت راوية كمال لسلاميديا الوضع الإنساني في جنوب كردفان، خاصة مدينتي الدلنج وكادوقلي، بأنه سيئ للغاية، في ظل تصاعد العمليات العسكرية، وتشديد الحصار، وغياب شبه كامل للمساعدات الإنسانية. وأشارت إلى أن السلطات منعت المدنيين من مغادرة المدن، ما دفع كثيرين إلى الخروج بالتهريب عبر مسارات متعددة يخضع بعضها لسيطرة الحركة الشعبية، وأخرى لقوات الدعم السريع؛ بينما يسلك آخرون طرقاً وعرة إلى مدينة الرهد، ومنها إلى الأبيض وكوستي. وأكدت راوية أن هؤلاء النازحين لا تصلهم أي مساعدات غذائية، في ظل إغلاق وفتح متقطع للطرق والمعابر. ويشير تحالف قوى جبال النوبة المدنية ــ في بيانه الذي اطلعت عليه سلاميديا ــ إلى انه لا توجد احصائيات دقيقة لاعداد النازحين من مدينة الدلنج، لكنه قدر إجمالي النازحين من مدينتي الدلنج وكادوقلي بمئات الآلاف. وبحسب البيان فان نازحي مدينة الدلنج يخرجون عبر عدة مسارات، أبرزها: من الدلنج إلى مناطق سيطرة الحركة الشعبية عبر (هبيلا، لقاوة، دلامي، هيبان). ومن الدلنج إلى مناطق سيطرة قوات الدعم السريع عبر (الكرقل، القردود، هبيلا، الرهد، أبو زبد) او مسار (جلد، سلارا، النتل، كرمتي). وأشار البيان الى تحذيرات محلية من تعرض بعض الأسر النازحة للنهب والسرقة أثناء الفرار، في ظل غياب الحماية وانفلات أمني متزايد.

ويقول عضو غرفة الطوارئ بالدلنج، ان المدينة تشهد أوضاعاً إنسانية متدهورة تسببت في العديد من الوفيات والإصابة بالأمراض؛ مع تزايد تدفقات النازحين من عشرات المناطق المتأثرة بالنزاع في محيطها، في ظل انعدام الخدمات الأساسية في المراكز التي خصصت لإيوائهم واستمرار الحصار الذي يعيق دخول الإمدادات الغذائية والطبية إلى المدينة. وأوضح أن غرف طوارئ تعمل بمحدودية في ظل غياب أي الدعم. ويقول تحالف قوي جبال النوبة المدنية إن عمليات القصف التي تعرض لها مستشفى الدلنج أدت إلى خروج مستشفى المدينة التعليمي عن الخدمة، إلى جانب المستشفى العسكري، ما فاقم الوضع الصحي في المدينة. ويعمل حالياً مستشفى واحد فقط (مستشفى أم بخيتة) وسط نقص حاد في المعينات الطبية والكوادر الصحية، بعد مغادرة عدد كبير من العاملين في القطاع الصحي نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية.

من جهته أوضح الزعيم الأهلي سابق الذكر، أن المدينة تضم أكثر من 15 مركزاً للنازحين، تأوي آلاف الفارين من مناطق هبيلة، الكرقل، الزلطاية، حجر الجواد، لقاوة وغيرها، في وقت تنعدم فيه الخدمات الأساسية. 

أزمة اقتصادية خانقة

التصعيد العسكري الذي تشهده مدينة الدلنج هذه الايام انعكس بشكل مباشر على الوضع المعيشي في للسكان، حيث شهدت أسعار السلع الأساسية ارتفاعاً غير مسبوق، اذ بلغ سعر كيلو السكر نحو 24 ألف جنيه سوداني، العدس حوالي 26 ألف جنيه، إلى جانب ارتفاع أسعار الزيت وبقية السلع الغذائية، كما ارتفعت تكاليف النقل بشكل حاد، حيث وصل إيجار التكتك لترحيل أسرة واحدة إلى نحو مليوني جنيه سوداني، وهو ما جعل مغادرة المدينة أمراً شبه مستحيل لكثير من الأسر، خاصة المتعففة منها. علاوة على ذلك يعاني سكان الدلنج من انقطاع شبه تام في شبكات الاتصال، ما فاقم من عزلتهم وصعّب عمليات التنسيق للخروج أو طلب المساعدة.

وقال المحامي والمدافع عن حقوق الانسان الذي سبق ذكره “الحصار أدى الى اختفاء المواد الغذائية والأدوية، وأصبح السوق يعاني شحاً حاداً في كل شيء، المساعدات الإنسانية نادرا ما تصل، وأحياناً تُنهب في الطريق، مما يفاقم المعاناة”. واوضح ان القافلة الأممية الأخيرة التي وصلت المدينة، تعرضت لنهب جزء من حمولتها في الطريق. وكشف عن حركة نزوح متبادلة، حيث غادر عدد كبير مدينة الدلنج بسبب اشتداد الحصار ووفيات سوء التغذية، وعدد مماثل قدم من المناطق المجاورة بحثاً عن أمان نسبي في المدينة. وأكد أن الخروج من الدلنج بات مغامرة قد تنتهي بالقتل أو الأسر أو الاختفاء، والبقاء داخلها يعني مواجهة الجوع ونقص الدواء يومياً.

وذهبت راوية كمال مذهب المحامي والمدافع عن حقوق الانسان بأن الأسواق في الدلنج تشهد ارتفاعاً كبيراً في الأسعار، وتكاليف الترحيل، ما أثقل كاهل السكان. مشيرة الى أن الخدمات الصحية التي اعتمدت بشكل شبه كامل على المنظمات الإنسانية باتت محدودة.

مغادرة المنظمات   

علمت سلاميديا بأن عدد من المنظمات الدولية بدأت في سحب موظفيها من مدينة الدلنج. وأكدت راوية كمال، المفوض الاسبق لمفوضية العون الإنساني بجنوب كردفان، شروع بعض المنظمات الدولية في عملية إجلاء موظفيها عبر طيران بعثة الامم المتحدة يونيسفا. وكشفت أن قوات حفظ السلام التابعة للبعثة الاممية هي الأخرى بدأت في الانسحاب وسط غموض يحيط بمصير الأسلحة التابعة لها، هل  ستخزن داخل مقرها في كادوقلي أو سيتم نقلها إلى أبيي ؟ وجاءت عمليات الإجلاء بعد القصف الذي استهدف مقر اليونيسفا مؤخراً، ما أدى الى مقتل ستة من قوات حفظ السلام من الجنسية البنغلاديشية، وإصابة 11 آخرين. الا ان المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان نفى علمه بمغادرة بعض المنظمات الإنسانية مدينة الدلنج، وقال “بل على العكس، بعض المنظمات التي كانت تعمل خارج الدلنج فتحت مكاتب داخلها مؤخراً، وبعضها طُرد من كادقلي وانتقل إلى الدلنج”. لكنه حذر من أن خروج هذه المنظمات الآن سيؤدي إلى كارثة انسانية، لأن المدينة محاصرة تماماً، والبضائع التي تدخل عبر طرق التهريب بالكاد تكفي. وذلك ما أكده الزعيم الاهلي في إشارة منه ان المنظمات تواجه صعوبات كبيرة في إيصال الإغاثة، وتنفيذ المشاريع ما يزيد من هشاشة الوضع لكنها لم تغادر.

تدخلات القوى المدنية

في محاولة لتجنب مآلات الواقع العسكري في جنوب كردفان أصدر تحالف قوى جبال النوبة المدنية في مطلع ديسمبر 2025م، مذكرة وجهها الى  الفريق/ عبد الفتاح البرهان، القائد العام للقوات المسلحة، وعبد العزيز الحلو قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال؛ تضمنت المذكرة مقترحاً لنزع فتيل الأزمة، وقف الحرب ومعالجة الأوضاع الأمنية والإنسانية في جنوب كردفان، تفادياً لتكرار تجربة الفاشر في المنطقة.

وقدمت المذكرة مقترح بأن تسلم القوات المسلحة جميع مواقعها العسكرية في مدن الدلنج، كادقلي، دلامي، هبيلا، لقاوة، والريف الشرقي الى قوات الجيش الشعبي ـ شمال؛ في المقابل يتعهد المقترح بأن تضمن الحركة الشعبية سلامة وحماية القوات المغادرة عبر ممرات آمنة يتم الاتفاق عليها لاحقاً.

وشملت المذكرة بنودا أخرى من بينها: الوقف الفوري لإطلاق النار بين الطرفين في المناطق المذكورة، فتح المسارات وضمان انسياب المساعدات الإنسانية إلى تلك المناطق، والتزام الحركة الشعبية بتوفير الحماية الكاملة لمواطني تلك المناطق فضلاً عن إبعاد قوات الدعم السريع بشكل كامل من إقليم جبال النوبة.

وأكد التحالف أن هذا النداء جاء ثمرة مشاورات واسعة شملت أبناء جبال النوبة في القوات المسلحة والحركة الشعبية، والقيادات السياسية والمدنية والإدارات الأهلية ورموز المجتمع. إلا أن مذكرة التحالف لم تجد استجابة من أطراف الحرب. وفي بيان لاحق قالت سوسن جمعة، المدير التنفيذي لتحالف قوى جبال النوبة المدنية “بكل أسف إننا لم نتلق رداً رسمياً إيجابياً بخصوص المذكرة التي رفعناها الى قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان، وقائد الجيش الشعبي لتحرير السودان شمال القائد عبدالعزيز أدم الحلو بشأن نزع فتيل الأزمة وحماية المدنيين بمدينة الدلنج وكادوقلي حتى يوم الاثنين 15 ديسمبر 2025م.

وسبق مذكرة تحالف قوى ابناء جبال النوبة المدينة بأيام بيان من الجيش الشعبي لتحرير السودان – شمال قال فيه ان تحرير مدينتي كادقلي والدلنج بات مسألة وقت، ومن الأفضل تسليم المدينتين. وأضاف البيان الصادر عن عزت كوكو أنجلو، رئيس هيئة أركان الجيش الشعبي “حقنا لدماء المواطنين الأبرياء العزل، وحفاظا على المدينتين من الخراب والدمار، نناشد الشرفاء والعقلاء من منسوبي القوات المسلحة بالانسحاب العاجل والتسليم دون خسائر، وفتح ممرات لخروج المواطنين إلى مناطق آمنة وعدم منعهم من حماية أرواحهم”

في ظل هذا المشهد القاتم، تبدو مدينة الدلنج وكأنها تُدفع ببطء نحو الكارثة الانسانية في التصعيد العسكري المتواصل، وانهيار شبه كامل لمقومات الحياة الأساسية. فبين مدنيين عالقين بلا حماية كافية، ومرافق صحية خرجت عن الخدمة، وغلاء يلتهم ما تبقى من قدرة السكان على الصمود، تتحول الدلنج إلى نموذج صارخ لمعاناة المدن التي ذاقت مرارة الحرب والحصار.