الخرطوم ــ وكالات

قال الممثل الأميركي الشهير جورج كلوني وصديقه الناشط الحقوقي جون بريندرغاست إن السودان الآن ليس بحاجة إلى أقوال بل إلى أفعال عقب الإطاحة بنظام الرئيس عمر البشير في ثورة شعبية أرغمت الجيش على التدخل واستلام السلطة.

وانتقد كلوني وبريندرغاست في مقال مشترك بصحيفة واشنطن بوست المجتمع الدولي على دعمه وإضفائه الشرعية على نظام البشير “رغم الفظائع والانتهاكات التي ارتكبها في إقليم دارفور وجنوب كردفان، واعتقال المحتجين والتنكيل بهم”.

وتضيف الصحيفة أن الكاتبين أوضحا أن الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والصين وروسيا ودول الخليج جميعها سعت إلى تعزيز علاقاتها مع حكومة البشير، ووحده شعب السودان هو من انبرى له ولقادة الجيش المتحالفين معه، حسب تعبير كلوني وبريندرغاست.

وتشير إلى أن الكاتبين لفتا إلى أن المحتجين السودانيين لم تنطل عليهم حيل العسكريين عندما ولوا وزير الدفاع عوض بن عوف الحليف الوثيق للرئيس المعزول رئاسة المجلس الانتقالي قبل أن يستبدلوه بعد يوم واحد بالفريق أول عبد الفتاح البرهان.

وأشار الكاتبان إلى أن المحتجين واصلوا اعتصامهم أمام مقر القيادة العامة للجيش بالخرطوم رغم تحذيرات عوض بن عوف وفرضه حظر التجول واستعطافات البرهان.

ورغم أن رئيس المجلس العسكري الانتقالي الجديد عبد الفتاح البرهان أعلن أنه سيعين رئيس وزراء وحكومة من المدنيين فإنه لم يلتزم بتنصيب رئيس جمهورية مدني.

وقال الممثل الأميركي وصديقه الناشط الحقوقي إن السماح للجيش بالإشراف على عملية الانتقال نحو نظام ديمقراطي أشبه ما يكون بوضع ثعالب للإشراف على أعمال التحسينات على قن الدجاح. وأضافا أن من شأن خطوة كهذه أن تقوض جهود اجتثاث الفساد والعنف اللذين ترعاهما الدولة، وهما سمتان ميزتا ثلاثة عقود من حكم العسكر في السودان.

ومضى الكاتبان إلى تذكير المجتمع الدولي بأن ثمة فرصة ثانية سنحت له لتصحيح إخفاقات سياساته السابقة بالوقوف إلى جانب مطالب الشعب السوداني. وحذر الاثنان في مقالهما المشترك المجتمع الدولي من أن اكتفاءه بالحث على إحداث تغيير دون اتخاذ إجراءات فإن السودان قد يصبح مثل مصر “حيث الفساد ونظام الحكم الذي يقوده العسكر ظل جاثما رغم التغييرات التي طرأت على القيادة”.

وأشار الكاتبان إلى أن قادة الجيش السوداني يواجهون مخاطر مالية، فسياسات الحكومة السابقة “الكارثية” جعلت البلاد ترزح تحت وطأة ديون ثقيلة وبحاجة إلى المساعدات والإعفاء من الديون. لكن أقوى أشكال النفوذ فعالية -برأي كلوني وبريندرغاست- تكمن في تعقب الأصول التي قام البشير وأعوانه بتبييضها عبر النظام المالي العالمي.

“لقد ظل جيش البشير وشبكته التجارية يستنزفون موارد البلاد طوال عقود من الزمن ويتخمون حساباتهم المصرفية ويشترون العقارات ويكتتبون في شركات عالمية من الباطن للتمويه”.

ويرجح الكاتبان أن تضاعف النخب الحاكمة جهودها لإخفاء الثروات التي جنتها بطرق غير مشروعة ونقلها خارج السودان نظرا لغياب الضوابط التي تحول دون غسل الأموال.

إن ملاحقة رؤوس الأموال المهربة ستوفر الدعم الحقيقي للمحتجين السودانيين، وعلى وزارة الخزانة الأميركية والجهات التنظيمية الأخرى حول العالم إصدار إنذارات عامة إلى قطاعاتها المالية والعقارية لتحذيرها من خطر هروب الأصول من “الشخصيات السودانية السياسية البارزة” إليها.

ويشدد المقال على ضرورة أن تفرض الولايات المتحدة عقوبات على المسؤولين عن الفساد المستشري على نطاق واسع وانتهاكات الحقوق بموجب قانون ماغنيتسكي الذي يعنى بانتهاكات حقوق الإنسان ومعاقبة مرتكبيها.

وقال كلوني وبريندرغاست في ختام مقالهما إن المحتجين السودانيين “الشجعان” بحاجة إلى أكثر من مجرد أقوال “إنهم بحاجة إلى عمل دولي جبار لكي تكون هناك فرصة لتغيير حقيقي”.