ابحث عن

الشية مقابل المثلجات من الفائز؟

الخرطوم سلاميديا

بقلم: سفيان التجاني

في الثالث من أغسطس ٢٠٢٠م استفزتني تغريدة علي الفيسبوك دفعتني لكتابة هذه الأسطر علي صفحتي في ذاك الوقت؛ وبعد ثلاث سنوات هاهي تطفو على التايملاين Tilmeline من باب الذكرى. وبعد إجراء بعض التعديل قررت اعادة نشرها بدافع ما "اشبه اليوم بالبارحة".

عصفت بي تلك التغريدة لأستحضر قصة رواها لي استاذي وصديقي البروف الكيني إدوين نجوثو Edwin Nyothu؛ يقول  "أن أحد أساتذته البروفيسورات كان يعمل  بإحدى الجامعات البريطانية إبان حقبة الثمانينات من القرن الماضي. وكعادة الأفارقة في الغربة، اننا دوماً نبحث عن ونستلز بكل ما يذكرنا بلادنا الأم. ففي أثناء تواجد البروف في لندن إعتاد الذهاب في ايام الاحد إلى مطعم انجليزي يقدم الشواء علي الطريقة الكينية (نجاماجوما Nyamachoma مفردة باللغة السواحلية تعني اللحم المشوي). يومذاك وصديقنا البروف يستمتع بتناول طبقه المفضل ذاك، عند زاويته حيث الطاولة التي اعتاد الجلوس عليها وحده، كانت هناك سيدة ايرلندية تبدو عليها علامات الكبر المترف، تجلس على الطاولة المجاورة وأمامها كأس من المثلجات (Ice Cream). وكانت تتناول مثلجاتها باستمتاع فائق علي الطريقة الارستقراطية اللندنية. كان صديقنا البروف، قد شارف الإنتهاء من إلتهام شواءه وهو عند قمة متعته بسحق العظام الهشة (المقرشة)، صدرت منه أصوات احتدام المعركة بين أضراسه والعظام التي تدهسها؛ عندذاك أصيبت السيدة الارستقراطية بحالة من الاشمئزاز، ربما ظنت في نفسها "ما الذي أتي بهذا الرجل الاسود إلى مكان كهذا؟" غقررت إستفزازه ربما تستطيع أن تثير حنقه مثلما أفسد عليها متعة مثلجاتها في ذاك الاحد. دون أن تلتفت نحوه، بادرته بكل الازداء الانجليزي، وهو ما زال في معركته المحتدمة تلك "ماذا تاكل الكلاب عندكم في افريقيا؟" و بسرعة فائقة، تنم عن معدن و أدراك الرجل وثقته بنفسه رد عليها قائلا "ايس كريم"؛ هنا جن جنون العجوز الارستقراطية وصاحت في وجه النادل وهي تصرخ كيف يجرؤ هذا الزنجي على شتمي؟ اتصلوا على الشرطة. لسوء حظها كان صاحب المطعم ذو الاصول الاسيويو قد مر قربهما وقتما رمت بسؤالها لصديقينا. فأتى وأخبرها أنها علي خطأ، ما كان لها ان تتعرض للرجل بهكذا اسلوب، فهو ايضا من الزبائن المداومين على المطعم مثلها ولا فرق أو تفضيل عنده لزبون على آخر، بغض النظر أي ميزات او مميزات".

العبرة من هذه الحكاية، أن قضية العنصرية ليست بأمر مستحدث. باتت اجيالاً سبقت جيلنا تكافح فيها، بيد أن طرق و وسائل الكفاح لم تختلف كثيراً بين جيل وآخر. فهل لنا أن نبتدع أدوات مختلفة للتعاطي مع هذه الفضية؟

كان في مقدور البروف الكيني أن يثور ويشجب ويفعل أشياء عدة للتعبير والتنديد على الإساءة التي تعرض لها من قبل تلك السيدة الارستقراطية؛ إلا أنه فضل أن يتعامل مع الوضع بطريقة مشابهة للمبتدرة نفسها مما آثار حنقها وجعلها تصرخ وتهيج وتملأ المطعم ضجيجاً وعواء.

نحن كعنصر افريقي في السودان نعرف من نحن ونعتز بماهيتنا ونتعامل مع الآخر المختلف كأنه ولي حميم؛ وإلا لما استطاعت القوميات الاروبية والعربية والاسيوية العيش معنا وانصهار العديد منها مع شعوبنا. لذا لا يجب أن نكترث كثيراً لما يقال ويعتمل ضدنا من قبل ضعاف النفوس ودعاة الدماء النقية، تماشياً مع المثل القائل "الكلب ينبح والجمل ماشي". علينا أن نركز أكثر في كيف ننهض بأنفسنا، بدلاً عن إهدار طاقاتنا للدفاع عنوشيئ ليس بنا، نحن لسنا بعبيد لأحد.

اليوم وأنا اتابع مآلات الحال في السودان؛ ازيد اصرارا اكثر على ضرورة انتهاج اسلوب اخر لمحاربة العنصرية ومجابهة خطاب الكراهية بدلا عن كل ما بامكانه اثارة العنف البدني الدامي. بمعنى؛ ماذا لو انتهجنا ما يمكن فهمه من بيت الشعر "يخاطبي اللئيم بكل قبح وآبى ان اكون له مجيبا" ليس بالضرورة ان يعني ذلك اننا جبناء لكن هو التسامي.

لا للعنصريه، لا للعنف ومعا للسلام

سفيان التحاني

Pin It

مدينة بت سلمان سيدة البشاشة


بقلم : محمد بدوي


امراة من طينة الحسن والبشاشة، تقدمت بها السنون فترسمت الملامح بالملاحة، فما لا يخفى هو الحسن لأنه استمد جيناته من الشمس، كلما شاءت الايام ان تحسن الصدف بمقابلتها اختلس النظر الى " المساير" التى اكسبها زحف ابيض خفيف لون انتمى للسحاب حين يهم بهطول غزيز و حين يشرع البرق السنته ليضيء عتمه لمن تفرقت بهم السبل ليلا فى فضاء بهيم، يسرح خاطري بان ملاحتها تؤرخ لبداية اقبال الناس على التصوير بالابيض والاسود فى ستينات القرن المنصرم، سيطر هذا الشريط على ذاكرتي و انا ادعو لها بالرحمة حين بلغني نبأ رحيلها فياله من رحيل عرف الاختيار و لطف بحال من عرفوها بان اسرج الذاكرة بان ترتكز اختيارا على اللطف فالحزن عليها جاء رفيقا بالقلب كانه ينفذ وصيه لها" ترفقوا فى الحزن على"، حسبت بأنى قد عرفت وحدي سر وصيتها، لكن سرعان ما وجدت جيناتها منثورة كالحب و الحب، استوقفني عثمان عبدالرحيم وهو يحظى برقه الشوف مثلها، ومصطفى يوسف فى لين جنابه، خنساء التى اخذت من الحديقة ما تعرفه المواسم بالبشاشة، تخصيص بعيدا عن الحصر والضيق، لكنها مناجاه القلب دون تزيد فهى كل تناثرت صفاته فى الكل اقتدارا، لكن هولاء كانوا رفقهتها هى توزع الصدقات و تدعو الله باخضرار الحال، بت سلمان امراة كضوء الفجر فى هدوءه واعلانه الصباح فى هذا التوقيت يطل عليك ضيف الله ببعض من ملامح الهدوء والصمت اللطيف الذى ما ان تسبر اغواره الا و تدرك بان " حنينه" جزء من ذاك الدعاء الصباحي، فرحه التى تؤانسها انس الام والاخت فالمساحة بينهما تمتد بأمان يخصهما و يحتمل مسرحه ابراهيم باسما.
بثينة البنت والاخت والرجاء، كاتمة السر و كاشفه اليسر، قاسمها فى ذاك وداعه الله و حسن فى حسن حاله دون استئذان اسماء ،و المتقين بالقدر و حسن الخاتمة عم يوسف ، اعلم كم من الحزن يقف شاهدا على الفقد الذى باغتكم كما باغتنا جميعا وسكن الانحاء متدثرا بالصبر على طول المسافة بين الفاشر و نيالا.
لها من لدن الرحمة بمقاييس الصدقات و اطعام الجائع و صوم القبول، و لها فى حسن العشيرة بذار صبر من عبدالرحمن، والاحمدين و رقه حال قلب احمد يوسف فى ابتهاله مع الزرع والضرع وان لم اذكر البقية فليس نسيانا بل هو تعمد لأنكم نبته من تلك العريشة النضرة التى تعهدها بالسقيا وطيب الحال.

Pin It

قاعدة الزرق العسكرية

بقلم : محمد بدوي 
 
لم يكن العديد داخل السودان و خارجه يعرفون عن منطقة الزرق و قاعدة قوات الدعم السريع بها التى تقع جغرافيا بولاية شمال دارفور، لولا زيارة الفريق أول محمد حمدان دقلو قائد الدعم السريع لها فى يوليو2022. ساعد فى ذلك نشر بعض  الوسائط لجزء من خطابه أمام بعض قواته بالمنطقة، اعقب ذلك مقالات إخبارية أشارت إلى أن بعض المدرعات العسكرية التى ظهرت فى مقطع الفيديو الذى يمكن ملاحظة تركيبه من جزئيين  " مخاطبة حميدتى وصور للطابور و  للأليات العسكرية"  و الإشارة إلى أنها تتبع لسلاح المدرعات بالقوات المسلحة أنتهى بها المطاف بالزرق فى العام 2017 على خلفية القوات التى حشدت لحملة جمع السلاح و تقنيين السيارات الواردة عبر الحدود البرية، و كان قد إستندت الحملة على القرار بالرقم 419/2017 الصادر من الرئيس المخلوع عمر البشير، حرص حميدتى فى  مخاطبتة إلى الإشارة إلا أن المدرعات المملوكة لقواته بسيطة ثم عدد نوعين من أشكالها.
 
بالعودة إلى خلفية منطقة الزرق فقد شهدت نشاط من قبل الدعم السريع فى العام 2017، لتتشكل من جزئيين  قاعدة عسكرية ظل الإقتراب منها ممنوعا ومنطقة سكنية هدف منها نقل مجموعات من الرزيقات الابالة للإستقرار بعد توفير بعض الخدمات مثل الماء، وبالفعل إنتقلت بعض المجموعات إليها لكن ظهر السيد موسي هلال زعيم عشيرة المحاميد  فى مقطع فيديو يرجح تاريخه إلى الربع الاول من العام 2017 رافضا فكرة إنتقال  المحاميد إليها، تكرر الرفض فى بيان فى أبريل 2022 حمل توقيع التنسيقية العليا للمحاميد، كان قد برزت فى  العام 2020 بيانات لعدد من المجموعات التى تدعي الملكية التاريخية لمنطقة الزرق،  ظلت تتري إلى أن نشط نشر البيانات عقب زيارة حميدتى  الاخيرة،  مجملها تجاذبت إدعاء  الملكية التاريخية التى أنحصرت أطرافها  بين المجموعة الزراعية و الرعوية .
 
 لعل الخلفية القريبة للمنطقة عقب أحداث دارفور2003 جعلت منها ملجا لبعض  الحركات المسلحة نسبة لموقعها الاستراتيجي الذى يقود  إلى الوخايم الليبية و إلى وادى هور،  سبب نشاط  الادعاءات بالملكية التاريخية أرتبط  بما أقره أتفاق سلام السودان 2022 من ملكية قبلية للحواكير  فى تعارض مع الامر الواقع  بموجب قانون الأراضى لسنة  1970 الذى يسند سجلها تحت أسم  حكومة السودان.
 
التسريبات التى خرجت من زيارة حميدتى للزرق وملكية المدرعات العسكرية لا تخرج من سياق الصراع بين المكون العسكري الذى يسيطر على السلطة فى الفترة الإنتقالية، حيث فى تقديري أن الاستعراض العسكري أثناء الزيارة قصد به  إرسال رسالة على غرار إستعراض القوة العسكرية كما فعلت الحركات الكسلحة عقب التوقيع على أتفاق جوبا،  لكن بالمقابل المقالات الأخبارية  التى اثارت مسالة ملكية المدرعات قصدت بشكل آخر تسليط الضوء على قاعدة الدعم السريع بالزرق فى إعادة لجند الجيش الوطنى إلى المسرح مرة آخري.بالرغم أن المشهد يبدو فى هذا السياق داخليا، لكن بالنظر إلى الموقع الجغرافي الصحراوي فإنه يلفت الإنتباه إلى التحالفات التى تسند أطراف الصراع، والسيناريوهات المحتملة فى حال وصول الأمر إلى مرحلة المواجهة، فسياسيا يمكن قراءة الأمر قريبا من الجدل حول القاعدة العسكرية الروسية على البحر الأحمر والسباق الدولى حولها ،   وهنا يثور السؤال حول الانعكاس المحتمل لقاعدة الزرق العسكرية فى المشهد، و لا سيما  فى ظل صراعات المحاور  المرتبطة بالموارد الطبيعية فى السودان ، اضف إلى ذلك  الانتشار الواسع لشركة فاغنر الروسية فى غرب إفريقيا، و موقع الزرق و العلاقة المحتملة مع  الحالة الليبية المرتبطة بوجود مجموعات من المرتزقة و أخري إرهابية تسعى الأمم المتحدة  الى دعم خروجهم منها، هذا إلى جانب تنسيق الاستخبارات العسكرية السودانية و الإتحاد الأروبي فى إيجاد مخرج للمجموعات المرتبطة بالحركات المسلحة المتواجدة بليبيا حيث لابد من التذكير بمؤتمر نيامي بالنيجر فى 9-12 يونيو 2022 .
  
أخيرا: هل ستصبح الزرق محط أنظار دولية كقاعدة عسكرية يمكن أن تشكل تأثيرا على المشهد الداخلى وشمال وغرب أفريقيا، وكذلك دوليا، أم أن مخرج الجيش الوطنى هو الحل الذى قد يعطى السودان مصدرا للقوة العسكرية فى الشمال الغربي لإفريقيا.
Pin It

نماذج من ظاهرة الكتل والمجموعات َوإختفاء معالم الدولة المدنية الحديثة في السودان (١) :

الصادق علي حسن المحامي يكتب 

في ظل غياب المشروع الوطني الموحد للدولة السودانية برزت كتل ومجموعات مطلبية وعسكرية شكلت ظواهر، ومن الظواهر التي ادت إلى ضعف الدولة السودانية ، ظاهرة حركة الإسلام السياسي والتي وصلت إلى السلطة وهيمنت على مفاصل الدولة واحتكرت إدارتها وخلخلت أسس الدولة المدنية حتى شارفت الوصول إلى مرحلة الإنهيار ومن نتائجها صناعة حركات مسلحة موالية لتستخدمها في محاربة الحركات المسلحة التي اندلعت في بعض المناطق ومنها نموذج ظاهرة حميدتي والذي يشكل لوحده الآن مركز تأثير عسكري وسياسي على حاضر أوضاع البلاد ومستقبلها.
فمنذ عدة سنوات وقد تعاظم دور ونفوذ حميدتي لدى المخلوع البشير، وبترتيب اشرف عليه الجنرال عوض بن عوف ارسل له المخلوع طائرة خاصة أحضرته من نيالا وعقب الإتفاق بينهما على ما لم يتم نشره وأخفي سره وقتذاك ، حرص حميدتي على الظهور في وسائل الإعلام لتأكيد دوره المنتظر بمنظاره وليس بمنظار من جلبوه من نيالا إلى الخرطوم، وفي حوار صحفي مطول بصحيفة الصحافة وقتذاك ظهر حميدتي في الحوار الصحفي المذكور وهو يرتدي الجلباب البلدي ويضع على راسه طاقية ومن دون العمامة على رأسه او الملفحة (الشال) على كتفه وهو أشبه ما يكون برجل الشارع العادي، وتحدث بثقة متناهية عن ظروف وملابسات حضوره إلى الخرطوم وحرص في ذلك الحوار على تذكير البشير وإشهاد الرأي العام بانه في السابق خالف البشير ما وعده به ولم يفصح عن مكنون ذلك الوعد ، وكرر عدة مرات ان مجيئه إلى الخرطوم بعد ان وجد ضمانات بالإلتزام من البشير شخصيا، كما وكان ذلك الحوار الصحفي بمثابة إبلاغ للرأي العام عن نفسه، ووقتذاك لم يكن حميدتي بالأهمية الكبرى حتى يتم التركيز على أقواله وتصريحاته كما الحال الآن ، لقد غاص حميدتي في اغوار المخلوع كما لم يفعل غيره واكتشف انه كان يبحث لنفسه عن الحماية فقام بإملاء شروطه على المخلوع ووضع نفسه في خدمته مؤقتا كما وأحتفظ لنفسه بالإستقلال الذي يخوله الإنفراد بالقرار على قواته وقد أكتشف بان البشير لا يثق في الأجهزة النظامية الرسمية لتؤدي له ما يريد من حماية وهنالك من يتنافسون حوله لوراثته مثل تلك المنافسة غير المكتومة بين علي عثمان طه ونافع علي نافع ، وقد كان حميدتي بالذكاء الفطري الذي مكنه من التمدد ثم التأسيس لجيشه الخاص به، وبموجب قانون خاص اصدره له برلمان البشير بمسمى قوات الدعم السريع، صار لحميدتي جيشه الخاص المنظم وشخصيته المستقلة، وحينما هبت ثورة ديسمبر المجيدة ٢٠١٨م وتضعضعت قبضة البشير على السلطة، بحث عنه البشير ولم يجده، وحينما علم بانه قد تخلى عنه استسلم من دون مقاومة، وبعد ان شارك حميدتي في عزل البشير اعتذر عن عضوية المجلس العسكري الذي تم تشكيله بواسطة شركائه في الإنقلاب على البشير وعقب فض الإعتصام وفي ذكاء متناهي أستخدم وأقعة الفض لتعزيز دوره وقد كان وحينما أُفرغت الثورة من محتواها بالوثيقة الدستورية التي خالفت قواعد تأسيس مشروع الدولة السودانية وضع حميدتي يده على منصب غير موجود في الوثيقة الدستورية باسم النائب (الأول) والغريب في الأمر لا يوجد في الوثيقة الدستورية أصلا نائبا أو نواب لرئيس مجلس السيادة حتى يتم ترتيب الأسبقية بينهم، ثم ظهرت الأصابع الخارجية الإقليمية التي تدير البلاد وعلى رأسها اصابع دول الإمارات والسعودية ومصر وقد أظهرتها بوضوح التباين في المواقف في تصريف إدارة شؤون السودان بالريموت كنترول والأحزاب مشغولة بالبحث في مقاعد السلطة وشراكة عناصر اللجنة الأمنية للنظام البائد، فأنهزمت شعارات الثورة ، وظلت البندقية العابرة والمستأجرة في حرب اليمن وصمة عار في جبين حكومة د حمدوك التي تكونت كما وتم تقنينها وتدافع آلاف الشباب للإلتحاق بها والإرتزاق ، هذه هي من الحقائق المُولمة والبلاد تشهد حاليا الصراعات الخفية على النفوذ بين مراكز القوى العسكرية وعناصر اللجنة الأمنية للنظام البائد، وبها العديد من الجيوش، جيش البرهان الموروث من النظام البائد وقد ذهب البشير وتركه كما ظل على حاله وقد قام المخلوع بتغيير نظمه وهياكله وابعد منه خيرة ضباطه العظام ، وجيش الدعم السريع الذي يتحكم فيه حميدتي وشقيقه عبد الرحيم ، كما هنالك ثلاثة جيوش لثلاثة من أعضاء مجلس السيادة وهم يقودون حركات مسلحة، ولوزير المالية الذي يقود حركة مسلحة جيشه، كما ولوزير الثروه الحيوانية تحت قيادة رئيسه رئيس التحالف السوداني والذي يتولى منصب والي ولاية غرب دارفور جيشه، وجيش لوزير المعادن تحت قيادة رئيسه حاكم إقليم دارفور، وجيش تحت قيادة ووالي ولاية شمال دارفور والذي يقود حركة مسلحة ثم تمازج وما ادراك ما تمازج.
الدعم السريع :
الباحث في تجربة حميدتي وولوجه لميدان العمل السياسي من خلال المليشيا الذي كونه باسم الجندي المظلوم، يجد ان كل الدلائل تشير بان حميدتي يمتاز بالحنكة والدهاء والذكاء المتقدم على قيادات التنظيمات السياسية والحركات المسلحة بل بعضها صارت تعمل في خدمته وقد احاط نفسه بمظاهر السلطة والقوة ووظف التباينات المجتمعية والتناقضات السياسية، وصار يملك قوة مقاربة للجيش الذي يقوده البرهان وقد يتفوق عليه في بعض الحالات، له قوة ضاربة تدين له بالولاء الشخصي ومنتشرة في كل انحاء البلاد، وقد برزت طموحاته لتولي كرسي منصب الرجل الأول والذي يشغله البرهان، هذا الكرسي الذي لا يسع الجلوس فيه لشخصين وكل واحد منهما الآن يكيد للأخر ويتمرس بالأستقطاب الجهوي والاجتماعي ويستخدمان الوكلاء والمأجورين في ظل الأوضاع الأستثنائية السائدة وسيادة ثقافة منطق القوة، حميدتي صار يمتلك الأموال ومناجم الذهب والجيش الخاص ويتفوق في ذلك على غريمه ورئيسه الشكلي في البرتوكلات البرهان.
الفوضى القادمة :
يستبعد البعض حدوث الفوضى ولكن سيناريو الفوضى في الواقع المعاش هو الأقرب في ظل المشهد السياسي الحالي، الأحزاب لم تستفد من الدروس والتجارب التي مرت ولا زالت متنازعة فيما بينها ولا توجد مراكز موحدة لإدارة الدولة، صحيح البرهان يصدر قرارات التعيين والعزل في المواقع العامةولكن في واقع الحال فقدت الدولة اساسها المتين ولم يعد المواطن يعبأ او يكترث بل تجاوز شأن النظام الحاكم وصار وكانه في جزيرة معزولة عن من يحكمه وكيف يحكمه وفقدت الأجهزة الحاكمة اعتباريتها لدى المواطن العادي الذي بات يتصرف وكأنه لا توجد إدارة تدير الدولة تستحق منه الإحترام أو يخشى منها على الأقل، وقد صارت الرتب العسكرية في الولايات المأزومة بالحرب تباع في الأسواق كالسلع كما صارت مقومات تكوين الحركات المسلحة عبارة عن تجميع لعدة أشخاص وهم يرتدون الأزياء العسكرية ويحملون البنادق ويغطون وجوههم بالكدمول ثم يعلنون عن انفسهم وعن حركتهم المسلحة من خلال الوسائط كما ويمكنهم بعد ذلك إعلان مطالبهم في المشاركة ونصيبهم في السلطة والثروة، وقد غابت سيادة الدولة مثلما تم تغييب القانون، فظهرت التكوينات القبلية من تحت غطاء رمزية المطالب الجهوية وصارت البلاد قاب قوسين او ادني من الفوضى، قائد قوات الدعم السريع يُعلن بانه لا يُمانع في دمج جيشه في جيش وأحد وتسارع التنظيمات السياسية بالمباركة وكأن ذلك الإعلان يستحق الإحتفاء وفي قواعد تأسيس الدولة السودانية الجيش واحد ومهامه محصورة في حماية البلاد وليس في ممارسة السياسة وشؤون الحكم .
ونواصل.

Pin It

موقع إخباري محايد وغير منحاز لأي طرف أو جه ويقدم خدماته لجميع السودانيين والمهتمين بالشأن السوداني

124 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع