سلاميديا

اعلنت الأمم المتحدة في الأسبوع الماضي، على لسان السيد، توبي هارورد، نائب الامين العام لتنسيق المساعدات الانسانية في السودان، ان الامم المتحدة قررت فتح مركزاً لها للعمليات الانسانية في اقليم دارفور، يكون مقره ولاية وسط دارفور. وقال هارورد، ان اختيار وسط دارفور جاء بسبب ان بعض منشآت الامم المتحدة في الولاية لم تتعرض للتخريب والنهب بصورة كبيرة كما حدث في بقية ولايات الاقليم، بجانب موقع الولاية الوسطي في الاقليم. وذكر هارورد في تغريدة على حسابه في اكس “حين تم نهب وتدمير معظم مرافق الامم المتحدة في دارفور أثناء القتال بين الأطراف المتحاربة، تم الحفاظ على المستودعات في مدن نيرتتي، قولو، وزالنجي بفضل الإجراءات التي اتخذتها السلطات المحلية” واضاف: “مع قيامنا بتوسيع نطاق تقديم المساعدات الإنسانية، ستصبح هذه المرافق بالغة الأهمية”

تزامن اعلان الامم المتحدة مع المفاوضات التي استضافت فيها طرفي النزاع في السودان بشأن الملف الانساني، بجنيف في يوليو 2024م، والتي اعلنت بعدها قوات الدعم السريع التزامها بتسهيل ايصال المساعدات الانسانية الى مناطق السودان المختلفة خاصة التي تقع تحت سيطرتها.

تأتي هذه التطورات في الملف الانساني بدارفور في وقت يشهد فيه الاقليم وضعاً انسانياً حرجاً حيث أدت حرب 15 ابريل بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع الى تشريد ملايين السكان من منازلهم وافقدتهم ممتلكاتهم ومقومات الحياة.

وبحسب حوار اجرته صحيفة دارفور24 بتاريخ 21 يوليو 2024م مع نائب مساعد الامين العام للامم المتحدة لتنسيق المساعدات الانسانية توبي هارورد، فان منطقة جبل مرة وحدها استقبلت ما لا يقل عن 5 مليون نازح وفقاً للتقارير التي تلقاها من حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور التي تسيطر على المنطقة- على حد تعبيره.

ووصف هارورد الوضع في دارفور بالكارثي، وقال “الأمم المتحدة ستبذل كل الجهود من أجل التفاوض مع كل الأطراف لأنها بحاجة إلى كافة المعابر والمسارات الجوية والبرية لوصول الغذاء والدواء والمأوى لكل المناطق المتضررة والمحتاجين”

بينما هناك ملايين النازحين القدامى والجدد في المخيمات حول نيالا، زالنجي، الفاشر والضعين لا زالوا يواجهون خطر المجاعة، بينهم ألآف الاطفال والنساء والعجزة اصيبوا بسوء التغذية بسبب تعثر وصول المساعدات الانسانية للاقليم.

 

مستوى الأمن الغذائي في الإقليم:

أشارت توقعات برنامج الغذاء العالمي، برنامج الاغذية والزراعة العالمي واليونسيف في تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي الى ان انعدام الأمن الغذائي الحاد سيضرب جميع أنحاء دارفور بسبب النزاعات وانخفاض الإنتاج الزراعي.

وبحسب التقرير فان 5% من سكان وسط دارفور وصلوا المرحلة الخامسة اي الكارثة او المجاعة، 27% في المرحلة الرابعة (الطوارئ)، 35% في المرحلة الثالثة (الازمة)، 25% في المرحلة الثانية (الضغط)، بينما 8% فقط من سكان وسط دارفور تم تصنيفهم في المرحلة الاولى من انعدام الامن الغذائي بحسب تعريف التصنيف المرحلي المتكامل. هذا وقد شمل المسح ما يقارب الاثنين مليون شخص في وسط دارفور.

 

سجلت ولاية شرق دارفور اقل من 1% من السكان في المرحلة الخامسة، 12% يواجهون خطر انعدام الأمن الغذائي الحاد المرحلة الرابعة، 36% في المرحلة الثالثة وكذلك 36% في المرحلة الثانية، بينما 16% من السكان في المرحلة الاولى من التصنيف المرحلي وشمل المسح حوالي 1,8 مليون شخص.

 

 

وقد سجلت ولاية شمال دارفور اعلى نسبة بلغت 6% من السكان في وضع الكارثة والمجاعة، في حين ان 28% يواجهون خطر انعدام الأمن الغذائي الحاد، و35% في وضع ازمة انعدام الامن الغذائي، و23% في مرحلة الضغط، اضافة الى 9% في المرحلة الاولى من التصنيف المرحلي المتكامل. وقد شمل المسح ما يقارب 2.5 مليون شخص.

أما في ولاية جنوب دارفور فإن 4% من السكان في المرحلة الخامسة، 24% في المرحلة الرابعة، 36% في المرحلة الثالثة، 25% في المرحلة الثانية، بينما 11% فقط في المرحلة الأولى. هذا وقد شمل المسح اكثر من 3.6 مليون شخص.    

 

 

 

وفي ولاية غرب دارفور فإن 4% من السكان يواجهون خطر المجاعة، 26% يواجهون خطر انعدام الامن الغذائي الحاد، و35% في مرحلة انعدام الامن الغذائي، ونسبة 25% في مرحلة ضغط الامن الغذائي، بينما 10% من السكان في حافة انعدام الامن الغذائي. وشمل المسح ما يقارب 1.3 مليون شخص.

 

وفي ذات السياق حذر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة في مايو 2024م، من نفاد الوقت لمواجهة خطر المجاعة في دارفور، حيث تعيق الاشتباكات المتصاعدة في الفاشر الجهود المبذولة لتقديم المساعدات الانسانية. وتجدر الاشارة الى ان السلطات في بورتسودان تفرض قيودا على نقل المساعدات عبر أدري، مما يهدد خطط برنامج الأغذية العالمي لتقديم المساعدات الحيوية لسكان اقليم دارفور. وقال مايكل دانفورد، المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي لشرق أفريقيا: “إن دعواتنا لوصول المساعدات الإنسانية إلى مناطق النزاع الساخنة في السودان لم تكن أكثر أهمية مما هي عليه الآن” وأضاف: “يجب أن نكون قادرين على استخدام معبر أدري الحدودي ونقل المساعدات عبر خطوط القتال من بورتسودان، حتى نتمكن من الوصول إلى الناس في جميع أنحاء دارفور”.

وفي 5 ابريل 2024م أعلن برنامج الغذاء العالمي عبر مؤتمر صحفي عن وصول مواد إغاثة عبر حدود تشاد إلى إقليم دارفور لأول مرة منذ أشهر، يستفيد منها نحو 250 ألف شخص يواجهون الجوع الحاد، وتعد تلك الشحنات الأولى التي تدخل عبر الحدود منذ أن منعت السلطات الموالية للجيش دخولها من ناحية الحدود مع تشاد في فبراير 2024. وقالت المتحدثة باسم البرنامج في السودان ليني كنزلي: “هناك قلق جسيم من أن عدم حصول شعب السودان على تدفق مستمر للمساعدات عبر جميع الممرات الإنسانية الممكنة سيؤدي الى تفاقم كارثة الجوع في البلاد”

سوء التغذية في دارفور :

نشرت منظمة اليونسيف في 30 مايو2024 بياناً صحفياً اشارت فيه الى ان 15.6% من الاطفال دون سن الخامسة في وسط دارفور، يعانون من سوء تغذية حاد، بينما تصل النسبة إلى 30% في مخيم زمزم بشمال دارفور. وقد تفاقم الوضع في الأشهر الأخيرة، وليس من دلائل على حدوث أي تحسن في ظل استمرار النزاع والإعاقة الشديدة لوصول المساعدات الإنسانية. وأورد ذات البيان معلومات حول فحوصات أجرتها منظمة أطباء بلا حدود في مخيم زمزم بشمال دارفور في شهر ابريل 2024م، أنَّ أكثر من 33% من النساء الحوامل والمرضعات يعانين من سوء التغذية. حيث يعتبر مخيم زمزم مثالاً حياً لازمة سوء التغذية الذي توقف فيه توزيع الغذاء بواسطة برنامج الغذاء العالمي منذ مايو 2023م.

وعلى صعيد متصل اشار السيد، توبي هارورد، نائب منسق الامم المتحدة للشئون الانسانية في تغريدة على حسابه في منصة اكس في 21 يوليو2024م، الى احتجاز 77 طفلاً الأسبوع الماضي بمستشفى اطباء بلا حدود الاسبانية في منطقة روكرو، بوسط دارفور، بسبب اصابتهم بسوء التغذية الحاد مع مضاعفات طبية. وابان ان عدد الأطفال بالمستشفى يتزايد أسبوعيًا مع ارتفاع معدلات الوفيات.

وذكرت منظمة اليونيسف في بيان صحفي بتاريخ 27 يونيو 2024م، انها تمكنت منذ اندلاع النزاع في أبريل 2023م من إجراء فحوصات غذائية لنحو 5.5 مليون طفل وتقديم العلاج المنقذ للحياة إلى أكثر من 322,000 طفل مصابين بسوء التغذية الحاد في السودان.

كشفت إدارة التغذية بوزارة الصحة بولاية جنوب دارفور عن زيادة في حالات الإصابة بسوء التغذية الحاد المصحوب بمضاعفات طبية وسط الأطفال. وقالت هويدا عبد الله، مديرة إدارة التغذية بالولاية، لـدارفور24 إن معسكري كلمة وقريضة، لوحدهما سجلا نحو 205 حالة إصابة بسوء التغذية و15 حالة وفاة خلال أبريل 2024م، ثماني منها بمعسكر قريضة وسبع بمعسكر كلمة.

وأضافت أن سنتر ستة بمعسكر كلمة للنازحين سجل حوالي 34 اصابة بسوء التغذية وسط الاطفال في يناير، 30 حالة اخرى مصحوبة بمضاعفات طبية فى فبراير، 64 حالة فى مارس، 130 حالة في ابريل 2024م. فيما سجلت محلية قريضة 18 حالة اصابة بمرض سوء التغذية وسط الاطفال في يناير، 37 حالة في فبراير، 40 حالة في مارس و60 حالة في ابريل 2024م؛ واصفة الزيادة في الاصابات بسوء التغذية وسط الاطفال بالمخيفة.

الجوع سلاح في الحرب

وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق المساعدات الإنسانية، فأن الإجراءات البيروقراطية التي يتبعها الجيش والدعم السريع وحركة جيش تحرير السودان أعاقت وصول المساعدات الإنسانية وخاصة في إقليم دارفور، وهو ما عده خبراء في الأمم المتحدة جريمة حيث تستخدم الأطراف على الأرض الجوع سلاحاً ضد المدنيين.

من خلال البيانات الواردة في هذا التقرير، يتضح أن أكثر من 11 مليون من المدنيين في إقليم دارفور يحتاجون إلى الغذاء؛ وأن أطراف الحرب في السودان تستخدم الجوع سلاحا ضد المدنيين في حربها المستعرة، وذلك عن طريق الإجراءات البيروقراطية التي يتبعها أطراف النزاع لإعاقة وصول المساعدات الإنسانية.