كاتب/ ومدافع حقوقي/ ابوهريرة عبدالرحمن

قال أبو الأسود الدؤلي” لا تَنْهَ عن خُلقٍ وتأتي مثله …عارٌ عليك إذا فعلت عظيم”

في الوقت الذي حصد فيه فيروس كورونا ( كوفيد 19) أرواح 185 من السودانيين. وأصاب 4،146 شخص حتى تاريخ 25 مايو 2020، ودُخول الفيروس مرحلة الانتشار المجتمعي (المتوالية الهندسية) وهذه الأرقام المؤكدة أعلاه فقط من جملة الذين خضعوا للفحص. وأن البلاد تمتلك فقط ثلاثة معامل متخصصة في فحص فيروس كورونا بكل من الخرطوم وبورتسودان وود مدني! وأن وزارة الصحة بذلت جهداً تَنُوءُ عن حمله الجبال بالتضامن مع اللجنة العليا لطوارئ كورونا ومجلسي الوزارة والسيادة، وهم يصدرون الإرشادات والأوامر الصحية يومياً ليل نهار بل لم يكفيهم ذلك لمعرفتهم بخطورة الجائحة فأقدموا على إعلان حالة الطوارئ الصحية في البلاد والتي قضت بإغلاق المجال الجوي و البري والمائي كلياً مع الإغلاق التام بين الولايات وحظر حركة وأنشطة المواطنين (عدم الخروج من المنازل، تجنب الزيارات والتجمعات خلال فترة العيد، حظر الصلوات الجماعية، حظر العمل والتقيد بالإجراءات الاحترازية مثل لبس الكمامات وغسل اليدين الصابون وعدم المصافحة . ..الخ) رغم الضنك والحالة الاقتصادية المعلومة مع تقديم معونات غير كافية للشرائح الضعيفة حفظاً للانفس! مراهنين في ذلك على وعي الجماهير ! ولم يكفيهم ذاك.
ف استخدموا الإجراءات القانونية في مواجهة وملاحقة المخالفين مرات بالغرامة المالية وتارة بالجلد كما حدث في نيالا، بل وصل الأمر إلى إطلاق الرصاص الحي في مواجهة المخالفين والشاهد في هذا حادثة – ابو حمامة بالخرطوم وهي ليس ببعيدة وتصريحات الناطق العسكري لا يزال صداها يتردد حول حادثة القتل.
بالله عليكم ورغم ما ذكر أخبروني كيف ومن سمح لأعضاء مجلسي السيادة والوزراء بزيارة الولايات المختلفة للمواساة دون التقيد بشروط التباعد الاجتماعي كما أظهرته الصور؟ التباعد الذي يقضي بمنع التجمعات والمصافحة ..الخ؟ وهل هذا هو الوقت والزمان المناسبين لهذه الزيارات؟ كيف سمحوا لأنفسهم بهذه الزيارات رغم حثهم ومنع الآخرين عنها؟ أين الاتساق عند المسؤولين بين القول والممارسة؟ وهل هذه هي الرسائل المنتظرة التي يقدمها مسئولي الدولة للجماهير في ذروة إنتشار فيروس كورونا؟ على يعد هذا تجاهل للتوجيهات الصادرة من وزارة الصحة واللجنة العليا لطوارئ كورونا من قبل المسئولين أنفسهم؟

بأي حال لسنا ضد التضامن والتراحم الاجتماعي فهما صفات سودانية أصيلة ونبيلة ولهما وقع عظيم في الأنفس ومع هذا اتساق المسئولين هو الذي يقاس به التزام المواطنين.

في بريطانيا سافر كبير مستشاري رئيس الوزراء بورس جونيسن من لندن إلى مدينة دوم لزيارة أسرته، حالياً يواجه حملة شرسة ومطالبه بالاستقالة لأنه خرق القوانين التي سنها بيديه مع آخرين وهي سيادة حكم القانون في المجتمعات المدنية الديمقراطية، ولكن ما يفعله هؤلاء يمثل رسالة سالبة جدا لجهود وزارة الصحة عندنا المسؤولين كل يوم مسافرين دون حتى يرف لهم جفن من قوة العين!!

ما يدهش ويعقد اللسان أن البرهان يقضي عطلة العيد في منطقته وهذا يوضح أن رأس الدولة غير ملتزم بإجراءات الطوارئ الصحية وهو أمر مثير حقاً!

نذكركم لو تنفع الذكرى قال تعالى{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} سورة الصف – قرآن كريم.

وقوله تعالي { أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ } سورة البقرة – قران كريم.

وورد في الكتاب المقدس “زِينَةُ الإِنْسَانِ مَعْرُوفَهُ، وَالْفَقِيرُ خَيْرٌ مِنَ الْكَذُوبِ” (سفر الأمثال 19: 22) . الإنجيل.

وبعد كل هذا هل أننا نراهن على أتساق سلوك المسؤولين قولاً وعمل؟ أم على وعي الشعب؟ أم على حنية الفيروس علينا يا ترى!