بقلم: محمد بدوي
فى27 أكتوبر2022 كشفت الوسائط الإعلامية عن تصريحات للدكتور إبراهيم غندور رئيس حزب المؤتمر الوطتى المحلول حث عبرها أنصار النظام السابق على الخروج والتظاهر فى 29 أكتوبر2022 لإسقاط إنقلاب 25 أكتوبر2022، وكان قد أضاف تصريحات مناهضة للمكون العسكري فى السلطة و الممثل فى الجيش وأشار بوضوح للقائد العام ورئيس المجلس السيادى الإنقلابى الفريق أول عبدالفتاح عبدالرحمن البرهان واصفا إياه بأنه يقود الجيش إلى صدام مع الشارع، ذهب إلى أكثر من ذلك بأنهم لن يستمروا فى دعمه.
التصريحان كشفا تحولا يمكن الإشارة إلى أنه لا يتسق موقف الحركة الإسلامية أو يعبر عنها، فى تقديري أنه موقف يكشف تحالفات بعض قادة المؤتمر الوطنى والبرهان يسعي لتعبيد مخرج فى ظل نشاط مفاوضات التسوية بين المكون العسكري وتحالف قوي الحرية والتغيير التى تخطت السقف الزمني المحدد لإنجاز الإتفاق
تظاهرات 29 أكتوبر2022 لم تكن تحتاج إلى كثير جهد لتوقع مالاتها فى عرض حال الاسلاميين السودانيين لدمغ غربة حالهم مع الشارع وقدرة الفعل المؤثر وهو المقصد الذى يمكن الفريق/ البرهان من تبرير قبول التسوية، فنيا جاء تحديد توقيت التظاهرة عقب مليونيتي 21و25 أكتوبر الذى يمثل شهر اقترن بثورة أكتوبر1964 وانقلاب 25أكتوبر2021 وكلاهما ذاكرة سياسية مهمه فى التاريخ السياسي المرتبط بالتطلع نحو الديمقراطية لما شهدته من حراك أذكته دماء الشهداء
أضف الى ذلك أن شعارات تظاهرة 29 أكتوبر كشفت عزلتها من داخلها خلال الشعارات التى رفعت والتي أعادت عجلة الزمان إلى (33) عاما للوراء مثل شعار ” هى لله هى لله لا للسلطة ولا للجاه” من التناقضات نحو إعادة ترديد الشعار الذى نهض بقوة قبل انقسام الإسلاميين 1999 حينما كان الزخم مستندا على عرابها الراحل الدكتور حسن عبدالله الترابي الذى سارع مناصريه فى المؤتمر الشعبي فى إصدار بيان عشيه 28 أكتوبر وقطع صلتهم بالتظاهرة، لم يتخلف عنهم الإ إبراهيم السنوسي الذى نشر بيانا مناهضا لبيان الحزب بأنه يناصر التظاهرة ونحتاج إلى كثير عناء لكشف الدوافع فما يجمعه ومتهمي إنقلاب 1989يرجح ما نحي إليه إنطلاقا من وحدة المصير والحال الراهن خلف الجدران، فحوي بيان السنوسي تطابق مع مضمون شعارات التظاهرة فى إعادة الربط بين بالإسلاميين والدولة الدينية، ثم التوجه وترديد شعارات مناهضة لوجود بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الفترة الإنتقالية” أمام مقرها بالخرطوم، ليس ثمة تفسير يتسق والمتوقع من رد الفعل الدولي سوي الدفع نحو مواجهه إعلامية مع مجلس الأمن الدولى الذي شكلت البعثة بقرار صادر منه وظلت تتلقى الإحاطات عن الحالة عبر رئيسها السيد/ فولكر بيترس دوريا.
بالنظر الى اطلاق سراح غندور الأول فى نوفمبر 2021 من قبل النيابة العامة واعادة القبض عليه فى ذات اليوم قبل إحالته للمحكمة وشطب التهم عنه واطلاق سراحه بعد أشهر لم يكن الامر ليحدث بذات السيناريوهات لولا إنقلاب 25 أكتوبر، ليأتي السؤال لماذا غندور دون بقية قادة الإسلاميين القابعين فى السجون على ذمة تهم مختلفة؟
فى تقديري أن صعود غندور الى الخارجية فى 2015 جاء عقب (24) عاما من الاشراف على النقابات بالحزب، شهدت فترته تحولا لعلاقات السودان من محور جمهورية إيران الى المحور السعودي الإماراتي، كاد أن ينجح فى رفع العقوبات عن البلاد مع الامريكان بشروط غير معلنه لكن منها تنحى البشير آنذاك، كل هذا فى ظل صراع داخل المؤتمر الوطنى آنذاك محورها عدم إلتزام البشير بتعهده بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية 2015 والريبة فى عدم التزامه بأي تصريح يمضى فى ذات المنحى من الموقف من انتخابات الرئاسة فى 2020، بالرغم من أنه عمل جنبا الى جنب مع الفريق طه عثمان الحسين آنذاك فى محاولة رفع العقوبات لكن ظل غندور بعيدا عن المعرفة بطموح طه الذى استطاع ان يقصيه والبشير من حضور المؤتمر الذى حضره الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب بالمملكة العربية السعودية فى 2017 بالمملكة العربية السعودية،المهم فى هذا الحيز قدرته على فك إرتباط الادلجة مع إيران والثاني التزامه بإقصاء البشير من السلطة كمقابل لرفع العقوبات، فهل يحاول لعب سيناريو مشابه لكن اكثر تقدما بإيجاد مخرج للبرهان باستخدام صراعات الاسلاميين حول القيادة بعد سقوط البشير؟، حيث التسريبات حول علاقة الدكتورين /على كرتي وكمال عبداللطيف بقائد الدعم السريع ونائب رئس المجلس السيادى الأنقلابي عقب اسابيع من سقوط نظام المؤتمر الوطنى، فهاهو غندور ينجح فى جعل الكاميرات تلتقط صورة لبضعة آلاف من المتظاهرين لم ترصد الكاميرات من ورد أسمه فى قوائم لجنة التفكيك أو من الذين أعاد إليهم الإنقلاب ما أعادته اللجنة لذمة وزارة المالية والاقتصاد الوطني، تظل تظاهرات 29 أكتوبر تضع البرهان فى موقع متقدم يمكنه من لوم الإسلاميين على ضعف تأثيرهم عدم اكتراثهم بمناصرته، وهو ما يجد سنده بأن البرهان سبق ذلك و أعاد لهم ما حاولت لجنة التفكيك أعادته للدولة
رغم كل هذا يظل السؤال ماهو المقابل الذى سيحصل عليه غندور هل محاولة دعم لخلق قيادة إسلامية انحصر تجربتها فى العمل النقابي بشكل رئيس وليست بذات المستوى سياسيا، للترويج لها لدى المجتمع الدولى كوريث يمكنه خوض الإنتخابات بعد الفترة الإنتقالية كبديل يشكل حليفا للغرب؟ أم أنها حالة تنافس بين قادة الإسلاميين حول القيادة ولا سيما بعد عودة محمد طاهر إيلا فى 2 أكتوبر2022 قادما من تركيا بينما ظل غندور بالخرطوم لم يغادرها فهل أشعل شهر أكتوبر التنافس؟