تقرير سلاميديا

أعلنت الإدارة المدنية بجنوب دارفور تجديد أمر الطوارئ بالولاية للمرة الثانية، بعد فرضه للمرة الأولى في مطلع يونيو 2024م، وينص الأمر على حظر جزئي للتجوال داخل مدينة نيالا، منع حمل السلاح في الأسواق والمركبات والأماكن العامة، بجانب اعتقال الأشخاص الذين يشتبه في اشتراكهم في جرائم تتعلق بمخالفة أمر الطوارئ. و بموجب الأمر يواجه المخالفين عقوبة تصل الى ستة أشهر أو الغرامة ثلاث ملايين جنيه.

في هذا التقرير ترصد سلاميديا أثر تجديد أمر الطوارئ في العاشر من يوليو ومؤخراً في 28 أغسطس 2024م، وانعكاساته على الوضع الأمني بمدينة نيالا، ومساهمته في الحد من الجرائم، ومدى استخدامه كذريعة لارتكاب المزيد من الانتهاكات بحق المدنيين.

الطوارئ وانفلات الأمن

بالرغم من أوامر الطوارئ المتجددة تشهد جنوب دارفور الكثير من الانفلاتات الأمنية مثل النهب والاعتداءات داخل أحياء نيالا والطرق الرابطة بين المدينة ومحليات الولاية الأخرى. وفقاً لصحيفة دارفور24، شهدت المدينة عقب سيطرة الدعم السريع عليها، موجة من سرقات منازل المدنيين والمحال التجارية. وفي الأسابيع الأخيرة نشطت عصابات مسلحة في النهب تحت تهديد السلاح، حيث تركزت أغلب الحوادث في أسواق الملجة وموقف الجنينة وحي السلام، بجانب حوادث قتل ونهب في شارعي الكنغو والضعين بوسط المدينة.

احصائيات الحوادث  

استقبل مستشفى نيالا التعليمي في الفترة من 23 يوليو الى 5 أغسطس 2024م، حوالي 51 حالة إصابة جراء الاعتداءات المتكررة بالمدينة، من بينها حالتي وفاة وفق دارفور24. وشهدت منطقة عمار جديد بمحلية مرشينج مقتل فتاتين وإصابة رجلين، جراء اطلاق النار عليهم من قبل مسلحين، كما لقيت شابة أخرى حتفها جراء اطلاق النار عليها من قبل مجموعة مسلحة حاولت اغتصابها. 

ونقلت دارفور24 عن أحد أفراد شرطة المباحث بالولاية أن معدلات الجريمة بمدينة نيالا ارتفعت بسبب قلة عناصر الشرطة. وكشف عن احصائه مقتل ستة أشخاص وإصابة 13 آخرين ونهب مبالغ مالية فاقت الـ 17 مليون جنيه سوداني خلال شهر واحد.  

وتكررت حوادث النهب على الطرق الرابطة بين مدينة نيالا وبعض محليات الولاية، حيث وقعت اربعة حوادث نهب في طريق نيالا- برام خلال اسبوعين في شهر يونيو 2024م، ما دفع قوات الدعم السريع لإرسال قوة اشتبكت مع مجموعة المسلحين ما أدى الى مقتل أربعة أفراد من المجموعة؛ بينما أفادت دارفور24 ان طريق نيالا- بلبل شهد العشرات من حوادث النهب من بينها حادثة نهب سيارة ركاب بلغت قيمة المنهوبات منها أكثر من ستة مليون جنيه. 

المحاكمات

ألقت السلطات في مدينة نيالا القبض على 16 شخصاً بتهم تحت المادة 130 من القانون الجنائي السوداني (القتل العمد). وفي يوليو الماضي أعلن رئيس الادارة المدنية بجنوب دارفور عن محاكمة 37 متهماً تم القبض عليهم بموجب قانون الطوارئ.

الاعتقالات

ازدادت وتيرة الاعتقالات وسط المدنيين عقب صدور حظر التجوال بموجب الحملات التي نظمتها الإدارة المدنية لمكافحة ما يسمى بالظواهر السالبة، خاصة في سوقي قادرة وموقف الجنينة. كما اعتقل آخرون بتهم تتعلق بالتعاون مع القوات المسلحة؛ وطالت الاعتقالات بعض التجار وبعض العاملين في الحقل الإنساني، حيث طالب المركز الأفريقي قوات الدعم السريع بالإفراج عن عضو غرفة طوارئ حي كرري.

وأبلغ أحد المعتقلين المفرج عنهم بفدية (800 ألف جنيه) أنه تم القبض عليه من موقف الجنينة بتهمة تبعيته للجيش، واقتيد إلى مقر الشرطة الشعبية بحي المطار، وذكر أنه ترك حوالي 100 شخص في المعتقل. بينما أشار معتقل آخر تم الإفراج عنه الى عدة معتقلات داخل وخارج مدينة نيالا يرجح ان عدد المعتقلين فيها يفوق 200 شخص. 

خريطة توضح مواقع الاعتقالات والأماكن الأكثر خطورة بمدينة نيالا

*لمتابعة الخريطة التفاعلية اضغط على الرابط.

فادات الفاعلين

 

قال أحد أفراد المباحث من مدينة نيالا ــ فضل حجب اسمه ــ لـدارفور،24 إن قرارات رئيس الإدارة المدنية لم تنفذ إلا في الأسابيع الأولي والتي ساهمت في استقرار الأمن وانخفاض معدل الجريمة. وأوضح إن حجم الجريمة في نيالا زاد بسبب قلة أفراد الشرطة في المراكز وضعف الإمكانيات اللوجستية من مركبات وعدم وجود أجهزة أمن منعية مثل المباحث الجنائية والمخابرات العامة والشرطة الأمنية وإدارات الشرطة المختصة مثل المخدرات والمرور والجنايات والنجدة.

وأضاف أنه مع غياب السلطة النيابية والقضائية والقانون الرادع وانتشار السلاح، إضافة للسيولة الأمنية وارتفاع الأسعار؛ ستكون معدلات الجريمة أكبر وفي مساحات واسعة من المدينة وفي جميع الأوقات. فيما قال مصدر بقوات الدعم السريع أن عمليات النهب والسلب بمدينة نيالا تعود لوجود عناصر تنتحل صفة أفراد الدعم السريع وتعمل على تشويه سمعته.

عند قراءة نصوص أمر الطوارئ يتراءى أن الإدارة المدنية بجنوب دارفور، تسعى إلى حماية المدنيين، إلا أنه بتتبع الأحداث التي تم رصدها خلال الفترة الماضية والمتمثلة في قتل المدنيين، الاعتقالات بتهم متفاوتة، علاوة على أحداث النهب تحت تهديد السلاح؛ فذلك يشكك في قدرة الإدارة المدنية في السيطرة على الوضع الأمني في ولاية جنوب دارفور. وبحسب إفادات مدنيين وعسكريين سابقين؛ فإن قرارات  رئيس الإدارة المدنية ساهمت في استقرار الأمن وانخفاض معدل الجريمة فقط في الأسابيع الأولى التي تم تنفيذها فيه، هذا إضافة إلى غلاء السلع وتأزم الوضع الإنساني المتفاقم الذي يؤدي إلى ارتفاع معدلات الجريمة في ظل انتشار واسع للسلاح في أيادي المدنيين.