عين علي الحرب
الجميل الفاضل
أسلوب “ترامب” هل يعجل بنهاية حرب السودان؟!
للحقيقة، ما “ترامب” الذي كان يتحدث أول أمس في حفل تنصيبه رئيسا علي أكبر دولة في العالم، سوى مجرد جندي واحد صغير جدا، من جنود الله التي لا يعلمها في النهاية إلا هو، منهم من آتاه سبحانه وتعالي ملكا علي هذه البسيطة شأنه شأن ترامب، الذي نصب الإثنين رأسا علي بلد مهما عظم شأنه وخطره عند الناس، إلا إنه لا يسوي بالطبع عند الله جناح بعوضة.
وهنا في ظني أن ترامب ما كان له أن يشاء أو يزعم من قدرة على إنهاء كل حروب العالم، ما لم يشاء من بيده نواصي الناس ومقاليد أمور الدنيا، علم بذلك ترامب أو جهل.
على أية حال فقد بدا لافتا تعهد “ترامب” العائد الي البيت الأبيض في ولاية ثانية، بأنه سيرمي بثقل دولته الكبير، وراء مهمة إخماد كل نيران الحروب المستعرة حاليا في العالم، والتي من بينها بالتأكيد حرب السودان المنسية، من خلال قوله: “ستُوقف قوتنا الحروب، وتجلب روحا جديدة من الوحدة، إلى عالم كان غاضبا وعنيفا”، مؤكدا “إن قوات بلاده ستركز على مهمتها الوحيدة، التي هي الحاق الهزيمة بأعداء أميركا”.
وبالتالي يمكن القول: إن تعلق ترامب بحلم أن يصبح بطلا يصنع السلام للعالم، لم ينشأ هو كذلك من فراغ.
فقد بدا الرئيس ترامب علي ثقة كبيرة وهو يتحدث عن فرصه لفرض السلام، استنادا على قوة بلاده التي أشار اليها دون مواربة، والي يقينه بقدرتها علي إيقاف تلك الحروب.
لكن يبدو إلى الآن على الأقل أن الرئيس الأمريكي المخضرم ترامب، بات يفكر وفق عقليته التجارية المعهودة، في إبرام صفقة إستثمارية مع التاريخ نفسه هذه المرة.
صفقة تؤهله لأن يضيف أسمه الي قائمة رؤساء الولايات المتحدة الذين خلدوا أنفسهم في سفر التاريخ، بلعبهم أدوارا مؤثرة ومهمة في إيقاف حروب معقدة علي مستوى العالم، أهلت بعضهم للحصول علي جائزة نوبل للسلام.
فترامب الذي ربح تحدي العودة للبيت الأبيض بعد معارك متطاولة مع الديمقراطيين، يبدو وكأنه بحاجة الآن لأن يقدم نفسه لشعبه وللعالم في صورة إستثنائية تلحقه بقوائم الرؤساء الخالدين في تاريخ العالم أو التاريخ الأمريكي علي الأقل.
وأعتقد أن محاولة ترامب في خطاب تنصيبه ترسيخ مفهوم أن عهدته الرئاسية الجديدة، ستكون بمثابة “عصر ذهبي” للولايات المتحدة، يؤكد أن ترامب يصوب انظاره نحو هدف بعيد، يذهب به الي حد التطلع لدخول السجل الذهبي في التاريخ الأمريكي.
بل أتصور أن فكرة أن يصبح ترامب بطلا من صناع السلام في العالم، تعد هدفا لا يمكن التنازل عنه لدي ساكن البيت الأبيض العائد من جديد، بحسبان أنها أحد المداخل المهمة لصناعة تاريخ إستثنائي للرجل.
وبطبيعة حال ترامب وشخصيته التي لا تقبل الهزيمة، أرجح ان يستخدم الرجل كافة أدوات القوة الي المح اليها في ذات الخطاب، للوصول الي وقف لحرب السودان بأسرع ما يمكن، لما بلغ طرفي القتال من رهق لا يخفي، ثم من بعد تأتي حرب أوكرانيا، من خلال رهان ترامب علي درجة مقبوليته عند الرئيس الروسي بوتين.
حيث كان الرئيس فلاديمير بوتين، قد هنأ دونالد ترامب، الإثنين الماضي، قبل ساعات من تنصيبه رئيسا، قائلا: إنه “منفتح على الحوار” بشأن أوكرانيا لتحقيق “سلام دائم”.
في حين هدد الرئيس ترامب، بفرض عقوبات على روسيا ما لم يتحاور رئيسها بشأن الحرب على أوكرانيا.
قائلا: “إذا لم يأت فلاديمير بوتين إلى طاولة المباحثات بشأن أوكرانيا، فمن المرجح أن أفرض عقوبات على روسيا”، بل تحدث ترامب عن “احتمالية” إرسال الولايات المتحدة، أسلحة إلى أوكرانيا. كاشفا عن أنه أبلغ الرئيس الصيني شي جين بينغ، بأن يساعد في حل الأزمة الأوكرانية.
في الوقت ذاته الذي قيل فيه أن بوتين قد طرح من جهته صفقة للسلام عرضها على الرئيس ترامب، تتلخص في أن تبقي أوكرانيا غير منحازة، بعدم الإنضمام إلى الناتو أو الاتحاد الأوروبي.
مع نزع النازية والسلاح منها، وان تقبل ضم إقليم دونباس الي روسيا بصفة رسمية، إضافة لإزالة العقوبات ضد موسكو، كشروط مقابل إعادة السلام والإستقرار لأوكرانيا.
أما بخصوص حرب غزة، يرجح أن يبدأ ترامب العمل بعد إنقضاء أسابيع الهدنة الستة، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي المفضل لدي ترامب، “نتنياهو”، علي تثبيت وقف إطلاق النار الهش مع حماس، بهدف تطويره الي إتفاق يضمن مصالح إسرائيل، في إطار صفقة مفتوحة، ربما تعيد الي الأذهان إتفاقات إبراهام.