الخرطوم ــ وكالات

يعد الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، ثاني مسؤول في الجيش يترأس المجلس العسكري الانتقالي في السودان خلال يومين، “جنديا مخضرما” لم يكن يُعرف عنه الكثير خارج دوائر الجيش.

وتولّى البرهان الجمعة منصبه الجديد على رأس المجلس الذي أطاح بالرئيس عمر البشير بعدما تنازل الفريق أول ركن عوض ابن عوف عن رئاسته بعد أقل من 24 ساعة في السلطة.

واعتبر المتظاهرون الذين يطالبون بتولي حكومة مدنية السلطة بعد انتهاء حكم البشير المستمر منذ ثلاثة عقود، ابن عوف شخصية من داخل النظام وحليفا مقربا من الرئيس السابق. وباستقالة ابن عوف، تحوّل البرهان من شخصية تعمل في الظل إلى رئيس للبلاد بحكم الأمر الواقع.

وقال ضابط في الجيش طلب عدم الكشف عن هويته إن “برهان ضابط رفيع المستوى في القوات المسلحة، لكنه في الأساس جندي مخضرم”. وأضاف “لم يكن يوما تحت الأضواء كما هو الحال بالنسبة لابن عوف أو (رئيس أركان الجيش) الفريق أول ركن كمال عبد المعروف”. وقضى البرهان فترة كملحق السودان العسكري لدى بكين.

وقبل ساعات من تسميته حاكم السودان العسكري الجديد الجمعة، شوهد يتحدث إلى المتظاهرين الذين اعتصموا خارج مقر القيادة العامة للجيش منذ السادس من نيسان/أبريل.

– “لا توجهات سياسية” -ولد البرهان عام 1960 في قرية قندتو، شمال الخرطوم، ودرس في الكلية الحربية في السودان ولاحقا في مصر والأردن. وهو متزوج وأب لثلاثة أبناء.

وكان قائدا لسلاح البر قبل أن يعينه البشير في منصب المفتّش العام للجيش في شباط/فبراير الماضي. وتشير وسائل الإعلام السودانية ومحللون إلى أن البرهان تولى عملية تنسيق إرسال جنود سودانيين إلى اليمن في إطار التحالف الذي تقوده السعودية ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.

وقالت ويلو بيردج، مؤلفة كتاب “الانتفاضات المدنية في السودان الحديث” واستاذة التاريخ في جامعة نيوكاسل، إنه بموجب توليه الملف اليمني، عمل البرهان عن قرب مع قوات الدعم السريع السودانية. وأضافت أن دعم هذه المجموعة أوصله “الآن إلى السلطة” على ما يبدو.

وأوضحت أن “دور قوات الدعم السريع — التي يصفها كثيرون بأنها نسخة معدّلة لميليشيات الجنجويد التي ارتكبت فظاعات واسعة في دارفور — في هذا التحرك الأخير ستثير ريبة الكثيرين”. ولفتت إلى أن المجموعات المتمردة المتعددة في دارفور ستتوجس على وجه الخصوص.

واندلع النزاع في دارفور عام 2003 عندما حمل متمردون السلاح ضد حكومة الخرطوم التي يهيمن عليها العرب، متهمين إياها بتهميش المنطقة اقتصاديا وسياسيا. وتشير الأمم المتحدة إلى أن نحو 300 ألف شخص قتلوا في النزاع بينما نزح الملايين.

وأرسل البشير قوات سودانية إلى اليمن عام 2015 في إطار تحوّل رئيسي في السياسة الخارجية شهد تخلّي الخرطوم عن علاقاتها المستمرة منذ عقود مع إيران عبر الانضمام للتحالف الذي تقوده الرياض. ويشارك جنود وضباط سودانيون في الحرب اليمنية حيث تعرضوا لخسائر كبيرة.

وبينما لا يزال من غير الواضح عدد الجنود السودانيين المنتشرين في اليمن، أثارت صور الجنود القتلى والمصابين على وسائل التواصل الاجتماعي مطالب متكررة بسحبهم. وقال الضابط الذي لم يكشف عن هويته إن “البرهان لا يتبّع أي توجهّات سياسية. إنه جندي متمرّس”. لكن بصفته زعيم البلاد بحكم الأمر الواقع الآن، لن يكون بإمكانه التهرّب من اتخاذ قرارات سياسية صعبة.