ابحث عن

لست من الّذين يتعاطون السّياسة إلّا لماما

بقلم - بخيت عبيد عبدالمولي

لست من الّذين يتعاطون السّياسة إلّا لماما. و ليت من الّذين يكتبون في الأسافير يشتمون هذا و يمدحون ذاك. و لكن أبكتني  هذه القصيدة المدحة. أقولها صادقاّ (ذرفت الدّمع سخيناً) علي  الوطن الّذي ضاع منّا. علي ديننا الّذي أخذ يتسرّب من بين وعينا و جهلنا . علي المستقبل الّذي انزلق في نفقٍ مظلمٍ ليس يُري منه كُوّة ضوء. بكيت علي الجياع الّذين يقفون في صف الخبز و قد يعودون إلي البيت بلا رغيفة خبز. بكيت علي صغارنا و هم يتوجّهون إلي المدارس بغير ( فكّة ريق). بكيت علي هذا البلد الّذي اندلق متدحرجاً في ظلمة المجهول. بكيت علي إنسان هذا البلد الشّاسع الّذي ضاع منّا قيمةّ و خُلُقاً و ديناً. بكيت علينا و نحن تتفلّت من بين أيدينا مُثُلُنا و قيمنا و إنسانيتنا و شخصيتنا. بكيت علي هذا الوطن الّذي تقاذفته الأهواء عقديّةًّ كانت أم سياسيّة أم فئويّة أم جهويّة . بكيت علي هذا الوطن و قد تخطّفه الّلصوص' لصوص السّياسة و الدّين و المطامع الدُّنيويّة. بكيت عليه وقد باعه تُجّار العهر السياسي و الفكر المضمحل لكلّ من هبّ و دب لقاء حفنةٍ من الدُّولارات أو الرّيالات أو الدّنانير . بكيتك كثيراً يا أيّها الوطن الجريح النّازف.  اللّه المُرتجي و عليه التّكلان. أنا لستُ مع أحد. و لستُ ضدّ أحد و لكنّي مع الحق لاسترداد هذا الوطن السّليب الّذي ماعاد يشبهنا و ما عُدنا نشبهُه. من غيرنا من بعد اللّه ينتشل هذا الوطن الصّريع من هذه الوهدة الّتي تردّي فيها. من غيرنا من بعد اللّه ينفخ فيه الرُّوح حتّي يقوم قويّاً فتيّاً نقيّاً ممتلئاً بالقوّة و العُنفوان. هل نحن صغارٌ إلي هذا الحد حتّي نري الوطن يموت و نحن نتفرّج عليه بل و نموت معه دون أن نسنده يداً بيد و كتفاّ بكتف حتّي ينتصب علي طوله? هل نحن ضعافٌ حدّ السُّقوط دون أن نحاول النُّهوض لينهض بنا ومعنا هذا الوطن? هل نحن بهذا الخور و اللّامبالاة حتّي يموت الوطن و نحن نتفرّج عليه دون أن نهُشّ عليه بعصا الإنتماء و الإرتباط بهذا التُّراب و لا تزال فينا قطرة من وطنية أو ذرّةُ من إنسانيّة. من ظنّ أنّي أحرّض فئةً ما عقديّةً أو سياسيّة لاختطاف هذا الوطن فهو مخطئ. من ظنّ أنّي مع فئةٍ ضدّ أخري فهو مخطئ. من ظنّ أنّي أدعو فئةً ما لأن تتصدّي وحدها لإصلاح هذا الحال ( المايل) فهو مخطئ. كثيرون منكم يعرفون ديدني في الحياة. فأنا لا أنتمي لأي فئة . فاللّه ربّي. و الإسلام ديني . ومحمّدٌ صلّي اللّه عليه و سلّم رسولي. و السودان وطني. أعطاني كما أعطانا جميعاً هذا التّراب الغالي الّذي عليه عشنا. أعطانا هويّتنا الوطنيّة من بعد الإسلام. علي أرضه كبرنا و تعلّمنا و صار لزاماً علينا أن نعطيه كما أعطانا. نعطيه من دمنا و مالنا و فكرنا و إخلاصنا و علمنا و إبداعنا و فوق كلّ هذا و ذاك ولاءنا و انتماءنا حتّي ينهض وننهض. أنا لا أوجّه اللّوم إلي فئةٍ بعينها في تردّي الحال بهذا البلد. فهذا البلد - له اللّه - وُلد هكذا مظلوماً. و تداعت عليه المظلُمات و الظُّلُمات جيلاً بعد جيل. و إن كان من عيبٍ فالعيب فينا نحن أبناء هذا الوطن. تعالوا جميعاً نضع جانباً أحزابنا و قبائلنا و مجموعاتنا المسلّحة و نطرح عنّا ثياب المصلح الفرديّة و المصالح الضّيّقة و نضع أيدينا علي أيدي بعض: هذا بفكره. و هذا بماله. و هذا بجهده البدني و ليكن أمامنا هذا الشّعار ( ربُّنا اللّه و وطننا السّودان). تعالوا  نُوحّد الرُؤي و ننظر فيما يفيد البلد لنعيد لهذا السُّودان رونقه و جماله و حلاوته وعنفوانه ومكانه بين الأمم. دمتم. بخيت عبيد.

Pin It

رغم الصعاب تتحقق النجاحات بنسبة 100%

نيالا : زينب زيتون.

لا شك ان هذه الصورة استفزت كل حادب على العلم والتعليم ، انها تدفع بأسئلة كثيرة تتوالى واحدة تلو الأخرى وتصب فى خانة التعليم وبيئة التعليم المفترى عليها وتعكس الى اى مدى وصل حال التعليم فى السودان من تدهور وانزلاق الى الحضيض ، هذه الصورة قد تتشارك فيها العديد من الولايات فى السودان ولكن حال جنوب دارفور على وجه الخصوص حال آخر ، فقبل اربعة سنوات كانت هناك 3196 فصل قشى تم بناء الف منها وبقيت 2196 فصل بالمواد المحلية واعتقد ان العدد قد تزايد بدل ان يتناقص باعتبار افتقار وافتقاد الصيانة الدورية وما يعترى المبانى المتهالكة من آثار وتأثير عوامل الطبيعة من رياح وامطار 

تدوال هذه الصورة بمواقع التواصل الاجتماعى يجب ان يحرك كافة الجهات الرسمية والشعبية ، فالدولة مسئولة عن تأسيس مؤسسات تعليمية متكاملة هذا ما كان قبل حكومة الانقاذ وخلال الثلاثين عاما الماضية لحق ما لحق بالعملية التعليمة من دمار وخراب وقيام التعليم الخاص ولكن للأسف رغم انه استثمار الا أنه مفتقر للبيئة المدرسية والتعليمية فلا فصول مهيأة ولا ساحات ولا أنشطة طلابية حيث لا مساحة ولا باحة ولا تهوية بل مبانى متراصة هى فى الواقع بيوت سكنية تفصل غرفها وبرنداتها بحواجز لا تحجب الصوت بين فصل وآخر مما يخلق نوع من الربكة وتداخل الاصوات بين حجرة وأخرى فتجد الطالب والطالبة فى تشويش دائم بين صوت المعلم أمامه وصوت المعلم بالحجرة المقابلة او البرندة أمام الغرفة التى حولت لفصل دراسى .

كان من المتوقع ان يقوم التعليم الخاص على بيئة متكاملة ومستوفية الشروط للعملية التعليمية بكل اركانها طالما هناك رسوم ومبالغ ضخمة تحصل ، ومن جهة أخرى يشير هذا ان وزارة التربية والتوجية غير قائمة بدورها الرقابى وتصحيح هذه الاخطاء .

مرة أخرى اعود للصورة مسار الحديث وهى لفصل بمدرسة اساس حقق طلاب الفصل الثامن بنسبة نجاح 100% رغم هذه المعاناة وانعدام البيئة المواتية وخير دليل هذا الفصل القشى .. شكرا اخواني واخواتي لتحديكم الصعاب وتحقيق النجاحات الباهرة وعفوا لعجز الحكومة من توفير ابسط الحقوق اليكم .

Pin It

سلام السودان .. حلم تحققت 

نيالا / زينب زيتون

عام من الزمان مضى فى أخذ ورد ، مفاوضات بدت كأنها قاب قوسين أو أدنى من جني الثمار طال الزمان واستطال ولكن كبر الإرادة والعزم والإصرار والصبر كانو الحليف لتحقيق الغايات الكبرى والباعث لتخطى المتاريس.. اليوم مسيرة العام حطت عصا ترحالها والنفس الأبية تبقى أبية على مر الأيام والأزمنة .. هكذا كان الشعب وكانت إرادة الشعب الحافز والدافع وراء هذا الصمود والصبر الطويل وقبلها كانت وقفة سجلها التاريخ يوم ان قالت جماهير الشعب السودانى لنظام سابق إرحل!! .. وذات الشعب يعيد التاريخ ويحقق واحدة من مفاخره المتعددة ، ثورة قادت الى رحيل نظام بقى على سدة الحكم ثلاثين عاما ذاق فيها الشعب الأمرين وصار نصفه فى معسكرات النزوح أو اللجوء خلف اسوار الوطن ، وفيها احترق من احترق وتناثرت الارامل واليتامى واحتضنتهم خواصر المدن لتكون سبة فى تاريخ السودان .

اليوم بجوبا العاصمة الجنوب سودانية طويت صفحة الماضي وبدأت الحياة السودانية سياسيا واجتماعيا وثقافيا ووجدانيا مرحلة جديدة بروح جديدة وثابة تتطلع لتحقيق وتنزيل السلام المكتوب الى واقع معاش ، نعم واحد من الدروس المهمة التى تعلمها الشعب السودانى الا يقع فى براثن وخبايا وخفايا ما سبق من اتفاقيات ظلت حبرا على ورق وهو ما عجل بوأدها وهى فى المهد دون ان تحقق الاهداف او الطموحات التى من اجلها كان الحوار والتفاوض وفود تأتى ووفود تذهب ولكن خلاصة الأمر طعنة فى خاصرة الوطن حينما اقتطع منه أحد ابنائه فى ليل بهيم ، يا ترى هل ذات المأساة تعود وتتكرر ، اغفلة أم استغفال؟! .. أم ان الشعب تعلم من كبواته السابقات .

يعد اليوم يوم تاريخى حافل للسودان ، فبعد سنوات يحسبها المغالون منذ مغادرة المستعمر ونيل الاستقلال وآخرون أقل حدة منذ ان تفجرت الأوضاع فى المنطقتين النيل الازرق وجبال النوبه ومن ثم دارفور وأزمتها الكبرى التى ادخلت السودان فى نفق مظلم نتيجة لأخطاء تاريخية لم تكن هناك ارادة ولا عزيمة على تصحيحها لتتفاقم عاما بعد آخر وحينما تم الالتفات كان الوضع قد خرج من بين اليدين .

ومثلما تابعنا وشهدنا وقائع التوقيع النهائى على سلام السودان شهد العالم معنا وما زالت الدهشة تغلبه حين حقق السودانيون بالسلمية ثورة اطاحت بعرش نظام حكم بالكرباج والبندقية ورغم المعاناة التى عاشها انسان السودان والحصار الاقتصادى المفروض فرضا على الحكومة والمتضرر الأول المواطن الذى لا حول له ولا قوة ما زال البعض يسخر وآخر يتعنت مغلقا كل الطرق للوصول لتفاهمات تخرج البلاد الى بر الأمان وتحقق تطلعات وأمانى المواطن بسلام دائم يجلب الخيرات والنعم ويتم رفع اسم الوطن من قائمة الدول الراعية للارهاب وتفتح امامه الابواب المغلقة من الدعم والصناديق المالية الدولية ويتمكن السودان من استغلال موارده الطبيعية ليدفع بعجلة نهضته واقتصاده وتكتمل البنيات التحتية فى كافة المجالات وبذلك يتم بناء الدولة المنشودة المشاركة والمتشاركة مع المجتمع الدولى بلا تحفظ، والمتوقع بما يمتلكه السودان من موارد كبيرة ان يخطوا فى وقت وجيز اذا انداح السلام ربوع الوطن .. هنيئا للشعب السودانى هذا الانجاز ، هنيئا تحقيق وتوقيع السلام .

Pin It

كَيْفَ يَكُونُ للعُنكولِيْبِ مَذاقُ الغِيَابِ المُرِّ، يا حَوْرَاءُ؟ (في رثاء أخي الإنسان محمد يوسف عثمان) 

بقلم: د. حسن محمد دوكه، طوكيو – اليابان.

(نشر هذا النص في ذكرى الاربعين، ونعيده في الذكرى الاولى لرحيله يوم 4 اكتوبر 2019م)

"... يَا أَبنوسَ الخَريْفِ الجَنُوبي، كيفَ يَكُونُ جَلالُ الشّهادةِ، إنْ لم تَكُن أنتَ؟
تُوْلدُ في الموتِ، تَكْبُرُ في الموتِ، تَطْلُعُ حَقْلَ نُجُومٍ على حائطِ الموتِ، تُصبحُ أوسمةً من بُرُوقٍ، وعَاصِفةً من غِناءٍ، وغاباً عَظيماً من الرَّقْصِ، أذْهَلْتَني في نِضالِك! ..."
(الشاعر الكوني: محمد مفتاح الفيتوري)

(1)
مثلما تتجمع حُبيباتُ العرقِ على جبينك يا بن يوسفَ وأنت تسعى بين الناس بشهدِ الفكرِ، وعسلِ الثقافة، وحلاوة الحديث، والآسر من التواصل الإنساني الحميم، والمدهش من المُلَحِ، والدَّفاقِ من الأفكار المتتابعة قطرةً فقطرة، وحَبَّة تلو أخرى، على مسبحة نبعكَ الضَّاجِ بحيوات الأولين، والمعاصرين، والمحدثين، والقادمين الذين تَتَقدَّمهم/هُنَّ "حوراؤك" الجميلة متْناً وحواشي، تتجمع، متكوَّمةً، نازَّةً قطرةً فقطرة على حصير الراهن من حالنا الضَّاج بلحظاته الحيوية المفارقة، عُنكوليباتُ لُطفكَ، أيها الكائن اللَّيلي العجيب!
لست أدري، أفي حلمٍ أنا، أم أنَّها الحقيقة كاملةً في انبلاج كنهها المدثر بالموتِ في فُجاءته التي تنتقي "منتاشةً" اجملنا، وألطفنا، والأروع أينما حلَّ مصطحباً صخب الحياة، وفاعلية الإنسان آن يرهنُ عمره خدمةً للآخرين الذين هم الأولى منه بكل ثمين.
أعام كامل بتمامه يمر على رحيلكَ أيها الحبيب يمرُّ كما نمرُّ ، وأنتَ ترحلُ. إنَّها الحقيقة يا بن يوسف المُحمَّد. حقيقة الانتقال روحاً إلى السلام وداره. حقيقة أنك لن تعود جسداً، بل تسكن تفاصيلنا لتبقى. حقيقة أنَّ حَوْرَاء (سِت أبوها) تسأل عن كيف استطعت التَّسلُّلَ "بغتةً" دون إشارةٍ مِنكَ، أو تلميحة في آفاق الإشارات التي تلفكما روحاً بروح، وحجلاً برجل. حقيقة أننا بتنا نراجع يوميا طعم الحياة وفلسفات الرحيل، وعظات الممات، فنصل مائلين إلى عالمك حيث الذين نُحيهم رحلوا ساكنين. حقيقة أن يُصاب المرء بداء التساؤلات العُضال. حقيقة أن أكون منغمساً في قراءتي – التي تُحبُّ وتشتهيكَ- أحاور نصَّا، أراكَ منسرباً خارجاً منهُ، مستغرقا فيه تحتفي بالماوراء، والمغيَّب، والمسكوت عنه، تُنقِّبُ في مضامينه، وثيماته،وبنائه، وايحاءاته التاويلية التي تلتقطها، وتتلبسة - مندرعة فيك، تبحث عن فكاك لتستنطقها- ، متنا، وحاشية، لتنثرَ علينا مدهشات تتلبس نصوصاً مولَّدةً أخرى، ومُولِّدةً للمداخلات، والتَّسْآل عن العميق من المعاني، موازيةً، بل ومُتجَاوِزةً تتخلَّلها تعليقاتك، ومداخلاتك كاملة النُّضجِ،متفرِّدة الإهاب الكلامي، تلكم الصدقات الجاريات المثيرة في لذَّتها ونفعها. حقيقة أن الناس (نحنُ) في زحام الحياة ومدافساتها تعافِر، تلكم المُعافراتِ حتى يستوقفها "هُنيهةً" رحيلك، رحيل الرحيل الذي يستوقفها واهباً إيَّاها عميق التَّأمل في مفردات الغياب، وميكانيزمات التغيير التي هي وحدها -كالموت- لا تتغير، وكل شيء إلى زوال. حقيقة أنَّ الموتَ حقٌّ، والحياة باطلة، والمرء لا يعيشُ ومهما عاشَ، إلاَّ ليموت، أو كما قال الشاعر الكوني الفيتوري.

(2)
كُل صرخةٍ، مصبُّ نهرها السُكوت. وأروعُ النُّجومِ، ها تلكَ التي تُضيء درب القافلة. وقد كنتَ فينا – أيها الكائن الليلي المُفَارق – أروع النجوم التي أضاءتْ وتُضيئُ عتمات ليلِ الطريق الحياتي المُحايثُ بين ما يجبُ ولا يجبُ. 
يأتي مَولدُ الرسول الكريم -عليه افضل الصلاة والتسليم- هذا العام، و تسأل عنك الفعاليات ضاربة التقليد، مترعة الحبِّ الكبير، وطبول نُوْبَات جُمْعَاتِ الشيخ (حمد النيل) قد حقَبتْ إيقاعاتها بعيداً، بعيداً ، بُقَجاً، بُقَجا، طاراً، طاراً، نَغَماً نَغما. لقَدْ دَرْوَشَها الغيابُ المُرُّ حبيبنا، ترتقي "مُتساميةً" دَرجاتِ الاتِّباعِ والوصول الى ذرى التفاقمات الروحية على طريق أهل القَومِ، وهي تقتفي آثار رحيلك يا بن يوسف. ليالي امدر تسربلت بشفيف الحزنِ وأثقله. وصائدو الأسحارِ فيها اِنْبَهَمَ السبيل أمامهم، فتنادوا ينسجون حكايات الرحيل شباكاً لاصطياد المعالي واسرارها الغوالي،اللواتي يجِنُّ لَيلُ ليلى بهِنَّ، لَهُنَّ، متَأَوِّهاً تراهُ، و قدْ أَنَّ يَئِنُّ أنيناً صادفَ مطابقاً شَنُّه الطَبقَ!!!. أما الصحاب فأمرهم تفضحه محاولات التَّماسك "تلاهياً" بالكلمات مُجنَّحة المآلات، كموجةِ فَقْدٍ تسونامية الحزن العَتِيِّ تتكسَّر على سواحلِ اليومي من الحياة في شكل ضَحْكة!. إِنه الصمتُ يا صديقي، صمت ينضح بالكلام، إنه الحزن حبيبنا، حزن يضج بالسلام، إنه السلام كبيرنا، سلامٌ الخارج والاهاب، وبالنفس عصيُّ الكلام. إنه الكلام، يا محمد، كلامٌ يهاب صمتكَ يا بن يوسف الحبيب.

(3) 
عَشبُ الكلمات الأخضر، زادٌ في الجدبِ، وعَلُوق في الغربة والمنافي ذات التربة الصخرية الغبراء. والزاد كلوروفيل الأنفس حين يضربها جفاف أرضٍ خصبةٍ تتصحَّر ، تعوز الماء. والماء ذرَّتا هايدروجين العشق والحب الالهي السخي، وذرَّة واحدة من أوكسجين الهمة والتسامي الحنين. والحنين كروموزوم حياتنا الآنية مثقلة المحطات الجينية وهي تضمُّ DNA تفاصيلنا المترعة حظوظَ نفسٍ، وفضاءات روحٍ، وتمام عقلٍ، وكماليات ما يُنتج. جاء الحديث عابراً، نتجاذبُ أطرافه على بساط منتدانا (منتدى سيدة الثقافي) مُعلِّقينَ ومتداخلينَ نتناول مقطعاً لحديثٍ ثوريٍّ مُنظَّمٍ وجذابٍ عظيم، بثَّته واحدة من ناشطات المنافي الاسترالية، تصف الحالَ، وترسم خطوات ما يُرجى تحقيقه، ويبتغى الوصول إليه، وديسمبرُ (الثورة) مازال يُعافر "مجابدا" في الظَّفر بالغايات. ومن خلال عرضها ، امتدت خيوط الاعجاب والْتفَّت حولنا وما نصدر من كلام. فانداح ابنُ يوسف الحبيب ،كعادتِه، ينتاشُ الثَّمين من المفردات بتنغيمها الآسر، وتخيَّرها الأنقى والأندر والأمضى، كانت كلمات من ذوات الطاقات الولودة والولاَّدة والمُولِّدة غمامات من الإدهاش، فأسمينا البنيةَ الناشطة (تشومسكي) نظراً لاستشهادها ببعض إفادات العالم الأمريكي اللغوي المثقف والسياسي المفكر. هذا الكائن الليلي العجيب (ابن يوسف الحبيب) ينهمرُ متدفقاً مع سيل حديثه المهم عن نعوم تشومسكي ،ولكأنني اراه درويشا يهتز فيتساقط الكلم، لكأنه من مواليد القيقر، أو أنهما درسا ما قبل الجامعة والجامعة، وعملا في الصحف والإذاعة كحالي معه! ، يحدِّثك ابن يوسف، وفي حديثه عنفوان المعرفة وجِدَّتها، ولطافة الفكرة وعرضها السلس الجذاب. هو كائن مُفارق، متفردٌ في طاقته الحياتية الحيوية التي تنسرب "مندغمةً" في حامضك النَّووي المُوْكَل إليه تزويدك بعشب الكلمات الأخضر. وكأنكَ يا بن يُوسف الموكل بتزويدنا عشب الحياة الأنضر، والأخضر، ليل نهار. وها أنت اليوم تدخل عامك الاول من الرحيل، وما زالت حوراء تنسجُ أسئلةً أخرى عن معنى الانسراب "خِلسةً" دون وداع. ونحنُ حَواريُّو حوراء، نشهدُ لكَ بالنَّقاءِ والحياءِ والانسان الذي أسكنكَ الأفئدة. وما علينا سوى العمل و الدعاء، ولكَ ما تُحبُّ من الجنان.

Pin It

موقع إخباري محايد وغير منحاز لأي طرف أو جه ويقدم خدماته لجميع السودانيين والمهتمين بالشأن السوداني

346 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع