ابحث عن

ثنائي الجوع والمرض يحرران شهادات الوفاة للاجئين بمعسكر "الخرسانة"

ثلاثة أشهر مضت على توزيع آخر حصة غذائية للاجيئ دولة جنوب السودان الذين يقطنون معسكر الخرسانة .. ما من خيار آخر ولا بريق أمل يلوح في الآفاق بقرب إنهاء أزمة الحرب التي تفجرت في جمهورية جنوب السودان في العام 2013م، فلا يزال اقتسام الكراسي حجر عثرة في جه أحلام شعب الدولة الوليدة.


 لم يكن أمام السيد سانتينو سوى قصد الغابة شأنه شأن غيره من سكان المعسكر الذي يقطنه حوالي ستة آلاف لاجئ، جنوبسوداني بغرض الاحتطاب لتغطية احتياجات أبنائه الخمسة والتي لا تكاد تخرج عن دائرة لقيمة يسد بها الرمق.
الوصول إلى الغابة لم يكن من السهولة بمكان لحلول فصل الخريف،  كما أن المسافة بعيدة تستغرق ساعتين، مشياً على الأقدام، ولكن لم تكن تلك تمثل مشكلة للسيد سانتينو حتى أعلنت فرائضه إنذاراً عن سائر الجسد ينبئ بأنه ثمة أجسام غريبة غزت جسمة النحيل، لم يستطع الصمود، فالخزلان قد يأتي من دواخلنا أحياناً .
وفي ذات صباح خارت قوى سانيتنو فحمله أهله إلى المشفى الخاص بالمعسكر والحديث  لرياك أحد أقرباء سانتيو لـ"الأخبار" ولكن لم يكن بالمشفى ما يعبِّر عن اسمه فلا توجد فحوصات و لا أدوية ولا كوادر طبية، و يقول رياك:" لم يكن لدينا نقود حتى ننفقها على علاج سانتينو فاتصلنا على أهلنا بالخرطوم وبعد انتظار تم تحويل المبلغ".


 كان تشخيص الطبيب بأن سانتينو يعاني من التهاب رئوي لم يكن لديهم ما يكفي لشراء الأدوية بجانب عدم توفر الغذاء المعوِّض، فساءت حالته إلى أن فاضت روحه قبل أسبوعين مخلفاً أبناءه الخمسة وراءه بجانب زوجته التي لا تستطيع سد فراغه بالذهاب للاحتطاب بدلاً عنه في ظل ظروف الخريف الحالية وما يمكن أن تتعرَّض له من اعتداء تكرر مع أخريات.
وبحسب طبيب بالمعسكر لا يوجد دواء و آخر مساعدة إنسانية متمثلة في أدوية لمشفى المعسكر تم تسلمه في شهر أكتوبر من العام الماضي، ويمضي في حديثه :"الناس يموتون هنا بسبب أمراض يمكن علاجها وتداركها، ليست هناك علاجات أساسية لعلاج الالتهاب والكحة والإسهالات" وبحسب الطبيب  المشار إليه في حديثه لـ"الأخبار" فمنظمات عديدة تقوم بزيارة المعسكر وتقف على الحال الخاص بالصحة من حيث الانعدام التام للدواء ولكنها تغادر دون رجعة، بالإضافة إلى أن الحوامل يعانينا من فقدان السوائل وهناك أعدد كبيرة من الأطفال يعانون من سوء التغذية كمضاعفات لانعدام التغذية "بجانب عدم وجود كوادر طبية بالمركز".
صورة واحدة وقراءات عديدة:
في الوقت الذي يحاول فيه أهل المعسكر تصوير معاناتهم الممتدة  ترى المفوضية الصورة من زاوية مغايرة تماماً، وتقول مصادر مطلعة بالمفوضية في منطقة الخرسانة في حديثها لـ"الأخبار":"الوضع مطمئناً جداً والوفيات التي تحدث بالمعسكر طبيعية، وتحدث نتيجة لمرض "ولكن في إجابة لسؤال الأخبار عن هل يتوفر الدواء في المسشفى الخاص بالمعسكر يقول المصدر نفسه :"ليس هناك أي دواء في المسشفى الخاص بالمعسكر كما لا تتوفر حتى الكوادر الطبية "والدواء يصل المعسكر بواسطة "كوسسيرن" بالشراكة مع وزارة الصحة، يعزي المصدر عدم توفر الدواء لضعف المراقبة وعدم التنسيق.
ويمضي في حديثه بقوله :" نقوم برفع تقارير للرئاسة في الفولة والتي بدورها تقول بإرسالها إلى وزارة الصحة الاتحادية في الخرطوم  فالكل على علم بعدم وجود دواء بمستشفى المعسكر ونفى المصدر أن تكون الـun معنية بإحضار الأدوية للمعسكر، مؤكدة أن مسؤولية  توفير الدوار تقع على عاتق المنظمات المكلفة بالشراكة مع وزارة الصحة الاتحادية.
وفيما يخص جانب نقص الغذاء بالمعسكر تقول روز قارويج دينق: لم نتسلم الحصص الغذائية لفترة ثلاثة أشهر، حيث  شهد خلالها المعسكر تكرار حالات الوفاء جراء  المرض ونقص الغذاء ،الأطفال يعانون من سوء التغذية، نخرج جميعاً للاحتطاب ويذهب الرجال للعمل بالمشاريع من أجل توفير العلاج .و بحسب روز وصلت مؤخراً "الكوتة" المخصصة "مساعدات إنسانية" للمعسكر ولكنها كانت لكل من شهر يوليو و أغسطس تم استثناء شهر يونيو، ولكنه التوزيع لم يتجاوز حوالي الـ20 نفراً، من جملة سكان المعسكر البالغ ستة آلاف، والمواد التي تسلموها عبارة عن ذرة و زيت، وكان يفترض أن تتضمن الحصة عدس -أيضاً- والجهات المسؤولة لا تقدم لنا تبرير واضح لما يحدث .
 أقر مسؤول المفوضية المشار إليه بعدم وصول حصص الإغاثة الخاصة بمعسكر خرسانة  لثلاثة أشهر، مضيفاً بأنه تم مؤخراً إحضار حصة شهر كل من يوليو وأغسطس فقط . موضحاً بأن سبب تأخير وصول تلك المواد الإغاثية للمعسكر و من ثم توزيعها يعود إلى أن هيئة المواصفات لم تفرغ من إجازة كل الكمية التي كانت في المخازن  وهي الكمية التي يفترض أن تغطى في توزيعها كل المعسكر، وذلك هو السبب الذي أدى إلى تأخير حصة شهر يونيو.
 بيد أن المفوَّضية عادت وبررت عدم استلام البعض للحصص بأنهم لا يملكون الكارت المخصص لاستلام الحصص في وقت توجد شريحة كبيرة من اللاجئين مسجلين في غرب كردفان الأمر الذي يعطيهم أولوية التوزيع، ولكنه قطع بأنهم الآن بصدد استكمال إجراءات التسجيل لتسليم الكروت الخاصة بالاستحقاق. وفي تعليقه على شكاوى اللاجئين بالمعسكر من عدم توزيع الحصص الغذائية لفترة ثلاثة أشهر، أوضح بأن الهيئات جهة مانحة غير مجبورة أو ملزمة بتوفير تلك المساعدات .
سطو ليلي مسلح داخل المعسكر :
درج أهل المعسكر على تكرار الشكوى من بروز ظاهرة السطو الليلي المسلح و الذي يستهدف المعسكر، حيث تقوم مجموعة مسلحة مكوَّنة من أكثر من خمس أشخاص ويستولون على  أموال و هواتف وممتلكات أهل المعسكر تحت تهديد السلاح بجانب حالات الاعتداء و الضرب عند مقاومة الضحية وعدم تعاونه، ولكن مسؤول المفوَّضية أفاد بأن ظاهرة السطو الليلي المسلح لا تستهدف المعسكر تحديد لكونها أصبحت ظاهرة عامة، مؤكداً بأنه كان ضحية لتلك المجموعات التي تنتشر في أسواق المنطقة أيضاً.
ولم تسثتنى لـ(الأخبار) الوقوف على تعليق المعتمد الذي اعتذر لكونه على سفر بجانب وعورة الطريق. مؤكداً التزامه بالحديث لـ(الأخبار) حال وصوله.

Pin It

موقع إخباري محايد وغير منحاز لأي طرف أو جه ويقدم خدماته لجميع السودانيين والمهتمين بالشأن السوداني

456 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع