ابحث عن

في شأن النزلاء الجنوبيين "آخراً" وليس أخيراً


أجوك عوض
أعددنا ونشرنا تقريراً قبل شهرين في صحيفة (الأخبار) وعرضنا  من خلاله قضية النزلاء الجنوبيين في السجون السودانية وتحديداً خصصنا المحكومين بالمادة "130" وتعرضنا لنماذج كان القاتل والمقتول  ينحدران من جنوب السودان، ولكن لغياب أولياء الدم تولت رئاسة الجمهورية منزلتهم باعتبارها ولي من لا ولي له وعليه اختارت الرئاسة القصاص بدلاً عن العفو وقبول الدية و بعد أن يقضي المدان فترة خمسة أعوام،

أو يزيد يتم إعدامه بعد ذلك لعدم ظهر أولياء الدم وبالرجوع إلى رئاسة الجمهورية تتمسك بخيار القصاص ليتم تنفيذ حكم الإعدام في غياب أولياء الدم الذين ربما جنحوا للعفو وقبول الديه حال وجودهم بافتراض أن الأعراف في جمهورية جنوب السودان بالإضافة إلى أن  الديانة المسيحية التي يعتنقها معظم أولياء الدم لا تطالب بالقصاص .وبعد ذلك التقرير الذي تبعناه بمقال مناشدة لرئاسة الجمهورية وحكومة دولة جنوب السودان  وتناول الإذاعات المحلية في جوبا للقضية،  أيضاً طالعنا خبراً لخارجية جنوب السودان يفيد بأن سفارة جوبا بالخرطوم ساهمت من قبل في إطلاق سراح 17 نزيلاً، منهم من شارك في دفع الدية وأنهم بصدد التحرك من أجل المتبقين ومنذ ذلك الوقت وأولئك النزلاء يمنون أنفسهم بأن سلطات بلادهم ستسعى لمخاطبة الحكومة السودانية بشأن ترحيلهم لاستكمال فترة حكمهم في بلادهم على أمل ظهور أولياء الدم أو العثور عليهم عبر الاتصال بالسلاطين في المقاطعات و الأرياف البعيدة ومن خلال الإذاعات المحلية -أيضاً-  لكن إذ بالكل يصبح على إحباط كبير وذلك عندما تم تنفيذ حكم القصاص على النزيل لوال لوال يوم 23 أكتوبر الجاري، بعد أن استوفى كل فرص إيقاف التنفيذ بواسطة  المحكمة الدستورية، كما أفادت إدارة سجن كوبر  صبيحة تنفيذ الحكم عليه ولم يكن هناك خيار بحسب الإدارة غير وصول عفو رئاسي أو ظهور أولياء الدم للعفو بأنفسهم وذلك لم يكن متاحاً لأنهم غادروا إلى بلادهم وباتت كل المحاولات التي قام بها كل من المبشر "الكاثولوكي ماركو دينق ميول، الأستاذ المحامي أبا هريرة، الأخ إبراهيم الماظ وشخصنا الفقير.
 وعند اتصالنا بالسيد السفير ميان دوت اعتذر لعدم تمكنه من فعل أي شيء في ظل غياب أولياء الدم كما أنه تفضل موضحاً بأن مخاطبة رئاسة الجمهورية لا يتم  إلا عبر وزارة الخارجية ويتطلب تسليم الخطاب أياماً، وللأسف الشديد تم تنفيذ الحكم والآن البقية المتبقية في انتظار قدرها باستسلام .
ما نود قوله إذا كانت القوانين جامدة فهناك خيارات أخرى فميزة العلاقات بين السودان ودولة جنوب السودان تكمن في أن الدولتين حتى قرب العهد ظلتا دولة واحدة ونفس المسؤولين الموجودين الأن هناك كانوا وزراء أيام الدولة الواحدة فلماذا لا نستفيد من علاقاتنا الكبيرة وهناك قضية تتعلق بفقدان روح بغض النظر عن الجريمة التي ارتكبتها فلسنا من نعاقب الناس فلهم رب كريم وحكم القصاص ليس انتقاماً من المجرم، فبدلاً من أن ينتظر رد الخارجية ثلاثة أيام، هناك مسائل مستعجلة تستدعي الاستجابة سلباً كانت أم إيجاباً  لا نظن أن هناك حق فوق حق الحياة نعم المدان أجرم ويدفع ثمن جريمته، ولكن الأمر يختلف إذا كان هناك بصيص أمل أو شبهة تدرأ عنه الحد فلماذا كل تلك الاستهانة في إدارة أمر الناس؟
نناشد حكومة جوبا مرة أخرى بأن تعير ملف النزلاء الجنوبيين في السودان اهتماماً، لاسيما وأن هناك أمل حال السعي لترحيلهم لقضاء ما تبقى من سنين حكمهم في بلادهم بدلاً من مزاحمة السجون السودانية والنزلاء السودانيين في كل الخدمات والفرص لاسيما وأن إدارة السجون في السودان متعاونة ولا نظنها تمانع فيما يمكن.
ملخص ما يمكننا قوله ملف النزلاء الجنوبيين في السودان من الملفات الساخنة التي لا تحتمل الانتظار والتلكؤ لارتباطه بحياة الناس كما أنه ليس بإمكان أحد التدخل لفعل شيء من أجلهم عدا رئاسة الجمهورية التي  حددت موقفها بالتمسك بالقصاص أو نهوض الحكومة في جوبا لإنقاذ من تبقى من النزلاء بجانب المنتظرين لأكثر من خمسة و عشرة أعوام، بالرغم من انقضاء فترة حكمهم لعجزهم عن دفع الديات نقول ذلك ونعلم أن الحكومة هي الأقدر على فعل ذلك وليتها تفعل . ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً. فهؤلاء الناس في انتظار التنفيذ في أي وقت وأي يوم فافعلوا شيئاً من أجلهم.

Pin It

موقع إخباري محايد وغير منحاز لأي طرف أو جه ويقدم خدماته لجميع السودانيين والمهتمين بالشأن السوداني

165 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع