ابحث عن

نزاعات الأرض بدارفور.. هل تضيع الهيبة ويسقط التكليف؟

 

 

 تقرير نجلاء جمعة

  يعتبر العرف مصدر من مصادر التشريع  التي ساهمت في تنظيم حياة الناس خاصة في  استخدامات الأراضي على مر السنيين، قبل أن يبدأ المستعمر الانجليزي في نشر ثقافة تقنين الأرض في السودان بعد العام "١٩٠٠" حيث كانت الأعراف هي السائدة في عهد السلطنات وكذلك مملكة سنار، وحتى المهدية لم تكن تعرف النصوص القانونية ولكنها أخذت بالعرف بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.

في دارفور يعتبر العرف هو صمام الأمان فلا يلجأ الناس إلى المحاكم في نزاعات الأرض إلا بعد استنفاد الجلسات الأهلية وهي عادة تعمل على تطبيق السوابق العرفية بل أحيانا يتم إخراج الأطراف من داخل المحكمة للتصالح حيث يغلب العرف الذي  يساعد في صفاء النفوس وغسل الأضغان لأنه يبنى على التراضي.

إلى وقت قريب كانت المحاكم الريفية هي المعنية  بفض منازعات الأرض  لولا بعض تدخلات محاكم الاستئناف التي تعمل على تكييف الوقائع بشكل مغاير لما رأته المحكمة الريفية، ما يعتبره البعض إضعاف للمحكمة الريفية والذي يؤدي إلى تجدد النزاع أحيانا.

ويقول الخبير وداعة ابراهيم وداعة  "يخضع الصراع في دارفور حتى الآن  للعرف الذي  يعمل على حل نزاعات الأرض، النزاع على الحاكورة  في الفترة الأخيرة  تسبب في زعزعة  الأمن والنزاع حول الموارد".

 وقال "إن النزاعات تقع  على  الأراضي التي  خارج العمران و  ليس لها سند ملكية"،  وأشار إلى أن كل الأراضي بدافور ليس لها سندات عرفية مما يؤكد معالجتها لأي نزاع خارج العمران، وأكد ان الأعراف  غير مضمنة في القوانين السارية، وغالبا ما يحدث صدام بين الواقع وتطبيق القانون في المحاكم ، كذلك عدم الوعي بالتسجيل بحكم ورثة  الأرض والاعتقاد أن الحق التاريخي تكسبه الملكية، ونادى بضرورة  تضمين الأعراف في القوانين السارية لتحقيق الملكية.

ويقول القانوني محمد العاجب اسماعيل أن لفظ حاكورة يرمز إلى مساحة من الأرض تستغل كمسكن او زراعة لأغراض الرعي المستقر وهي عرفا تمنح لمن لهم علاقة بالسلطان كرجال الدين (الفكي) أو من لهم صلة قرابة أو من كان لهم دور في توطيد أركان الحكم، وأضاف الحاكورة هي أقل مساحة من الدار فتجد في دارفور عدد كبير من الحواكير وكذا في دار التعايشة و دار الهبانية وهكذا فنظام الحواكير كان أشبه بنظام الإقطاع في أوروبا القديمة، حيث تكون الحاكورة لصاحبها ويستفيد من ريعها عن طريق المزارعة للغير نظير اتفاق وعائد معلوم مسبقاً (العشور).

أما الفاسية فهي توزيع لأرض الحاكورة بين أبناء وأحفاد صاحب الحاكورة عندما يكبر عددهم يتولى الشيخ وهو يحمل فأس ويطوف على الحاكورة ويعمل علامات على الأشجار يحدد بها توزيع الأرض ونظرا لأن للفأس دور أساسي في هذه المهمة أصبح يطلق على الجزء المقتطع بهذه الكيفية بالفاسية .

مجمل هذه المسميات دخلت قاموس العرف في دارفور وصارت معلومة لدى رجال الإدارة الأهلية في المحاكم الريفية .. وكانت تفصل في المنازعات وفقا للأعراف السائدة في كل منطقة .

وتابع حدث تطور تشريعي في السودان وصار هناك قانون مكتوب ومحاكم من قضاة تخرجوا في كليات القانون وتم تقليص اختصاصات المحاكم الريفية الأمر الذي أحدث بعض الارتباك في الأحكام نتيجة لعدم مراعاة العرف المستقر.

وأشار بالنظر لقوانين الأراضي السائدة فهي  مختلفة في السودان عن الأعراف وربما يرجع السبب لأنها تم وضعها بواسطة صفوة ومجموعة (أفندية) تمثل المركز دون الرجوع للمجتمعات المحلية والجلوس معها وظهرت من خلال ممارسة تلك القوانين  الكثير من الثغرات التي تستوجب النظر مثال ذلك عند تغيير غرض استخدام الأرض  من زراعي إلى سكني تنتفي فيه قيم العدالة.

فهنالك من يعطي نسبة "٢٥%" من أرضه والآخر يعطى "١٠٠%" وبالقانون فهنالك مادة فضفاضة وغير مضبوطة تخول لمتخذ القرار أن يعطي علي مزاجه بسبب تلك المادة، وما نسمعه في وسائل الإعلام بامتلاك فلان لمائة قطعة كله بسبب هذه المادة التي تقنن الفساد.

قضايا الأرض بدارفور شائكة ومعقدة وهي السبب الرئيسي في النزاعات القبلية  التي تحدث وتقول  الحاجة  فاطمة كارا  "ورثت  أرضا زراعية  من والدتي تغولت عليها سلطات الأراضي فدخلت معهم في نزاع منذ العام 1994م وقتها كنت  في مقتبل العمر  ولازالت القضية قيد النظر رغم  الحلول التي توصلوا اليها الا انها غير مرضية والان 27 عاما من النزاع وتقدم بي العمر ولا زالت القضية عصية على الحل بسبب تقسيم نسبة مساحة الأرض بيني وبينهم لانه غير مرضي بالنسبة لي وفقا لهذا القانون المجحف.

اما الشرتاي ابراهيم عبدالله محمد أشار الى أن فض النزاعات في الماضي كان من صلاحيات المحاكم الريفية إلا أن التعديلات الكثيرة التي حدثت للقوانين  تم فيها حذف  النزاع حول الأرض  الذي حصروا  دوره في "الكلنكي" وهو الحدود بين المزارع إلا أنه عاد وقال "في نفس الوقت لا زالت قضايا كثيرة  لم يتم الفصل فيها لعدم إلمام الكثير من القضاة بالعرف لذك تتراكم أكثر من 8 أشهر مع دخول العام الجديد، وعقب تجميد المحاكم الريفية في العام 2002 وأشار الى أن العرف تتم من خلاله المعالجة في فض نزاع كثير من القضايا عبر المحكمة الريفية او عبر  الجودية  وأوضح  في كثير من المرات يحدث نزاع بسيط.

Pin It

موقع إخباري محايد وغير منحاز لأي طرف أو جه ويقدم خدماته لجميع السودانيين والمهتمين بالشأن السوداني

81 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع